تقدير موقف

هل شاركت الولايات المتحدة الأمريكية “إسرائيل” في استهداف قطر؟


  • 20 سبتمبر 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: thecradle

الهجوم غير المبرر على قطر، الحليف الرئيس للولايات المتحدة، الذي شنته إسرائيل في 9 سبتمبر (أيلول)، زعزع العلاقة بين قطر والولايات المتحدة، وقد يكون له تأثير مماثل في دول عربية أخرى؛ لقد انكسرت الثقة.

في البداية، ادعى الرئيس دونالد ترمب أن الهجوم كان مفاجئًا، وأنه لم يتلق أي تحذير سابق من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومع ذلك، لاحقًا، روّج البيت الأبيض لرواية مفادها أنهم أخطروا قطر قبل الهجوم. وردًا على ذلك، نفى المسؤولون القطريون هذا الادعاء، مؤكدين أن الاتصال جاء في أثناء الهجوم، وليس قبله.

كان الهدف من الهجوم هو حركة حماس، لكن ضابط أمن قطريًّا بريئًا قُتل في الهجوم الإسرائيلي على حي سكني في الدوحة.

في مايو (أيار)، استقبلت قطر ترمب استقبالًا رسميًّا، ووقعت معه اتفاقيات اقتصادية بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار. بلغت قيمة الصفقات الاقتصادية أكثر من 243.5 مليار دولار، وشملت بيع طائرات بوينغ، ومحركات GE للطيران لشركة الخطوط الجوية القطرية. كما حصلت شركة General Atomics على صفقة بقيمة تقارب ملياري دولار لتزويد قطر بمنظومة الطائرات المسيرة MQ-9B.

تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 26 مليار دولار من الصفقات الحكومية النشطة مع قطر ضمن نظام المبيعات العسكرية الخارجية (FMS)؛ مما يجعل قطر ثاني أكبر شريك في هذا النظام عالميًّا.

في عام 2024، قدمت الحكومة الأمريكية لإسرائيل تمويلًا عسكريًّا بما لا يقل عن 17.9 مليار دولار؛ لمواصلة قتل الشعب الفلسطيني. ترسل الحكومة الأمريكية الأموال لإسرائيل، التي تستخدم بعضها لشراء أسلحة أمريكية، وبعضها الآخر لتصنيع أسلحة محلية تبيعها لدول أخرى. إسرائيل هي أكبر مستفيد من المساعدات الأمريكية، في حين تُعد منافسًا لمصنعي الأسلحة الأمريكيين. دافعو الضرائب الأمريكيون هم المصدر النهائي للأسلحة التي تستخدمها إسرائيل، التي قتلت أكثر من 60,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.

اجتمع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني مع خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، يوم الاثنين؛ لدفع صفقة جديدة لإنهاء الحرب التي يروج لها ترمب. كان من المتوقع أن ترد حماس يوم الثلاثاء، لكن إسرائيل قصفت مكان الاجتماع في الدوحة قبل أن يُعقد.

شعر المواطنون القطريون بالصدمة، واعتبروا أن الولايات المتحدة خانتهم، بعد أن ظنوا أنها حامية لهم.

قال آل ثاني لشبكة CNN إن الهجوم كان “إرهاب دولة”، وإنه يجب أن “يُحاسب” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهمًا إياه بانتهاك “كل القوانين الدولية”.

وفقًا لريتشارد جاكسون وماندي تورنر في عام 2023، فإن تصنيف أفعال إسرائيل في غزة على أنها “إرهاب دولة” قد ينقذ أرواح الفلسطينيين. وقد اتُّهمت إسرائيل بأنها راعية للإرهاب بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها، والتي لا تزال مستمرة يوميًّا في غزة. وبسبب اعتبار إسرائيل حليفًا غربيًّا، لم يُستخدم هذا التصنيف على نطاق عريض. لكن مع الاتهامات والأدلة الموثقة على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، التصق هذا التصنيف بإسرائيل كالغراء.

لقد تعاونت دول الخليج العربي مع الولايات المتحدة عقودًا، سياسيًّا وماليًّا. وقد تعيد هذه الدول التفكير في اعتمادها على الضمانات الأمنية الأمريكية التي تُرفق بكل صفقة سلاح. يُذكر أن السعودية وقطر والإمارات تعهدت بصفقات بقيمة 3 تريليونات دولار خلال زيارة ترمب في مايو (أيار).

استثمرت قطر أكثر من مليار دولار لبناء قاعدة “العديد” الجوية في التسعينيات، وهي أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتقع غرب الدوحة. وتضم أكثر من 11,000 من أفراد القوات الأمريكية والتحالف، ويمكنها استيعاب نحو 100 طائرة ومُسيّرة.

وفقًا للولايات المتحدة، أسهمت قطر بأكثر من 8 مليارات دولار في تطوير قاعدة “العديد”، التي تضم مقار القيادة المتقدمة للقيادة المركزية الأمريكية، وقيادة القوات الجوية المركزية، وقيادة العمليات الخاصة، بالإضافة إلى مركز العمليات الجوية المشتركة، والجناح الجوي الأمريكي 379.

في يوليو (تموز)، أعلنت إدارة ترمب بدء تجهيز طائرة قطرية ضخمة لتكون الطائرة الرئاسية الجديدة “إير فورس وان”. الطائرة من طراز بوينغ، بقيمة 400 مليون دولار، قُدمت هديةً “غير مشروطة” من قطر، وقد قبلها ترمب بسرور.

لا ترغب حكومة نتنياهو المتطرفة في التوصل إلى صفقة مع حماس. نتنياهو، وبتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، يهدفون إلى القضاء على غزة، وإبادة حماس. هذه السياسة تتعارض مع رغبة ترمب، الذي يريد إنهاء الحرب، ومع رغبة عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين يريدون إطلاق سراح أحبائهم.

استخدمت إسرائيل الاغتيالات والقوة العسكرية لإفشال المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، من خلال شن هجوم ضخم على إيران قبل ساعات من اجتماع مقرر بين مبعوث ترمب ستيف ويتكوف والمفاوض الإيراني.

يرى بعض المحللين السياسيين أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة كان رسالة إلى قطر بعدم التسامح مع أيديولوجية الإخوان المسلمين؛ حيث تتبع حماس هذه الأيديولوجية، التي لا تختلف كثيرًا عن أيديولوجية القاعدة وداعش. وتُسمي السعودية هذه الأيديولوجية بـ”الإسلام السياسي”.

هناك دول تحظر جماعة الإخوان المسلمين، مثل السعودية، والإمارات، ومصر، وروسيا، وسوريا في عهد النظام السابق بقيادة الأسد. وقد قدم السيناتور تيد كروز من ولاية تكساس، الحليف المقرب من ترمب، عدة مشاريع قوانين للكونغرس لحظر جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، لكنه لم ينجح بسبب تصويت أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين دعموا هذه الجماعة المتطرفة.

ومع ذلك، كانت إدارة الرئيس أوباما هي التي رفعت فرع الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة إلى أعلى منصب سياسي، واستخدمت الجماعة لتنفيذ سياسات الولايات المتحدة في مشاريع “الربيع العربي” لتغيير الأنظمة في تونس ومصر وسوريا. في تونس ومصر، أُطيح بالتغييرات التي رعتها إدارة أوباما، وأُقصيت جماعة الإخوان المسلمين من المناصب القيادية. أما في سوريا، فإن الحكومة الحالية بعد الأسد يقودها الرئيس أحمد الشرع، الزعيم السابق لجبهة النصرة، الذي أعلن توبته عن ماضيه الإرهابي.

خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 14 عامًا لإسقاط الأسد، نُقل مقاتلون من جبهة النصرة إلى مستشفيات عسكرية إسرائيلية، حيث صُوِّر نتنياهو وهو يزور الجرحى في أسرّتهم. هذا يُظهر نفاق نتنياهو، الذي دعم المقاتلين المتطرفين في سوريا، لكنه الآن يحتل ويقصف سوريا بعد فرار الأسد.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع