بريكس بلستقارير

كيف استقبلت الصحافة الروسية زيارة الرئيس الجزائري لموسكو؟


  • 14 يونيو 2023

شارك الموضوع

في ظل متغيرات عالمية وإقليمية شديدة الحساسية، ووسط حالة من عدم الاستقرار والتنافس في منطقتي شمال إفريقيا والساحل، وتزاحم القادة الأوروبيين على منطقة المغرب الكبير؛ للبحث عن مصادر طاقة بديلة عن الروسية، يقوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة رسمية إلى روسيا تستغرق ثلاثة أيام. تقدم “وحدة الدراسات الروسية”، في مركز الدراسات العربية الأوراسية، هذا التقرير الذي يرصد استقبال الصحافة الروسية لهذه الزيارة المهمة، والملفات التي يُتوقَع مناقشتها، والاتفاقيات التي سيتوصل إليها الطرفان.

كتبت صحيفة “Lenta” الإلكترونية الواسعة النطاق، في افتتاحيتها، خبر وصول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في زيارة دولة لمدة ثلاثة أيام، حيث هبطت طائرته يوم الثلاثاء 13 يونيو (حزيران) الساعة (20:45) في مطار فنوكوفو الدولي (VKO). كان في استقبال تبون وفد روسي برئاسة وزير الزراعة دميتري باتروشيف، والممثل الخاص للرئيس الروسي لدول الشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، وكذلك سفير روسيا لدى الجزائر إسماعيل بن عمارة. كما ذكرت أن تبون يخطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث العلاقات بين البلدين قبل التوقيع على وثيقة بشأن “الشراكة الإستراتيجية المعمقة”.

أوردت صحيفة “Izvestia” العريقة، في المانشيت الرئيس لها، خبر زيارة الرئيس الجزائري لموسكو، وجاء في تفاصيل الخبر أن الرئيس عبد المجيد تبون أعلن، في 21 مارس (آذار)، أنه ذاهب لزيارة روسيا بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشار أيضَا إلى أن الجزائر لديها كل الإمكانات المناسبة للقيام بدور وساطة في الأزمة الأوكرانية؛ لأنها واحدة من الدول القلائل التي تتمتع بموثوقية كاملة لدى كلا الطرفين للقيام بذلك. قبل ذلك، في 31 يناير (كانون الثاني)، أجرى بوتين محادثة هاتفية مع نظيره الجزائري. وبذلك أكد الطرفان استعدادهما لاستمرار العمل بصيغة “أوبك بلس”، واتفقا على تكثيف الاتصالات على مختلف المستويات لإعداد وثائق ثنائية مهمة. كما ذكرت الصحيفة أنه في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، قدمت الجزائر طلبًا رسميًا للانضمام إلى مجموعة البريكس، التي تضم: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا. قبل ذلك، في 18 أبريل (نيسان)، أكد فلاديمير بوتين وعبد المجيد تبون عزمهما على مواصلة التنسيق في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك بلس”، وفي إطار منتدى الدول المصدرة للغاز.

ذكرت وكالة “TASS” الحكومية أن زيارة الرئيس تبون تعد- وفق البروتوكول الدبلوماسي الروسي- الأعلى منزلة في ترتيب الزيارات الخارجية. كما ذكرت الوكالة أن الزعيم الجزائري قد سار على السجادة الحمراء حتى وصوله إلى الصالة الخاصة في المطار، واصطف حرس الشرف على طول الطريق بمرافقة الفرقة الموسيقية العسكرية التي عزفت نشيدي الجزائر وروسيا. وفق الوكالة، ستستمر زيارة الزعيم الجزائري من 14 إلى 16 يونيو (حزيران). يرافق تبون وفد وزاري كبير، ومحادثاته مع بوتين مخطط لها سلفًا، حيث ستُناقَش قضايا تعزيز الشراكة الإستراتيجية، والقضايا الدولية، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط، ومنطقة الساحل الإفريقي، وكذلك التعاون في سوق الطاقة في إطار اتفاق “أوبك بلس”. كما صرح مصدر مطلع سابقًا لـ “TASS” أن مشاركة تبون في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، الذي سيعقد في الفترة من 14 إلى 17 يونيو (حزيران) من هذا العام، غير مستبعدة.

كتب صحيفة “Vedomosti” الاقتصادية، في صدر صفحتها الأولى، عن الجوانب الاقتصادية التي تنطوي عليها زيارة الرئيس الجزائري إلى روسيا، منوهة أن الزيارة تعد الأولى لزعيم جزائري لموسكو منذ 13 عامًا. كما أكدت مشاركته في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي (SPIEF)، الذي سيعقد خلال زيارته لروسيا. كما ذكرت أنه في نهاية شهر مايو (أيار)، عقب لقاء بين مستشار الرئيس الروسي أنطون كوبياكوف والسفير الجزائري إسماعيل بن عمارة، تم الإدلاء ببيان مفاده: “أن الوفد الجزائري سيشارك في المنتدى الاقتصادي”. وقال كوبياكوف في ذلك الوقت: “أنا متأكد من أن المشاركة المقبلة للوفد الجزائري في منتدى منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، ستعزز التعاون الروسي الجزائري في جميع القطاعات”.

جاء في بوابة “RBC” للأخبار والأعمال خبر زيارة الرئيس الجزائري، وقد ركزت البوابة على أن آخر مرة التقى فيها الرئيسان كانت في يناير (كانون الثاني) 2020، في مؤتمر دولي بشأن ليبيا، في برلين. منذ ذلك الحين، اتصل كل منهما بالآخر مرارًا وتكرارًا عبر الهاتف، وجرت محادثتهما الأخيرة في 31 يناير (كانون الثاني) 2023. ثم ناقش الرئيسان- من بين أمور أخرى- الوضع في أوكرانيا، والتفاقم الجديد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما أكد الزعيمان عزمهما على مواصلة التنسيق الثنائي لاتفاق “أوبك بلس”، وفي إطار منتدى الغاز، وهما المنظمتان المسؤولتان عن الدول المصدرة للنفط والغاز؛ من أجل ضمان الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية.

ركز موقع “Gazeta” الإخباري على أن آخر زيارة للرئيس الروسي إلى الجزائر كانت عام 2006، حيث تم التوقيع على اتفاق بشأن تسوية ديون الجزائر إلى الاتحاد السوفيتي السابق، مما فتح الطريق أمام تطور التعاون العسكري التقني الواسع النطاق. قبل ذلك، أشار رئيس لجنة غرفة التجارة والصناعة في موسكو، ديمتري شاتونوف، إلى آفاق التعاون الاقتصادي مع الجزائر، وإطلاق نظام الدفع الروسي، الذي يعد بديلًا لنظام سويفت، وهو ما سيؤهل موسكو لزيادة حجم التجارة مع الجزائر زيادة كبيرة.

نقلت صحيفة “Vzglyad” الإلكترونية أن زيارة الرئيس الجزائري تأتي في المستوى الأرفع دبلوماسيًّا، وذكرت تصريحًا سابقًا للرئيس تبون، أن الجزائر ترغب في “لعب دور وساطة” في الأزمة الأوكرانية. وعن موقفه من الصراع الحالي في أوكرانيا، أوردت الصحيفة تصريح تبون في ديسمبر (كانون الأول) 2022: “إن الجزائر لا تؤيد، ولا تدين” العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

يذكر أن الجزائر هي أكبر شريك عسكري لموسكو في إفريقيا، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2021، رغم جائحة كوفيد-19، أكثر من 3 مليارات دولار، ويتوقع أن تؤدي زيارة الرئيس تبون إلى دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين البلدين، وكذلك التعاون على المستوى الشعبي.


شارك الموضوع