”هناك متسع من الوقت لطهران لإنقاذ الصفقة“، إلّا أنّ ”هذه هي الفرصة الأخيرة لإيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات بحل جاد لهذه القضية“. جاء تصريح المملكة المتحدة إنذارًا صريحًا ومباشرًا لإيران على لسان وزيرة الخارجية البريطانية «ليز تروس» التي أضافت: ”لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي“[1]. تكمن أهمية هذا التصريح في أنه يلقي الضوء على ثلاث نقاط أساسية ترتبط بثلاثة مفاصل محورية لحل هذه القضية؛ أولًا: المفاوضات، وموضوعها الاتفاق النووي؛ ثانيًا: الإنذار النهائي، وموضوعه العقوبات الواردة على إيران؛ وثالثًا: ردع أنشطة إيران النووية، وموضوعه إمكانية امتلاك إيران للسلاح النووي.
بالتزامن مع التحذيرات من أن الاتفاق سيصبح بائدًا في غضون أسابيع إذا واصلت إيران تكثيف أنشطتها النووية[2]، يتصاعد التوتر في الشرق الأوسط بعدما أعلنت إسرائيل تخصيص ميزانية دفاعية ضخمة؛ في استعداد لشن ضربات مسلّحة على المنشآت النووية الإيرانية. أيّدت هذه التحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذّرية ومجموعة من الدول، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي ساندت إسرائيل في التهديد العسكري.
تدرك الصين، من جهتها، جيّدًا خطورة الموقف، واحتمال أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات – إذا فشلت- بحربٍ مؤيّدة دوليًّا على إيران؛ وعليه تجتهد الصين في محاولة إنجاح المفاوضات باتخاذ موقف أكثر إيجابية، وأداء دور الوسيط الذكي؛ بإدخال إيران في مفاوضات دولية جدّية بشأن تطوير سلاحها النووي؛ وهو ما يضع إيران في موقع قوة وندّية مع دول النادي النووي، كما يفك حلقة سلطة القرار الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية. ولمّا كان مبدأ التفاوض يتطلب تقديم تنازلات من الطرفين للتوصل إلى قرار رضائي؛ تراهن الصين على إمكانية تراجع الولايات المتحدة عن العقوبات الأحادية التي فرضتها على إيران، وبالأخص منها تلك التي تطول صادرات النفط الإيراني، والشركات الصينية المتعاونة اقتصاديًّا مع إيران.
تتمسك إيران- بدورها- بموقف إيجابي إزاء الجولة المقبلة من المفاوضات، التي حرصت على التأكيد أنها سوف يتركز البحث فيها على ”وثيقة جديدة، مشتركة ومقبولة“ من الأطراف على طاولة التفاوض في فيينا، وفق ما أشار إليه وزير الخارجية الإيراني «حسين أمير عبداللهيان» قبيل ساعات من استئناف الجولة الثامنة من المفاوضات يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) 2021. وعلى الرغم من رفض إيران “الاتهامات” بتطوير أسلحة نووية وتصنيعها، فإنّها تستمر في تعزيز برنامجها النووي الذي تستخدمه كورقة ضغط “قابلة للتراجع”، لكن “مقابل ضمانات” برفع العقوبات الأحادية الأمريكية، كليًّا ونهائيًّا، عن إيران.
ممّا تقدّم، نعرض فيما يلي سير عملية المفاوضات، فنتبيّن أهمية محادثات فيينا والاتفاق النووي الإيراني في ظل التحولات الجيوسياسية الدولية، ونستطلع مدى جدية الإنذارات، وخطورة التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية إلى إيران. في هذا الإطار، نتعرّف إشكالية العقوبات الأمريكية والعواقب المحتملة حال فشل المفاوضات، ونستوضح كذلك أنشطة إيران النووية، ومدى إمكانية امتلاكها للسلاح النووي.
شكّلت المفاوضات في شهر ديسمبر (كانون الثاني) 2021 مرحلة مفصلية في تاريخ الاتفاق النووي الإيراني، منذ انطلاق محادثات فيينا لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. بين الجولتين السابعة والثامنة، تصاعدت وتيرة التهديدات الإسرائيلية التي رافقتها تحضيرات عسكرية لشن ضربة على إيران مؤيدة أمريكيًّا، لتعود المفاوضات وتقترن بتهدئة إستراتيجية ومساعٍ جدّية للحل من الأطراف كافة.
عقب انتهاء جولة المفاوضات السابعة، في الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول)، صرّح المفاوض الصيني، والممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة في فيينا «وانغ كون»، أنّه لا ينبغي الاستهانة بالتقدم المحرز في المفاوضات، ”على الرغم من عدم تحقيق أي اختراق“، بعدما كانت المحادثات قد انتهت في غضون ساعة فقط من استئنافها بعد توقف دام بضعة أيام، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية.
ومع انطلاق الجولة الثامنة من المفاوضات في الأسبوع الأخير من ديسمبر (كانون الأول)، أقرّ منسق الاتحاد الأوروبي لمفاوضات فيينا «إنريكي مورا» بإحراز بعض التقدم بعدما أوضح جميع الأطراف رؤيتهم للتحديات التي تنتظرهم؛ ومن ثم أشار إلى الحاجة إلى تحقيق مزيد من الإجماع بشأن خطة العمل المعالجة بُعيد تفاوض الأطراف الممثلة في فيينا مع بلدانهم بشأن البنود المقترحة للخطة. وقد مهدّت هذه المرحلة الطريق لمفاوضات أكثر جدية تستأنف في فيينا بحلول الثالث من يناير (كانون الثاني) 2022، توقّع «مورا» أنّه من الممكن التوصل بموجبها إلى الاتفاق في غضون أسابيع.
في الإطار نفسه، قال المندوب الصيني في فيينا أنّ الأطراف تسابق الزمن للسماح للولايات المتحدة وإيران بالوفاء بالاتفاق النووي. في الوقت نفسه، لا يزال خطاب الصين بشأن الاتفاق النووي الإيراني ثابتًا، حيث لم تتوان الصين عن الوقوف على مساحة متساوية من الأطراف خلال المفاوضات. حافظت الصين على الحوار البنّاء مع طهران وواشنطن دون تبنّي دور الوسيط الرسمي، ومع ذلك، دعمت إيران لخوض غمار المفاوضات للتعبير عن اعتراضها على العقوبات الأمريكية، وترجمة مواجهة نظام “الأحادية الأمريكية” في العالم.
عن دور الصين المؤثّر في إيران بالمفاوضات، تتمتع الصين بقدر من النفوذ على الموقف التفاوضي الإيراني؛ فقد حثّت الصين المفاوضين الإيرانيين على العودة “بمقترحات واقعية” بعد أن تقدم الوفد الإيراني بمطالب كثيرة اعتبرتها الأطراف الأخرى غير مقبولة. ووفقًا لتقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، كان الوفد الصيني أكثر نشاطًا خلال الجولة السابعة من المفاوضات، وشارك الأطراف الأخرى درجة معينة من “الإحباط” تجاه مطالب إيران غير البناءة؛ ممّا دفعه إلى الضغط على المفاوض الإيراني من أجل “تبسيط كبير” لمشروعي النّصين اللذين يحتويان مقترحات طهران بشأن رفع العقوبات، والالتزامات النووية[3].
في شأن المقترحات التي تفاوض بها إيران، أوضح وزير الخارجية الإيراني أنّ الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى إيران هو ”الوصول إلى نقطة يتم فيها- أولًا- بيع النفط الإيراني بسهولة دون أي حدود، وإيداع أموال النفط بالعملة الأجنبية في الحسابات المصرفية الإيرانية، واستخدام جميع الفوائد الاقتصادية في مختلف القطاعات“[4].
أمّا الهدف الرئيسي لطهران فهو رفع جميع العقوبات عن إيران، وبأن تستأنف الولايات المتحدة- دون قيد أو شرط- الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما أكّده الرئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي»، في حديث نقلته وكالة «رويترز»، أنّ إيران صادقة في إجراء مفاوضات نووية إيرانية موجهة نحو النتائج، ويجب على الولايات المتحدة أيضًا إظهار صدقها في رفع العقوبات عن إيران.
وعن موضوعات الجولة الثامنة من المفاوضات، كشف وزير خارجية إيران «أمير عبداللهيان» عن تمسّك إيران بمسألتين في التفاوض؛ أولًا: ”الضمانات“ لجهة رفع العقوبات الأحادية الأمريكية، وضمان عدم انسحاب واشنطن من الموضوعات الرئيسية المتفق عليها في المفاوضات؛ وثانيًا: ”التحقق“ على صعيد إجراءات رفع الحظر المرتبط بالاتفاق النووي، وهي التي تعنى بعملية الرقابة التي تطلب الوكالة الدولية النووية مباشرتها على المنشآت النووية الإيرانية للتحقق من التزام إيران بالاتفاق النووي، وعدم تطوير أو تصنيع أسلحة نووية. بالنظر إلى الأهمية المحورية للاتفاق النووي، نلقي الضوء على طبيعة الاتفاق، وأبرز محطاته، وعقبات تطبيقه.
في ظل الصراع المحتدم بشأن الملف النووي الإيراني، توصلت إيران والولايات المتحدة، في يوليو (تموز) عام 2015 إلى اتفاق شامل أبرم في مدينة «فيينا»، برعاية كل من بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين، وألمانيا، وكان الهدف منه كبح جماح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. ولكن مع قرار الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترمب» الانسحاب من الاتفاق عام 2018 بشكل أحادي، أعادت الولايات المتحدة الأمريكية فرض سلسلة من العقوبات ضد إيران التي استأنفت العمل على تطوير برنامجها النووي.
بدأت إيران تدريجيًّا بتعليق تنفيذ بعض بنود الاتفاق النووي الإيراني الرئيسية منذ مايو 2019، لكنها وعدت بأن الإجراءات المتخذة “قابلة للتراجع”[5]، إذ ربطتها بشرط رفع العقوبات الأحادية من جانب الإدارة الأمريكية. غير أنّ طهران عززت برنامجها النووي بتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز الحدود المسموح به في الاتفاقية، وهي المحدّدة بنسبة 3.67% فقط، كما فرضت إيران قيودًا على دخول مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى منشآتها النووية؛ ممّا أثار مخاوف الدول إزاء سبب رفض إيران زيارة الوكالة.
وفي الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، اعترفت إيران بامتلاك جميع المقومات لتصنيع قنبلة نووية مع تخصيب 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم بنسبة 60%، في حين كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد حددت أنّ تصنيع القنبلة النووية يتطلب 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم العالي التخصيب بنسبة أعلى من 20%. وفي منحى سياسي وديني مغاير، أثار هذا الاعتراف الجدل داخل إيران لمعارضته فتوى المرشد الأعلى «علي خامنئي»، الذي أفتى بتحريم إنتاج السلاح النووي واستخدامه عام 2003.
مع تنحي «ترمب»، وتولّي الرئيس الأمريكي «جو بايدن» المنصب الرئاسي أوائل عام 2021، أعربت الإدارة الأمريكية عن استعداد الحكومة الأمريكية الجديدة للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، بشرط وفاء إيران بالتزاماتها أولًا. ولكن البعض يرى أنّ جهود إدارة «بايدن» لإعادة إحياء الاتفاق النووي- في ذلك الحين- واجهت ثلاث عقبات رئيسية؛ أولًا: غياب قنوات الاتصال المباشر بين البلدين؛ ثانيًا: الانقسام السياسي داخل بنية النظام الإيراني؛ وثالثًا: الانتخابات الإيرانية التي كان من شأنها تغيير المعادلة السياسية داخل البلاد.
غير أنّ خطر الانهيار الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي كان الدافع الرئيسي لزيادة الجهود الدبلوماسية الدولية للحفاظ عليها، حيث حثّ الأطراف المشاركة في الاتفاق على دعوة الولايات المتحدة وإيران إلى إعادة استئناف المحادثات غير المباشرة في فيينا. في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، عُقد اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية الصين، وروسيا، وإيران، وتم التوافق بموجبه على الدعوة إلى المفاوضات، والعودة إلى الامتثال بالاتفاق النووي، وعلى هذه الأسس أعلنت الصين دعمها لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة[6].
مع استجابة الطرفين لدعوة المحادثات، وبالتزامن مع تواصل الجولة السابعة من المفاوضات في ديسمبر (كانون الأول) 2021، أعلن «البيت الأبيض» أنه إذا لم تتفاوض إيران في أقرب وقت ممكن، فإنّ الولايات المتحدة سوف تستعد لفرض جولة جديدة من العقوبات على إيران. بادرت إيران، من جهتها، بالسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتركيب كاميرات داخل المنشآت النووية، وتفتيش مواقع الوحدات، إلّا أنّ المكان ما لبث أن تم تخريبه أو تدميره بُعيد طلب الوكالة الدولية من إيران تسليم السجلات المصوّرة. في ظل هذه التوترات، أصرّت إيران على موقفها الرافض للالتزام الكامل بالخطة الشاملة ما لم تبادر الولايات المتحدة برفع العقوبات.
مقابل التهديدات الأمريكية بمضاعفة العقوبات، انتهجت إيران سياسة التحدّي في المفاوضات المستأنفة في فيينا بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وأعادت العمل ببرنامجها النووي مرة أخرى بقصد الضغط على الولايات المتحدة؛ لتثبت بذلك أن سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في “الضغط الأقصى” على إيران قد فقدت فاعليتها. نقلت قناة «برس تي في» الإيرانية الحكومية عن مندوب طهران في محادثات فيينا «علي باقري كاني»، أنّ ”الأطراف الأوروبية فشلت في الخروج بأي مبادرات لحل الخلافات بشأن رفع العقوبات عن إيران“.
وفي ظل التحديات، أثارت الضغوط الممارسة من الطرفين الجدل بشأن جدوى المفاوضات. أشار في هذا الشأن «مارك فيتزباتريك»، كبير الخبراء بشأن عدم الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أنّه بسبب الموعد النهائي القصير، والتقدم الذي أحرزته إيران منذ صياغتها الاتفاق النووي، فإن الاتفاقية لم تعد سارية، وبالأحرى لم تعد مفيدة كما كان من قبل[7]، وأعلن وزير الخارجية الأمريكي «أنتوني بلينكين»- بدوره- أنّ إيران “لا تبدو جادة”.
ولكن في مقابل هذا كلّه، بقي طرح المفاوضات هو “المختار”، ممّا يظهر بوضوح عدم رغبة الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإيران، في الذهاب نحو خيار “التحدي العسكري”، أو استخدام القوة. من هنا، اعتبرت إدارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» أنّ إعادة العمل بالاتفاق على نحوٍ كامل هي الوسيلة الأكثر فعالية للحؤول دون حيازة إيران أسلحة نووية، فيما ذهب آخرون إلى تأكيد أهمية التمسك بالاتفاق أساسًا لمعالجة مسائل أخرى، مثل “برنامج إيران الصاروخي، وتهديد الاستقرار الإقليمي، ودعم الإرهاب، وانتهاكات حقوق الإنسان”. تمسّكت الصين، من جهتها، بالإيجابية بشأن جدوى المفاوضات، وكذلك أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية «سعيد خطيب زاده» أنّ المحادثات بين الجانبين “تتقدم تقدمًا جيدًا”، وأنها “بناءة”، وتوقع الوصول قريبًا إلى تفاهم[8].
ليس هذا هو الإنذار الأول الذي يوجهه المجتمع الدولي إلى إيران، كما أنّه على الأرجح لن يكون فعلًا الأخير، على الرغم من لغة “التلويح بالعصا” التي تخاطب بها مؤخرًا الدول المشاركة في الاتفاق النووي إيران، وما أشارت إليه وزيرة الخارجية البريطانية بأن هذه هي “الفرصة الأخيرة” لإيران للامتثال للاتفاق، والعمل بالخطة المشتركة.
لقد سارع المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، إلى توجيه الإنذارات إلى إيران لحثّها على الامتناع عن أنشطتها النووية، منذ ما قبل نجاحها في عمليات التجارب على اليورانيوم. فإنه بالعودة إلى عام 2006، وقبل 15 يومًا من انتهاء المهلة التي حددتها الأمم المتحدة لإيران لتعليق كل أنشطة تخصيب اليورانيوم خشية أن تتوسع لتشمل إنتاج نواة قنبلة نووية، أعلن الرئيس الإيراني السابق «أحمدي نجاد»، في كلمة تلفزيونية مباشرة، نجاح العلماء الإيرانيين في تخصيب اليورانيوم. منذ ذلك الحين، نجحت إيران في فرض سياساتها وأنشطتها وبرنامجها كسياسة “أمر واقع”، على الرغم من التحذيرات والتهديدات الكثيرة.
يشكل برنامج إيران النووي اليوم ليس فقط مخالفة واضحة للاتفاق النووي الإيراني الذي وقعت عليه إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الدولية عام 2015؛ وإنّما انتهاك صريح لـ «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية – Treaty on the Non-Proliferation of Nuclear Weapons NPT»[9]. ففي حين حذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن «طهران» بدأت عملية تخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 20%، قابل ذلك اعتراف من إيران بتمكّنها مؤخرًا من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهو ما يشير إلى تنامي قدرة إيران على تصنيع السلاح النووي، وإصرارها على المضي قدمًا في أنشطتها النووية رغم الإنذارات.
أمّا مخالفتها للاتفاق النووي المشترك، فتبرّر إيران بأنّ عودتها إلى استئناف أنشطتها النووية، والتطوير المستمر لبرنامجها النووي كان بهدف الضغط على الولايات المتحدة للعودة- بدورها- إلى الاتفاق والالتزام به، ورفع العقوبات الأحادية عن إيران، وتقديم ضمانات بعدم التراجع أو الانسحاب من الاتفاق في المستقبل. في المقابل، توازي الولايات المتحدة الضغوط قوةً من خلال التلويح باستخدام القوة لردع إيران، والسماح لإسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية، على النحو الذي تمنع به واشنطن دوليًّا السباق نحو التسلح النووي، وتردع الدول في منطقة الخليج، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، عن السعي إلى تطوير الترسانات النووية.
لم تكتف واشنطن بتوجيه الإنذارات إلى إيران؛ بل عمدت إلى التراجع عن الاتفاق، وفرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، وعقوبات أخرى ثانوية على الأطراف الثالثة- ومنها الشركات الصينية- التي تتعامل مع إيران؛ في محاولة لمنع صادرات النفط الإيرانية كجزء من “ضغوطها القصوى”. تطالب واشنطن إيران- في هذا الشأن- بالتخلص من اليورانيوم عالي التخصيب، وأجهزة الطرد المركزي القوية التي أنتجته، قبل رفع العقوبات المتعلقة بالطاقة النووية، كما تصر على أنّه لا يجوز رفع العقوبات الأخرى إلّا بعد أن تغير إيران سلوكها الإقليمي “المزعزع للاستقرار”. من هنا، شكّلت العقوبات الأمريكية الدافع لطهران في البداية للموافقة على مفاوضات غير مباشرة مع الحكومة الأمريكية لأجل إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.
تصر إيران- من جهتها- على أن عودتها إلى الاتفاق مشروطة برفع الإدارة الأمريكية “جميع العقوبات” المفروضة على إيران بعد عام 2017، سواء أكانت متعلقة بالأسلحة النووية أم لا، كما ترفض أي نقاش بشأن منظوماتها الصاروخية ودورها الإقليمي، وتواصل تصدير كمية كبيرة من النفط الإيراني إلى الصين، فقد صرّح الرئيس الإيراني السابق «روحاني» أنّ الحكومة الأمريكية لا تزال مستمرة في تنفيذ سياسة “الضغوط القصوى” للرئيس السابق «دونالد ترمب»، في حين ”لم تتخذ إدارة «بايدن» أي إجراءات عملية وجادة لرفع العقوبات“[10]. وعليه، قدم فريق التفاوض الإيراني وثيقتين مكتوبتين، بشأن رفع العقوبات، والقضايا النووية، إلى الأطراف الأخرى ذات الصلة، ستكونان أساسًا للمفاوضات المقبلة.
لمّا كانت الضمانات الأمنية والدبلوماسية تشمل الوعود والالتزامات والتعهدات التي تعتمد مصداقيتها جزئيًّا على المصالح المتداخلة، والقيم المتوافقة، والتقلبات المستمرة في الظروف الدولية، والشخصيات القيادية، والأنظمة السياسية؛ كان تحديد الثقة بإرادة الحكومة الإيرانية للالتزام بوعودها يستوجب اقترانه بعمليات مراقبة وتدقيق تقنية تؤكد وفاء إيران بالتزاماتها من عدمه.
وعليه، نصّت خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الاتفاق النووي على الإجراءات والأدوات الرقابية اللازمة لقياس مدى التزام إيران بتطبيق الاتفاق، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى تحديد المطالب والشروط والضمانات المتعلقة ببرنامج طهران النووي. وفي حين وافقت إيران على أن تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنشطة التفتيش اللازمة، والإشراف على بيانات المراقبة وأدواتها، تطالب- من ناحية أخرى- بوجوب بقاء هذه الآلية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية إلى ممارسة دور مباشر في الرقابة.
أمام التصعيد النووي الإيراني المتزايد، تتجه الإدارة الأمريكية نحو ممارسة ضغوطً دبلوماسية وعقوبات اقتصادية أكثر صرامة ضد إيران. كما يناقش القادة العسكريون الإسرائيليون والأمريكيون التدريبات العسكرية المحتملة لممارسة تدمير المنشآت النووية الإيرانية في أسوأ سيناريو محتمل. في المقابل، لا تزال الصين تقيّم خطة العمل الشاملة المشتركة كأداة فعالة لمنع انتشار الأسلحة النووية، ودعم الحل السلمي للقضية النووية الإيرانية، أخذًا في الحُسبان أنّ الحرب على إيران ستكون مدمرة لمصالح الصين، وأمنها الاقتصادي الإقليمي، في حين قد يرى البعض أن التهديدات الإسرائيلية لا تتعدى كونها “حربًا نفسية” لممارسة أقصى الضغوط على إيران، وإجبارها على الانصياع، إلا أنّ تعزيز الخيار العسكري باق بالنسبة إلى إسرائيل كضمان لعدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي. من جهة ثانية، أشارت إسرائيل أن الاتفاق لن يكون ملزمًا لها، ودعت إلى وقف المفاوضات فورًا باعتبار أنّها تشكل ابتزازًا نوويًّا، كما طلبت من الولايات المتحدة حشد قوات عسكرية في الخليج والشرق الأوسط استعدادًا لأي مواجهة، حيث إنّ إيران تهدد بتدمير إسرائيل، متى كان هناك تصعيد عسكري.
ولمّا كان البيت الأبيض قد أكّد حق الولايات المتحدة في شن هجمات وقائية ضد دول تشكل لها تهديدًا من خلال “الوثيقة الإستراتيجية للأمن القومي”، التي نشرت عام 2006، عقب إعلان إيران النجاح في تخصيب اليورانيوم؛ لاقى الخيار العسكري الإسرائيلي موافقة ضمنية؛ إذ رصدت الولايات المتحدة مليار دولار أمريكي لمنظومة القبة الحديدية وصواريخ جو- أرض؛ تحسّبًا من أن يؤدي توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية إلى مواجهات وجبهات عدة في غزة ولبنان. غير أنّ التهديدات العسكرية الإقليمية لم تلبث أن صعّدت من وتيرة التوترات الدولية في محاولة لموازنة الضغوط الإسرائيلية، والهيمنة الأمريكية، فهدّد “المحور الشرقي”- بدوره- بالغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، والضغوط الصينية المتصاعدة على تايوان.
أضحى برنامج إيران النووي قضية ذات اهتمام عالمي مع تزايد قدرات إيران النووية واقترابها من تسريع تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% اللازمة لصنع أسلحة ذرّية، والكفيلة بأن تصبح إيران “دولة نووية”، أسوة بالولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، والهند، وباكستان، وإسرائيل، التي تمتلك مجتمعة ما يقارب (19000) سلاح نووي[11].غير أنّه على الرغم من احتمالية دخول إيران النادي النووي، فإنه لن يتم الاعتراف بها كـ “دولة حائزة للأسلحة النووية”– ومثلها الهند، وباكستان، وإسرائيل- بموجب «معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» التي لا تعترف إلا بحق الدول الخمس العظمى في هذا الشأن، وتلزمها بعدم نقل الأسلحة النووية، أو الأجهزة المتفجرة النووية أو تقنياتها، إلى أي دولة غير حائزة للأسلحة النووية.
يوم نجحت إيران في تجارب تخصيب اليورانيوم، كانت تصر على توجهها لاستخدام التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، وهو ما أشار إليه رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية «غلام رضا أغازاده» في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2006، وقال: ”نجحنا في تخصيب اليورانيوم على درجة 5,3%”، وهي درجة النقاء المطلوبة للوقود المستخدم في المفاعلات المدنية“[12]. غير أنّ تمكّن إيران مؤخرًا من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، واستمرار تطوير البنية التحتية للطاقة النووية، يجعلها قادرة على صنع أسلحة نووية متى تشاء.
أمّا المفارقة من حيث الواقع، فهي أنّ إيران تحتاج إلى سبب موجب “مؤيد من دول الغرب” لامتلاك سلاح نووي، فنجد- على سبيل المثال- أنّ خسارة الهند للصين في حرب حدودية قصيرة في جبال الهيمالايا في أكتوبر (تشرين الثاني) 1962، وفّرت دافعًا لحكومة نيودلهي لتطوير أسلحة نووية كوسيلة إلى ردع العدوان الصيني المحتمل.
وعلى خلاف ما نصّت عليه المعاهدة الدولية، يجب توافر مساندة دولة عظمى لإيران لتطوير قدراتها النووية، وهو ما نراه محقّقًا في دعم الحكومة الصينية لبرنامج إيران النووي، وإن لم تُسهم بدعم تقني، أو تؤيد امتلاك السلاح النووي. في مثال آخر، ساعدت فرنسا إسرائيل على بناء قنبلة نووية أواخر الخمسينيات كدفع مقابل المشاركة الإسرائيلية في أزمة السويس عام 1956، وكان هناك مئات من العلماء والفنيين الفرنسيين في ديمونا يعلمون الإسرائيليين كيفية إتقان دورة الوقود النووي[13]، فقدّمت فرنسا الخبرة النووية لإسرائيل، وأنشأت مجمع مفاعل قادرًا على إنتاج البلوتونيوم، وإعادة معالجته على نطاق عريض[14]. وعلى الرغم من امتلاك إسرائيل أسلحة نووية منذ الستينيات، فإنها تتبع سياسة التعتيم النووي، ولم تؤكد رسميًّا وجود برنامجها النووي[15].
بناء على ما سبق، نجد أنّ الصين تسعى إلى تعزيز موقع إيران إقليميًّا لموازاة قوة إسرائيل والغرب، على أنّ هذا الدعم سوف يكون ضمن حدود معينة، لا تمتلك به إيران السلاح النووي على نحو معلن. بهذا يمكن لإيران أن تكون “دولة نووية” بامتلاك المعرفة والموارد اللازمة لصناعة السلاح النووي، مثال حالة «اليابان» التي هي أيضًا من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولديها التكنولوجيا، والمواد الخام، ورأس المال لإنتاج أسلحة نووية في غضون فترة زمنية قصيرة، وتعد “دولة نووية فعلية”، رغم إغلاق جميع المحطات النووية، وتعليق العمليات النووية، وإجراءات التفتيش والسلامة.
من خلال المشاركة الجوهرية في خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، انطلقت الصين دائمًا من الحفاظ على النظام الدولي لعدم الانتشار النووي، والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وعملت بنشاط على تعزيز الحل السياسي والدبلوماسي للمسألة النووية الإيرانية. ولمّا كان من مصلحة الصين أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ لتجنّب أزمات جديدة في المنطقة، نفّذت كثيرًا من العمل الجاد لإعادة خطة العمل إلى المسار الصحيح.
أمّا دور الصين الرسمي في مفاوضات فيينا، فأعلن المتحدّث باسم الخارجية الصينية «تشاو ليجيان» أنّ الصين التزمت دائمًا بالتسوية السياسية، ووجهت الأطراف نحو التنفيذ الجاد للاتفاق الشامل والتوافق الذي تم التوصل إليه في اجتماع وزراء الخارجية بشأن الملف النووي الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2020. وأشار «ليجيان» أنّه باقتراح “خطة صينية” لجسر الخلافات بين الأطراف، وتعزيز التقدم في المفاوضات، عملت الصين على حث الولايات المتحدة على إعادة التفكير في انسحابها من الاتفاقية، ورفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، وحث إيران على البناء على هذا الأساس الذي منه دأبت الصين على التوسط بنشاط لبدء المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بهدف استئناف تنفيذ الاتفاقية[16].
في منحى آخر، تتولى الصين دور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، وتجتهد بنشاط في تعزيز الرفع الكامل لجميع العقوبات الأحادية الجانب ضد إيران، وتلك الثانوية تجاه الصين وأطراف ثالثة في سعي منها إلى حماية حقوقها، واستثماراتها، ومصالحها المشروعة مع إيران. في اجتماع 16 نوفمبر (تشرين الثاني) بين بايدن وشي جين بينغ، وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان القضية النووية الإيرانية بأنها أحد “التحديات المباشرة، حيث عملت الولايات المتحدة والصين معًا تاريخيًّا، وتواجهان الآن لحظات مهمة”.
فيما يتعلق بدبلوماسية الصين في الخليج والشرق الاوسط، لطالما أصرت الصين على الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، كما دعت إلى إنشاء منصة حوار متعددة الأطراف في منطقة الخليج. وللحفاظ على الاتفاق الشامل، تشدد الصين على وجوب حل المخاوف الأمنية لجميع الأطراف من خلال المشاورات المتكافئة، وتؤكد استعدادها لأداء دورها في تعزيز السلام والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط. في هذا الإطار، كان إعلان وزير الخارجية الصيني «وانغ يي»، خلال الزيارة للسعودية، عبارة عن خطة من خمس نقاط لأمن الشرق الأوسط، دعا فيها دول المنطقة إلى احترام بعضها بعضًا، ودعم الإنصاف والعدالة، وتحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، وتعزيز الأمن الجماعي بشكل مشترك، وتسريع وتيرة الأمن، والتعاون من أجل التنمية[17].
وتؤدي الصين الدور الحاضن والداعم لإيران بالعمل على تعزيز الثقة، وطمأنة إيران بدرجة من الدعم السياسي. ففي تصريحاته عقب الجولة السابعة من المحادثات في فيينا، اعتمد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية «تشاو لي جيان» نبرة إيجابية، وشدد على أن الخطوة الأولى الضرورية هي رفع “كل العقوبات غير القانونية الأحادية الجانب ضد إيران”، التي بموجبها يجب على طهران العودة إلى الامتثال للبنود النووية. كما دعا جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، و”تجنب الأقوال والأفعال المتطرفة التي قد تعطل الجهود الدبلوماسية“.
في صورة عامة، تسعى الصين إلى تغييرمعادلة القوة وسلطة القرار في العالم، من خلال إجبار الولايات المتحدة على الدخول في مفاوضات عوضًا عن التفرّد في القرار الدولي. من جهة، تعيد الصين فرض نفسها كقوة عظمى منافسة في الحرب الباردة بالنظر إلى مدى عمق الوجود الصيني في الخليج والشرق الوسط، والثقل السياسي والاقتصادي الذي تضعه لحفظ الاستقرار الإقليمي، وهو ما زاد من التكاليف المباشرة وغير المباشرة للصراع. ومن جهة ثانية، تعمد الصين في دعمها لإيران إلى موازنة التحالفات الإقليمية، وموازاة قوة إسرائيل في الشرق الأوسط، بحشد القوة للطرف الشرقي في مجال الدفاع والأمن، غير أنّ الصين تهدف أن يكون لها دور في الازدهار والتنمية والتحديث في المنطقة، وليس في التسلط الإقليمي، والهيمنة النووية.
مع تطور العلاقات الصينية الإيرانية، وتنامي النشاط السياسي والاقتصادي الصيني في المنطقة، ذهب البعض إلى رؤية دور الصين في المحادثات النووية كمقياس طبيعي لحالة خطة العمل الشاملة المشتركة نفسها، على نحو أنّه ”عندما تزيد بكين من مشاركتها في القضية النووية الإيرانية، فإن ذلك قد يعني أن المفاوضات إما على وشك النجاح، وإما أنها على وشك الانهيار“[18]، فقد أدت الصين دورًا فريدًا وبنّاءً في تهيئة مناخ جيد للمفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، ومواصلة دعمها الثابت لاستئناف المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، كما تعمل مع جميع الأطراف لتعزيز النتائج المبكرة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة وتسريعها.
وعلى الرغم من استمرار الخلافات بين الأطراف، أحرزت المفاوضات النووية الإيرانية تقدمًا مهمًّا وجوهريًّا، وترى الصين أن ذلك يعكس الإرادة السياسية لإيران لدفع استئناف الاتفاق الشامل بشأن الاتفاق النووي الإيراني لتحقيق نتائج في المفاوضات. من هذا المنطلق، ترحّب الصين بتوسيع التفاهم التقني بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتأمل أن يتم تنفيذ التفاهم بأمانة عبر سبل الحوار والتفاوض، وتوافق الآراء، وتوسيع نطاقه من خلال الاستمرار في التركيز على النص، وما يتصل به.
ولكن في قراءة للتداعيات المحتملة لأي ترتيب نووي جديد مع إيران، تجد طهران أنّ انتصارها في المفاوضات سوف يرفع من مكانتها باعتبار أنها ستكون الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، إلى جانب إسرائيل، في حين تؤكّد التصريحات الأمريكية والإسرائيلية- في المقابل- أنّ امتلاك إيران للقنبلة النووية سوف يورطها في نزاعات إقليمية؛ حيث حذّرت الولايات المتحدة مؤخرًا من أن “جميع الخيارات مطروحة على الطاولة”.
ممّا تقدّم، نجد أنّ مصالح الصين توجب عليها التمسك بالاتجاه السياسي بحزم، والحفاظ على زخم المفاوضات لإبرام اتفاقات مكمِّلة، وتعديلات مكتوبة لإبرام اتفاق أقوى وأطول مدى، على نحو يوجب أن ترفع الولايات المتحدة بعض العقوبات، وأن توقف إيران أنشطتها النووية التي تشكّل انتهاكًا لخطة العمل الشاملة المشتركة.
ما ورد في المقالة يعبر عن آراء الباحثين ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير