نقدم في هذا المقال عرضًا لكتاب “غيمة في بنطلون وقصائد أخرى” للشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي، من ترجمة الشاعر المصري الكبير الراحل رفعت سلام.
يتألف الكتاب من عدد من القصائد، أشهرها قصيدة “غيمة في بنطلون”، التي تتحدث عن عدد من الموضوعات، مثل الحب والمجتمع والدين، وقصائد أخرى مشهورة، مثل “لِيلي”، وهي قصيدة يتحدث فيها عن حبه للِيلي بريك، وقصائد أخرى عن الحكومات والبيروقراطية والثورة، وقصيدة رثاء للشاعر سيرغي يسينين.
في قصيدة “صباح”، يستهل الكاتب بوصف المطر الذي يبدو وكأنه يعبر عن الحزن أو الانطواء، ثم ينتقل إلى وصف المدينة، حيث تلتف الأسلاك الكهربائية كأنها أفكار حديدية تسجن الناس.
يظهر ماياكوفسكي صورة للنجوم التي تبدو وكأنها تقف على “الفراش”؛ ما يعطي إحساسًا بالسكون، لكنه سرعان ما يكسر هذا الهدوء بوصف الكآبة التي تتركها المصابيح في الشوارع، والتي تجعله يرى مشاهد البغايا في الشوارع. القصيدة تصف المدينة كمكان مظلم وكئيب مملوء بالاضطرابات ومشكلات البشر.
يبدأ الشاعر قصيدته بنثر الألوان على العالم الكئيب، نظرة خيالية تخبرنا عن نظرة فانتازية للحياة، أو رغبته في تغيير الحياة الكئيبة بالتغيير.
ثم يسأل الشاعر سؤال القصيدة متوجهًا إلى القارئ، هل يستطيع عزف مقطوعة حالمة بماسورة الصرف بدلًا من الناي؟ هذا السؤال، الذي يبدو مضحكًا، ذو دلالة كبيرة؛ فهو يوجه القارئ إلى تحقيق أحلامه ولو لم تتوافر الظروف الملائمة.
تبدأ القصيدة بوصف نوافذ المدينة التي تبدو وكأنها تحطمت إلى غرف صغيرة من الجحيم، ثم تظهر السيارات في صورة شياطين صغيرة تندفع بسرعة، وتصدر أصواتًا مزعجة، وكأنها تهدد الحياة من حولها. ويكمل رسم مدينة الجحيم بمشهد عجوز فقير يبحث عن نظارته تحت لافتة تروج لأسماك من كيرتش في البحر الأسود، ويبكي بسبب الترام الذي دهس زجاجها.
ثم يكمل الوصف للضوضاء الصادرة عن صوت القطارات، وأزيز الطائرات، وعندما يحل الليل أخيرًا ويأتي القمر يصبح وسط تلك المدينة الداعرة بلا قيمة، بل أقرب إلى قمر مترهل. هذه الرؤية الثقيلة التي وصف بها عناصر المدينة يمكنها أن تخبرنا عما يراه الشاعر في المدن وازدحامها، وأيضًا أنشطتها المزعجة المستمرة طوال الليل دون لحظة راحة.
تبدأ القصيدة بأمر قوي “أنصت الآن!”؛ مما يجذب انتباه القارئ مباشرة. يتبعه سؤال “فإذا ما كانت النجوم مضيئة… أيعني ذلك أن شخصًا ما يهفو إليها؟). يصف الشاعر شخصًا يتجه إلى الله بإلحاح، خائفًا من أن يفقد النجوم، معبرًا عن حاجته الشديدة إلى وجودها. بعد هذا النداء العاطفي، يصف ماياكوفسكي حالة الشخص الذي يظل قلقًا رغم محاولته إظهار الهدوء الخارجي. يتساءل هذا الشخص عما إذا كان الآخرون يشعرون بالأمان الآن بعد أن أضاءت النجوم.
تنتهي القصيدة بتكرار السؤال: “فإذا ما كانت النجوم مضيئة… أيعني ذلك أن شخصًا ما يهفو إليها؟”. الشاعر يلمح إلى أن وجود النجوم -بمعناها الرمزي- ضرورة حتمية للبشرية. النجوم -بهذا المفهوم- ليست مجرد أجسام سماوية؛ بل تمثل الأمل، المعنى، والرغبة في البقاء والاستمرار.
يصف الشاعر الجو في الغرفة مشبعًا بدخان التبغ؛ مما يخلق إحساسًا بالاختناق، ويسترجع ذكريات اللحظات الأولى التي جمعته بمحبوبته لِيلي، عندما كان يمسك يديها لأول مرة. يتحول الشاعر بعد ذلك إلى حالة من الحزن العميق واليأس، حيث يشعر أن قلبه مقيد ومكبّل. يصف كيف أن مشاعره أصبحت عبئًا ثقيلًا عليه، وعلى علاقتهما، يبدو أنه يعترف بأن الحب الذي يشعر به قد أصبح غير محتمل، ومرهقًا لكليهما.
يتحدث ماياكوفسكي عن استحالة الهروب من هذه المشاعر، ويعترف بأنه حتى لو حاول الهروب بالانتحار، أو بأي وسيلة أخرى، فإن لا شيء يمكن أن يكون أكثر تأثيرًا فيه من نظرة لِيلي. في النهاية، يعبر الشاعر عن رغبته في توديعها على نحو يحمل لمسة من الرقة والحنان، رغم كل الألم الذي يشعر به.
قصيدة قصيرة تصور الشاعر مستلقيًا على ظهره، يراقب الغيوم عاليًا في السماء، ويصف هذه الغيوم المخادعة للقارئ، أولا ثلاث غيمات تشبه الرجال، والرابعة تشبه الجمل، تتهادي الغيوم بهدوء في السماء بلا عجلة، وبعيدًا عنها تظهر غيمة إثر غيمة على شكل أفيال، لكن فجأة تتلاشى الغيوم في أثر الشمس الباهية وكأنها تلتهم كل تلك الخيالات.
تبدأ القصيدة بوصف مشهد طبيعي جميل، حيث يتحدث ماياكوفسكي عن حرارة الصيف الشديدة وعن الغروب. يصف الشاعر الريف المحيط بالكوخ، حيث تتجلى الطبيعة بجمالها وهدوئها. تتغير نبرة القصيدة عندما يثور فجأة على الشمس، معبرًا عن غضبه من روتينها اليومي، وموجهًا اللوم إليها على الاستمرار في العمل بلا هدف واضح. يصرخ في وجه الشمس مطالبًا إياها بأن تنزل من السماء وتتوقف عن شروقها وغروبها المعتادين. يدهش الشاعر عندما تستجيب الشمس لدعوته وتقرر النزول لزيارته في الكوخ. المشهد هنا يأخذ طابعًا خياليًّا.
يستمر الحوار بين ماياكوفسكي والشمس، حيث يتحدثان عن الصعوبات التي يواجهها كل منهما في أداء واجباته. تعترف الشمس بأن مهمتها ليست سهلة كما يظن الناس، وأنها تضطر إلى العمل دائمًا وباستمرار؛ مما يجعلها تشعر بالتعب. في نهاية الحوار، يتوصل الشاعر والشمس إلى تفاهم مشترك. يقرر الاثنان العمل معًا لإضاءة العالم، حيث تضيء الشمس النهار، في حين يضيء الشاعر العالم بكلماته وقصائده. هنا يقدم ماياكوفسكي رسالة قوية عن دور الشاعر والفنان في المجتمع، فهم يشبهون الشمس في قدرتهم على إضاءة الظلام، وجلب النور والأمل إلى العالم.
يبدأ ماياكوفسكي القصيدة بنداء إلى الرئيس الأمريكي كالفين كوليدج، مطالبًا إياه بالاحتفال بجسر بروكلين، الذي يعدّه إنجازًا كبيرًا. يشير الشاعر إلى أن هذا الجسر يستحق الثناء، ولو كان الشاعر ينتمي إلى دولة أخرى (الاتحاد السوفيتي)؛ مما يعكس اعترافه بالإنجازات الإنسانية، بغض النظر عن الحدود الوطنية.
يقارن تجربته في زيارة جسر بروكلين بتجربة المؤمن المتوجه إلى الكنيسة. هذا التشبيه يعبر عن إحساسه بالرهبة والتقدير للجسر، وكأنه مكان مقدس يستحق التأمل والإعجاب. ثم يتحدث عن نيويورك كمدينة ثقيلة ومرهقة، لكنها تنبض بالحياة والنشاط.
يتصور ماياكوفسكي المستقبل، حيث يمكن أن يبقى جسر بروكلين الشاهد الوحيد على الحضارة البشرية بعد نهاية العالم. في هذا السياق، يصبح الجسر رمزًا للبقاء والاستمرارية.
تدور القصيدة حول وفاة الشاعر الروسي الشهير سيرغي يسينين، وتعكس مشاعر الحزن، والاحتجاج على الانتحار، والظروف التي أدت إلى موت يسينين.
القصيدة تبدأ بتعبير مباشر عن الحزن والفقدان “رحلت، كما يقولون، إلى عالم آخر”. يتحدث ماياكوفسكي عن الفراغ الذي خلّفه موت يسينين. يظهر هنا أن ماياكوفسكي لا يرى في الانتحار حلًا؛ بل إنه نوع من الاستسلام. يعبر عن استيائه من النقاد الذين حاولوا تفسير موت يسينين بعوامل سطحية، كالإفراط في شرب الكحول، ثم يرفض التملق الزائف، والمراسم التقليدية التي ترافق وفاة الشعراء؛ إذ يرى أن هذه الطقوس لا تكرم روح الشاعر. وفي نهاية القصيدة، يدعو ماياكوفسكي إلى تغيير الحياة قبل محاولة التحدث عن الشعر وتكريم الشعراء، ويعبر عن إيمانه بأن الكتابة والشعر الحقيقيين يجب أن يكونا متجذرين في الواقع والمعاناة، وليس مجرد احتفالات فارغة بالذكريات.
تبدأ القصيدة بوصف صباح عادي، حيث ينطلق الناس إلى المؤسسات الحكومية والمكاتب. الجميع ينشغل بالأوراق والمستندات، ولكن ما إن يدخل المبنى حتى يكتشف أن الموظفين مشغولون في اجتماعات دائمة. يحاول الشاعر مقابلة شخص معين، ولكنه يُخبَر مرارًا وتكرارًا أن الشخص المطلوب في اجتماع آخر. تتنوع الاجتماعات بين مناقشة أمور تافهة، مثل شراء زجاجة حبر، إلى اجتماعات اللجان الشبابية، ثم يصل ماياكوفسكي إلى ذروة السخرية، حيث يصف كيف أن الموظفين مضطرون إلى حضور أكثر من اجتماع في الوقت نفسه؛ مما يدفعهم إلى “الانقسام” جسديًّا لحضورها جميعًا. يظهر الشاعر في النهاية متعبًا من هذه الاجتماعات التي لا تنتهي، ويتمنى لو كان هناك اجتماع واحد فقط لمناقشة كيفية التخلص من جميع هذه الاجتماعات. تسلط القصيدة الضوء على السخرية من النظام البيروقراطي المتضخم الذي يستهلك الوقت والجهد دون تحقيق نتائج ملموسة.
تبدأ القصيدة بالحديث عن الحب، ويصف الشاعر في البداية دخوله قاعة، فيلاحظ جمال امرأة ترتدي الفراء والمجوهرات، فيتحدث إليها عن نفسه بفخر، مشيرًا إلى أنه من روسيا، وأنه معروف في بلده. يُظهر نوعًا من التباهي، ولكنه في الوقت نفسه يعترف بأنه رأى نساء أجمل منها وأشد رشاقة، ثم يضيف أن الفتيات عادة ما يحببن الشعراء، وأنه ذكي، وصاحب صوت مؤثر، يمكنه إقناع أي شخص إذا استمع إليه.
ومع ذلك، يبين أنه ليس من السهل الوقوع في حب عابر أو مشاعر مؤقتة؛ بل هو مجروح بحب عميق ودائم يجعله بالكاد يستطيع الاستمرار في الحياة. يتحدث عن الحب بطريقة عملية أكثر من رومانسية، موضحًا أن الحب بالنسبة له لا يُقاس بحفلات الزفاف أو العلاقات السطحية، وإنما هو شعور عميق يدفعه إلى القيام بأعمال قوية وعملية، مثل تقطيع الخشب حتى المساء.
يستمر الشاعر في التأمل في أن الحب هو أيضًا الغيرة العميقة التي تتجاوز الأمور العادية، مثل الغيرة من رجل آخر، وتصل إلى الغيرة من العلماء مثل كوبرنيكوس، ويعبر عن أن الحب ليس مجرد حلم وردي؛ بل هو جهد واستمرار في العمل حتى في أصعب الظروف.
ينهي ماياكوفسكي القصيدة ويصف الحب بأنه قوة طبيعية لا يمكن التنبؤ بها، مثل الإعصار أو النار أو الماء، ويطرح تساؤلًا عن قدرة الإنسان على التحكم في هذه القوة.
يبدأ ماياكوفسكي بالقول إن الحب هو شعور طبيعي يمنح لكل إنسان منذ ولادته، لكن مع مرور الزمن وضغوط الحياة اليومية، تصبح التربة العاطفية في قلب الإنسان قاسية وجافة.
يتحدث الشاعر عن كيف أن الحياة المادية والاهتمامات السطحية تجعل الناس يهملون مشاعرهم ويغرقون في الروتين اليومي. يشير إلى أن البعض يتأثرون بالضغط الاجتماعي ليظهروا بمظهر مثالي، حتى إنهم يلجؤون إلى المظاهر الخارجية، مثل الكماليات، والاهتمام الزائد بالمظهر على حساب مشاعرهم الحقيقية.
ينتقل ماياكوفسكي بعد ذلك إلى ذكرياته عن طفولته، مشيرًا إلى أنه كان يتمتع بقدرة طبيعية على الحب في صغره، لكنه يوضح كيف أن المجتمع والضغوط العائلية تفرض على الإنسان نمط حياة معينًا منذ الصغر، في حين أنه هو نفسه كان يهرب من هذه الضغوط، ويقضي وقته في اللعب والتسكع على ضفاف نهر ريوني في جورجيا، بعيدًا عن المسؤوليات والواجبات.
يستخدم الشاعر في هذا الجزء صورًا حية لوصف طفولته؛ كيف كان يلعب مع الجنود، وكيف كان يستمتع بحرارة الشمس دون أن يهتم بأي شيء آخر. يشير إلى أن الشمس كانت تستغرب من حجمه الصغير، وكيف أنه رغم صغره كان يحمل قلبًا مفعمًا بالمشاعر، وقادرًا على احتواء الشمس والنهر والجبال الشاهقة.
من خلال هذا الجزء يعكس ماياكوفسكي كيف أن الحب كان في البداية نقيًّا وغير معقد، لكنه يتغير ويتلاشى مع مرور الزمن.
في الجزء الخاص بالصبا يقول الشاعر إن الصبية لديهم كثير من الأنشطة والانشغالات في حياتهم، مثل دراسة القواعد اللغوية، لكنه يوضح أنه طُرد من الصف الخامس، وأُرسل إلى السجون في موسكو؛ مما يشير إلى أنه عاش حياة مضطربة منذ صغره، ثم يعبر ماياكوفسكي عن ازدرائه للشعراء التقليديين الذين يولدون في بيئة مريحة وصغيرة، ويكتبون شعرًا لا يلامس الواقع الحقيقي. على عكسهم، تعلم الحب داخل جدران السجن، وليس في الحدائق أو الأماكن الرومانسية. يقول إن المشاهد الطبيعية والأماكن الجميلة، مثل غابة أو مناظر على البحر، لا تعني له الكثير.
بعد ذلك ينتقل إلى الجزء الخاص بالجامعة، مقارنًا بين النظام التعليمي التقليدي الذي يركز على تقسيم اللغة والتلاعب بالكلمات، وبين تعليمه الذاتي من اللافتات الحديدية في شوارع موسكو. يصف كيف تعلم الأبجدية من اللافتات المعدنية، وكيف كانت حياته اليومية هي التي تعلم منها الجغرافيا. ويعبر عن رفضه للأسئلة الأكاديمية القديمة والمملة، ويقول إنه يعرف كل القصص الحقيقية في موسكو، دون الحاجة للرجوع إلى الكتب.
في جزء البالغين يصور الشاعر العالم على أنه عالم مادي مشغول بالأموال والمعاملات المادية. يصف كيف أن الناس يملؤون جيوبهم بالروبلات، ويشترون الحب وكأنه سلعة يمكن شراؤها بمئة روبل. في مقابل هذا العالم البارد والمادي، يظهر الشاعر نفسه كإنسان بائس ومشرد، يدس يديه في جيوبه الممزقة، ويسير بلا هدف في الشوارع، مستشعرًا الوحدة والاغتراب.
يبدأ الشاعر بتوضيح أنه وحده لا يستطيع حمل أشياء ثقيلة، مثل البيانو، أو خزانة غير قابلة للاشتعال. هذه الأشياء الرمزية تمثل عبئًا ثقيلًا يتطلب قوة كبيرة لنقله، ثم يتساءل الشاعر إذا كان لا يستطيع حمل هذه الأشياء المادية، فكيف له أن يحمل قلبه الثقيل بالحب ويعيده إلى مكانه؟
يستمر الشاعر في وصف حبه بأنه مثل ثروة كبيرة يخفيها في مكان آمن، كما يفعل المصرفيون الذين يضعون أموالهم في خزائن غير قابلة للاشتعال.
في بداية القصيدة، يصف ماياكوفسكي خيبة أمله في الحب من خلال قصة انتظار “ماريا”، التي تعِده بالحضور، لكنها لا تأتي. تمر الساعات، والشاعر يغرق في الوحدة، مستشعرًا مرارة الانتظار وخيبة الأمل. الحب هنا ليس حالة رومانسية مثالية؛ بل هو مصدر للألم والمعاناة. يبدأ الشاعر بتوجيه انتقاد لاذع للأفكار التقليدية، والمجتمع البرجوازي الذي يرى أنه متصلب في نمط حياة مريح وممل. يشبه أفكار الناس بالخادم الذي أصبح سمينًا وكسولًا، يجلس على أريكة متسخة.
الشاعر بعمر 22 عامًا، يعبر عن قوته وشبابه بحماسة، ويؤكد أنه لا يحمل أي شفقة أو عواطف مسنة في داخله، يرى العالم أمامه ويشعر بالقوة في صوته الذي يمكن أن يسيطر على العالم.
ينتقد الشاعر الطريقة التي يُعبر بها الناس عن الحب، حيث يعتبرون الحب مجرد شيء يمكن وضعه على الكمان (رمزًا للحب الرقيق) أو الطبول (رمزًا للحب العنيف)، ولكنه يرى نفسه مختلفًا، قادرًا على قلب نفسه بالكامل، وإظهار الحب بأسلوبه الخاص، الذي يكون أحيانًا عنيفًا، وأحيانًا رقيقًا، ويقدم نفسه كشخصية غير متوقعة، وأنه على استعداد لتغيير نغمة مشاعره، مثل السماء التي تغير ألوانها.
يربط الشاعر بين نفسه والمسيح المصلوب، معتبرًا أن آلامه الشخصية تمثل تضحية من أجل الآخرين. يشعر بأن ثورته أكبر من مجرد اقتحام الباستيل، بل إنها تتعلق بتغيير القلوب والنفوس على نحو عميق.
يعبر الشاعر عن الفوضى والجنون اللذين يسيطران على المجتمع من خلال استحضار صور من الجنون والتدمير، مثل غرق السفن، وانفجار الأعصاب. يصف كيف أن الشاعر بورليوك، الذي كان جزءًا من حركته الأدبية، يتفاعل بعنف مع الواقع المأساوي، ثم ينتقد -بشدة- المجتمع الذي ينغمس في متع تافهة وغير مهمة، ويتهكم على الشاعر إيغور سيفريانين الذي يمثل -في رأيه- الشاعر الفارغ والمنعزل عن الواقع القاسي. يدعو ماياكوفسكي إلى اتخاذ موقف حازم وعنيف ضد الظلم والتفاوت الاجتماعي.
يتحدث ماياكوفسكي عن ضرورة اتخاذ العنف وسيلةً للتغيير، داعيًا إلى استخدام السلاح ضد الظلم، ويصف كيف يجب تحويل أيام الأسبوع العادية إلى أعياد دموية من خلال العنف الثوري، ثم يناجي السيدة العذراء، ولكنه يفعل ذلك بنبرة تملؤها السخرية والغضب، ثم يطرح أسئلة وجودية عن معاناة البشر والعدالة الإلهية، ويعبر عن خيبة أمله في الدين.
ينتهي الشاعر بوصف الكون بوصفه كيانًا ضخمًا وعنيفًا يتجاهل معاناته، ويصف نفسه في مواجهة هذا الكون غير المبالي، وهو يحاول فرض وجوده، والتعبير عن غضبه، لكنه في النهاية يجد نفسه منعزلًا وسط عالم خامل.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.