منذ الأيام الأولى للحرب الباردة، قادت الولايات المتحدة العالم في مجال التكنولوجيا. فيما يسمى بالقرن الأمريكي، احتلت البلاد الفضاء، وقادت الإنترنت، وجلبت (iPhone) إلى العالم. مع ذلك، بذلت الصين في السنوات الأخيرة جهدًا مثيرًا للإعجاب للمطالبة بالريادة التكنولوجية، واستثمرت مئات المليارات من الدولارات في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، والإلكترونيات الدقيقة والطاقة الخضراء وغير ذلك الكثير.
تميل واشنطن للنظر إلى الاستثمارات التكنولوجية الضخمة لبكين بشكل أساسي من الناحية العسكرية، لكن القدرات الدفاعية هي مجرد جانب واحد من منافسة القوى العظمى. اليوم تلعب بكين لعبة أكثر تطورًا، حيث تستخدم الابتكار التكنولوجي كوسيلة لتحقيق أهدافها دون الاضطرار إلى اللجوء إلى الحرب. تبيع الشركات الصينية البنية التحتية اللاسلكية لتقنية (5G) في جميع أنحاء العالم، وتُسخِّر البيولوجيا التركيبية لتعزيز الإمدادات الغذائية، وتسابق لبناء شرائح أصغر وأسرع، كل ذلك في محاولة لتنمية قوة الصين.
في مواجهة الدافع التكنولوجي للصين، دعا صناع السياسة في الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات حكومية أكبر لحماية ريادة الولايات المتحدة. الكثير من الحكمة التقليدية منطقية: «زيادة الإنفاق على البحث والتطوير، وتخفيف قيود التأشيرات، وتطوير المزيد من المواهب المحلية، وبناء شراكات جديدة مع الصناعيين في الداخل، ومع الأصدقاء والحلفاء في الخارج». لكن المشكلة الحقيقية للولايات المتحدة أعمق بكثير: «الفهم الخاطئ للتقنيات المهمة، وكيفية تعزيز تنميتها». نظرًا لأن الأمن القومي يأخذ أبعادًا جديدة مع انتقال المنافسة بين القوى العظمى إلى مجالات مختلفة، فإن تفكير الحكومة وسياساتها لم يواكب ذلك. كما أنه من غير المحتمل أن يلبي القطاع الخاص بُمفرده كل الاحتياجات التكنولوجية التي تؤثر على أمن البلاد.
في مثل هذه البيئة، تحتاج واشنطن إلى توسيع آفاقها ودعم نطاق أوسع من التقنيات. لا تحتاج فقط إلى دعم تلك التقنيات التي لها تطبيقات عسكرية واضحة، مثل الطيران فوق الصوتي، والحوسبة الكمية، والذكاء الاصطناعي ولكن أيضًا تلك التقنيات التي يُعتقد تقليديًّا أنها مدنية بطبيعتها، مثل الإلكترونيات الدقيقة والتكنولوجيا الحيوية؛ تحتاج واشنطن أيضًا إلى مساعدة التقنيات الحيوية غير العسكرية في الانتقال إلى النجاح التجاري، والتدخل في التمويل؛ حيث لا يفعل القطاع الخاص ذلك.
تحدي الابتكار في أمريكا
في العقود الأولى من الحرب الباردة، أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتوسيع بنيتها التحتية العلمية بشكل كبير. تولت لجنة الطاقة الذرية التي تشكلت في عام 1946، مسؤولية المعامل في زمن الحرب التي كانت رائدة في مجال الأسلحة النووية مثل مختبر أوك ريدج الوطني، مقر مشروع مانهاتن، واستمرت في تمويل مراكز البحوث الأكاديمية، مثل لورانس ليفرمور المختبر الوطني.
بعد أن أطلق السوفيت القمر الصناعي سبوتنيك، في عام 1957، أنشأت واشنطن الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، أو ناسا، للفوز بسباق الفضاء، وكذلك ما سيصبح وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة، والتي تم تكليفها بمنع حدوث مفاجأة تكنولوجية مستقبلية. بحلول عام 1964 كان البحث والتطوير يمثل 17% من إجمالي الإنفاق الفيدرالي التقديري.
من خلال تلك الشراكة الوثيقة مع الأوساط الأكاديمية والشركات، قامت الحكومة بتمويل مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأبحاث الأساسية: «أي البحث دون استخدام نهائي محدد في الاعتبار». كان الهدف هو بناء أساس تكنولوجي يُعرّف في المقام الأول على أنه قدرات دفاع تقليدية ونووية، لضمان أمن البلاد. أثبت البحث نجاحه بشكل مُذهل. كما ولّد الاستثمار الحكومي قدرات متطورة دعمت التفوق العسكري للولايات المتحدة، من الطائرات الأسرع من الصوت إلى الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية إلى الصواريخ الموجهة.
القطاع الخاص، من جانبه، استفاد من الملكية الفكرية الأساسية وتحويل القدرات إلى منتجات، والمنتجات إلى شركات. التقنيات التي تدعم نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والوسائد الهوائية، وبطاريات الليثيوم، وشاشات اللمس، والتعرف على الصوت بدأت جميعها بفضل الاستثمار الحكومي مع ذلك، ومع مرور الوقت، فقدت الحكومة ريادتها في الابتكار.
في عام 1964، كانت الحكومة الأمريكية تُنفق 1.86% من الناتج المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، ولكن بحلول عام 1994، انخفضت هذه الحصة إلى 0.83%. خلال نفس الفترة، تضاعف استثمار الشركات الأمريكية في البحث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي تقريبًا.
الأرقام تحكي نصف القصة فقط. في حين أن الكثير من استثمارات البحث والتطوير الحكومية كانت تهدف إلى إيجاد اكتشافات جديدة تغير قواعد اللعبة، كان البحث والتطوير المؤسسي مكرسًا في الغالب للابتكار المتزايد. لكن القطاع الخاص، أدرك أن صيغة زيادة الإيرادات تكمن في التوسع بالمنتجات الحالية وإضافة وظائف أو جعل شيء ما أسرع، أو أصغر، أو أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. ركزت الشركات على التقنيات قصيرة المدى ذات الوعود التجارية المربحة، بدلًا من مجالات البحث الواسعة التي قد تستغرق عقودًا لتؤتي ثمارها.
على نحوٍ متزايد، لم يكُن البحث والتطوير الأكثر ابتكارًا يحدث في مختبرات الشركات الكبيرة، ولكن في الشركات الناشئة الأكثر رشاقة والممولة من القطاع الخاص. حيث كان رأس المال الاستثماري على استعداد لتحمل المزيد من المخاطر.
في تلك الفترة: نشأت شركات رأس المال المُغامرة الحديثة: «الشراكات التي تستثمر في المرحلة المبكرة لأول مرة في السبعينيات». مما أدى إلى نجاحات مبكرة مثل (أبل – مايكروسوفت). لكن لم يكن هذا النمط من الاستثمار ذا قيمة كبرى حقًّا حتى بدأت فقاعة الإنترنت في التسعينيات.
إذا كانت المرحلة الأولى من الاستعانة بمصادر خارجية للبحث والتطوير من خلال المختبرات الحكومية إلى الشركات الأمريكية كانت هذه هي المرحلة الثانية: بعيدًا عن الشركات الكبيرة ونحو الشركات الناشئة الصغيرة.
بدأت الشركات الكبيرة تنفق أقل على البحث والتطوير الداخلي، وأكثر على ما أسمته «تطوير الشركة» أو الحصول على شركات أصغر مدعومة بالمشاريع مع تقنيات واعدة.
أدى صعود الرأسمالية المُجازفة إلى خلق قدر كبير من الثروة، لكنه لم يعزز بالضرورة المصالح الأمريكية. تم الحكم على شركات رأس المال الاستثماري من خلال قدرتها على تحقيق عوائد ضخمة في غضون عشر سنوات. مما جعلهم أقل اهتمامًا بأشياء مثل الإلكترونيات الدقيقة، وهو قطاع كثيف رأس المال، حيث تتحقق فيه الربحية خلال عقود لا مجرد سنوات، وأكثر اهتمامًا بشركات البرمجيات، التي تحتاج إلى رأس مال أقل للانطلاق.
تكمن المشكلة في أن الشركات التي تتلقى معظم تمويل رأس المال الاستثماري كانت أقل احتمالًا لمتابعة أولويات الأمن القومي. عندما فازت شركة رأس المال الاستثماري الأمريكية (Accel) بالجائزة الكبرى من خلال الاستثمار في وقتٍ مبكر في شركة ألعاب الفيديو الفنلندية (Rovio Entertainment) التي تقف وراء تطبيق الهاتف المحمول (Angry Birds) ربما كان ذلك بمثابة انتصار للشركة، لكن هذا النجاح، لم يصب بأي حال من الأحوال في مصالح الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، استمر التمويل الحكومي للأبحاث في انخفاضه بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، والإنفاق على البحث والتطوير في القطاع الخاص بينما احتفظت وزارة الدفاع بأكبر قدر مُنفرد لتمويل الأبحاث الفيدرالية، ولكن كانت هناك أموال أقل بشكلٍ عام، وأصبحت أكثر تشتتًا عبر مختلف الوكالات والإدارات، حيث كلٌّ منها يسعى لتحقيق أولوياته الخاصة في غياب إستراتيجية وطنية موحدة.
مع استدراج أفضل الباحثين إلى القطاع الخاص، حدث الضمور في الخبرة العلمية الداخلية للحكومة. كما عانت العلاقات الوثيقة بين الشركات الخاصة وواشنطن، حيث لم تعد الحكومة الفيدرالية عميلًا رئيسيًّا للعديد من الشركات الأكثر ابتكارًا.
بل نادرًا ما كانت الوكالات الأمريكية، هي الأولى في شراء التكنولوجيا المتقدمة، وكانت الشركات الناشئة الأصغر تفتقر عمومًا إلى جماعات الضغط والمحامين اللازمين لبيعها لهم على أي حال.
كما أدت العولمة إلى إحداث فجوة بين الشركات والحكومة. أصبحت السوق الأمريكية تبدو أقل هيمنة في السياق الدولي، مع ممارسة السوق الاستهلاكية الصينية الضخمة جذبًا قويًّا بشكلٍ خاص. يتعين على الشركات الآن التفكير في الكيفية التي قد تبدو بها أفعالهم للعملاء خارج الولايات المتحدة. أبل، على سبيل المثال، رفضت بشكل مشهور فتح هواتف آيفون لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو قرار ربما عزز من علامتها التجارية دوليًّا.
مما زاد الأمور تعقيدًا، أن الابتكار نفسه يقلب الفهم التقليدي لتكنولوجيا الأمن القومي. أصبحت التكنولوجيا أكثر فأكثر «ذات استخدام مزدوج»؛ مما يعني أن كلا القطاعين المدني والعسكري يعتمد عليها. أدى ذلك إلى ظهور نقاط ضعف جديدة مثل المخاوف بشأن أمن سلاسل التوريد الإلكترونية الدقيقة وشبكات الاتصالات.
مع ذلك، وعلى الرغم من أن التقنيات المدنية كانت ذات صلة متزايدة بالأمن القومي، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تكُن مسؤولة عنها. كان القطاع الخاص يبتكر بخطى سريعة، وبالكاد كانت الحكومة تحاول مواكبته.
أدت كل هذه الاتجاهات مجتمعة إلى حالة مُقلقة: «مصالح القطاع الخاص والحكومة متباعدة أكثر من أي وقتٍ مضى».
الجاغرنوت الصيني
كانت التغييرات في الابتكار الأمريكي أقل أهمية، وذلك في ظل العالم أحادي القطب. بدلًا من ذلك، حدث جنبًا إلى جنب مع صعود منافس جيوسياسي على مدى العقدين الماضيين، أن تطورت الصين من بلد يسرق التكنولوجيا ويقلدها إلى حدٍّ كبير، إلى بلد يعمل الآن على تحسينها بل ورائدها. هذا ليس من قبيل الصدفة. إنها نتيجة تركيز الدولة المتعمد طويل المدى. لقد استثمرت الصين بشكل كبير في البحث والتطوير، حيث نمت حصتها من الإنفاق التكنولوجي العالمي من أقل من 5% في عام 2000، إلى أكثر من 23% في عام 2020. إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في مثل هذا الإنفاق بحلول عام 2025.
كانت إستراتيجية «الاندماج العسكري-المدني» محورية خلف دوافع الصين للقيام بجهد مُنسق لضمان التعاون بين القطاع الخاص وصناعة الدفاع. على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، تدعم الدولة جهود المنظمات العسكرية والشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة ورجال الأعمال.
قد يأتي الدعم في شكل منح بحثية أو بيانات مشتركة أو قروض مدعومة من الحكومة أو برامج تدريبية. قد يكون الأمر بسيطًا مثل توفير الأرض أو المساحات المكتبية: تقوم الحكومة بإنشاء مدن جديدة كاملة مخصصة فقط للابتكار.
يُظهر استثمار الصين في تقنية (5G) كيف تتم هذه الممارسة العملية. تشكل معدات (5G) العمود الفقري للبنية التحتية للشبكة الخلوية للبلد، وقد برزت شركة (هواوي – Huawei) الصينية كشركة رائدة عالميًّا في مجال الهندسة وبيعها: «حيث تقدم منتجات عالية الجودة بسعر أقل من منافسيها الفنلنديين والكوريين الجنوبيين». لقد انتعشت الشركة من خلال الدعم الحكومي الهائل لها. وفق عدد صحيفة وول ستريت جورنال: «حصلت الشركة على حوالي 75 مليار دولار من الإعفاءات الضريبية، والمنح، والقروض، والخصومات على الأراضي». كما استفادت هواوي أيضًا من مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تقدم قروضًا سخية للدول والشركات الصينية لتمويل إنشاء البنية التحتية.
كما آتت استثمارات الدولة الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي ثمارها؛ حيث ينشر الباحثون الصينيون الآن أوراقًا علمية في هذا المجال أكثر من تلك التي ينشرها الأمريكيون. جزء من هذا النجاح ناتج عن التمويل، لكن شيئًا آخر يلعب دورًا كبيرًا: «الوصول إلى كميات هائلة من البيانات».
غذت الشركات الصينية القوية، التي تمتلك معلومات لا نهاية لها عن مستخدميها، من صعود بكين، أبرز هذه الشركات: «عملاق التجارة الإلكترونية (علي بابا – Ali Baba) – شركة (تينسنت – Tencent) التي طورت تطبيق (وي تشات – WeChat) – شركة (بايدو – Baidu) التي بدأت كمحرك بحث ولكنها تقدم الآن مجموعة من المنتجات عبر الإنترنت – شركة (دي جي آي – DJI) التي تُهيمن على سوق الطائرات بدون طيار للمستهلكين شركة (سينس تايم – SenseTime) التي توفر تقنية التعرف على الوجه لشبكة المراقبة بالفيديو في الصين، ويقال إنها شركة الذكاء الاصطناعي الأكثر قيمة في العالم».
من الناحية القانونية، يُطلب من هذه الشركات التعاون مع الدولة لأغراض استخبارية، وهو تفويض واسع يكاد يكون من المؤكد أنه يُستخدم لإجبار الشركات على مشاركة البيانات لأسباب عديدة أخرى.
هذه المعلومات تتعلق بشكلٍ متزايد بأشخاص يعيشون خارج الصين. نسجت الشركات الصينية شبكة عالمية من تطبيقات جمع البيانات التي تجمع المعلومات الخاصة للأجانب حول: (مواردهم المالية، وسجل البحث، وموقعهم والمزيد).
أولئك الذين يقومون بالدفع عبر الهاتف المحمول من خلال تطبيق صيني على سبيل المثال، يمكن أن يتم توجيه بياناتهم الشخصية عبر شنغهاي وإضافتها إلى قاعدة بيانات المعرفة الصينية المتزايدة بالرعايا الأجانب. لا شك أن مثل هذه المعلومات تجعل من السهل على الحكومة الصينية تعقب على سبيل المثال، بيروقراطي غربي مُثقل بالديون يمكن إقناعه بالتجسس لصالح بكين، أو ناشط تبتي لجأ إلى الخارج.
يمتد تعطش الصين للبيانات إلى بعض أكثر المعلومات الشخصية التي يمكن تخيلها: «الحمض النووي الخاص بنا». منذ بدء جائحة كوفيد -19، قامت شركة «بي جي آي – BGI» وهي شركة صينية لتسلسل الجينوم كمجموعة بحثية تمولها الحكومة بإطلاق نحو 50 معملًا جديدًا في الخارج مصممة لمساعدة الحكومات في اختبار الفيروس. لدى الصين أسباب مشروعة لبناء هذه المختبرات، لكن لديها أيضًا سجل قبيح في جمع بيانات الحمض النووي قسرًا من التبتيين والإيغور، كجزء من جهودها لمراقبة هذه الأقليات.
بالنظر إلى أن شركة (بي جي آي – BGI) هي من تدير مكتبة الصين الوطنية لبيانات الجينوميات، فمن المتصور أنه من خلال اختباراتها قد ينتهي الأمر بالبيانات البيولوجية للأجانب في هذا المستودع.
في الواقع، أبدت الصين اهتمامًا كبيرًا بالتكنولوجيا الحيوية، حتى لو لم تلحق بعد بالولايات المتحدة. بالاقتران مع قوة الحوسبة الهائلة والذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد الابتكارات في مجال التكنولوجيا الحيوية في حل بعض أكثر التحديات المُربكة للبشريةمن المرض والمجاعة إلى إنتاج الطاقة وتغير المناخ.
لقد أتقن الباحثون الصينيون أداة تعديل الجينات (كريسبر – Crispr) مما سمح لهم بزراعة قمح يقاوم الأمراض، وتمكنوا من ترميز الفيديو في الحمض النووي للبكتيريا، مما زاد من احتمال وجود طريقة جديدة فعالة من حيث التكلفة لتخزين البيانات. كما ابتكر المتخصصون في البيولوجيا التركيبية طريقة جديدة لإنتاج النايلون باستخدام الكائنات الحية الدقيقة المعدلة وراثيًّا بدلًا من البتروكيماويات.
الآثار الاقتصادية لثورة التكنولوجيا الحيوية القادمة مُذهلة: «قدر معهد ماكينزي العالمي قيمة العديد من التطبيقات المحتملة للتكنولوجيا الحيوية بما يصل إلى 4 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر إلى العشرين القادمة».
مع ذلك، مثل جميع التقنيات القوية، فإن التكنولوجيا الحيوية لها جانب مُظلم حيث يمكن على سبيل المثال، أن يتمكن بعض الفاعلين الخبيثين من صنع سلاح بيولوجي يستهدف مجموعة عرقية معينة.
بالنسبة للأسئلة المُثيرة للجدل: مثل مقدار التلاعب بالجينوم البشري المقبول ستقبل الدول درجات مختلفة من المخاطر باسم التقدم، وتتخذ مواقف أخلاقية مختلفة. وسيكون البلد الذي يقود تطوير التكنولوجيا الحيوية هو البلد الذي يُشكل بشكل كبير القواعد والمعايير المتعلقة باستخدامها. لكن هناك سبب للقلق إذا كانت هذه الدولة هي الصين.
في عام 2018، قام العالم الصيني خه جيان كوي، بهندسة الحمض النووي للرضيعين التوأمين وراثيًّا، مما أثار ضجة دولية. صورته بكين على أنه باحث مارق وعاقبته. مع ذلك، فإن ازدراء الحكومة الصينية لحقوق الإنسان إلى جانب سعيها إلى التفوق التكنولوجي، يُشير إلى أنها يمكن أن تتبنى نهجًا متساهلًا، بل خطيرًا تجاه أخلاقيات البيولوجيا.
التفكير بشكل أوسع
راقبت واشنطن التقدم التكنولوجي للصين من خلال عدسة عسكرية، قلقة بشأن كيفية إسهامها في القدرات الدفاعية الصينية لكن التحدي أوسع من ذلك بكثير: «إن اندفاع الصين نحو التفوق التكنولوجي لا يهدف ببساطة إلى اكتساب ميزة عسكرية في ساحة المعركة وحسب؛ ذلك لأن بكين تُريد تغيير قواعد ساحة المعركة نفسها».
على الرغم من أن التقنيات التجارية مثل: «الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والتكنولوجيا الحيوية سيكون لها بلا شك تطبيقات عسكرية. إلا أن الصين تتصور عالمًا من منافسة القوى العظمى حيث لا تحتاج فيه إلى إطلاق الرصاص». في هذه الحالة: «يُعد التفوق التكنولوجي عبر امتلاك القدرة للهيمنة على البنية التحتية المدنية التي يعتمد عليها الآخرون أمرًا هامًّا؛ لأنها ستوفر تأثيرًا هائلاً». هذا هو الدافع الرئيسي وراء دعم بكين لصادرات البنية التحتية المدنية عالية التقنية. قد تعتقد الدول التي تشتري الأنظمة الصينية أنها تتلقى فقط شبكات كهربائية أو تكنولوجيا رعاية صحية أو أنظمة دفع عبر الإنترنت، ولكن في الواقع، قد تضع أيضًا البنية التحتية الوطنية الهامة وبيانات المواطنين في أيدي بكين. مثل هذه الصادرات هي حصان طروادة الصيني.
على الرغم من الطبيعة المتغيرة للمنافسة الجيوسياسية، لا تزال الولايات المتحدة تميل إلى مساواة الأمن بالقدرات الدفاعية التقليدية. دون التفكير في الإلكترونيات الدقيقة. إنها مكونات مهمة ليس فقط لمجموعة من المنتجات التجارية، ولكن أيضًا لكل نظام دفاعي رئيسي تقريبًا: «من الطائرات إلى السفن الحربية».
تعمل الإلكترونيات الدقيقة على تعزيز التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي لذلك ستُشكل أيضًا القدرة التنافسية الاقتصادية للولايات المتحدة في المستقبل مع ذلك، فقد انخفض الاستثمار الأمريكي في الإلكترونيات الدقيقة.
الآن لا يقوم القطاع الخاص ولا الحكومة بتمويل الابتكار بشكل كافٍ: الأول بسبب متطلبات رأس المال الكبيرة، والآفاق الزمنية الطويلة التي ينطوي عليها الأمر. أما الأخير، فقد ركزت على تأمين الإمدادات الحالية أكثر من التركيز على الابتكار. على الرغم من أن الصين واجهت صعوبة في اللحاق بالولايات المتحدة في هذا المجال. إلا أنها مجرد مسألة وقت فقط قبل أن تنتقل إلى أعلى سلسلة في امتلاك قيمة الإلكترونيات الدقيقة.
ضحية أخرى لمفهوم الولايات المتحدة الضيق للغاية للأمن والابتكار وهي تقنية (5G). من خلال السيطرة على هذا السوق أنشأت الصين شبكة اتصالات عالمية يمكن أن تخدم أغراضًا جيوسياسية. أحد المخاوف هو أن بكين يمكن أن تقوم بنفسها بتشغيل البيانات على شبكات الجيل الخامس.
هناك احتمال آخر، وهو قيام الصين بتخريب أو تعطيل شبكات اتصالات الخصوم في حالة حدوث أزمة. بينما فشل معظم صانعي السياسة في الولايات المتحدة في التنبؤ بالتهديد الذي تشكله البنية التحتية الصينية لشبكات الجيل الخامس.
لم تكُن واشنطن قد دقَّت ناقوس الخطر بشأن هواوي حتى عام 2019، ولكن بحلول ذلك الوقت، لم يكُن هناك الكثير مما يمكنها فعله. لم تقدم الشركات الأمريكية مطلقًا شبكة لاسلكية شاملة، وبدلًا من ذلك ركزت على تصنيع المكونات الفردية، مثل الهواتف وأجهزة التوجيه. كما لم تطور أي شبكة وصول لاسلكي خاصة بها، وهو نظام شامل لإرسال الإشارات عبر أجهزة الشبكة اللازمة لبناء نظام تقنية (5G) مثل ذلك الذي توفره هواوي وعدد قليل من الشركات الأخرى. نتيجة لذلك، وجدت الولايات المتحدة نفسها في موقف سخيف: «التهديد بإنهاء التعاون الاستخباراتي إذا تبنى الحلفاء المقربون تقنية الجيل الخامس من هواوي، دون أن يكون لديهم بديل جذاب تقدمه».
قد تكون البنية التحتية الرقمية معركة اليوم، ولكن من المحتمل أن تكون التكنولوجيا الحيوية هي التالية. لسوء الحظ، لا تُعتبر الأخيرة أيضًا أولوية داخل الحكومة الأمريكية. من المفهوم أن وزارة الدفاع أبدت القليل من الاهتمام بها. جزء من تفسير ذلك يكمن في حقيقة أن الولايات المتحدة، مثل العديد من البلدان الأخرى، وقعت على معاهدة للتخلي عن الأسلحة البيولوجية.
مع ذلك، فإن التكنولوجيا الحيوية لها آثار أخرى على البنتاغون، من تغيير التصنيع إلى تحسين صحة العاملين في الخدمة.
الأهم من ذلك، أن أي تقييم شامل للمصلحة الوطنية يجب أن يعترف بآثار التكنولوجيا الحيوية على الأخلاق والاقتصاد والصحة وبقاء كوكب الأرض.
نظرًا لأن العديد من الفجوات في الابتكار الأمريكي يمكن إرجاعها إلى نظرة ضيقة للمصلحة الوطنية والتقنيات اللازمة لدعمها يجب أن تكون الخطوة الأولى لإدارة بايدن هي توسيع هذا الفهم. كما يحتاج المسؤولون إلى تقدير كلٍّ من التهديدات والفرص التي تُتيحها أحدث التقنيات: «الخراب الذي يمكن أن تسببه شبكة الجيل الخامس المشلولة، أو الهندسة الوراثية عديمة الضمير فضلًا عن الفوائد التي يمكن أن تأتي من مصادر الطاقة المستدامة والرعاية الصحية الأفضل والأكثر كفاءة».
يجب أن تكون الخطوة الثانية لإدارة بايدن هي: «إنشاء عملية لمواءمة الاستثمارات الحكومية مع الأولويات الوطنية». اليوم، يتجه التمويل الفيدرالي نحو القدرات العسكرية، وهذا يعكس حقيقة سياسية: البنتاغون هو الجزء النادر من الحكومة الذي يتلقى دعمًا من الحزبين للميزانية. الطائرات المقاتلة والدفاع الصاروخي، على سبيل المثال، تحظى بتمويل جيد، في حين أن التأهب لمواجهة الأوبئة والطاقة النظيفة لا يلقيان كثير اهتمام.
لكن تحديد الأولويات التكنولوجية الوطنية الصحيحة يُثير أسئلة لا يمكن الإجابة عنها إلا بإصدار أحكام حول النطاق الكامل للاحتياجات الوطنية.
ما هي أهم المشاكل التي يمكن أن تساعد التكنولوجيا في حلها؟ ما هي التقنيات التي لديها القدرة على حل مشكلة واحدة فقط، وأيها قد يحل مشاكل متعددة؟ – يتطلب الحصول على إجابات صحيحة لهذه الأسئلة اتخاذ منظور وطني حقيقي. بينما الطريقة الحالية لا تفعل ذلك.
تبدأ العملية التي يتم تشغيلها بشكل صحيح بما يسميه خبراء الأمن القومي «التقييم الصافي». في هذه الحالة، تحليل لحالة التقدم التكنولوجي العالمي واتجاهات السوق لإعطاء صانعي السياسات المعلومات اللازمة للعمل من خلال خط أساس مشترك لكي تكون العملية قابلة للتنفيذ، فإنها ستُحدد عددًا قليلًا من الأولويات على المدى القريب والطويل. قد يكون المرشح المُقنع للاستثمار طويل الأجل، على سبيل المثال: الإلكترونيات الدقيقة، والتي تعد أساسًا للابتكار العسكري والمدني على حدٍّ سواء ولكنها تواجه صعوبة في جذب أموال الاستثمار الخاص. قد تكون التكنولوجيا الحيوية أولوية أخرى طويلة المدى، نظرًا لأهميتها بالنسبة للاقتصاد ومستقبل البشرية. بالنسبة للأولويات قصيرة المدى، قد تفكر حكومة الولايات المتحدة في إطلاق جهد دولي لمكافحة عمليات المعلومات المُضللة أو لتعزيز ابتكار الجيل الخامس.
مهما كانت الأولويات المحددة المختارة، فإن الشيء المهم هو أن تكون مدروسة وواضحة، وتوجه قرارات الولايات المتحدة وتشير إلى تطلعاتها.
تفاصيل السوق
إن دعم هذه الأولويات لهو أمر آخر تمامًا. النهج الحالي، عبر تمويل الحكومة لأبحاث محدودة فقط وقيام القطاع الخاص بتسويق النتائج: لا يعمل. لا تزال الكثير من الأبحاث الممولة من الحكومة محجوزة في المختبر، غير قادرة على تحقيق قفزة في الجدوى التجارية. الأسوأ من ذلك، أنه عندما تتمكن من مغادرة مختبرات الحكومة الأمريكية، ينتهي بها الأمر غالبًا في أيدٍ أجنبية، مما يحرم الولايات المتحدة من الملكية الفكرية التي يمولها دافعو الضرائب.
ستحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى القيام بدور أكثر نشاطًا في المساعدة على البحث للوصول إلى السوق. أنشأت العديد من الجامعات مكاتب تركز على تسويق البحث الأكاديمي، لكن معظم مؤسسات البحث الفيدرالية لم تفعل ذلك. لذا يجب أن يتغير ذلك، وبنفس الروح يجب على الحكومة الأمريكية تطوير ما يسمى (ملعب الحوسبة – sandboxes) عبر مرافق بحثية عامة وخاصة؛ حيث يمكن للجهات الصناعية والأكاديميات والحكومة العمل معًا في هذا الإطار.
في عام 2014، فعل الكونغرس ذلك بالضبط عندما أسس شركة (الشبكة الوطنية للابتكار في التصنيع – Manufacturing USA) وهي شبكة من المرافق التي تُجري أبحاثًا في تقنيات التصنيع المتقدمة.
تم اقتراح مبادرة مماثلة للإلكترونيات الدقيقة، ولا يوجد سبب لعدم إنشاء ملاعب حوسبة إضافية في مناطق أخرى أيضًا.
يمكن للحكومة الأمريكية أيضًا المساعدة في التسويق من خلال بناء مجموعات بيانات وطنية لأغراض البحث، إلى جانب تحسين حماية الخصوصية لطمأنة الأشخاص الذين تنتهي معلوماتهم بها. قد تكون مجموعات البيانات هذه مفيدة بشكل خاص في تسريع التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يغذي كميات هائلة من البيانات، وهو الشيء الذي تمتلكه حاليًّا الحكومة وعدد قليل من شركات التكنولوجيا الكبرى. يعتمد النجاح في البيولوجيا التركيبية، جنبًا إلى جنب مع البحوث الطبية الأوسع، على البيانات وبالتالي، يجب على حكومة الولايات المتحدة زيادة كمية وتنوع البيانات في مكتبة جينوم المعاهد الوطنية للصحة، وتنظيم هذه المعلومات وتصنيفها: «بحيث يمكن استخدامها بسهولة أكبر».
مع ذلك، كل هذه المساعدة في التسويق ستكون هباءً، إذا لم تستطع الشركات الناشئة التي لديها أكثر التقنيات الواعدة للأمن القومي جذب رأس مال كافٍ؛ حيث يواجه بعضهم صعوبات في المراحل المبكرة والمتأخرة من النمو: «في البداية، يواجهون صعوبة في التودد إلى المستثمرين الراغبين في القيام بمراهنات عالية المخاطر، وبعد ذلك، عندما يكونون مستعدين للتوسع».
لذلك هناك حاجة لجذب المستثمرين الراغبين في كتابة شيكات كبيرة لسد الفجوات في كلتا المرحلتين، لذا تحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى أدواتها الاستثمارية الخاصة.
نحن نعمل في الشركة الأم (In-Q-Tel) والتي تقدم نموذجًا واعدًا للاستثمار في المراحل المبكرة. تم إنشاء (In-Q-Tel) في عام 1999، من قبل وكالة المخابرات المركزية، وهي شركة مستقلة غير ربحية تستثمر في الشركات التكنولوجية الناشئة التي تخدم المصلحة الوطنية. (أحد المتلقين الأوائل لاستثمارات الشركة كانت Keyhole، والتي أصبحت منصة Google Earth) والتي تم تمويلها أيضًا من قبل وزارة الأمن الداخلي ووزارة الدفاع والوكالات الأمريكية الأخرى، تقدم (In-Q-Tel) تقنياتها المبتكرة لعملائها الحكوميين بالمقارنة مع وكالة فيدرالية، يمكن لشركة خاصة غير هادفة للربح أن تجتذب بسهولة مواهب الاستثمار والتكنولوجيا المطلوبة للقيام باستثمارات مدروسة، هناك كل الأسباب لاتخاذ هذا النموذج وتطبيقه على أولويات أوسع. من 100 مليون دولار فقط إلى حتى 500 مليون دولار من تمويل المرحلة المبكرة سنويًّا؛ وهو ما سيؤدي لانخفاض محدود في الميزانية الفيدرالية، لكنه يمكن أن يساعد في سد الفجوة بين ما يقدمه القطاع الخاص وما تحتاجه الأمة.
بالنسبة إلى المرحلة اللاحقة، يمكن لصانعي السياسات أن يستلهموا نموذج مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، وهي الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن الاستثمار في مشاريع التنمية في الخارج، والتي تم تفويضها لأول مرة في عام 2018، للقيام باستثمارات في الأسهم. يمكن هيكلة صندوق الاستثمار في المرحلة المتأخرة كذراع لتلك الوكالة أو ككيان خاص مستقل بالكامل غير هادف للربح تموله الحكومة. في كلتا الحالتين، سيوفر رأس المال المطلوب بشدة للشركات المستعدة لتوسيع نطاق عملياتها. مقارنة بالدعم الحكومي في المرحلة المبكرة، يجب أن يكون الدعم الحكومي في المرحلة المتأخرة أكبر في حدود مليار دولار إلى 5 مليارات دولار سنويًّا. لتوسيع تأثير هذا الاستثمار الحكومي، يجب أن تُشجع كلٍّ من الصناديق في المراحل المبكرة والمتأخرة الاستثمارات «الجانبية»، والتي من شأنها أن تسمح للشركات والأفراد الساعين للربح بالانضمام إلى الحكومة في وضع رهانات تكنولوجية، وربما الاستفادة منها.
إن مثل هذه الصناديق الاستثمارية التي ترعاها الحكومة لن تسد فقط الفجوات الحرجة في استثمارات القطاع الخاص؛ كما أنها ستسمح لدافعي الضرائب بالمشاركة في نجاح الأبحاث التي مولتها أموالهم.
في الوقت الحالي، يأتي معظم التمويل الحكومي للتكنولوجيا، في شكل منح مثل منح أبحاث الابتكار للأعمال الصغيرة، حتى بالنسبة لبعض البرامج التي يتم وصفها على أنها صناديق استثمار. هذا يعني أن دافعي الضرائب يدفعون فاتورة الفشل، ولكن لا يمكنهم المشاركة في النجاح إذا تمكنت الشركة من تعظيم الأرباح. كما أشارت الخبيرة الاقتصادية ماريانا مازوكاتو في هذه الصفحات: «الحكومات لديها مخاطر اجتماعية لكنها خصخصت المكافآت».
إن أدوات الاستثمار غير الهادفة للربح التي تعمل نيابة عن الحكومة سيكون لها فائدة أخرى: «ستسمح للولايات المتحدة بأن تلعب دورًا عندما يتعلق الأمر بالمنافسة التكنولوجية». لفترة طويلة، لعبت وزارة الدفاع هذا الدور، على سبيل المثال، حظرت تصدير التكنولوجيا الحساسة وقيدت الاستثمار الأجنبي الذي قد يشكل خطرًا على الأمن القومي.
على الرغم من أن هذه الإجراءات يمكن أن تضر بالشركات الأمريكية ولا تفعل شيئًا لتشجيع الابتكار. لكن لن يكون دعم التسويق باستثمارات في الأسهم برعاية الحكومة رخيصًا، ولكن من المرجح أن يتم استرداد بعض التكاليف الأولية ويمكن إعادة استثمارها هناك أيضًا عوائد غير نقدية «الاستثمار في الأولويات الوطنية، بما في ذلك البنية التحتية التي يمكن تصديرها إلى حلفاء الولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تعزز القوة الناعمة لواشنطن».
الابتكار أصبح أمرًا هامًّا أكثر من أي وقتٍ مضى. بعد أن تعهد الرئيس جو بايدن «بإعادة البناء بشكل أفضل». واستعادة القيادة العالمية للولايات المتحدة كما في أثناء الحملة الانتخابية، قدم الرئيس، عدة مقترحات واعدة لتعزيز الابتكار الأمريكي؛ كما دعا إلى زيادة الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير بشكل كبير، بما في ذلك حوالي 300 مليار دولار للتركيز على التقنيات المتقدمة لتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة. هذه بداية جيدة لكن يمكنه جعل هذا الدافع أكثر فاعلية إذا أنشأ أولاً: عملية صارمة لتحديد الأولويات التكنولوجية العليا. قال بايدن إنه يدعم «نسخة موسعة» لمنح أبحاث ابتكار الأعمال الصغيرة ودعم «البنية التحتية للمؤسسات التعليمية والشركاء لتوسيع البحث». تكمن هنا فرصة أكبر في سد الفجوات في استثمارات القطاع الخاص، والقيام بتوسيع طال انتظاره للدعم الحكومي في التسويق.
فيما يتعلق بالابتكار، إذا اختارت الولايات المتحدة أن تُكمل في نفس مسارها الحالي، فسوف «يُعاني اقتصادها، وأمنها ورفاهية مواطنيها جميعًا. وبذلك ستعزز الولايات المتحدة نهاية قيادتها العالمية، وصعود الصين غير المُقيد». بايدن لديه الغرائز الصحيحة. مع ذلك، من أجل الحفاظ على هيمنتها التكنولوجية سيتعين على البلاد إعادة النظر بشكل أساسي في سبب وكيفية الابتكار.
لا شك أن بايدن سوف يكون منشغلًا في معالجة التحديات المحلية، لكنه أمضى معظم حياته المهنية في الترويج لقيادة الولايات المتحدة العالمية. من خلال تجديد الابتكار التكنولوجي الأمريكي، لذلك يمكنه فعل الأمرين معًا. [1]
المقالة تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير
الكاتب:
كريستوفر داربي – الرئيس التنفيذي لشركة (IQT) وهي شركة استثمارية غير ربحية تعمل نيابة عن مجتمع الأمن القومي الأمريكي
سارة سيوال – نائب الرئيس التنفيذي للسياسات في شركة (IQT) من 2014 إلى 2017. كما شغلت منصب وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني، والديمقراطية وحقوق الإنسان