• 17 يونيو 2023

شارك الموضوع

كتبت أستاذة العلوم السياسية الروسية، فيرونيكا كراشينينيكوفا، مقالًا في “الجريدة الأدبية“، بشأن سوريا، قالت فيه: مَن كان يظن في 2013-2014 أن سوريا ستصمد أمام هجوم عنيف من قوى الإرهاب الدولي التي دعمتها واشنطن وحلفاؤها في المنطقة، بالاشتراك مع حلف شمال الأطلسي؟! حتى في روسيا، قلة من الناس كانوا يعتقدون إمكانية نجاح النظام السوري في هذه المواجهة. تجمع عشرات الآلاف من الإرهابيين من أماكن مختلفة في الشرق الأوسط وأوراسيا، حتى من منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي في جمهورية الصين الشعبية؛ للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

لقد كان موقفي ثابتًا، ولم يتغير، منذ عام 2011: “سوريا هي الحدود البعيدة للجبهة الجنوبية لروسيا”. استهدافها عبر الإرهاب سيؤدي إلى انتقاله- فيما بعد- إلى إيران، وآسيا الوسطى، وروسيا، والصين، وخصوم آخرين لأمريكا. تلقى بشار الأسد دعمًا سياسيًّا وعسكريًّا؛ أولًا، من طهران (التي كانت البند الثاني في الخطط الأمريكية للإطاحة بنظامها)، ثم من موسكو. في 30 سبتمبر (أيلول) 2015، شنت القوات المسلحة الروسية عملية عسكرية في سوريا، وبفضلها نجت دمشق من هذه الحرب الدموية، وأوقفت تمدد الإرهابيين ورعاتهم.

على خلفية العملية العسكرية الخاصة للاتحاد الروسي في أوكرانيا، التي طال أمدها، وسارت وفق سيناريو مختلف، نسينا سوريا. وفجأة جاء الخبر التالي: “بشار الأسد وصل إلى السعودية لحضور القمة العربية، وعادت سوريا إلى الحضن العربي بعد 12 عامًا من العزلة”! حتى وسائل الإعلام الغربية كتبت عن هذا الأمر، وأبدت انزعاجها منه.

أدّت الصين دورًا مهمًّا في هذه العملية: “تؤدي الصين في الشرق الأوسط- بثقة وبشكل متزايد- دور صانعة سلام بين المتخاصمين”. في أوائل أبريل (نيسان) تمت المصالحة الأولية بين إيران والمملكة العربية السعودية رسميًّا في بكين. في ظروف أخرى، كان من الممكن أن تشارك روسيا في هذه العملية؛ لما تتمتع به من علاقات وثيقة مع كلا البلدين، لكن “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، صرفت انتباهنا كثيرًا، وقللت من قدراتنا في مناطق الصراع.

هل هذا يعني أن هناك الآن سلامًا دائمًا في سوريا؟ بالطبع لا. لا تزال الولايات المتحدة تهيمن على مناطقها النفطية، وما زالت تركيا تحتل الشمال، وهناك بعض الإرهابيين، وهم أداة الولايات المتحدة المفضلة، ولا يزالون قيد الاستخدام.

قبل أسبوع، قال مدير المخابرات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، إن الولايات المتحدة تعتزم- مرة أخرى- إشراك المتطرفين الإسلاميين، الذين يصفهم الأمريكيون بالمعارضة المعتدلة، في تجديد الأعمال العدائية ضد سوريا. في وقت سابق، قال ناريشكين: “إن قاعدة التنف العسكرية، الخاضعة للسيطرة الأمريكية على الحدود مع العراق، تُستخدَم -مرة أخرى- لتدريب الإرهابيين، وإرسالهم لاحقًا إلى روسيا”.

لذلك، بما أن سوريا كانت حدودًا بعيدة للجبهة الجنوبية لروسيا، فإنها لا تزال كذلك. ومع ذلك، أصبح الأمر الآن أكثر صعوبة لواشنطن: “لم تعد المملكة العربية السعودية تقبل تعليمات من البيت الأبيض، والصين مستعدة لاستخدام ثقلها لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وقد أرست روسيا أساسًا متينًا لتحقيق هذا الاستقرار من خلال تدخلها في سوريا”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن معسكر الدول التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة آخذ في الازدياد: “أكثر من 20 دولة مهتمة بالانضمام إلى مجموعة البريكس، ومن المقرر الانتهاء من إجراءات قبولها بحلول قمة البريكس المقبلة في أغسطس (آب)”. قرر ذلك وزراء الخارجية في اجتماع عقد، يوم 1 يونيو (أيلول) في كيب تاون، مع أن الجو العام للقمة تم التشويش عليه نتيجة اعتراف جنوب إفريقيا باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس بوتين.

يمكن أن تؤدي محاولة تشكيل عالم متعدد الأقطاب- كما يطمح الكثيرون- إلى حرب عالمية، ويمكن أن تؤدي إلى تصميم شكل جديد للعالم أكثر عدلًا وتوازنًا، لكن هذا سيتطلب حكمة سياسية، لا يُظهرها إلا قلة من الناس.

ما ورد في المقالة يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع