منذ 15–20 عامًا تقريبًا، لم يكن لدى أحدٍ منا اعتراض كبير على خطط كييف للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على طريقة: “إن أردتم ذلك، فتفضلوا، وسنغني لكم في الطريق”، فقط لاحقًا ستندمون، عندما تفقدون سوق الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. كان يبدو أنه لا يوجد تهديد جوهري على بلدنا من هذا التعاون الاقتصادي مع كييف، خصوصًا أن احتمالات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي كانت تقترب من الصفر. كان موقفنا المبدئي هو منع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو؛ فتمدد الحلف نحو حدودنا كان ولا يزال تهديدًا مباشرًا للأمن القومي لروسيا.
لكن اليوم، لم يعد هناك ذلك الاتحاد الأوروبي القديم، الذي أُسِّس ذات يوم على قاعدة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب؛ بل أصبح منظمة مسيّسة وعالمية النزعة، ومنذ بعض الوقت منظمة معادية لروسيا على نحو سافر، منظمة تحلم بالثأر من روسيا. وقد بذل السياسيون الأوروبيون الحمقى في السنوات الأخيرة كل جهدهم لتحقيق ذلك. لقد دمروا تمامًا صورة الاتحاد الأوروبي بوصفه عملاقًا اقتصاديًّا لا يريد الحروب والنزاعات بين الدول الأوروبية، وكان التبادل التجاري معه يصل إلى قرابة 500 مليار يورو.
أما الآن، فقد أصبحت أيديولوجيته الأساسية هي “الروسوفوبيا المتوحشة”، التي نشأت من “التهديد الروسي” الوهمي، الذي ضخّوه لأنفسهم لحل مشكلاتهم الصغيرة. وببطء، ولكن بثبات، يتحول الاتحاد الأوروبي إلى كتلة عسكرية مكتفية ذاتيًّا، من المفترض أن تبدأ تدريجيًّا في منافسة الناتو، لا سيما في ظل مرحلة “الترمبية”. إن بيروقراطيي بروكسل وقادة دول الاتحاد الأوروبي القصيري النظر يعلنون إستراتيجية دفاعية خاصة بهم، معلنين دخولهم “عصر إعادة التسلح”.
هذا التحول القبيح في الاتحاد الأوروبي له هدف إضافي: تسليح النظام الكييفي النازي الجديد إلى درجة تجعله عصيًّا على روسيا، فالذي وقّع اتفاقًا مع زعيم أوكرانيا غير الشرعي بشأن التزامات طويلة الأجل بضمان ما يُسمّى “أمنها” هو الاتحاد الأوروبي، وهو نفسه من يزوّد أتباع بانديرا بالسلاح والمعدات العسكرية، ويعزّز قدرات صناعته الدفاعية، ويبني مصانع عسكرية على الأراضي الأوكرانية. وهو الذي يرسل مدربيه لتدريب المقاتلين الأوكرانيين كي يقتلوا مواطنينا، ويرتكبوا أعمالًا إرهابية في بلادنا، وهو نفسه الاتحاد الأوروبي الذي يموّل وقاحته هذه من خلال الأرباح الناتجة عن الأصول الروسية المجمّدة.
بروكسل اليوم هي عدوٌّ حقيقيٌّ لروسيا.
في هذا الشكل المشوّه، يمثل الاتحاد الأوروبي تهديدًا لا يقل عن حلف شمال الأطلسي؛ لذلك فإن الشعار الودّي: “انضموا إلى أي مكان، فقط لا تنضموا إلى الناتو”، يجب أن يُعاد النظر فيه؛ فالاتحاد الأوروبي، المملوء بالسلاح، والمثليين الشواذ، وعاهرات بروكسل الصاخبات، يمثل تهديدًا مباشرًا لروسيا، ويجب أن نتعامل معه على هذا الأساس، على الأقل إلى أن يغيّر نهجه تجاهنا، وهذا -بالطبع- لا يجب أن يمنع التعاون الثنائي مع بعض الدول الأوروبية.
من هنا، فإن ما يُسمّى “أوكرانيا” داخل الاتحاد الأوروبي هو خطر على بلدنا. ويمكن احتواء هذا الخطر بطريقتين:
أولًا- إما أن يُدرك الاتحاد الأوروبي بنفسه أن هذا الكيان شبه الدولاني في كييف لا حاجة له به أساسًا؛
ثانيًا- وهو الخيار الأفضل دون شك، ألا يبقى هناك من يمكنه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أصلًا.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.