في 18 أبريل (نيسان) 2023، صرح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أن أرمينيا: “يجب أن تتخلى إلى الأبد عن مطالباتها الإقليمية في الدول الأخرى”، في إشارة إلى إقليم ناغورنو كاراباخ. واقترح الرئيس إلهام علييف على أرمن كاراباخ: “إما قبول الجنسية الأذربيجانية، وإما المغادرة”. وبتخليه عن حل مشكلة كاراباخ، شكك باشينيان في احتمالية بقاء قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة. في غضون ذلك، لا يزال الوضع صعبًا جدًّا على المستوى العسكري بين الطرفين.
في 11 أبريل (نيسان)، تصاعدت حدة الموقف على الحدود الأرمينية- الأذربيجانية، في منطقة الدوريات التابعة لبعثة الاتحاد الأوروبي في أرمينيا: “وقعت اشتباكات بين الجيش الأرمني والأذربيجاني؛ اتهمت يريفان وباكو إحداهما الأخرى بالتصعيد، وأبلغا أيضًا عن سقوط قتلى من كل جانب”. لم تتمكن بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي من تقييم الأحداث، حيث كان ممثلوها غائبين عن المنطقة عندما وقع الحادث. وقالت الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في بيان صحفي: “في وقت متأخر من المساء، علمت قوات حفظ السلام الأوروبية بإطلاق النار من جانب السلطات الأرمينية”. في الوقت نفسه، ظهرت معلومات في وسائل الإعلام الأذربيجانية تفيد بأن أرمينيا استخدمت الطائرات بدون طيار الإيرانية لأول مرة، مع أن المسؤولين الأرمن، بمن فيهم رئيس الوزراء باشينيان، “نفوا ذلك بشدة”.
تخشى يريفان أن يتخذ الغرب موقفًا منها لتعاونها العسكري التقني مع طهران؛ لأن ذلك من شأنه أن “يفسد العلاقات مع بروكسل”. أرمينيا مهتمة- اهتمامًا موضوعيًّا- بالتعاون العسكري مع إيران. ومع ذلك، في الوقت نفسه، يغازل باشينيان حلف شمال الأطلسي، مما يعرض العلاقات مع إيران للخطر، وهي التي تعد هدفًا مهمًّا للتحالف الأوروبي- الأطلسي، وكذلك التركي- الأذربيجاني. إن السلوك الغامض للسلطات الأرمينية، بدعوى انتهاج سياسة خارجية متعددة النواقل، لا يسمح ليريفان بإنشاء محور إيراني أرميني على عكس المحور الغربي التركي. ينبغي للمرء أن يأخذ في الحسبان أن روسيا، بصفتها وسيطًا في الصراع، لا يمكنها دعم أي طرف من الأطراف.
بالعودة إلى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أعربت مجلة فوربس عن ثقتها أن: “أرمينيا ستصبح زبونًا للطائرات الإيرانية بدون طيار”. ووفقًا للمعلومات الأخيرة التي تم تداولها في وسائل الإعلام: “حصلت أرمينيا على مجموعة كبيرة من الطائرات بدون طيار من إيران، بما في ذلك طائرات كاميكازي بدون طيار، التي يمكن أن تستخدمها لشن هجمات”. كما يقولون، يريد الفريق الحاكم لباشينيان تعزيز الأمن والامتثال “للقواعد” الغربية؛ حتى يُصنَّف بين “العالم الديمقراطي”. تنشأ مشكلات ضمان الأمن القومي في أرمينيا على وجه التحديد بسبب عدم اليقين في اختيار حليفٍ رئيسٍ في السياسة الخارجية.
إيران قلقة- بالطبع- من ظهور لاعبين خارجيين في المنطقة بناء على طلب جارتها، ولا سيما دعوة المراقبين الأوروبيين من يريفان، الذين يهتمون بالحدود الإيرانية أكثر من الحدود الأرمينية الأذربيجانية. كما أن رفض طهران سببه دعوة السلطات الأرمينية للوسطاء الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة، إلى حل نزاع كاراباخ. في الوقت نفسه، لا تخفي إيران موقفها من الوضع في جنوب القوقاز: “حتى لو لم تعلق الحكومة الأرمينية أهمية خاصة على حدودها مع إيران، فإن جمهورية الجمهورية الإسلامية مستعدة لمعارضة إغلاق هذه الحدود بشدة عن طريق ممر زنغزور، الواقع خارج الحدود الإقليمية”. نشر مركز الأبحاث التابع للمجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية مقالًا ذكر فيه أن حرب كاراباخ الثانية كانت غطاءً لإنشاء ممر زنغزور (المسمى “توران” في إيران). يقول محللون إيرانيون إن ممر توران مصمم لجلب الهياكل العسكرية للناتو مباشرة إلى الحدود الشمالية لإيران، والحدود الجنوبية لروسيا، والحدود الغربية للصين في شينجيانغ. سيُضعف ممر توران التابع لحلف الناتو إيران وروسيا والصين من الناحية الجيوسياسية، ويسمح للتحالف العسكري الغربي بتأجيج الاضطرابات العرقية بين الأذربيجانيين في إيران ومسلمي شمال القوقاز في روسيا والأويغور في الصين.
في هذا الصدد، يحذر خبراء إيرانيون من سيناريو سلبي محتمل لمنطقة جنوب القوقاز ومحيطها، بما في ذلك على إيران. إذا تمكن الغرب من إجبار أرمينيا على توقيع معاهدة سلام مع أذربيجان تحرم إقليم ناغورنو كاراباخ من أي استقلال، فإن هذا سيسمح بطرد القوات العسكرية وقوات حفظ السلام الروسية من المنطقة، ونزع السيطرة من على ممر زنغزور. وقال المحللون إن: “إزالة عقبة مثل ناغورنو كاراباخ تفتح الطريق أمام الهيمنة الغربية على أراضي أرمينيا، وتغيير خريطة المنطقة، وعلى المدى الطويل شن هجوم على المناطق الشمالية الغربية لإيران”، وهو ما تتخوف منه الجمهورية الإسلامية.
من الناحية الاقتصادية، تشكل الحدود الإقليمية لممر زنغزور أيضًا تهديدًا مباشرًا لممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، ويمكن أن تؤدي إلى استبدال خطوط أنابيب الغاز من أذربيجان وآسيا الوسطى بخطوط أنابيب الغاز الإيرانية إلى ناختشفان. نتيجة لذلك، ستفقد إيران دورها المهم في التجارة وعبور الطاقة في المنطقة. بل إن الإيرانيين يعتقدون أن أنقرة قد تتخذ في المستقبل خطوات معينة لمنع تصدير البضائع الإيرانية عبر تركيا. في ظل الظروف الحالية لتعميق العلاقات بين إيران وروسيا، تؤدي الحدود الأرمينية الإيرانية دورًا مهمًّا لإيران. وفقًا لدراسة أجراها معهد الشرق الأوسط، إذا “فقدت” إيران الحدود مع أرمينيا، فإنها ستبتعد أكثر عن منطقة جنوب القوقاز بكاملها، وستكون طرق التجارة الإيرانية مع أوروبا وأوراسيا في أيدي تركيا وأذربيجان. في المقابل، سيُعَزَّز النفوذ الاقتصادي والسياسي لأنقرة وباكو على حساب طهران؛ مما قد يغذي الحركات الانفصالية التركية في شمال إيران.
قال المسؤولون الإيرانيون، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، مرارًا وتكرارًا، إنهم يعارضون أي تغييرات حدودية في المنطقة، في إشارة إلى مطالبات أذربيجان بمنطقة سيونيك في أرمينيا (زنغزور)، وخارج الحدود الإقليمية لممر زنغزور.
تشعر إيران بالقلق من أن انتشار النفوذ التركي على حدودها الشمالية قد يؤثر سلبًا في سياستها الداخلية في المستقبل، حيث تدعو أذربيجان إلى توحيد جنوب أذربيجان (شمال إيران) مع جمهورية أذربيجان (وفقًا للجانب الأذربيجاني، يبلغ عدد السكان الأذريين في إيران أكثر من 35 مليون نسمة، في حين يبلغ طول الحدود بين البلدين 765 كم).
لسوء الحظ، هذه ليست سيناريوهات خيالية. في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أُنشئت “منظمة حماية حقوق الأذربيجانيين الجنوبيين” في سويسرا، التي أعلنت أنها ستقدم وثائق ومعلومات إلى المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، فيما يتعلق بانتهاك “حقوق الأذريين” في المقاطعة الأذربيجانية الإيرانية”. في 2 ديسمبر (كانون الأول) 2022، دافع ممثل “أذربيجان الجنوبية” في منظمة الأمم والشعوب (UNPO) أراز يوردسفين، عضو الحزب الليبرالي لبريطانيا العظمى، عن فكرة استقلال “أذربيجان الجنوبية”، واتهم إيران بـ “قتل الأذربيجانيين الإيرانيين”. في 25 مارس (آذار) 2023، نظمت مسيرة حاشدة في بروكسل تحت شعار “الحرية، والعدالة، والحكومة الوطنية”، بمشاركة أتراك جنوب أذربيجان. في البيان الختامي، أعرب المشاركون في التجمع عن عميق امتنانهم لرئيس أذربيجان الأول علييف، وطالبوا نجله بمواصلة دعم حقوق أتراك جنوب أذربيجان على الساحة الدولية. بالنظر إلى ذلك، تعرب طهران عن مخاوفها من احتمال بدء تصعيد جديد في المنطقة.
تفاقم الوضع بسبب تدهور العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان وإيران في نهاية شهر يناير (كانون الثاني)، عندما قتل موظف في السفارة الأذربيجانية في إيران، وأصيب اثنان نتيجة هجوم مسلح. نفت وسائل الإعلام والمسؤولون الأذربيجانيون- على الفور- الرواية الإيرانية للأحداث، التي تتلخص في أن “دوافع المهاجم كانت مشكلات شخصية وعائلية”. ووصفت باكو الحادث- على الفور- بأنه عمل إرهابي. وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إن السلطات الإيرانية متورطة في الهجوم. أجلت أذربيجان الدبلوماسيين، ونصحت مواطنيها بعدم زيارة إيران إلا عند الضرورة. كما شوهد “الأثر الإيراني” في باكو في محاولة اغتيال فاضل مصطفى، عضو البرلمان الأذربيجاني، الذي ينتقد النفوذ الإيراني. اعتقلت أذربيجان ثمانية أشخاص بتهمة التجسس لصالح طهران، وأعلنت أن أربعة دبلوماسيين إيرانيين غير مرغوب فيهم، مشيرة إلى أن إيران تثير حالة من عدم الاستقرار في الجمهورية.
في إيران، بالإضافة إلى التهديدات بإغلاق حدودها مع أرمينيا، والحركة الانفصالية في جنوب أذربيجان الإيرانية، يثير التفاعل المتزايد بين أذربيجان وإسرائيل في المجالات العسكرية الفنية والدبلوماسية مخاوف.
وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، في الفترة من عام 2013 إلى عام 2016، تلقت أذربيجان 30% من واردات الأسلحة من إسرائيل. في الفترة من عام 2016 إلى عام 2020، بلغت هذه الحصة 69%. وفقًا لمعهد الشرق الأوسط (MEI) تعد الواردات العسكرية لأذربيجان من إسرائيل كبيرة: “في عام 2016، أنفقت الدولة الواقعة في جنوب القوقاز 5 مليارات دولار على شراء الأسلحة الإسرائيلية، و137 مليون دولار في عام 2017”. ومن المعروف أن معظم الأموال التي أنفقت قبل عام 2018 ذهبت لشراء طائرات بدون طيار.
كانت إيران وإسرائيل في حالة ما قبل الحرب فترة طويلة، وتخشى إيران من أن تصبح أذربيجان منصة للأنشطة التخريبية لإسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، الخصوم الجيوسياسيون لإيران. على سبيل المثال، يمكنهم إنشاء قواعد تتبع، وتركيب الرادارات، بل توفير المطارات لقواتهم الجوية. كما انتقدت إيران- بشدة- تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بشأن: “تشكيل جبهة موحدة ضد إيران”. واعتبرت كلماته دليلًا آخر على أن تل أبيب تحاول تحويل أراضي أذربيجان إلى تهديد للأمن القومي الإيراني. في 5 أبريل (نيسان)، اعتمد البرلمان الإيراني بيانًا خاصًا يدين افتتاح السفارة الأذربيجانية في إسرائيل.
على هذه الخلفية، قررت الولايات المتحدة أيضًا الانضمام إلى المواجهة بين البلدين. في 24 يونيو (حزيران) 2022، مدد الرئيس الأمريكي بايدن إلغاء المادة (907) التي حدت من قدرة الولايات المتحدة على تقديم المساعدة لأذربيجان. في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، دعمت الولايات المتحدة باكو، وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس- مباشرة- دعم واشنطن لأذربيجان في الصراع مع إيران. تحدث وزير الخارجية بلينكين، في اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي، عن إلغاء المادة (907)، وزيادة الدعم العسكري لباكو؛ لأن “لأذربيجان حدودًا طويلة جدًّا مع إيران، ويجب حمايتها”. فسر بعض الخبراء بيان بلينكين على أنه اقتراح بإرسال قوات الناتو إلى أذربيجان.
إدارة بايدن ليست سعيدة؛ لأن طهران تعمل بنشاط على تطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية والتقنية مع موسكو وبكين. بالإضافة إلى ذلك، شرعت إيران- بنجاح- في بناء استعادة علاقات مع خصومها التقليديين في الخليج؛ مع المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. نتيجة لذلك، أصبح من الصعب على واشنطن استخدام هذه الدول كنقاط انطلاق للأعمال المناهضة لإيران من جانب “الغرب الجماعي”.
في هذا الصدد، حوّلت الولايات المتحدة- على ما يبدو- جهودها إلى جنوب القوقاز؛ مما دفع باكو إلى تصعيد العلاقات مع طهران، ويريفان إلى التخلي عن أولوياتها الحيوية.
تفضل إيران عدم تصعيد الموقف، لكنها تقتصر- في الوقت الحالي- على تشديد الخطاب والتدريبات العسكرية المنتظمة بالقرب من الحدود مع أذربيجان، أي (استعراض القوة)، خاصة في الأماكن التي تشعر فيها بالتهديد.
بلغ الصراع بين أذربيجان وإيران، الذي عانى بالفعل أزمات أكثر من مرة، ذروته بدافع من لاعبين غير إقليميين، حتى إن الموقف سمح لمجلة فورين أفيرز الأمريكية بالتوصل إلى نتيجة بشأن احتمال دخول إيران في نزاع ناغورنو كاراباخ إلى جانب أرمينيا.
في الوقت نفسه، يبدو أنه على الرغم من تصور وجود تهديد متبادل، فإن التوتر بين البلدين لم يخرج عن السيطرة، ولن يؤدي إلى صراع عسكري، إذا أمكن بالطبع تخفيف الضغط الخارجي. اكتسب الطرفان سنوات كثيرة من الخبرة في “إدارة الصراع”.
يعود السبب في ذلك، إلى العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية. على سبيل المثال، أكثر من 50% من تجارة إيران مع جنوب القوقاز تقع على عاتق أذربيجان؛ مما يجعل باكو الشريك الاقتصادي والتجاري الرائد لطهران في المنطقة. وكما أشار علي رضا بيمان باك، رئيس منظمة تيسير التجارة الإيرانية، “زادت التجارة الثنائية بين إيران وأذربيجان بنسبة 100% في يوليو (تموز) 2022، مقارنة بشهر يوليو (تموز) 2021”. يعد الحفاظ على العلاقات التجارية الثنائية أمرًا مهمًّا جدًّا لكل من أذربيجان وإيران؛ نظرًا إلى تأثير العقوبات الأمريكية على الأخيرة.
يدرك الجميع أن الصراع العسكري بين طهران وباكو يمكن أن يهدد- تهديدًا خطيرًا- أحد أهم طرق عبور الطاقة إلى القارة الأوروبية من أذربيجان؛ مما قد يقوض مكانتها بوصفها موردًا رئيسًا للغاز إلى أوروبا في مواجهة انخفاض الإمدادات من روسيا. بالإضافة إلى ذلك، إيران هي الطريق البري الوحيد الذي يربط ناخيتشيفان مع باكو، وطريق العبور الوحيد المباشر والمنخفض التكلفة للبضائع الأذربيجانية المتجهة إلى الخليج، وبحر عمان، والعالم العربي، وخاصة باكستان، التي لديها علاقة إستراتيجية وثيقة- إلى حد ما- مع باكو.
من ناحية أخرى، تمثل أراضي أذربيجان جزءًا رئيسًا من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، وهو طريق العبور والتجارة الرئيس لإيران مع المناطق الغربية المكتظة بالسكان في روسيا، وجورجيا، وبيلاروس. أصبح طريق العبور بين أذربيجان وإيران أكثر أهمية في الفترة الأخيرة نتيجة للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، والعقوبات الغربية الواسعة على روسيا، واتفاقية التجارة التفضيلية بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، التي تُحوَّل إلى اتفاقية تجارة حرة.
تؤدي روسيا دورًا مهمًّا في تخفيف حدة التوتر بين طهران وباكو؛ لأن انتقال الصراع إلى مرحلة ساخنة سيعني لموسكو فتح جبهة جديدة من عدم الاستقرار في القوقاز، من شأنها أن تسد طريق (داغستان- باكو- أستارا) للعبور والتجارة مع إيران، والهند، والعرب في دول الخليج. في الوضع الحالي، فإن استمرار التوتر وتصعيده بين طهران وباكو لا يلبي المصالح الروسية، وسيكون من الخطأ الاعتقاد أن موسكو قادرة على التركيز على اتجاه واحد فقط للسياسة الخارجية.
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في محادثاته مع نظيره الإيراني في 29 مارس (آذار) في موسكو، عن استعداده لمساعدة الطرفين في حل المشكلات، وعن أمله في أن يكون “الخلاف الحالي” بينهما مؤقتًا، و”سيُتجَاوز بأسرع ما يمكن”، وسيسهم ذلك أيضًا في تعزيز التعاون الثلاثي بمشاركة روسيا، وإيران، وأذربيجان، بما في ذلك في سياق الاهتمام الذي أكدته جميع الأطراف بتنفيذ مشروعات مهمة كجزء من تطوير ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.
تجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك في الأيام الأخيرة اتجاهات معينة نحو الانفراج بين إيران وأذربيجان. على وجه الخصوص، أجرى الطرفان عدة اتصالات على المستوى الدبلوماسي. أخيرًا، في 14 أبريل (نيسان)، أدلى المكتب الصحفي لوزارة الخارجية الأذربيجانية بتصريح مشجع بعد محادثة هاتفية بين وزيري خارجية أذربيجان وإيران: “أعلن الطرفان إمكانية استمرار المفاوضات، وإذا لزم الأمر القيام بزيارات ثنائية”.[1]
الكاتب: ألكسندر أنانييف- دبلوماسي، وكبير مستشاري وزارة الخارجية الروسية سابقًا.