وحدة الدراسات الصينية

كلما ازدادت الاستثمارات الصينية في المجر كان ذلك أفضل


  • 11 سبتمبر 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: gov.cn

زار وزير الخارجية والتجارة المجري، بيتر سيارتو، الصين مؤخرًا للمشاركة في العرض العسكري الكبير في بكين الذي خُصّص لإحياء الذكرى الثمانين للانتصار في حرب الشعب الصيني لمقاومة العدوان الياباني، والحرب العالمية ضد الفاشية. كما عقد محادثات مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وفي مقابلة حصرية مع صحيفة “غلوبال تايمز”، وجّه سيارتو انتقادات للنهج المفرط في تسييس الاتحاد الأوروبي العلاقات مع الصين، وإضفاء الطابع الأيديولوجي عليها، مشددًا على أن من يعارضون التعاون الصيني- الأوروبي لا يتسمون بمراعاة المصلحة الأوروبية، وأكد أن خيارات المجر وممارساتها تثبت أنه “كلما ازدادت الاستثمارات الصينية في المجر؛ كان ذلك أفضل”.

غلوبال تايمز: خلال زيارتكم، هل ناقشتم أي خطط للتعاون مع الصين؟

سيارتو: بالطبع. لقد عقدت اجتماعًا جيدًا مع وزير الخارجية وانغ يي، وهو صديق قديم لي. نعمل معًا منذ نحو 11 عامًا. تربطنا علاقة ودية تقوم على الاحترام والمنفعة المتبادلة، وغالبًا ما أطلب منه أن يشجع مزيدًا من الشركات الصينية على النظر إلى المجر بوصفها وجهة محتملة للاستثمار، وهذا ما يمكن اعتباره قصة نجاح؛ ففي عام 2024 جاءت الاستثمارات الأجنبية الأكبر في المجر من الشركات الصينية، وهذا المسار لم يتوقف في النصف الأول من عام 2025. فضلًا عن ذلك، فإن تجارتنا الثنائية تشهد نموًا مستمرًا.

وفي المستقبل، سيكون تطوير البنية التحتية أحد أكثر جوانب تعاوننا ربحية، فخط السكك الحديدية الحديث بين بلغراد وبودابست شُيّد بدعم مالي وتقني صيني، وسيُفتتح قريبًا.

إضافة إلى ذلك، نحن مهتمون جدًّا بمواصلة التعاون في قطاع صناعة السيارات الحديثة. فعلى سبيل المثال، تبني شركة بي واي دي أوتو (BYD) مصنعها الأوروبي الأول في المجر، وهم سعداء بالعمل في المجر، ويواصلون الاستثمار، ونحن نشجعهم على ذلك.

غلوبال تايمز: أنتم لا تترددون أبدًا في الدعوة إلى التعاون مع الصين. وقد تعاونت الصين والمجر على نحو وثيق في مجالات عدة. برأيكم، ما الذي يمكّن المجر من الحفاظ على هذا الزخم في العلاقة مع الصين؟

سيارتو: نحن نتبع نهجًا عقلانيًّا: كل ما يخدم مصلحتنا ندافع عنه. والواقع أن التعاون الصيني- المجري جلب كثيرًا من الفوائد للمجر، فالمستثمرون الصينيون الذين اختاروا توجيه رؤوس أموالهم ومصانعهم إلى المجر خلقوا وظائف وفرصًا جديدة للشعب المجري، وجلبوا أحدث التكنولوجيا، وأسهموا في الأداء الاقتصادي للبلاد. وقد ظهر بوضوح أنه “كلما ازدادت الاستثمارات الصينية في المجر؛ كان ذلك أفضل”.

أما الذين يجادلون ضد التعاون الصيني- الأوروبي، فهم لا يتحدثون بصدق. فعندما أسعى إلى إقناع مستثمر صيني بالقدوم إلى المجر، فإن منافسي -في العادة- دول أوروبا الغربية، وهذه الدول الأوروبية الغربية غالبًا ما تجادل ضد العلاقة مع الصين وأوروبا فقط بعدما تخسر المنافسة على جذب الاستثمارات الصينية.

إذا نظرتم إلى المجر، سترون مصنعًا ألمانيًّا كبيرًا أُنشئ هنا، ثم إلى جواره مباشرة مصنع صيني ضخم. والشركات الكبرى في أوروبا الغربية لا يمكن أن تنجح ما لم يكن موردوها الصينيون قريبين منها؛ ولهذا أصبحت المجر نقطة التقاء للاقتصادين الشرقي والغربي، وقد استفدنا كثيرًا من هذا الدور.

غلوبال تايمز: هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن العلاقات الثنائية تبدو مثقلة بقضايا عدة. وقد وصفتم في منتدى مالي حديث في بودابست إستراتيجيات الاتحاد الأوروبي تجاه كل من الولايات المتحدة والصين بأنها مضللة. هل يمكنكم التوضيح؟ وما الذي يمكن أن تفعله المجر لتحسين تفاعل الاتحاد الأوروبي مع الصين؟

سيارتو: مع الأسف، قيادة الاتحاد الأوروبي ضعيفة جدًّا، وغير مناسبة، وقد تسببت في كثير من المشكلات والأضرار لأوروبا. المشكلة أن القيادة الحالية للاتحاد الأوروبي تبالغ في تسييس كل شيء، وإضفاء الطابع الأيديولوجي عليه، حتى أكثر القضايا براغماتية، مثل الاقتصاد، وإمدادات الطاقة.

نحن لا نرضى عن إضفاء الطابع الأيديولوجي على التعاون الصيني- الأوروبي، والمبالغة في تسييسه، ولا نقبل أن ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الصين على أنها خصم منهجي، فنحن نرى الصين فرصة كبيرة، فرصة عظيمة للتعاون، وأعتقد أن أوروبا يمكن أن تجني كثيرًا من الفوائد من العمل المشترك مع الصين؛ لذلك سنواصل الدعوة إلى مقاربة براغماتية، تتضمن تعاونًا نشطًا، قائمًا على المنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل، مع الصين.

أما لتحسين تفاعل الاتحاد الأوروبي مع الصين، فعلينا أن نقود بالقدوة. يجب أن نُظهر أن التعاون القائم على الاحترام يجلب فوائد كثيرة. وهناك عدد قليل جدًّا من الدول -ربما دولة أو دولتان فقط- في أوروبا، تستطيع الحفاظ على علاقات ناجحة في الاتجاهين، الشرقي والغربي، مثلما تفعل المجر، فنحن نتمتع بعلاقات ودية مع واشنطن، ولدينا تعاون قائم على الاحترام مع الدول غير الغربية، ومنها الصين وروسيا.

مع الأسف، الاتحاد الأوروبي في طريقه إلى عزل نفسه. لقد عزل نفسه عن الولايات المتحدة من خلال خطاب مهين، وعزل نفسه عن الصين باعتبارها خصمًا منهجيًّا، وفرض رسومًا جمركية على صناعة السيارات الكهربائية، وعزل نفسه عن روسيا من خلال العقوبات، وعزل نفسه عن إفريقيا بفرض شروط غريبة على التعاون الاقتصادي. والواقع أن الاتحاد الأوروبي أصبح الآن معزولًا في السياسة العالمية.

غلوبال تايمز: انتقدتم في الآونة الاخيرة الاتحاد الأوروبي لاستعداده “لحرب طويلة، لا للسلام”. فما آفاق وقف إطلاق النار في الحرب الروسية- الأوكرانية؟

سيارتو: الأوروبيون يشجعون استمرار هذه الحرب، وهو أمر مؤسف جدًّا؛ فوجود حرب في قلب أوروبا بين بلدين أوروبيين لأكثر من ثلاث سنوات له أثر مدمر في أوروبا، اقتصادًا، وشعوبًا، وأسرًا.

قادة أوروبا الغربية لا يريدون مواجهة سؤال عن سبب انتهاجهم هذه الإستراتيجية غير الناجحة والمدمرة، وعلينا أن نكون صريحين: الإستراتيجية التي نفذها الاتحاد الأوروبي كانت ضارة وخطيرة على الاتحاد نفسه؛ لأنها أدت إلى تدويل النزاع بدلًا من عزله.

غلوبال تايمز: عرضت المجر استضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، وسط تقارير تحدثت عن نظر البيت الأبيض إلى العاصمة بودابست على أنها مرشح محتمل لاستضافة اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا. كيف ترون دور المجر في هذه العملية؟ وكيف يمكن للمجر والصين التعاون في هذا الملف؟

سيارتو: إنه لشرف عظيم لنا أن نُذكَر باستمرار بوصفنا وجهة محتملة لهذه المفاوضات. نحن مستعدون ومنفتحون. بعد 34 يومًا من اندلاع الحرب، اتصلت بكل من وزير الخارجية سيرغي لافروف، ورئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك، وأبلغتهما أن المجر مستعدة لتوفير مكان لأي نوع من المحادثات بين الطرفين. عرضنا هذا لا يزال قائمًا. فمتى ما احتاجوا إلينا، نحن حاضرون.

وأعتبر أنه لشرف أن يُنظر إلينا باستمرار بوصفنا مكانًا محتملًا؛ لأن ذلك يؤكد صوابية إستراتيجيتنا في السياسة الخارجية، التي جعلت المجر موقعًا تنظر إليه الدول الغربية والشرقية -على حد سواء- على أنه خيار عادل، استنادًا إلى علاقاتنا الجيدة مع كلا الطرفين.

ونحن نثمّن جهود الصين من أجل تحقيق السلام، ونقدّر أننا معًا ضمن ما يُعرف بـ”معسكر السلام”. كلانا يدعم مجموعة “أصدقاء السلام” في الأمم المتحدة، وآمل وأثق أن تواصل الصين رفع صوتها دفاعًا عن السلام والحلول السلمية لجميع النزاعات، ومنها النزاع في أوكرانيا.

المصدر: صحيفة غلوبال تايمز (Global Times)


شارك الموضوع