أدب

دليلك الموجز إلى رائعة “الإخوة كارامازوف” (4/ 4)


  • 13 يناير 2025

شارك الموضوع

الفصل الحادي عشر: الأخ إيفان فيودوروفيتش

يبدأ الفصل بزيارة أليوشا لجروشينكا، التي أصبحت شخصية مركزية في حياة الإخوة. تظهر جوشينكا تغيّرًا في سلوكها، وتطلب من أليوشا أن يتحقق من السر الذي يربط بين إيفان وديمتري. يبدو أن هذا السر قد غيّر مزاج ديمتري المسجون، حيث أصبح أكثر هدوءًا وتفاؤلًا رغم الظروف الصعبة التي يمر بها. تشعر جروشينكا بقلق عميق، وتريد فهم ما يحدث.

يذهب أليوشا لزيارة ليزا، لكنه يقابل والدتها أولًا، من خلال حديث أليوشا مع السيدة خوخلكوفا، نعرف أن كاترينا، خطيبة ديمتري السابقة، قررت استدعاء طبيب متخصص من موسكو، وكانت كاترينا تهدف إلى إثبات أن ديمتري كان في حالة عقلية غير سوية عند ارتكاب الجريمة. هذا التحرك يعكس صراعها الداخلي بين رغبتها في الانتقام والحب القديم الذي لم تتخلَ عنه كليًّا، وهو ما يعقد القصة أكثر.

يترك أليوشا كارامازوف السيدة خوخلكوفا ويتوجه إلى غرفة ليزا، تواجهه ليزا بهيستيريا بشأن حيرتها العاطفية. تعلن تراجعها عن وعدها بالزواج به. تعترف ليزا بأنها لا تزال تحب أليوشا، لكنها تنتقد ضعفه وتسامحه المفرط مع أخطاء الآخرين. ترى ليزا أن أليوشا يفتقر إلى الحزم؛ ما يجعلها تشعر بعدم الانجذاب الكامل إليه، رغم حبها له.

يخرج أليوشا كارامازوف من عند ليزا، ويتوجه لزيارة ديمتري في السجن، وقد سهلت زيارته هو وعدة شخصيات أخرى دون إشراف مشدد. يجد أليوشا كارامازوف أن ديمتري، الذي يواجه احتمال الإدانة بجريمة قتل والده، ويمر بتحول روحي عميق. يبدأ بتقبل مصيره عاملًا في المناجم في المعتقلات إذا أُدين. يرى ديمتري في الدين ملجأ، ويعبر عن فكرة أن الحياة بدون الرب لا يمكن تحملها. في الوقت نفسه، يفضي ديمتري بسر إلى أليوشا كارامازوف: أن الأخ الأوسط إيفان زاره واقترح عليه الهرب من السجن، لكن القرار النهائي يعتمد على جلسة المحكمة القادمة.

بعد عودته من موسكو، يقرر إيفان زيارة سميردياكوف في المستشفى حيث يرقد بسبب نوبة مرض مزعومة. يحاول إيفان الحصول على إجابات بشأن تفاصيل الجريمة، ونوبة الصرع التي ادعاها سميردياكوف. يظهر سميردياكوف هادئًا ومتزنًا؛ مما يثير شكوك إيفان عن دوره في الجريمة.

في زيارة ثانية، يصبح الحوار بين إيفان وسميردياكوف أكثر حدة. يتهم سميردياكوف إيفان بأنه كان يتمنى موت والده. يقول له صراحة إن مغادرته إلى موسكو كانت خطة للتملص من مسؤولية ما سيحدث. يبدأ إيفان بالتفكير بجدية في أن سميردياكوف قد يكون القاتل الحقيقي، لكن الحوار يتركه في حالة من الشكوك والقلق.

في اللقاء الثالث والأخير بينهما، يعترف سميردياكوف صراحة بقتل الأب، موضحًا أنه استلهم قراره من الأفكار الإلحادية التي طرحها إيفان سابقًا. كانت كلمات إيفان تعني لسميردياكوف أن كل شيء مسموح، ولا توجد عاقبة للأفعال؛ مما دفعه إلى اتخاذ قراره بقتل فيودور كارامازوف الأب.
يسلم سميردياكوف لإيفان حزمة من النقود التي سرقها من والده دليلًا على الجريمة، ويصف بدقة كيف نفذها. يكرر أنه يعتبر إيفان “القاتل الحقيقي”؛ لأنه كان المحرض الأساسي، في حين كان هو مجرد أداة لتنفيذ الجريمة.

اعتراف سميردياكوف يصيب إيفان بصدمة نفسية حادة. يبدأ في الهلوسة، ويعيش حالة من الهذيان يتحدث خلالها مع شخصية شيطانية. يمثل الشيطان في هذا الحلم الهواجس الداخلية لإيفان وصراعه مع الإيمان والإلحاد. يظهر إيفان وهو يغرق في أفكار الذنب والندم، مما يدفعه نحو انهيار نفسي كامل.

يصل أليوشا إلى غرفة إيفان ليخبره بخبر انتحار سميردياكوف شنقًا. لا يبدو إيفان مندهشًا؛ إذ علم بذلك خلال حواره مع الشيطان في هذيانه. يُظهر هذا المشهد ذروة الاضطراب النفسي الذي يعانيه إيفان، حيث تختلط الحقيقة بالخيال في ذهنه.

الفصل الثاني عشر: زلة قضائية

في يوم المحاكمة يقف ديمتري (ميتيا) أمام القضاة بكرامة مصحوبة بشعور بالذنب الشخصي، لكنه يرفض تمامًا الاتهامات الموجهة إليه بشأن جريمة القتل والسرقة. يقول بوضوح إنه مذنب في الفجور، والإفراط في الشرب، والكسل، لكنه ليس مذنبًا في مقتل والده، عدو حياته، ولا في سرقة الثلاثة آلاف روبل.
يُظهر خطابه الانقسام النفسي داخله بين الاعتراف بذنوبه الأخلاقية ورفضه للجريمة الكبرى التي يُتهم بها.

يستمر سير المحاكمة حيث يقدم المدعي العام ومحامي الدفاع مرافعتيهما. يناقش المدعي العام بالتفصيل تحركات ميتيا في الليلة المصيرية، ويحاول تتبع المبلغ الذي أنفقه في الحانة والفندق. يتم التركيز على الشهود والأدلة التي تُستخدم لتصوير ميتيا كشخص متقلب الأخلاق، ويملك دوافع واضحة للقتل، مثل الغيرة والطمع.

بناءً على طلب كاترينا إيفانوفنا، قُدِّمَ تقرير الأطباء النفسيين لتقييم الحالة العقلية لميتيا في أثناء وقوع الجريمة. كان الهدف من التقرير هو إثبات أنه كان في حالة غير متزنة؛ مما يخفف من مسؤوليته، لكن النتيجة جاءت مخيبة للآمال، حيث أعلن الأطباء أن ميتيا كان في كامل وعيه في أثناء الأحداث؛ مما أعاق الدفاع بدلًا من مساعدته.

يشهد أليوشا، شقيق ميتيا الأصغر، لصالحه بشجاعة، مؤكدًا أن القاتل الحقيقي هو سميردياكوف وليس ميتيا، لكنه يعترف أن قناعاته تستند إلى “أدلة أخلاقية”، وليس أدلة مادية.
كاترينا، التي كانت خطيبة ميتيا، تقرر الكشف عن كل تفاصيل علاقتهما، من البداية الملأى بالحب إلى النهاية المهينة. وعلى الرغم من كون شهادتها محرجة، فإن صدقها يثير تعاطف الحضور مع ميتيا، ويقدم صورة إنسانية له.

يفاجئ إيفان، الأخ الأوسط، الجميع عندما يقدم حزمة الأموال المسروقة التي حصل عليها من سميردياكوف، ويعلن في المحكمة أن الأخير هو القاتل الحقيقي، لكن هذا التصريح يُتبَع بانهيار نفسي حاد لإيفان، حيث يتعرض لنوبة عصبية عنيفة يُخرَج بسببها من القاعة.

يبدأ المدعي العام مرافعة شديدة القوة يعرض فيها تحليلًا عميقًا لعائلة كارامازوف. يعتبر أن العائلة تمثل نموذجًا مصغرًا للفساد الأخلاقي والاجتماعي في المجتمع الحديث. يركز على شخصية ميتيا، مقدمًا تفسيرًا نفسيًّا لدوافعه المحتملة للقتل. يروي تفاصيل الليلة المصيرية بحرفية شديدة، محاولًا إقناع هيئة المحلفين بأن ميتيا هو الوحيد الذي كانت لديه الفرصة والدافع لقتل والده.

يطرح المدعي العام وجهة نظر بشأن سميردياكوف، الخادم المتهم من الإخوة. يعترف بأن سميردياكوف قد يكون شخصية غامضة، لكنه يرفض إمكانية تورطه، معتبرًا أن جميع الأدلة تشير إلى ميتيا باعتباره الجاني الحقيقي.

يبدأ محامي الدفاع مرافعة معاكسة يبرز فيها الثغرات في خطاب المدعي العام. ينتقد التركيز المفرط على التحليل النفسي، ويطالب بأدلة مادية قاطعة. يؤكد المحامي أن الادعاء فشل في إثبات وقوع السرقة، قائلًا إنه لا يمكن أن تكون هناك جريمة سرقة إذا لم يكن هناك دليل واضح على ما سُرِق، ويصف القضية بأنها مبنية على افتراضات وتحيزات شخصية ضد ميتيا.

يرفض الدفاع فكرة أن ميتيا مذنب فقط لأنه يبدو المتهم الأكثر منطقية. يوضح المحامي أن القضية ضد ميتيا تعتمد على افتراض أن من غير الممكن أن يكون هناك قاتل غيره، وهو منطق معيب. ويحاول الدفاع بدوره دحض الشكوك وتقديم ميتيا في ضوء أفضل كشخص ذي روح سامية قادر على الأعمال النبيلة والتوبة الصادقة. يلقي محامي ميتيا خطابات ملأى بالعواطف والحجج المقنعة لصالح براءة موكله، في حين يحاول تحديد التناقضات في شهادة الشهود، وأدلة الادعاء.

في عملية الاستماع إلى الشهود وتقييم الأدلة، تحدث كثير من التقلبات والمنعطفات، ويتغلب المتفرجون في المحكمة على نوبات من المشاعر المختلفة: من السخط إلى التعاطف والشكوك في عدالة القرار.

تتكشف المحاكمة تدريجيًّا، وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، من مسألة وراثة الشر إلى دور الضمير وحرية الاختيار في حياة الفرد. لا تُناقَش المشكلات القانونية فحسب، بل تُناقَش أيضًا المشكلات الأخلاقية والفلسفية العميقة الجذور.

في كلمته الأخيرة أمام المحكمة، يتوسل ميتيا إلى هيئة المحلفين قائلًا إنه بريء من جريمة القتل، ويطلب منهم أن ينظروا في قضيته برأفة. “قد أكون مذنبًا في أمور أخرى، لكنني بريء من دم والدي.”
بعد مناقشات طويلة، تعلن هيئة المحلفين قرارها النهائي: المتهم مذنب، وتحكم عليه بالأشغال الشاقة في سيبيريا عشرين عامًا. يتلقى ميتيا الحكم بالأسى، في حين يشعر الحاضرون بانقسام بين الشك والاقتناع.

الخاتمة

يرقد ميتيا في المستشفى متأثرًا بحمى عصبية أصيب بها بعد الحكم عليه. يزوره أليوشا ويخبره بالخطة، فيوافق ميتيا على الهروب. لاحقًا تزوره كاترينا إيفانوفنا للمرة الأخيرة. المشهد بينهما مملوء بالعواطف العميقة، حيث يتبادلان الاعتذار والدموع على الماضي وما حدث بينهما. يظهر هذا اللقاء تحولًا في علاقتهما، إذ يتحول شعورهما من الغضب والإحباط إلى المصالحة والتفاهم.

تمثل جنازة ألكسي سنيجيريف، الطفل الصغير الذي كان صديقًا لأليوشا كارامازوف، ومصدر إلهام له، لحظة عاطفية في الخاتمة. يحضر الجنازة أصدقاؤه من المدرسة، وأليوشا كارامازوف، حيث يجتمعون حول الحجر الذي كان ألكسي سنيجيريف يحب الجلوس عليه. يقف أليوشا كارامازوف ويلقي خطابًا مؤثرًا أمام الأطفال. وجّه أليوشا كارامازوف نداءً عاطفيًّا وملهمًا إلى رفاق الصبي المتوفى، وحثهم على الحفاظ على ذكراه، والدرس الذي علمه -درس الشرف والشجاعة والحب. يشجع الأطفال على العيش بطريقة تمكنهم في المستقبل، عندما يجتمعون مرة أخرى، من تذكر طفولتهم بضمير مرتاح، والاتصال المحفوظ بينهم.

هذه الكلمات لها تأثير عميق في الأطفال الحاضرين، وقد تأثروا بخطاب أليوشا كارمازوف، وأقسموا ألا ينسوا أبدًا صديقهم وما شاركوه معًا، ووعدوا بالحفاظ على الأخوة فيما بينهم. تنتهي الخاتمة بالتعبير عن الأمل بمستقبل أفضل من خلال براءة الأطفال وصدقهم، وكذلك من خلال مشاعرهم، ورغباتهم الصادقة في الخير.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع