التاريخ والثقافةمقالات المركز

الحالة الدينية في طاجيكستان وتأثيرها وتأثرها بمحيطها الإقليمي والدولي



شارك الموضوع

يعد الإسلام الدينَ السائد في طاجيكستان؛ حيث تدين به النسبة الأكبر من الشعب الطاجيكي، ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2009، تبلغ نسبة المسلمين في طاجيكستان 98% من إجمالي عدد السكان (نحو 95% من السنة، و3% من الشيعة). الإسلام السني على المذهب الحنفي هو مذهب الأغلبية في البلاد. وسوف نتناول في موضوعنا هذا العناصر التالية:

  1. التركيبة العرقية: الطائفة العرقية الرئيسية لسكان طاجيكستان هي الفرس، الذين ينحدرون من أصول الشعوب الإيرانية الشرقية القديمة في آسيا الوسطى، ويعرفون بالجنس الآري، من مصطلح (آريا مهر)، أي حب الآريين، في حين كان الأوزبك والقيرقيز هم الأقلية العرقية في تلك المنطقة من الجنس التركي التوراني حتى أوائل القرن العشرين، في حين عاش الأوزبك جنبًا إلى جنب مع الطاجيك، دون النظر إلى العرقية أو الطائفة؛ لأنهم قطنوا منطقة واحدة بعد ترسيم الحدود بينهما، في حين اعتبرت طاجيكستان من الدول النامية، ولها سمة مميزة، هي انخفاض متوسط العمر المتوقع للفرد هناك.
  2. الامتداد العرقي في الخارج، قيرغيزيا وأفغانستان: وفقًا لكتاب “حقائق العالم”، يشكل الطاجيك نحو 27% من السكان في أفغانستان ، لكن وفقًا لمصادر أخرى، فإنهم يشكلون من 37% إلى 39% من السكان.
  3. التأثيرات الثقافية على طاجيكستان.
  4.  الديموغرافيا الدينية في طاجيكستان.
  5. الحركات الإسلامية داخل طاجيكستان.
  6. تأثير عودة طالبان في الطاجيك.

ديانة الطاجيك

الإسلام هو الدين السائد في آسيا الوسطى، جاء به العرب إلى المنطقة في القرن السابع. ومنذ ذلك الوقت أصبح الإسلام جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الطاجيكية. على سبيل المثال، أصبحت الدولة السامانية راعيًا قويًّا للهندسة المعمارية الإسلامية، ونشرت الثقافة الإسلامية الفارسية في عمق قلب آسيا الوسطى، كما عزّز إسماعيل الساماني، الذي يعد والد الأمة الطاجيكية، جهود الدعوة الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة. بدأ السكان داخل آسيا الوسطى بقبول الإسلام بحزم بأعداد كبيرة، لا سيما في مدينة طراز، التي تعد من أهم مدن كازاخستان. خلال الحقبة السوفيتية، كانت جهود علمنة المجتمع غير ناجحة إلى حد كبير، وشهدت حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي زيادة ملحوظة في الممارسة الدينية، وارتفاع عدد المسلمين الذين يصومون شهر رمضان المبارك؛ إذ صام ما يصل إلى 99% من المسلمين في الريف، و70% في المدن خلال آخر شهر رمضان (2004). يقيم معظم المسلمين الشيعة، ولا سيما الإسماعيليون، في منطقة مقاطعة بدخشان الجبلية، الذاتية الحكم، النائية، وكذلك في بعض المناطق في ولاية خاتلون الجنوبية، وفي دوشنبه. من بين الديانات الأخرى، لا يمارس الديانة الروسية الأرثوذكسية إلا الروس الذين يعيشون فيها، على الرغم من تقلص المجتمع الروسي تقلصًا كبيرًا في أوائل التسعينيات. تتمتع بعض الجماعات المسيحية الصغيرة الأخرى الآن بحرية نسبية في العبادة. وهناك أيضًا جالية يهودية صغيرة جدًّا.

أولا: التركيبة العرقية

طاجيكستان:

دولة جبلية ذات سيادة كاملة، ومن الدول الحبيسة في آسيا الوسطى، وتعد واحدة من الدول التي تنتهي بـمقطع (ستان) كأغلب دول آسيا الوسطى، وكانت واحدة من دول الاتحاد السوفيتي كحال غيرها من الدول في آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية. ولدى طاجيكستان كثير من الأراضي المطوقة التابعة لها في دولتي أوزبكستان وقيرغيزستان، وهناك أراضٍ مطوقة أخرى لأوزبكستان وقيرغيزستان داخلها، ويعود السبب في هذا إلى الرئيس الشيوعي يوسِف ستالين، وعاصمتها هي دوشنبه، وعملتها الساماني الطاجيكي.

يقدر سكانها بنحو 8 ملايين نسمة في عام 2013، وهي الدولة الثامنة والتسعين  في العالم من حيث عدد السكان، وتبلغ مساحتها (143,100 ) كم²، وهي الدولة السادسة والتسعين في العالم من حيث المساحة. تحدها أفغانستان جنوبًا، وأوزبكستان غربًا، وقيرغيزستان شمالًا، والصين شرقًا.

وكانت الأراضي التي تشكل الآن طاجيكستان موطنًا لعدد من الحضارات القديمة، بما في ذلك مدينة من العصر الحجري ، والعصر البرونزي، بما في ذلك حضارة أوكسوس، والبوذية، والمسيحية النسطورية، والزرادشتية، والمانوية. وقد حكم المنطقة كثير من الامبراطوريات والسلالات، بما في ذلك الإمبراطورية الأخمينية، والسامانيون، والإمبراطورية المغولية، والدولة التيمورية، والإمبراطورية الروسية. كما أصبحت طاجيكستان، نتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي، دولة مستقلة عام 1991، وخاضت حربًا أهلية على الفور تقريبًا بعد الاستقلال استمرت من عام 1992إلى عام 1997.

الطاجيك بهذا المصطلح شعب معروف في التاريخ الإسلامي من الشعوب الآرية (إخوة الفرس والكرد والأفغان) يسكن هذه البقاع نفسها، ولقد ذكرهم عدد كبير من المؤرخين، ووصفوهم بالقوة والبأس الشديد، منهم الرحالة ابن بطوطة عند زيارته لمدينة بدخشان وما جاورها.

الطاجيك

هم شعب إيراني ، ويتحدث بلهجات متنوعة من الفارسية ، ويتركزون في حوض وادي فرغانة، الذي يشمل طاجيكستان وأجزاء من أوزبكستان، وعلى ضفتي نهر أوكسوس العلوي ، أي جبال بامير (جبل باداسان ، في طاجيكستان) وشمال شرق أفغانستان، وغرب أفغانستان (بدائشان، وكابول، وهيرات، وبلخ، ومزار الشريف، وغزني، ومناطق حضرية أخرى). تاريخيًّا، كان الطاجيك القدماء مزارعين بشكل رئيسي قبل الفتح العربي لإيران، وظلت الزراعة عملًا رئيسيًّا لهم، وأدّى دخول إيران في الإسلام إلى التحضر السريع والتاريخي لخراسان وعبر النهر، حتى جاء الغزو المغولي المدمر. وتشمل المنظقة كثيرًا من المراكز الحضارية القديمة الباقية للشعب الطاجيكي، مثل هرات, وسمرقند, وبخارى, وخوجند, وترمذ, وبلخ، وكابول.

الطاجيك المعاصرون هم من نسل السكان الإيرانيين الشرقيين القدامى في آسيا الوسطى، على وجه الخصوص، أهل الصُّغد، وسمرقند، وربما مجموعات أخرى، مع خليط من الفرس الإيرانيين الغربيين والشعوب غير الإيرانية. بالنسبة إلى ريتشارد نيلسون فراي، وهو مؤرخ بارز في التاريخ الإيراني وآسيا الوسطى ، يمكن اعتبار الهجرة الفارسية إلى آسيا الوسطى بداية للأمة الطاجيكية الحديثة ، والفرس العرقيين ، جنبًا إلى جنب مع بعض عناصر شرق إيران البكتريين والصغديين ، كأجداد رئيسيين في المنطقة. في أعمال لاحقة، يتوسع فراي في تعقيد الأصول التاريخية للطاجيك. في نشرة صدرت عام 1996، أوضح فراي فيها أن هناك كثيرًا من “العوامل التي يجب أن تؤخذ في الحسبان في تفسير تطور الشعوب التي بقيت بقاياها الطاجيك في آسيا الوسطى”، وأن “شعوب آسيا الوسطى، سواء أكانوا إيرانيين أو أتراكًا، يتحدثون لغتين مختلفتين، هما الفارسية والتركية، ولديهم ثقافة واحدة، ودين واحد، ومجموعة واحدة من القيم والتقاليد الاجتماعية مع لغة تفصل بينها”.

الديانات التي كانت منتشرة في طاجيكستان

الزرادشتية:

وتعرف بالمجوسية الزرادشتية، وهي إحدى ديانات المجوسية، ولم يبقَ غيرها، وهي ديانة إيرانية قديمة، وفلسفة دينية آسيوية، وكانت الدين الرسمي للإمبراطوريات الأخمينية والبارثية والساسانية. وهي واحدة من أقدم الديانات في العالم، التي لم تنقطع ممارستها. نسبت الديانة إلى مؤسسها زرادشت، الذي وُلد في أذربيجان في غرب آسيا، وكان اسم والده “بوروزهازيو”، ووالدته “دوغدما”، وهما من قبيلة “سبيتاما”، وحسب الكتابات الزرادشتية التي تتحدث عن معجزة ميلاد زرادشت، فإن والد زرادشت كان يرعي في الحقل ثم ظهر له شبحان وأعطياه غصنًا من نبات الهوما المقدس، وأمراه أن يقدمه لزوجته، فمزج الغصن مع النبات وشربه هو وزوجته، فحملت زوجته بعد شهور، وحلمت بسحابة سوداء أحاطت بيتها، وانتزعت طفلها من رحمها، وأرادت قتله، ثم صرخت الأم، وجاء شعاع من السماء مزق السحابة فاختفت، وظهر من الشعاع شاب يشع بالنور، وأعاد الطفل إلى أمه، ونبأها بأنه سيكون نبيًّا، وحينما ولد الطفل لم يبكِ مثل الأطفال؛ بل ضحك بصوت عالٍ اهتز له البيت الذي كان مملوءًا بالنور الإلهي، وهربت الأرواح الشريرة. ووفقًا للكتابات الزرادشتية، عندما بلغ زرادشت سن السابعة ذهب ليدرس مع حكيم اسمه “بورزين كوروس”، وظل يدرس معه ثماني سنين، درس معه العقيدة، والزراعة، وتربية المواشي، وعلاج المرضى، ثم عاد إلى بلده وارتدى القميص المقدس ولبس الحزام، وهذا كله رمز لتعميده في عقيدة شعبه. وتعد الزرادشتية واحدة من أقدم الديانات التوحيدية في العالم؛ إذ ظهرت في بلاد فارس قبل 3500 سنة. ظهرت الزرادشتية في المنطقة الشرقية من الإمبراطورية الأخمينية عندما بسّط الفيلسوف زرادشت مجمع الآلهة الفارسي القديم إلى مثنوية كونية: سبتامينو (العقلية التقدمية)، وأنكرامينو (قوى الظلام أو الشر) تحت إله واحد هو أهورامزدا (الحكمة المضيئة). وأهم نصوص الديانة هي نصوص الآفستا، التي تتضمن كتابات زرادشت المعروفة باسم الجاثاس، وهي قصائد طقوسية غامضة تحدد مفاهيم الدين، التي هي في كتاب النصوص الدينية المعروفة باسم “ياسنا”، وتقوم على خدمة العبادة الرئيسية للديانة الزرادشتية.

ومن خصائص هذا الدين تقديس عناصر الطبيعة. وللشمس عند الزرادشتية حُرمة عظيمة، غير أنَّ النار أعظم شأنًا؛ لذلك دخلت كعاملٍ رئيسيٍّ في عباداتهم. وبُيوتُ النَّار عندهم هي مراكز العبادة والتقديس. يعتقد المجوس بوجود إلهٍ للخير والنور، خالقٍ، يُسمّونه «أهورامزدا»، وإله للشر والظُلمة يُسمّونه «آهرمان»، ولكنَّه ليس في مستوى أهورامزدا. فالزرادشتيَّة بهذا تقومُ على الثنويَّة، والنزاع الدائم بين إله الخير وإله الشر، لكنَّ النصر في النهاية سيكون للإله الأوَّل؛ بما يبذله الإنسان من أعمالٍ حسنةٍ للتغلُّب على روح الشَّر.

هناك اعتقاد خاطئ ساد بين أتباع الأديان الإبراهيمية أنهم يعبدون النار، ولكنهم في الحقيقة يعتبرون النار والماء أدوات من طقوس الطهارة الروحية. أفكار زرادشت أدت إلى تبلور دين رسمي يحمل اسمه، قرابة القرن السادس قبل الميلاد، ويجادل بعض علماء الأديان أن أفكاره أثرت في أديان توحيدية لاحقة، مثل اليهودية، والغنوصية، والمسيحية، والإسلام. هناك اختلافات كبيرة بين الأديان الإبراهيمية والزرادشتية؛ إذ يظل الزرادشتيون أقرب إلى الأديان الهندية القديمة، ولكن هناك بعض أوجه التشابه التي يُعتقد بين علماء الأديان أن اليهود تعلموها منهم خلال السبي البابلي، والديانة الزرداشتية نفسها، تأثرت بالفلسفة الدينية لحضارة بابل العراقية القديمة.

كانت الزرادشتية دين الدولة للإمبراطوريات الفارسية ما قبل الإسلام أكثر من ألف عام. تراجعت الزرادشتية منذ القرن السابع الهجري بعد الفتح الإسلامي لفارس في الفترة بين عامي 633 و654. ومع الفتح الإسلامي لفارس بدأ التمييز والمضايقة وحملات الاضطهاد للزرداشتيين في أشكال من العنف المتقطع والتحولات القسرية، ودمرت الأنظمة الإسلامية معابد النار. وكان الزرادشتيون الذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي مطالبين بدفع ضريبة تسمى الجزية. تشير التقديرات الحديثة عام 2012 إلى أن العدد الحالي للزرادشتيين في العالم يتراوح من 110 آلاف إلى 120 ألف شخص، حيث يعيش معظمهم في الهند وإيران، إلى جانب مجتمعات أقل عددًا في المهجر في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، والمملكة المتحدة، وباكستان، ويُعتقد أن عددهم في انخفاض.

الديانة المانوية

كثيرًا ما تُقارن الزرادشتية بديانة إيرانيَّة أخرى وهي المانوية، مع أنَّ المانويَّة أقرب في تعاليمها إلى الديانات الغنوصية. سطحيًّا، تبدو هذه المقارنة ملائمة؛ فالمانوية تمتلك الصفات الرئيسيَّة التي تتميَّر بها الديانات الإيرانيَّة، فالمانوية – مثل الزرادشتيَّة – مثنوية في تصوُّرها للعالم، وتُقدِّس اليازاتا إلى درجة الألوهيَّة، لكنَّ المثنوية المانوية مختلفة في كونها ثنائيَّة الروح والمادَّة، يمثِّل فيها الخير نتاج الروح، والشر نتاج المادة، وهو ما أسهم في شيوع المانويَّة بين الروحانيين والمتصوِّفة، لملائمة هذه التصورات الروحانيَّة المألوفة لديهم. على النقيض، ليس هناك مكان للتصوُّف والزهد في الزرادشتيَّة، ولا إشارة في أدبياتها إلى مثنوية الروح والمادَّة. والمثنوية في الزرادشتيَّة تشير إلى قوى الخير والشر – الآلهة والشياطين – في صراعهم المصيري. وفقًا لتعالم ماني فإنَّ العالم مادي، وأجساد البشر مصنوعة من نفس مادَّة الشيطان، أمَّا في الزرادشتيَّة فخالق العالم المادي هو أهورامزدا، الذي لم يخلق شرًا. ولهذه الاختلافات تعرَّض ماني وأتباعه للاضطهاد من الكهنة المجوس، والعلاقة بين رجال الدين من الديانتين تشوبها العداوة. يصف غيراردو نولي العلاقة بين الزرادشتيَّة والمانويَّة بالتالي: «يمكن الافتراض أنَّ أصول المانويَّة في التقاليد الدينيَّة الإيرانيَّة، وعلاقتها بالمازدانية أو الزرادشتية، أشبه ما تكون بعلاقة المسيحية باليهودية». على النقيض، كتب والتر برونو هينينغ: «جدير بالذكر أنَّ ماني، الذي نشأ وقضى معظم حياته في أحد أقاليم الإمبراطورية الفارسيَّة، والذي تعود أصول أمه إلى عائلة بارثية مشهورة، لم يلتفت إلى النقليد الميثولوجي الإيراني قط».

المسيحية في طاجيكستان

تُشكّل المسيحية في طاجيكستان ثاني أكثر الديانات انتشارًا بين السكان بعد الإسلام، ووفقًا لإحصائية مركز بيو للأبحاث عام 2010، فإن المسيحية هي الديانة الثانية من حيث عدد الأتباع في طاجيكستان (1.6% من السكان)، أي نحو 110 آلاف نسمة. وفقًا لدراسة الموسوعة المسيحية العالمية، في طبعتها الثانية، فإن الكنيسة الروسية الأرثوذكسية هي أكبر الكنائس المسيحية في البلاد. الكنيسة الروسية الأرثوذكسية هي المذهب الرئيسي بين مسيحيي طاجيكستان، والأغلبيَّة الساحقة من أعضاء هذه الكنيسة هم من الناطقين بالروسية، ويعود وجودهم إلى استيطان الروس والأوكرانيين خلال حقبة الإمبراطورية الروسية، في حين تعد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي الأكثر انتشارًا بين الإثنية البولندية والألمانية القاطنة في البلاد. وتُعد الكنائس البروتستانتية المختلفة أحد أبرز المذاهب بين مسيحيي طاجيكستان، والأغلبيَّة الساحقة من أعضاء هذه الكنائس هم من الطاجيك، ومعظمهم من معتنقي المسيحية.

تعود جذور المسيحيَّة في البلاد إلى القرن السادس قبل ظهور الإسلام، حيث ضمت البلاد مجتمعات مسيحية شرقية لا بأس بها، بما في ذلك النساطرة، والسريان الأرثوذكس، وكان أتباع كنيسة المشرق من المتعلمين الذين أتقنوا السريانية. وبدأت كنيسة المشرق بالوهن في البلاد بعد القرن الثالث عشر تحت ضغط الصراعات بين المنغول والصليبيين والمسلمين، وأدت سلسلة اضطهادات شنها قادة الترك والمنغول الداخلين حديثًا في الإسلام إلى انهيار المجتمعات المسيحية في آسيا الوسطى. أعيد إحياء المسيحية في البلاد خلال القرن التاسع عشر ، وذلك بعد الغزو الروسي، عندما بُنيت الكنائس الأرثوذكسية الروسية المختلفة في المدن الكبيرة.

ثانيًا: الامتداد العرقي في الخارج، قيرغيزيا وأفغانستان

أفغانستان

يشكل الطاجيك نحو خُمس السكان، ويسودون في أربع من أكبر المدن في أفغانستان (كابول, ومزار الشريف, وهيراتو، وغزني)، وتشكل أكبر مجموعة عرقية في المحافظات الشمالية والغربية من بلخ, وتخار, وبدخشان, وسامانجان, وباروان, وبنجشير, وكابيسا, وبغلان, وغور, وبادغيس، و هيرات.

في أفغانستان ، لا ينظم الطاجيك أنفسهم حسب القبائل، ويشيرون إلى أنفسهم بالمنطقة، أو المقاطعة، أو المدينة، أو البلدة، أو القرية التي ينتمون إليها؛ مثل بدخشي, وبغلاني, ومزاري, وبنجشيري, وكوهستاني، إلخ.

أوزبكستان

في أوزبكستان، الطاجيك هم الجزء الأكبر من سكان المدينتين القديمتين بخارى وسمرقند، ويوجدون بأعداد كبيرة في مقاطعة سير دريا (نهر سيحون) في الجنوب، وعلى طول الحدود الشرقية لأوزبكستان مع طاجيكستان. وفقًا للإحصاءات الرسمية عام 2000، يمثل الطاجيك نسبة 24.4% من سكان مقاطعة سير دريا ، و34.3٪ من سكان سمرقند وبخارى.

تشير الإحصاءات الرسمية في أوزبكستان إلى أن المجتمع الطاجيكي يشكل 5% من إجمالي سكان البلاد. ومع ذلك ، فإن هذه الأرقام لا تشمل الطاجيك الذين- لأسباب متنوعة-  اختاروا تعريف أنفسهم كأوزبك في أشكال التعداد السكاني، خلال فترة حكم الاتحاد السوفيتي. والعرقية الأوزبكية كان يشرف عليها شاروف رشيدوف، رئيس الحزب الشيوعي الأوزبكي، وكان على الطاجيك أن يختاروا إما البقاء في أوزبكستان والتسجيل كأوزبك في جوازات سفرهم، وإما مغادرة الجمهورية إلى طاجيكستان، وهي جبلية وأقل زراعية. فقط في آخر تعداد سكاني (عام 1989) أمكن الإفصاح عن الجنسية بحرية على أساس التعريف الذاتي العرقي للمستجيب، وليس وفقًا لجواز السفر ، وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد السكان الطاجيك في أوزبكستان من 3.9% عام 1979 إلى 4.7% عام 1989، ويقدر بعض العلماء أن الطاجيك قد يشكلون 35% من سكان أوزبكستان.

الصين

الطاجيك الصينيون، أو طاجيك الجبال في الصين، ويطلق عليهم: (ساريكولي، تودجيك, توجيك)، ويسمون أيضًا “باميري”، وهم المجموعة العرقية التي تعيش في منطقة شينجيانغ إيغور المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال غرب الصين. وهم جنسية من 56 جنسية تعترف بها حكومة جمهورية الصين الشعبية رسميًّا.

كازاخستان

وفقا لتعداد السكان عام 1999، كان هناك 26 ألف طاجيكي في كازاخستان (0.17 % من إجمالي السكان) ، وهو العدد نفسه تقريبًا كما في تعداد عام 1989.

قيرغيزستان

وفقًا لإحصاءات رسمية، كان هناك نحو 47 ألفًا و500 طاجيكي في قيرغيزستان عام 2007 (0.9 % من إجمالي السكان)، ارتفاعًا من 42 ألفًا و600 في تعداد 1999، وثلاثة وثلاثين ألفًا و500 في تعداد 1989.

تركمانستان

حسب آخر تعداد سوفيتي عام 1989 ، كان هناك 3149 طاجيكيًّا في تركمانستان ، أو أقل من 0.1٪ من مجموع السكان البالغ 3.5 مليون في ذلك الوقت. أظهر أول تعداد سكاني لتركمانستان المستقلة أجري عام 1995، أن هناك 103 طاجيكيين في عدد سكان يبلغ 4.4 مليون نسمة (0.07٪) ، يتركز معظمهم في المقاطعات الشرقية من ليباب وماري المتاخمتين للحدود مع أفغانستان وأوزبكستان.

روسيا

حسب إحصاءات عام 2010، بلغ عدد الطاجيك المقيمين في روسيا نحو ( 200.303 )، بعد أن كانوا 38 ألفًا في العهد السوفيتي حسب تعداد عام 1989، جاء معظمهم إلى روسيا بعد حل الاتحاد السوفيتي عام 1991م، وأغلب العمال يعملون في أماكن مثل موسكو، وسان بطرسبورغ، والمناطق الفيدرالية بالقرب من حدود جمهورية كازاخستان.  يُقدَّر حاليًّا أن هناك أكثر من مليون عامل طاجيكي زائر يعيشون في روسيا ، وتمثل تحويلاتهم ما يصل إلى نصف اقتصاد طاجيكستان.

باكستان

هناك ما يقدر بنحو  مئتين وعشرين ألفًا من الطاجيك في باكستان بدءًا من عام 2012 ، معظمهم من اللاجئين من أفغانستان. خلال التسعينيات. نتيجة لـلحرب الأهلية في طاجيكستان، وصل ما بين 700 و 1200 طاجيكي إلى باكستان ، وكان معظمهم طلابًا ، وهم أطفال لاجئي طاجيكستان في أفغانستان. عام 2002 ، طلب نحو 300 منهم العودة إلى ديارهم، وأعيدوا إلى طاجيكستان بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة, ومفوضية شؤون اللاجئين، وسلطات البلدين.

ثالثًا: التأثيرات الثقافية في طاجيكستان

طاجيكستان والصين

وقعت جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان إعلانًا مشتركًا بشأن إقامة علاقات شراكة إستراتيجية. أصبحت هذه الوثيقة التاريخية تأكيدًا مكتوبًا للتعاون الوثيق بين الدولتين ، تكتب عنه الصحافة العالمية كل يوم تقريبًا. نحن نتحدث عن إقراض بكين دوشنبه، وعن التعاون في مجال الطاقة، وعن الزراعة، وعن مشروعات خطوط السكك الحديدية الدولية، وعن الزيارات المتكررة للرئيس الطاجيكي إمام علي رحمان إلى الإمبراطورية السماوية. بالمناسبة، تم توقيع الإعلان المذكور خلال الزيارة الأخيرة لرئيس طاجيكستان للصين.

يتكون الإعلان المشترك لجمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان، بشأن إقامة علاقات شراكة إستراتيجية، من ست فقرات طويلة. من الضروري أن نتناول مكوناته الرئيسية، فبدون هذا لا يمكن فهم الأولويات الصينية.

تمت زيارة دولة الرئيس إمام علي رحمان للصين في 19-20 مايو 2013. زار رئيس طاجيكستان بكين بدعوة من شي جين بينغ. تشير وكالة أنباء شينخوا إلى أن آخر إعلان مشترك بشأن المبادئ الأساسية للعلاقات بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان وُقِّعَ في 9 مارس 1993. بالإضافة إلى ذلك ، فإن معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان ، الموقعة في 15 يناير 2007 ، صالحة أيضًا. الآن قررت الأطراف توسيع التعاون إلى أقصى حد، ليصل به إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.

في الفقرة الأولى من الوثيقة الجديدة ، يُطلق على التطور الإستراتيجي للعلاقات الصينية الطاجيكية أحد المجالات ذات الأولوية للسياسة الخارجية للبلدين. من بين المكونات المشتركة للتعاون هنا: ضمان الأمن المتبادل، والاحترام المتبادل، والمساواة، والثقة، ومواجهة التهديدات والتحديات العالمية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتوسيع التعاون في المجالات السياسية، والاقتصادية، والإنسانية. كما تم توضيح أن الأطراف تتعهد “بالالتزام الصارم بأحكام الاتفاقية بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان على الحدود بين الصين وطاجيكستان في 13 أغسطس 1999، والاتفاقية التكميلية بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان بشأن حدود الدولة الصينية الطاجيكية في 17 مايو 2002. يضمن البروتوكول بين حكومة جمهورية الصين الشعبية وحكومة جمهورية طاجيكستان بشأن ترسيم الحدود الصينية الطاجيكية في 27 أبريل 2010، مواصلة الحفاظ على السلام والصداقة الأبدية من جيل إلى جيل”.

لقد وثقت طاجيكستان “الالتزام بسياسة الصين وحدها”. وهذا يعني، من بين أمور أخرى، أن طاجيكستان تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من الصين، وتؤيد “السبب المهم لإعادة التوحيد السلمي للصين”.

الفقرة الثانية خاصة بالجغرافيا؛ فقد اتفق الطرفان على أن “الاستفادة الكاملة من القرب الجغرافي والتكامل الاقتصادي ينبغي استغلالها بالكامل”. باستخدام هذه المزايا نفسها، ستبدأ الصين وجمهورية تتارستان في “تعزيز التنمية المستدامة والمكثفة للتعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال الترويج الفعال للمشروعات ذات الصلة وتنفيذها”. نحن نتحدث عن تحسين المناخ في التجارة والاستثمار ، وخلق ظروف مواتية لاستيراد السلع والخدمات والمعدات والتكنولوجيات ، وما إلى ذلك. إضافة إلى ذلك ، تم الإبلاغ عن تعميق التعاون المالي.

هناك فقرة منفصلة تصف تعزيز التعاون في قطاع النقل. إنها لا تشير فقط إلى تبسيط إجراءات التأشيرة ، ولكن أيضًا تنفيذ المشروعات على السكك الحديدية، وبناء الطرق السريعة. من الواضح أن الأطراف ستذهب “خطوة بخطوة إلى تعزيز بناء الطريق السريع الصيني الطاجيكي، وتحسين البنية التحتية في نقطة تفتيش كاراسو كولما ، وتسعى جاهدة إلى تحقيق عمل نقطة التفتيش على مدار العام في المستقبل القريب”.

أما بالنسبة إلى المعادن، فسيكثف الطرفان العمل على التنقيب والتطوير المشتركين، بالإضافة إلى توسيع التعاون في مجال إنتاج الطاقة. كما تم الإبلاغ عن التوسع المخطط له في البنية التحتية للطاقة الكهربائية في الصين وطاجيكستان، بما في ذلك حل القضايا المتعلقة بتهيئة إمكانية توفير الكهرباء للمناطق الغربية من الصين. كما سيتم النظر في مسألة إنشاء مؤسسات لإصلاح معدات الطاقة في طاجيكستان.

الخطة الصينية لتطوير نشاط الزراعة في أراضي الجار. يذكر أن هناك مشروعات تعاون في مجال التقنيات الزراعية على أراضي طاجيكستان، وتوسيع التعاون في إنتاج الآلات الزراعية، وتجهيز المنتجات الزراعية، واستصلاح الأراضي وزراعة بذور الأصناف، وتبادل الكوادر الفنية في مجال الاستزراع السمكي، والزراعة، إلخ.

فيما يتعلق بالحدود، هناك تلميحات إلى توسيع التعاون في المناطق الحدودية. يتحدثون عن تعزيز التعاون بين منطقة شينجيانغ الإيغورية الذاتية الحكم في جمهورية الصين الشعبية والمناطق الحدودية لجمهورية طاجيكستان.

في الفقرة الثالثة من الإعلان، يعلن الطرفان معركة مشتركة ضد الإرهاب والانفصالية – على أساس اتفاقية شنغهاي لقمع الإرهاب والنزعة الانفصالية والتطرف، الموقعة في 15 يونيو 2001، والاتفاق بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية طاجيكستان بشأن التعاون في مكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف في 2 سبتمبر 2003. كذلك، ستحارب الصين وطاجيكستان الاتجار بالمخدرات.

الفقرة الرابعة مخصصة لجوانب التعاون الثقافي والإنساني. نحن هنا نتحدث عن تعزيز “الصداقة القائمة منذ قرن بين الصين وطاجيكستان”. سيعزز الطرفان التبادل والتعاون في مجالات الثقافة، والتعليم، والسياحة، والرعاية الصحية، والرياضة؛ لتوسيع الاتصالات الودية بين وسائل الإعلام، ومؤسسات البحث، والمجموعات الفنية، ومنظمات الشباب.

روسيا وطاجيكستان

العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وجمهورية طاجيكستان

العلاقات بين روسيا وطاجيكستان هي العلاقة الثنائية بين الاتحاد الروسي وطاجيكستان.

كلا البلدين حليف مقرب وعضو في منظمة شنغهاي للتعاون، والتحالف العسكري الذي شكلته منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وكومنولث الدول المستقلة. تستضيف طاجيكستان وحدات عسكرية وبنية تحتية روسية في آسيا الوسطى. تعمل طاجيكستان وروسيا أيضًا- بشكل وثيق- في القضايا المتعلقة بأفغانستان، وهما شريكان في عمليات مكافحة الإرهاب، ومكافحة المخدرات، والاستخبارات.

في 25 مايو 1993، تم توقيع معاهدة صداقة وتعاون ومساعدة متبادلة بين البلدين.

تعتمد طاجيكستان اعتمادًا كبيرًا على التحويلات القادمة من روسيا. في عام 2012، تلقت (3.595 ) مليار دولار أمريكي من تحويلات المهاجرين، أي ما يعادل 48% من ناتجها المحلي الإجمالي. يعمل نحو 1.5 مليون طاجيكي في الخارج، معظمهم في روسيا.

تركيا وطاجيكستان

ذكرت الأنباء الواردة من دوشنبه، عاصمة جمهورية طاجيكستان، أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أكد لنظيره الطاجيكي، سراج الدين مهر الدين، استعداد تركيا للإسهام في بسط السلام على الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان.

وأفادت وزارة الخارجية الطاجيكية، في بيان، بأن الوزيرين أجريا اتصالًا هاتفيًّا، حيث رحب تشاووش أوغلو بالاتفاق الذي تم التوصل إليه لوقف إطلاق النار، والتوقيع على بروتوكولات لتسوية النزاع على الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان، واستئناف المفاوضات بشأن تحديد حدود دولة طاجيكستان مع قرغيزستان وترسيمها”.

ونقل البيان أن تشاووش أوغلو “أكد التزام الطرف التركي واهتمامه بحل الأوضاع المتشكلة فقط بطريقة سلمية، معربًا عن استعداد بلاده للإسهام بكل الأشكال الممكنة في بسط السلام، وتطبيع العلاقات بين الدولتين الجارتين”.

وقد قتل نحو 40 شخصًا بسبب اشتباكات، تعد الأكثر دموية منذ سنوات على الحدود المتنازع عليها بين طاجيكستان وقرغيزستان، اندلعت نتيجة خلاف على تبعية خزان مياه ومحطة ضخ.

أعلن الطرفان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق دوريات وعمليات مراقبة مشتركة في المنطقة، كما تم التوقيع على بروتوكول من 4 بنود لتسوية الخلاف الحدودي.

وتشهد مناطق الحدود بين البلدين، التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي، حوادث متكررة بسبب وجود أراضٍ واسعة متنازع عليها، حيث لم يتم حتى الآن ترسيم نحو 480 كيلومترًا من الشريط الحدودي بين قرغيزستان وطاجيكستان الممتد إلى 980 كيلومترًا؛ وهو ما تسبب في اندلاع مناوشات عسكرية على الشريط الحدودي بين الدولتين، مما أثار حفيظة طاجيكستان التي اعتبرت أن قيرقيزيا هي البادئة بالحرب طمعًا في خزان مياه أرادت الاستيلاء عليه من طاجيكستان.

رابعًا: الديموغرافيا الدينية في طاجيكستان الروسية

تبلغ مساحة دولة طاجيكستان مئة وثلاثة وأربعين ألف مئة وثلاثة وأربعين ألف كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها 7 ملايين ، على الرغم من صعوبة تحديد رقم دقيق بسبب عدم تسجيل المواليد في بعض المناطق الريفية. يُقدَّر أن 97 % من المواطنين يعتبرون أنفسهم مسلمين ، على الرغم من اختلاف درجة الالتزام الديني بشكل كبير. بشكل عام، يبدو أن التقيد النشط بالإسلام يتزايد باطراد، خاصة بين سكان المدينة الأقل تقيدًا في السابق. الغالبية العظمى من السكان المسلمين (نحو 96 % من السكان) هم من معتنقي الإسلام على المذهب السني الحنفي، نسبةً إلى الإمام أبي حنيفة النعمان . وما يقرب من 1 % من المسلمين شيعة ينتسبون إلى سيدنا علي بن أبي طالب، ويعيشون إلى الجنوب والجنوب الشرقي في الجبال وفي منطقة بدخشان، ومعظمهم من طائفة الإسماعيلية. وفي عام 2006، بدأت مجموعة إسلامية جديدة غير مسجلة من الطائفة السلفية الصلاة في مساجد الجمعة في دوشنبه، وصُغد، وخللون. يمارس ما يقدر بنحو خمسة آلاف من السلفيين في دوشنبه، حياتهم الدينية دون تدخل من المسلمين الآخرين، أو الحكومة.

هناك 85 مجموعة غير مسلمة مسجلة لدى إدارة الشؤون الدينية (DRA) في وزارة الثقافة. ما يقرب من مئتي ألف مسيحي، معظمهم من أصل روسي، ومجموعات مهاجرة أخرى من الحقبة السوفيتية، يقيمون في البلاد. أكبر مجموعة مسيحية هي أرثوذكسية روسية، لكن المنظمات المسجلة الأخرى تشمل المعمدانيين (خمس منظمات)، والروم الكاثوليك (اثنتان)، والبروتستانت الكوريين، التي تشمل كنيسة SunMin (اثنتان). تشمل الأقليات الدينية الأخرى أتباع الطائفة البهائية (أربع منظمات مسجلة)، والزرادشتيين (لا توجد بيانات متاحة)، وطائفة هير كريشناس (واحدة)، والطائفة اليهودية (واحدة). وتعد كل مجموعة من هذه المجموعات صغيرة جدًّا، ويعيش جميع أعضائها تقريبًا في دوشنبه، أو في مدن كبيرة أخرى. يقدر أن 0.01% من السكان ملحدون، أو لا ينتمون إلى أي طائفة دينية.

المسيحيون المبشرون من كوريا، والهند، وأماكن أخرى، حاضرون بأعداد صغيرة. قدرت سلطة دارفور الإقليمية في السابق عدد المتحولين إلى المسيحية منذ الاستقلال بما يصل إلى 3000 شخص. كما قامت مجموعات من الدعاة الإسلاميين بزيارة البلاد خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير.

خامسًا: الحركات الإسلامية داخل طاجيكستان:

في 19 سبتمبر الماضي، نصب مسلحون في وادي راشت في طاجيكستان كمينًا لقافلة عسكرية كانت تضم 75 عسكريًّا. وقالت مصادر رسمية إن الهجوم أسفر عن مقتل 25 عسكريًّا، فيما قالت مصادر المسلحين إنهم تمكنوا من قتل 40 عسكريًّا. وكان الجنود الطاجيكيون جزءًا من قوات أمنية حُشِدَت في جميع أرجاء البلاد في محاولة للقبض على 25 عنصرًا مرتبطًا بجماعات المعارضة الطاجيكية المتحدة المسلحة، فروا من السجن في العاصمة دوشنبه في 24 أغسطس الماضي. وقد نفَّذ عملية الهروب الجريئة أعضاء في الحركة الإسلامية في أوزبكستان بعد أن قتلوا خمسة حراس في السجن. وحسب الحكومة الطاجيكية، لجأ معظم المسلحين الهاربين إلى وادي راشت، وهي منطقة يسيطر عليها المسلحون الإسلاميون، ويصعب على قوات الأمن الطاجيكية الوصول إليها. وقال تقرير نشرته مؤسسة “ستراتفور” للأبحاث، في أواخر سبتمبر الماضي، إن هذا الهجوم كان من بين الصدامات الأكثر دموية بين المسلحين والقوات الحكومية منذ نهاية الحرب الأهلية في هذا البلد عام 1997. وأضاف التقرير أن هناك زيادة ملحوظة في عدد العمليات التي يقوم بها المسلحون في طاجيكستان ودقتها، وقد يستمر الوضع، وربما يزداد سوءًا ما لم تنجح القوات الطاجيكية في السيطرة على الأمور.

الجغرافيا المجزأة في وسط آسيا:

تُشكل منطقة وسط آسيا الكبرى، التي تضم كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وغرب الصين، الجبهة الشمالية الشرقية للعالم الإسلامي. ويتميَّز قلب هذه المنطقة بوجود عقدة من السلاسل الجبلية التي تُشكِّل منطقة عازلة بين مناطق النفوذ الصينية والروسية. وتوفِّر وعورة تضاريس المنطقة مناعة إضافية تعزز قوة السكان المحليين الذين يسعون إلى الحصول على سيادتهم واستقلالهم؛ وهو ما يزيد من تعقيد محاولات القوى الأجنبية السيطرة على المنطقة.

الجماعات المُسلَّحة في آسيا الوسطى:

هناك عدد من الجماعات المسلحة تتخذ آسيا الوسـطى مقرًا لها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، أهمها:

  • حزب المقاومة الإسلامي: تأسس عام 1990، وكان أول حزب سياسي إسلامي يحصل على اعتراف السوفيت. بعد حظره في وسط آسيا عام 1992، لجأ كثير من أعضائه إلى العنف.
  • حزب النهضة الإسلامي في طاجيكستان: نشط هذا الحزب خلال الحرب الأهلية في طاجيكستان في الفترة من 1992إلى 1997، لكنه تحول إلى العمل السياسي منذ ذلك الوقت.
  • المعارضة الطاجيكية المتحدة: هذا الحزب شكل مظلة للجماعات التي حاربت الحكومة الطاجيكية المدعومة من موسكو خلال الحرب الأهلية الطاجيكية، لكن معظم أعضائه تحولوا إلى السياسة في نهاية الحرب.
  • حزب التحرير: تأسس في القدس الشرقية عام 1953، ويسعى إلى إقامة خلافة إسلامية عالمية. الحزب موجود في أكثر من 40 بلدًا، ومركزه في آسيا الوسطى، في أوزبكستان. يتبنى الحزب فكرًا متطرفًا، لكنه لا يقوم بأعمال عنف مباشرة، ومع ذلك فإن القوى الأمنية في المنطقة تستهدفه.
  • حركة أوزبكستان الإسلامية: حركة مُسلَّحة ترتبط بتنظيم القاعدة، وتهدف إلى تحويل أوزبكستان إلى دولة إسلامية. تأسست عام 1998، بعد أن تحولت حركة المعارضة الطاجيكية المتحدة إلى العمل السياسي، وتوزَّع قادتها بين طاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، وإيران، وأفغانستان، وباكستان.
  • جماعة الجهاد الإسلامي: انشقت هذه الجماعة عن الحركة الإسلامية في أوزبكستان، ولها وجود بسيط في أوروبا.
  • حركة النهضة الإسلامية في أوزبكستان: تشكلت الحركة عام 1994، وانضمت إلى الحركة الإسلامية في أوزبكستان عام 1998.
  • الحركة الإسلامية في شرق تركستان: تهدف هذه الحركة بشكل أساسي إلى استقلال منطقة شنغيانغ شمال غرب الصين، التي يُشكِّل المسلمون غالبية السكان فيها، ويعتقد أن لها علاقات مع الحركة الإسلامية في أوزبكستان.
  • الحركة الإسلامية في تركستان: هذه الحركة يُعتقد أيضًا أنها ترتبط بعلاقات مع الحركة الإسلامية في أوزبكستان.

الإسلام والحركات المسلحة في آسيا الوسطى

تاريخيًّا، كانت الحركة الصوفية هي الأكثر انتشارًا في آسيا الوسطى، في حين كان التيار السلفي يمثل الأقلية، وتعرَّض للاضطهاد الشديد في الحقبة السوفيتية، وكانت قوات الأمن السوفيتية تعتقل قادة المسلمين بانتظام، وهو ما أدى إلى تقلُّص دور الصوفية في المنطقة على مدى عقود من الزمان؛ مما أعطى الفرصة للتيار السلفي لاستغلال هذا الفراغ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واستقلال جمهوريات آسيا الوسطى. وبحلول عام 1991، بدأ الفكر الجهادي يغزو المنطقة. مع تنامي نفوذ الجماعات الإسلامية، تحالفت مجموعات، مثل حزب النهضة الإسلامي في طاجيكستان، مع مجموعات علمانية من المعارضة لقتال القوات الحكومية خلال الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات. وخلال تلك الفترة، هاجم المتطرفون الإسلاميون العاصمة الطاجيكية دوشنبه من قواعدهم في وادي راشت، ووادي تافيلدارا، شمال طاجيكستان، وكذلك من قندز، ومزار الشريف، شمال أفغانستان، حيث اعتمدوا على كثرة السكان الأفغان الطاجيكيين هناك، الذين كان بعضهم مرتبطًا بحركة طالبان، وتنظيم القاعدة. بعد نهاية الحرب الأهلية، انضم كثير من قادة حزب النهضة إلى العملية السياسية، وبقي بعض المتشددين في الأودية الشمالية، أو في أفغانستان. وفيما بعد، بدأت الحركة الإسلامية في أوزبكستان حملة لإسقاط حكومة أوزبكستان عام 1998، لكن السلطات واجهت الحركة بقبضة حديدية؛ وهو ما دفع الحركة إلى الانتقال إلى قيرغيزستان. وبحلول عام 2000، واجهت الحركات المُسلَّحة حملات عسكرية مكثفة في جميع أنحاء آسيا الوسطى، لكنها استطاعت أن تحافظ على بعض نشاطها في طاجيكستان، وعبر الحدود في أفغانستان.

انقسام المتشددين الإسلاميين

تستخدم الحكومات حاليًا اسم الحركة الإسلامية في أوزبكستان استخدامًا مجازيًا للإشارة إلى جميع الحركات الإسلامية في آسيا الوسطى التي تسعى إلى قلب أنظمة الحُكم في المنطقة. هناك عوامل متعددة تُقسِّم المتشددين في المنطقة؛ لذلك فإن استخدام أسماء مثل الحركة الإسلامية في أوزبكستان، يخفي التحولات والتعقيدات الحقيقية في مشهد الحركات المتشددة في آسيا الوسطى. هذه الجماعات مقسَّمة بسبب الظروف الخاصة لمناطق عملياتها، والانتماء الإثني والقبلي، وبسبب قضاياها الخاصة.

بين تصاعد نشاط الحركات المتشددة في طاجيكستان بعد سنوات من الهدوء النسبي، والانسحاب الغربي الوشيك من أفغانستان، وزيادة الدور الروسي في المنطقة، ربما تواجه آسيا الوسطى أوقاتًا عصيبة في المستقبل.

سادسًا: تأثير عودة طالبان في الطاجيك:

بموجب اتفاق مع طالبان، وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو على سحب جميع القوات، مقابل التزام الحركة بعدم السماح للقاعدة، أو أي جماعة متطرفة أخرى، بالعمل في المناطق التي يسيطرون عليها.

وحدّد الرئيس الأمريكي جو بايدن موعدًا نهائيًّا في 11 سبتمبر (أيلول)، الذي يوافق الذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، للانسحاب الكامل للقوات الأمريكية، لكن التقارير كانت تشير إلى أن الانسحاب قد يكتمل في غضون أيام.

وقالت حركة طالبان لبي بي سي إن أي قوات أجنبية ستبقى في أفغانستان بعد الموعد النهائي لانسحاب الناتو، في سبتمبر (أيلول)، ستكون معرضة للخطر بصفتها “محتلة”.

وتزايد القلق بشأن مستقبل كابول حين كانت القوات الأفغانية تستعد لتولي مسؤولية الأمن في البلاد منفردة، لكن هروب رئيس الجمهورية أشرف غني إلى خارج البلاد أدى إلى هروب جميع القوات الحكومية من كابول والمناطق الأخرى.

وكانت حركة طالبان الإسلامية المسلحة قد أثبتت أنها قوة قتالية كبيرة في أفغانستان، وتهديد خطير لحكومتها.

كما هددت طالبان بزعزعة استقرار باكستان، حيث تسيطر على مساحات في شمال غربي البلاد، واتهمت بالمسؤولية عن تنفيذ موجة من التفجيرات الانتحارية، وهجمات أخرى.

فما الذي نعرفه عن حركة طالبان؟

ظهرت حركة طالبان في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، شمالي باكستان، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان.

وبرز نجم طالبان، وأكثر عناصرها من الباشتون، في أفغانستان، في خريف عام 1994.

ويُعتقد أن طالبان بدأت في الظهور أول مرة من خلال المعاهد الدينية التي تمول في الغالب من السعودية، التي تتبنى نهجا دينيًّا محافظًا.

ووعدت طالبان، التي توجد في مناطق الباشتون المنتشرة في باكستان وأفغانستان، بإحلال السلام والأمن، وتطبيق صارم للشريعة فور وصولها إلى السلطة.

وفي كلا البلدين، طبقت طالبان عقوبات وفقًا للشريعة، مثل الإعدامات العلنية للمدانين بجرائم القتل، أو مرتكبي الزنا، أو بتر أيدي من تثبت إدانتهم بالسرقة.

وأمرت الحركة الرجال بإطلاق لحاهم، والنساء بارتداء النقاب، وحظرت مشاهدة التلفزيون، والاستماع إلى الموسيقى، وارتياد دور السينما، ورفضت ذهاب الفتيات من سن العاشرة إلى المدارس.

ونفت باكستان مرارًا أنها هي من أسست طالبان، لكن لا يوجد شك كبير في أن العديد من الأفغان، الذين انضموا في بداية الأمر إلى صفوف الحركة، تلقوا تعليمًا في المعاهد الدينية في باكستان.

وكانت باكستان أيضًا واحدة من ثلاث دول فقط، بالإضافة إلى السعودية والإمارات، اعترفت بطالبان حينما وصلت إلى السلطة في أفغانستان في منتصف التسعينيات، وكانت باكستان آخر دولة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طالبان.

تولى زعامة الحركة الملا عمر، رجل الدين الذي فقد إحدى عينيه خلال قتال القوات السوفيتية في ثمانينيات القرن الماضي، وفي أغسطس (آب) 2015، اعترفت طالبان أنها أخفت خبر وفاة الملا عمر عامين. وفي سبتمبر (أيلول) 2015، أعلنت طالبان أنها توحدت تحت قيادة الملا منصور، الذي كان نائبًا للملا عمر فترة طويلة.

ولقي الملا منصور حتفه في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار في مايو (آيار) عام 2016، ليحل محله نائبه المولوي هيبة الله أخنوزاده، وهو رجل دين متشدد.

وقُتل على الأقل ثلاثة من أبرز قادة طالبان باكستان في غارات شنتها طائرات أمريكية بدون طيار، من بينهم الملا نظير ، وولي الرحمن.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013، أفادت تقارير بمقتل زعيم حركة طالبان في باكستان، حكيم الله محسود، في غارة جوية أيضًا.

ووقع الهجوم الذي يمكن أن يقال إنه أثار أكبر قدر من الانتقادات الدولية لحركة طالبان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، حينما هاجمت الحركة منزل الطالبة ملالا يوسف زاي في بلدة منغورا.

دخلت حركة طالبان في أفغانستان بؤرة اهتمام العالم عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 على مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة.

واتهمت الحركة بتوفير ملاذ آمن في أفغانستان لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وأعضاء التنظيم الذين اتهموا بالمسؤولية عن هذه الهجمات.

وبعد فترة قصيرة من هجمات سبتمبر، أطاح غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحكم طالبان في أفغانستان، لكن لم يتم اعتقال زعيم الحركة الملا محمد عمر.

وبزغت طالبان من جديد خلال السنوات القليلة الماضية في أفغانستان، ونمت حتى أصبحت أكبر قوة في باكستان، ويقول مراقبون إنه لا يوجد تنسيق محكم بين الفصائل والجماعات المتشددة التابعة لطالبان.

وكان حكيم الله محسود قائدًا لفرع طالبان الرئيسي في باكستان، وأنحي باللائمة على حركته التي تعرف باسم حركة طالبان الباكستانية، فيما يتعلق بتنفيذ عشرات الهجمات الانتحارية، والهجمات الأخرى.

وكان الأفغان، الذين شعروا بالقلق من زيادة أعداد المجاهدين على نحو مفرط، والاقتتال الداخلي في أعقاب طرد السوفيت، قد رحبوا عمومًا بطالبان عندما ظهرت على الساحة للمرة الأولى.

ونمت شعبيتهم الأولى نموًّا كبيرًا نتيجة ما حققوه من نجاح في القضاء على الفساد، والحد من الانفلات الأمني، وجعل الطرق والمناطق الخاضعة لسيطرتهم آمنة لازدهار التجارة.

وسرعان ما امتد نفوذ طالبان من جنوب غربي أفغانستان، واستولت على إقليم هرات الذي يحد إيران، في سبتمبر (أيلول) عام 1995.

وبعد عام بالتحديد، استولت على العاصمة الأفغانية كابول بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس برهان الدين رباني، ووزير دفاعه أحمد شاه مسعود.

وبحلول عام 1998، سيطرت الحركة على نحو 90 % من أفغانستان.

ووجهت إليهم تهم ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والثقافة، وكان أبرز مثال على ذلك في عام 2001، عندما دمرت طالبان تمثالي بوذا في باميان بوسط أفغانستان، على الرغم من موجة غضب دولية ضد ذلك.

وفي السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2001، غزت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان. وبحلول الأسبوع الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول) انهار نظام طالبان، ولاذ الملا عمر ومساعدوه بالفرار. ويعتقد بوجه عام أنهم لجأوا إلى مدينة كويتا الباكستانية التي كانوا يوجهون منها حركة طالبان، لكن إسلام أباد نفت وجود ما يعرف باسم “شورى كويتا”.

وعلى الرغم من وجود أكبر عدد من القوات الأجنبية في تاريخ البلد، استطاعت طالبان توسيع نطاق نفوذها على نحو مطرد؛ مما جعل مساحات شاسعة من أفغانستان غير آمنة، وعاد العنف في البلاد إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2001، وأدى تراجعها خلال السنوات العشر الماضية إلى الحد من خسائرها البشرية والمادية، والعودة بروح الثأر.

وكان هناك كثير من الهجمات التي شنتها طالبان على كابول خلال الأعوام الأخيرة، كما نفذت في سبتمبر (أيلول) عام 2012 غارة كبيرة على قاعدة كامب باستيون التابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وفي الشهر نفسه، سلم الجيش الأمريكي السلطات الأفغانية الإشراف على سجن باغرام المثير للجدل، الذي يضم ما يزيد على 3 آلاف مقاتل من طالبان، وإرهابيين مشتبهًا فيهم.

وخلال السنوات القليلة الماضية، زاد اعتماد طالبان كذلك على تفجير عبوات ناسفة على جوانب الطرق كسبيل لمحاربة الناتو، والقوات الأفغانية، ومن الصعب تحديد عدد من قتلوا في تلك الهجمات على وجه الدقة، لكن وزارة الداخلية الأفغانية تقول إن طالبان مسؤولة عن قتل ما يزيد على 1800 فرد من قوات الشرطة الوطنية الأفغانية عام 2012. كما قتل نحو 800 فرد من جنود الجيش الوطني الأفغاني في تفجير قنابل على جوانب الطرق خلال الفترة نفسها، وفقًا للتقديرات. وفي سبتمبر (أيلول) عام 2015، سيطرت طالبان على مدينة قندوز الإستراتيجية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها سيطرتها على عاصمة إقليمية في البلاد منذ هزيمتها عام 2001. يوجد نحو 9 آلاف جندي أمريكي في أفغانستان، ولكن ليست هذه القوة هي مصدر التهديد الوحيد لطالبان التي تواجه أيضًا صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” المتشدد في أفغانستان. وبعد مرور نحو 19 عامًا على الإطاحة بحكمها، وصرف مبالغ خيالية للقضاء عليها، فإن الحركة صمدت وباتت تسيطر عمليًّا على نحو 40 % من مساحة البلاد.

ناقش رؤساء بلدان آسيا الوسطى، خلال مشاورات بينهم انطلقت، على الساحل التركماني لبحر قزوين، الوضع المتوتر في أفغانستان المجاورة لدولهم، وسبل تسويته. وقال الرئيس الأوزبكستاني، شوكت ميرضيائيف، في خطاب ألقاه في أثناء المشاورات، إن “الأمن والتنمية الثابتة لمنطقة آسيا الوسطى يتوقفان كثيرًا على التسوية السياسية في أفغانستان المجاورة”.

وأضاف: “إن رؤيتنا للعملية السلمية (في أفغانستان) تكمن في الوقف الكامل للعنف وإطلاق النار، وتحقيق حلول وسط مقبولة لجميع الأطراف، وذلك على أساس المحادثات. وبهدف إنعاش الاقتصاد الأفغاني المدمر؛ سنحرك المشروعات الكبيرة في مجالات الطاقة، والنقل والمواصلات، وسنواصل تقديم المساعدات الإنسانية الممكنة للشعب الأفغاني الصديق”.

وأشار الرئيس الطاجيكستاني، إمام علي رحمون- من جانبه- إلى الأهمية الأولية للقضية الأفغانية بالنسبة إلى المنطقة. وأوضح: “أدت أحداث الأشهر الأخيرة، وخاصة انسحاب القوات الأمريكية وقوات حلفائها من أفغانستان، إلى تفاقم الوضع العسكري والسياسي في هذا البلد”.

وذكر أن الشريط الحدودي بكامله، من حدود دولة طاجيكستان من الجانب الأفغاني، بات تحت سيطرة حركة طالبان، مشيرًا إلى أن تراكم مختلف المجموعات بالقرب من الحدود الطاجيكية يثير قلقًا كبيرًا. وأكد أن بلاده- اعتمادًا على ذلك- تتخذ إجراءات إضافية لتعزيز حراسة حدودها.

وقال: “نؤيد تحول أفغانستان إلى دولة سلمية ومزدهرة”. واستضاف منتجع “أفازا” السياحي الوطني الواقع على الساحل التركماني لبحر قزوين، اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء بلدان آسيا الوسطى. وجرى اللقاءان الأول والثاني في عاصمة كازاخستان الجديدة، نورسلطان (عام 2018)، وفي عاصمة أوزبكستان، طقشند (عام 2019).

الخاتمة

الخلاصة مما سبق ذكره، أن العلاقات بين الجماعات الدينية ودية عمومًا، مع أن هناك بعض القلق بين زعماء الطوائف الإسلامية من أن تقوض الأقليات الدينية الوحدة الوطنية. هناك قلق أن تصبح المؤسسات الدينية نشطة في المجال السياسي، مثل حزب النهضة الإسلامي، وهو حزب خطير، له اليد الطولى في إثارة القلاقل داخل الدولة، وشارك في الحرب الأهلية التي استمرت منذ عام 1992 حتى عام 1997، وظهر من داخله دعاة إلى إنشاء دولة إسلامية في طاجيكستان. وهناك أيضًا حزب التحرير، وهو حزب إسلامي متشدد، يهدف إلى إسقاط الحكومات العلمانية المتأسلمة، وتوحيد الطاجيك تحت دولة إسلامية واحدة، غير قانونية، وأعضاؤه عرضة للاعتقال والسجن، في حين تم التشديد على دخول الشباب للصلاة  داخل المساجد، ورفض الدعوة إلى تحجب المرأة، والحد من وجود المصاحف داخل المساجد، ووصف بعضهم هذا الأمر بأنه تمييزي، وتم تشديد القوانين في هذا الصدد، وعدم السماح للجماعات الدينية بالترخيص وحيازة مكاتب وغير ذلك، والتشديد على الشباب أقل من 18 سنة في دخول أماكن العبادة، ومراقبتهم مراقبة حثيثة.

 

ما ورد في  المقالة يعبر عن آراء الباحثين ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير

ثبت بأسماء المصادر والمراجع

أولًا: المصادر والمراجع الفارسية

– سيد محمد ركني، تاجيكستان در یک نگاه، بو شهر ايران، چاب أول 1388 ه. ش.

– مهدى سنايى (نهاوندى)، جایگاه ايران در آسياى مركزى، انتشارات بين المللي (الهدى)، چاب أول، تهران 1326 ه. ش.

– فصل نامه مركز مطالعات آسياى مركزى وقفقاز،شماره 33، بهار 1380 ه. ش.

– برجیان، حبیب (۱۳۷۷)، «آثار معماری تاجیکستان»، إیران ‌شناخت (۹).

– نیکولایوا، لاریسا (۱۳۸۰)، تاجیکستان: تحولات سیاسي، اجتماعي در یکصد سال أخیر، وزارت أمور خارجه، مرکز چاب وانتشارات.

– أبو الحسن شیرازي، حبیب ‌اللّه (۱۳۷۰)،  ملیت ‌های آسیاي میانه. وزارت أمور خارجه، دفتر مطالعات سیاسي وبین ‌المللي.

– کشور تاجیکستان ، بي‌ بي ‌سي فارسي.

–  توافقنامه توسعه زخایر نفت وگاز تاجیکستان نهایي شد.

– مشارکت چین در اکتشاف واستخراج نفت وگاز تاجیکستان.

– غفوروف، باباجان (۱۳۷۷)، تاجیکان، تاریخ قدیم، قرون وسطی ودورهٔ نوین، جلد أول ودوم، دوشنبه: سازمان چاب وانتشارات وزارت فرهنگ وإرشاد إسلامي.

–  فراي، ریچارد نلسون (۱۳۸۵)، میراث باستانی إیران. ترجمه مسعود رجب‌ نیا، تهران: انتشارات علمي وفرهنگي.

ثانيًا: المصادر والمراجع العربية

–  الجاسور، ناظم عبدالواحد (2001). أسس وقواعد العلاقات الدبلوماسية والقنصلية: دليل عمل الدبلوماسي والبعثات الدبلوماسية.

– اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، www.aljazeera.net، مؤرشف من الأصل في 4 أكتوبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2019.

– محاضرات في قانون العلاقات الدولية – العلاقات الدبلوماسية- السداسي الأول للسنة الجامعية 2017- 2018، مؤرشف من الأصل في 23 أكتوبر 2018.

– مفهوم العلاقات الدولية: إشكاليات التعريف، المعهد المصري للدراسات ( 2016)، مؤرشف من الأصل في 2 فبراير  2018، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2019.

– الموسوعة العربية- نظرية العلاقات الدولية ، مؤرشف من الأصل في 23 ديسمبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 10 مارس 2019.

– عصام عبدالرءوف، بلاد الهند في العصر الإسلامي، د. ت.

– محمود إسماعيل، سوسولوجيا الفكر الإسلامي، طور الانهيار، د. ت.

– حسان حلاق، معجم تاريخ الشعوب الإسلامية، مادة طاجيك، د. ت.

– ابن بطوطة، الرحلة، د. ت.

ثالثًا: المصادر والمراجع الأجنبية

– De Wulf, Martin. “Population Pyramids of the World: Tajikistan 2015”. populationpyramid.net. مؤرشف من الأصل في 13 أغسطس 2018.

–  “Demographic and socio-economic” en. مؤرشف من الأصل في 10 يونيو 2019.

–  “2010 polio outbreak in Tajikistan: A reminder of the continued need for vigilance as the Region marks 10 years of polio-free status”. World Health Organization. 10 July 2012. مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2017.

– A Country Study: Tajikistan, Ethnic Background, Library of Congress Call Number DK851 .K34 1997

–  trans. Burton Watson

– Taagepera, Rein (1997-01-01). “Expansion and Contraction Patterns of Large Polities: Context for Russia”. International Studies Quarterly. 41 (3): 475–504. مؤرشف من الأصل في 27 أكتوبر 2019 – عبر JSTOR.

Canfield L.,, Robert (2002). Turko-Persia in Historical Perspective. -Cambridge University Press

– A Country Study: Tajikistan, Impact of the Civil War”. U.S. Library of Congress. مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2017.

– “Tajikistan – Collectivization”. countrystudies.us. مؤرشف من الأصل في 30 يناير 2017.

–  “The status of the Russian language in Tajikistan remains unchanged – Rahmon”. RIA – RIA.ru. 2009-10-22. مؤرشف من الأصل في 24 يونيو 2018.

–  Tajikistan – Ethnic Groups, U.S. Library of Congress

– “Iran, Afghanistan, Tajikistan sign agreement on road, railway construction”. tehrantimes.com. Tehran Times. مؤرشف من الأصل في 06 أبريل 2015

–  “Background Note: Tajikistan”. State.gov. مؤرشف من الأصل في 03 مايو 2019.

– “Home Stand”. Tablet Magazine. مؤرشف من الأصل في 08 سبتمبر 2018.

– “Hizb ut Tahrir”. BBC News. BBC. 2003-08-27. مؤرشف من الأصل في 01 أبريل 2019.

–  Ibbotson, Sophie; Lovell-Hoare, Max. Tajikistan. Bradt Travel Guides. مؤرشف من الأصل في 18 يناير 2020.

– Abdullaev, Kamoludin; Akbarzaheh, Shahram. Historical Dictionary of Tajikistan. Scarecrow Press. مؤرشف من الأصل في 31 مايو 2014.

Al Manhal. ISBN 9796500022918. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019.


شارك الموضوع