إستونيا هي إحدى جمهوريات البلطيق الثلاث وإحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. منذ 29 مارس (آذار) 2004، أصبحت إستونيا عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتعد عضوية الناتو النشطة أولوية إستراتيجية طويلة المدى لسياسة الأمن والدفاع الإستونية. وبفضل العضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي، أصبح أمن إستونيا أفضل حيث يساعد الناتو والاتحاد الأوروبي في ضمان استقرار الموقف الدولي لإستونيا.
وتضمن العضوية في الناتو وجود ردع عسكري موثوق ودفاع جماعي. وتشدد إستونيا، على غرار حلفاء الناتو الآخرين، على تطوير قوات مسلحة متحركة ومستدامة، بالإضافة إلى تعزيز المساهمات في عمليات حفظ السلام الدولية.[1]
عام 2010، خضع أساس السياسة الأمنية لحلف الناتو لتغييرات كبيرة وعلى خلفية قمة لشبونة وافق رؤساء دول الحلف على المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف الناتو لدفاع أعضائه وأمنهم. وتُقيّم الوثيقة الوضع الأمني العام، مع التركيز على التهديدات التقليدية والجديدة (الصواريخ الباليستية والتهديدات السيبرانية، وإمكانية الوصول إلى السلع والموارد، وأمن الطاقة). ويحدد المفهوم الإستراتيجي أيضًا الأهداف الإستراتيجية لحلف الناتو والتدابير اللازمة لتحقيقها على مدى السنوات العشر القادمة حتى العام المنصرم 2020. كما تساعد المهام الأساسية الثلاث لحلف الناتو (الدفاع الجماعي، وإدارة الأزمات، والتعاون الأمني) في ضمان أمن الحلفاء.
منذ عام 2005 ساهمت إستونيا في المكون البحري لقوات الناتو عبر سفن الدعم التابعة للبحرية الإستونية (Admiral Pitka) وصيادي الألغام (Admiral Cowan – Sakala) وفي عناصر القوات البرية لإزالة الألغام ووحدات الشرطة العسكرية ووحدة تنسيق الحركة. وفي النصف الأول من عام 2010، شاركت إستونيا في كتيبة مشتركة مع كُلٍّ مِن لاتفيا وليتوانيا، بوحدة قوامها 204 جندي. وفي عام 2010 شاركت إستونيا في صفوف (NRF-15) مع صائد الألغام (Admiral Cowan). [2]
بالإضافة إلى قوات الرد لحلف الناتو (NRF) – التي تم إنشاؤها في عام 2003، والقادرة على الانتشار في منطقة الصراع مع إشعار مدته من 5 إلى 30 يومًا داخل دائرة نصف قطرها 15000 كم من بروكسل لتنفيذ مجموعة متنوعة من المهام. إن قوة الاستجابة ليست وحدة معدة واحدة، بل هي عبارة عن حزمة قوى متعددة الجنسيات جاهزة للاستجابة تسمح بإنشاء وحدة مناسبة للمهمة المطروحة. وتتوقع خطة تطوير الدفاع لما بعد الفترة من 2009-2018 استمرار مساهمة إستونيا بقدراتها العسكرية ووحداتها في العمليات الدولية التي يقودها الناتو والاتحاد الأوروبي.
شهد العام 2020 تعاونًا بين إستونيا والولايات المتحدة حيث نفذ عسكريون أمريكيون، رميًا من راجمات القذائف ضمن التدريبات المشتركة التي تجريها الولايات المتحدة مع إستونيا. وفي 16يونيو (حزيران) 2020 أعلنت إستونيا عن تعاون بين قوات الدفاع الإستونية والولايات المتحدة لحماية دول البلطيق نقلت القوات الجوية في أوروبا مؤقتًا طائرة (MQ-9 Reaper) والأفراد ومعدات الدعم المخصصة للمجموعة الثانية والخمسين من عمليات الاستطلاع السريع إلى قاعدة أوماري الجوية، بإستونيا. [3] وقبلها بيوم واحد 15 يونيو (حزيران) 2020 أعلنت إستونيا عن وصول قاذفة إستراتيجية أمريكية من طراز (B-52) المجال الجوي الإستوني وقامت برحلة فوق تالين مع طائرتين للشرطة الجوية في منطقة البلطيق. [4]
ووصلت القاذفة الإستراتيجية (B-52) إلى إستونيا من قاعدة نورث داكوتا الجوية في الولايات المتحدة، كما تم إعادة التزود بالوقود الجوي أثناء الرحلة ورافق القاذفة طائرة (ميراج – 2000-5) فرنسية من قاعدة أوماري الجوية وطائرة يوروفايتر بريطانية من قاعدة شياولياي الجوية في ليتوانيا، وتوجهت من تالين لتكرار التمرين حول مطار ريغا. [5]
تشهد العلاقة بين موسكو – تالين توترًا شديدًا، حيث أعلنت روسيا مطلع 2021، عن طردها دبلوماسيًّا إستونيًّا في إطار سياسة الرد بالمثل بعد أن طردت تالين دبلوماسيًّا روسيًّا.[6] وتعود العلاقات بين الناتو وروسيا إلى عام 1991، عندما أصبحت روسيا عضوًا في مجلس تعاون شمال الأطلسي (NACC) الذي خلفه مجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية (EAPC) عام 1997، وكان الهدف تطوير حوار مفتوح وخلق علاقات جديرة بالثقة مع روسيا والدول القريبة من حدودها مثل إستونيا. لكن توترت العلاقات بين الناتو وروسيا إلى حد كبير بسبب الصراع بين روسيا وجورجيا في أغسطس (آب) 2008، أدت لتوقف الحوار السياسي والتعاون العسكري تمامًا. وقد لعبت إستونيا دورًا كبيرًا في دعم جورجيا ومساعدتها، وقد تم القيام بذلك بانتظام على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف في الناتو والمنظمات الدولية الأخرى.
كما لعبت إستونيا دورًا دبلوماسيًّا نشطًا ضد روسيا في الأزمة الأوكرانية وضم/عودة شبه جزيرة القرم عام 2014، وشاركت إستونيا خبراتها في تجميع الخطة الوطنية السنوية (ANP) مع أوكرانيا، بالإضافة إلى خبرات الإصلاح الأخرى المكتسبة أثناء عملية الانضمام. ولم تكن العلاقات بين تالين وكييف لحظية بل منذ مايو (أيار) 1997، حيث تم افتتاح مركز المعلومات والوثائق التابع لحلف الناتو في كييڨ، والذي كان أول مركز من نوعه يتم إنشاؤه من قبل دولة شريكة في الناتو. ويوجد حاليًّا أيضًا مكتب ارتباط للناتو يعمل في كييف. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2008 نظمت إستونيا اجتماعًا لوزير الدفاع الأوكراني وحلف الناتو (NUC) في تالين، ما عُد استفزازًا مباشرًا لموسكو. [7]
الأمن الإلكتروني
لفتت الهجمات الإلكترونية المنسقة ضد إستونيا في عام 2007 اهتمام الناتو أكثر من أي وقتٍ مضى على الحاجة إلى ضمان أمن هذه البنية التحتية الحيوية. يمكن للهجمات الشاملة والمنسقة على البنية التحتية للاتصالات أن تؤثر بشكل خطير على الاتصالات بين حلفاء الناتو أو المؤسسات الوطنية وتسبب أضرارًا كبيرة من خلال تعطيل الحياة المدنية أو السماح بتسريب المعلومات. [8]
تمت الموافقة على مبادئ سياسة الدفاع الإلكتروني لحلف الناتو وخطة العمل لتنفيذها من قبل وزراء دفاع الحلف في مارس (آذار) 2011. الهدف الرئيسي لهذه السياسة هو ضمان قدرة الناتو على الوفاء بشكل مناسب بالمبادئ الأساسية للحلف للدفاع الجماعي ولإدارة الأزمات في بيئة أمنية متغيرة.
تأسس مركز للدفاع السيبراني للتعاون مع الناتو بمبادرة من إستونيا في 14 مايو (أيار) 2008. وقد انضمت 11 دولة عضو في الناتو حاليًّا إلى المركز (إستونيا، ألمانيا، سلوفاكيا، المجر، إيطاليا، ليتوانيا، لاتفيا، الولايات المتحدة الأمريكية، بولندا، إسبانيا، هولندا).[9]
تتضمن أبرز نتائج المركز حتى الآن تقديم حلول قانونية متعلقة بالدفاع الإلكتروني، وتنظيم الدورات التدريبية التقنية للدفاع الإلكتروني، والدورات التي تركز على الجوانب التقنية لتكنولوجيا المعلومات، وعقد مؤتمر دولي سنوي. وقد تعاون المركز بنجاح مع الجامعات الأوروبية والقطاع الخاص وأقام علاقات جيدة مع جامعة الدفاع الوطني الأمريكية والقيادة الإلكترونية للجيش الأمريكي. [10]
أخيرًا، نشاط العاصمة تالين دبلوماسيًّا في مناكفة موسكو، لا يعني أنها مستقرة داخليًّا لتحمل كل هذه المغامرات بين القوى الكبرى، ففي مطلع 2021 أعلن رئيس وزراء إستونيا، يوري راتاس، عن استقالته في ظل فضيحة فساد طالت حزب الوسط الحاكم في البلاد. وسارع البرلمان الإستوني، إلى تعيين كايا كالاس من حزب الإصلاح المنتمي ليمين الوسط كأول رئيسة وزراء في أعقاب استقالة سلفها يوري راتاس، لكن يبقى حزب يسار الوسط شريكًا لحزب الإصلاح في الحكومة رغم اتهامات الفساد، وفي ظل محاولات للإبقاء على إستونيا مفتوحة قدر الإمكان كون اقتصادها قائمًا بشكل كبير على الأعمال الحرة وتقديم تسهيلات لا نهائية للمستثمرين إلا أن العوار الذي كشفه تفشي وباء كوفيد-19 في القطاعات التي لا يجب النظر لها للربح وفقط مثل قطاع الصحة دفع رئيسة الوزراء الجديدة إلى وضع الأزمة الصحية على رأس أولويات الحكومة في ظل انكماش اقتصادي عالمي غير مسبوق.