أدب

دليلك الموجز إلى رائعة “الإخوة كارامازوف” (3/ 4)


  • 9 يناير 2025

شارك الموضوع

الفصل الرابع: الدموع

يبدأ الفصل بتتبع قصة ألكسي (أليوشا) كارامازوف، الأخ الأصغر في العائلة، حيث يظهر انشغاله بالتدين، واهتمامه العميق بحياة الرهبنة. أليوشا يقضي وقتًا طويلًا في الدير، تحت رعاية الأب زوسيما، الذي يمثل له مرشدًا روحيًّا، ويعتبره قدوة مثالية في الإيمان والتواضع. في ذلك الصباح، توقع الرهبان أن ينتقل الشيخ إلى عالم آخر، ولكن بالتأكيد بمعجزة. كان الجميع تقريبًا ينتظرون الإشارات من الأعلى، مثل وصول سيدة ادعت فيها أن نبوءة الشيخ قد تحققت: الابن المفقود، الذي سألت عنه الأم، كتب لها رسالة، كما تنبأ الأب زوسيما.تتصاعد في المنزل التوترات بين أفراد العائلة، خاصة بين الأب فيودور بافلوفيتش وأبنائه، وسط أجواء من العداء والاستياء. ذهب اليوشا إلى المنزل، فوجد والده وحيدًا، لكن الأب حدّث ابنه أليوشا بعداء. قال فيودور بافلوفيتش إن أبناءه لا ينبغي أن يعتمدوا على الميراث؛ فهو يدخر المال لنفسه لينفقه في شيخوخته، عندما لا يحبه أحد.

يترك أليوشا والده ويذهب لزيارة كاترينا خطيبة دميتري، وهناك يقابل ليزا التي كتبت اعتراف الحب له. في البداية حاولت التملص، وإنكار الرسالة، لكن أليوشا يصرح أنه يرغب في الزواج بها.

يقابل أليوشا كاترينا ويتحدثان عن سيطرة ديمتري وهذه العلاقة عليها. يخبرها أنها لا تحب ديمتري، بل تعذب نفسها بهذا الحب الوهمي من باب الامتنان، وأكدت كاترينا نفسها تخمينه. اعترفت بأنها لا تحب ديمتري، لكنها شعرت بالأسف تجاهه، وإطاعة لواجبها الأخلاقي، لن تتركه الآن أبدًا، حتى لو تزوج، تريد أن تصبح فقط “وسيلة لسعادته”، ثم تطلب كاترينا من أليوشا أن يعطي المال للضابط الذي أهانه ديمتري في الحانة. اكتشف ديمتري أن هذا الرجل كان يعمل مع والده في بعض الأعمال المشبوهة، وجرّه من الحانة من لحيته؛ مما أدى إلى فضحه في جميع أنحاء المنطقة. بكى ابن الرجل، وهو صبي صغير، وتوسل للسماح لوالده بالرحيل، لكن الجميع سخروا منه. اكتشفت كاترينا أن عائلة الرجل تعيش في فقر مدقع، وأرادت منحهم مئتي روبل.

في الشارع التقى أليوشا كارمازوف بأطفال المدارس، كانوا يرشقون صبيًّا بالحجارة، وكان الطفل الصغير ضعيفًا وسيئ الملبس، فحاول أليوشا أن يدافع عن الطفل لكنه قابل هذا الاهتمام بالعنف، فحاول ضربه وعضه، ولم ينتظر أي رد، فبكى وهرب.

عثر أليوشا كارمازوف على المنزل المتداعي للضابط السابق سنيجيرف. كانت العائلة كبيرة، الأم امرأة مريضة، فقدت عقلها، وإلى جانبها ابنتها الحدباء، وابنة أخرى كان لها شعر أحمر، ووجه قبيح. كان الأب رجلًا نحيلًا، ووجد الطفل الصغير الذي هاجمه، وفهم أن الصبي ضربه لأنه من عائلة كارامازوف التي أهانت والده ونتفت لحيته. أوضح أليوشا كارمازوف سبب مجيئه، واعتذر نيابة عنه. قبل أن يتمكن الرجل من الرد تسارعت الردود من الأبناء لكيلا يذل الأب نفسه، عندما يعرض أليوشا كارمازوف المال على الرجل الذي يبدأ بتخيل حياة عائلته السعيدة، لكن في اللحظة الأخيرة يتذكر الإذلال الذي تعرض له الصبي في المدرسة، ويتراجع عن قبول المال من كارمازوف.

الفصل  الخامس: تأييد ومعارضة
يعود أليوشا إلى كاترينا إيفانوفنا بعد أن وجدها في منزل عائلة خولاكوف. كانت كاترينا في حالة من التوتر والحمى العصبية، في حين كانت السيدة خولاكوفا تحاول تهدئتها. تحدث أليوشا مع ليزا، التي اعترفت بندمها على سخريتها السابقة منه. أخبرها أليوشا أن الضابط رفض المال الذي كان أليوشا يحاول تقديمه له، على الرغم من حاجته. فسر أليوشا ذلك برغبة الرجل في الاحتفاظ بكبريائه وعدم قبول الإحسان علنًا، لكن أليوشا كان مقتنعًا بأنه سيقبل المال لاحقًا عندما لا يكون مضطرًا إلى التنازل عن كرامته.

في أثناء حديثهما، تعترف ليزا لأليوشا كارامازوف بأنها كتبت له رسالة جدية، وتحاول اختبار مدى اهتمامه بها. ومع ذلك، تسوء العلاقة بينهما بسبب سوء تفاهم بسيط، لكنها تعود سريعًا إلى الهدوء، وتناقشا معًا بشأن المستقبل، وهنا يعترف أليوشا كارامازوف بمخاوفه وقلقه تجاه الصراعات التي يواجهها مع إخوته ووالده، بالإضافة إلى فقدان إيمانه الذي بدأ يساوره.

يواصل أليوشا البحث عن أخيه ديمتري دون جدوى، ويذهب إلى الحديقة حيث يرى الخادم سميردياكوف يعزف على الجيتار مع ابنة صاحب المنزل. يبدو سميردياكوف محتقرًا لنفسه وأصله الروسي، ويعبر عن استيائه من فقر المجتمع الروسي. يتمنى لو كان بإمكانه مغادرة روسيا.

يلتقي أليوشا كارامازوف وإيفان، ويعبر الأخير عن أسفه لعدم قضاء وقت كافٍ مع أخيه. يفتح إيفان قلبه، ويعترف بعشقه للحياة رغم صعوباتها، لكنه يعبر عن تشاؤمه تجاه العالم، قائلًا إنه لا يستطيع تقبل نظام الكون. يتحدث الشقيقان عن موضوعات مختلفة، منها فلسفة إيفان عن الخير والشر، وعزمه على “شرب كأس الحياة حتى الثمالة” قبل سن الثلاثين. ويشير إيفان إلى رحيله المرتقب، مع أن والده وأخاه ديمتري في صراع. يكشف إيفان عن أفكاره المعقدة عن الإيمان والإنسانية. يعرض قصصًا مروعة عن معاناة الأطفال، ويعبر عن استيائه من فكرة قبول معاناة الأبرياء كجزء من النظام الإلهي. يصف عذابات الأطفال كدليل على الظلم، ويؤكد أنه لا يستطيع قبول “الوئام” المزعوم للعالم على حساب دموع الأبرياء. يرى أن العيش في هذا العالم يكون على حساب أولئك الذين يعانون بلا ذنب.

يسرد إيفان على أليوشا قصته عن “المفتش العظيم”، وهي قصة رمزية تدور أحداثها في إسبانيا خلال محاكم التفتيش. يعود المسيح إلى الأرض، ويبدأ بممارسة المعجزات. يلتقي بالمفتش العظيم، الذي يرى أن عودة المسيح تهدد سلطة الكنيسة. يبرر المفتش قسوته بأنه يمنح البشر الاستقرار على حساب حريتهم، وأنهم غير قادرين على تحمل الحرية الحقيقية. في النهاية، يقوم المسيح بتقبيل المفتش العظيم، الذي يطلق سراحه ويطلب منه ألا يعود أبدًا، مما يترك إيفان وأليوشا في حوار عميق عن الإيمان والحب.

قبل مغادرته، يتبادل إيفان الحديث مع سميردياكوف مرة أخرى، الذي يلمح بدهاء إلى خطة ديمتري، ويدعوه إلى الابتعاد عن المشكلات التي قد تحدث. يعاني إيفان صراعًا داخليًّا، حيث يشعر بوازع أخلاقي يدفعه إلى التدخل، لكنه في الوقت نفسه يرغب في الهرب من الصراع المعقد بين عائلته.

الفصل السادس: الراهب الروسي

وجد أليوشا الراهب زوسيما محاطًا بأصدقائه المقربين في صومعته، مستعدًا لتقديم نصيحته الأخيرة قبل رحيله. أعرب زوسيما عن تعاطفه الكبير مع شقيق أليوشا، ديمتري، وذكر أن نظرة ديمتري الحزينة تعكس مصيره المأساوي. تنبأ زوسيما لأليوشا بأن حياته ستكون مملوءة بالمعاناة، ولكنه سيجد السعادة من خلال تلك المعاناة، ويستخدمها في مساعدة الآخرين؛ مما سيجعله يبارك الحياة، ويحث الآخرين على فعل الشيء نفسه.

تحدث زوسيما عن السبب الذي دفعه إلى اختيار طريق الرهبنة، مشيرًا إلى أنه اتخذ هذا القرار بسبب تأثير شقيقه الأكبر، الذي توفي مبكرًا، وكان يشبه أليوشا إلى حد كبير؛ مما جعل زوسيما يحبه.

بدأت حياة زينوفي (الذي أصبح لاحقًا الراهب زوسيما) في بلدة صغيرة شمالية حيث عاش مع والدته الأرملة وأخيه. تأثر شقيقه الأكبر ماركيل بأفكار ثورية، وأصبح يشكك في الدين، لكن حياته تغيرت تغييرًا جذريًّا عندما أصيب بمرض السل. بعد وفاة شقيقه، أرسل زينوفي إلى بطرسبورغ لاستكمال تعليمه، ثم توفيت والدته بعد بضع سنوات. ذكريات طفولته المحببة كانت دافعًا له لمواصلة طريق الرهبنة.

يقدم زوسيما في هذا الفصل مجموعة من النصائح والتعاليم لجمهوره. ينتقد زوسيما رجال الدين الذين يشتكون من قلة الأموال، مؤكدًا أن الرسالة الحقيقية لا تحتاج إلى الثراء. ويشير إلى قصة النبي أيوب كدليل على قوة الإيمان أمام الصعاب، ويحث الكهنة على الارتباط بأفراد الشعب بتواضع وبدون تكبر، ليجعلوهم يؤمنون.

يشارك زوسيما قصة حياته خلال فترة خدمته العسكرية، حيث كان شابًا متمردًا ومتهورًا. أحب فتاة من أسرة مرموقة، لكنه لم يتقدم بطلب يدها، وحين علم بزواجها بشخص آخر، شعر بالغضب، وقرر تحدي زوجها في مبارزة. في الليلة التي سبقت المبارزة، أفرط في الشرب، واعتدى بوحشية على خادمه؛ مما جعله يشعر بندم شديد، ويدرك خطأه.

في اليوم التالي، وفي أثناء المبارزة، امتنع زينوفي عن إطلاق النار، واعتذر لخصمه، ليقرر بعد ذلك الاستقالة من الخدمة العسكرية والانضمام إلى الدير. هذا القرار غير حياته، وجعل الناس يحبونه ويقدرونه.

في الدير، بدأ زوسيما في تلقي زيارات من رجل يُدعى ميخائيل، كان يؤمن بأن المجتمع يحتاج إلى الوحدة والتضامن، وأخذ يناقش زوسيما في آرائه عن ضرورة تغيير النفس البشرية. اعترف ميخائيل لزوسيما بأنه ارتكب جريمة قتل قبل 14 عامًا، حيث قتل امرأة رفضته، وتمكن من التهرب من العقاب بعد أن اتهم أحد خدمه بالجريمة. على مر السنين، بدأ الشعور بالذنب يثقل عليه رغم زواجه وولادة أطفاله، فقرر التوبة على الملأ. نصح زوسيما ميخائيل بالاعتراف، لكنه تردد خوفًا من العار الذي سيلحق بأسرته. بعد تردد طويل، اعترف أخيرًا بجريمته، لكن المجتمع لم يصدقه، واعتبروه مجنونًا، وتدهورت صحته. في نهاية المطاف، اعترف ميخائيل لزوسيما بأنه فكر في قتله بسبب الألم النفسي الذي شعر به بسببه. مات ميخائيل لاحقًا، وبدأ الناس يتجنبون زوسيما، خوفًا من تأثيره عليهم.

يلقي زوسيما خطبًا طويلة على شكل نصائح، بدأها بالحديث عن “الثوار” الذين يعتقدون أن الحرية هي إشباع الرغبات الشخصية، ويرى أن هذا الاعتقاد يجعلهم عبيدًا لعاداتهم. يؤكد أهمية الرهبانية في روسيا، حيث يعيش الراهب بعيدًا عن الرغبات الدنيوية؛ ما يجعله قادرًا على الخدمة النقية. يدين زوسيما استغلال الأطفال في المصانع، وانتشار الفساد في المجتمع، ويشير إلى أن الطبقات العليا تخلت عن الله، وأصبح مفهوم الجريمة بلا معنى لديها، في حين يمكن للشعب الروسي أن يجد الخلاص عبر الإيمان والتواضع. يدعو زوسيما إلى محبة الحيوانات والطبيعة وكل شيء في هذا العالم؛ لأن هذه المحبة تقود إلى فهم أعمق للوجود الإلهي. يحث على تربية الأطفال على حب الخير، وتقديم أمثلة إيجابية لهم، وتجنب إلقاء اللوم على الآخرين؛ لأن الجميع مسؤول عن خطايا البشرية. يرى زوسيما أن الجحيم هو الندم الأبدي على عدم القدرة على الحب. ينتهي الفصل بوفاة زوسيما بعد الانتهاء من خطبته.

الفصل السابع: أليوشا كارامازوف

بعد وفاة الراهب زوسيما، كان هناك توتر واهتمام في الدير والمدينة، حيث كان الجميع يتوقعون معجزة تُثبت قداسته. حتى الراهب باييسي، رغم اعتراضه، كان ينتظر حدوث شيء غير عادي، لكن بدلًا من ذلك، بدأ جسد زوسيما بإصدار رائحة كريهة؛ ما أثار شائعات بأن الله أراد أن يُظهر أن زوسيما لم يكن قديسًا حقيقيًّا، خاصة أن زوسيما لم يؤمن بالنار المادية في الجحيم. شجع هذا الوضع بعض الرهبان، مثل الأب فيرابونت، على إثارة الجدل، وادعاء رؤية الشياطين بين الرهبان، مستنكرًا زوسيما، ومنتقدًا تأثيره في الآخرين. غادر أليوشا الدير متأثرًا بهذه الأحداث، وكان باييسي قلقًا من أن يفقد أليوشا إيمانه.

شعر أليوشا بالحزن بسبب عدم تحقق المعجزة، إذ كان يتوقع “العدالة العليا”. وفي طريقه قابل “راكيتين” الذي سخر من حزنه، وحاول استغلال حالة أليوشا كارامازوف ليأخذه إلى جروشينكا. كان أليوشا مضطربًا حتى إنه قبل الدعوة وتناول الكحول والطعام الذي قدمه له راكيتين.

كانت جروشينكا تنتظر خبرًا من الضابط البولندي الذي كانت تحبه. حين رأت أليوشا كارامازوف، شعرت بالسرور، وبدأت تتحدث معه بصدق وبساطة. اعترفت بأنها كانت تنوي إغواءه كنوع من الانتقام، لكنها عدلت عن الفكرة بعد وفاة زوسيما. أخبرت أليوشا قصة “البصلة”، التي تدور حول امرأة في الجحيم كانت تملك فضيلة واحدة فقط، حيث قدمت بصلة لفقير، لكن حين حاولت إنقاذ نفسها بهذه الفضيلة، سقطت بسبب أنانيتها. اعتبرت جروشينكا نفسها تلك المرأة، وأن رفضها إغواء أليوشا كان بمنزلة “البصلة” التي تنقذها من الهلاك.

عاد أليوشا إلى الدير بهدوء وسلام داخلي. استمع إلى الراهب باييسي وهو يقرأ قصة معجزة المسيح في تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا. حلم أليوشا بأنه كان في ذلك العرس برفقة الشيخ زوسيما، الذي أوصاه بمتابعة مهمته في الحياة. استيقظ أليوشا بروح جديدة، شعر بالحاجة إلى الحرية، وخرج يقبّل الأرض ويذرف الدموع. وبعد ثلاثة أيام، غادر الدير كما أوصاه زوسيما.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع