مقالات المركز

ليتوانيا.. أحد رواد علوم الليزر


  • 26 أكتوبر 2021

شارك الموضوع

في يونيو (حزيران) 2021، اتخذت المفوضية الأوروبية قرارًا بتأسيس (ELI – ERIC) رسميًّا، بهذا القرار ستعمل المؤسسة المتخصصة في علوم الليزر (Extreme Light Infrastructure – ELI) في الإطار القانوني للاتحاد الأوروبي الخاص بالأبحاث العلمية (european research infrastructure consortium – ERIC)، والهدف الأساسي من (ERIC) هو إنشاء المؤسسات البحثية ذات الأهمية للاتحاد الأوروبي وتشغيلها من أجل تعزيز الابتكار والمعرفة، ونقل التكنولوجيا.

تأسست (ELI – ERIC) بصفتها منظمة دولية بواسطة: ليتوانيا، والتشيك، والمجر، وإيطاليا، إلى جانب ألمانيا وبلغاريا كمراقبين؛ بهدف الانضمام لاحقًا، وتُسهم الدول الأعضاء علميًّا وماليًّا لتمكين العلماء من الوصول الحُر واستخدام أحدث أجهزة الليزر، بناءً على المقترحات التي تقيّمها لجنة مستقلة. وتعطي العضوية في المنظمة إمكانية إيفاد علماء للإسهام في تشكيل الإستراتيجية والمشاركة في البحوث القائمة، والسماح بإرسال بعثات للدراسات العليا والمجالات الصناعية.

تعد منشآت (ELI – ERIC) العلمية الأولى من نوعها بوصفها متعددة المواقع الجغرافية، وقد بُنيت في أحدث الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهما التشيك والمجر، بتكلفة مالية بلغت (300) مليون يورو لكل موقع على حدة؛ لذا يُشير جان كلود كيففر، الخبير في علوم الليزر، ومدير مركز أبحاث (Énergie Matériaux Télécommommunications) في مونتريال، كندا: “بالنسبة إلى العلماء الموجودين بالفعل في مجال دراسة الليزر، والباحثين في التخصصات الجديدة المتعلقة به، فإن (ELI) مثيرة جدًا للاهتمام؛ لأنها توفر أحدث أجهزة الليزر؛ مما قد يفتح آفاقًا جديدة للبحث، وطرقًا جديدة للتطبيقات المجتمعية”.

كما يتم الآن بناء مؤسسة ثالثة لـ (ELI) في رومانيا بالقرب من العاصمة بوخارست، وستعمل في مجال الضوئيات النووية، وستتيح الفرصة لتوظيف مئات العلماء وطلاب الدراسات العليا، وقد وظّفت المنشآت العلمية لـ  (ELI) (600) عالم ومهندس وموظف؛ لذا صرح المدير الإداري للمنشأة العلمية في التشيك رومان هفيزدا: “إن (ELI) من بين أكبر الاستثمارات العلمية في أوروبا، رغم التأثيرات السلبية على المنطقة من جرّاء انتشار جائحة كوفيد- 19”.

تمثل جامعة فيلنيوس (VU)، ومركز العلوم الفيزيائية والتكنولوجيا (FTMC)، ليتوانيا في (ELI – ERIC)، حيث تعد الدولة البلطيقية أحد رواد علوم الليزر الأوروبيين، وسيكون لها صوت في حل المشكلات الإستراتيجية المهمة للمنظمة التي ستؤثر في خريطة أوروبا والعالم في مجال الليزر والتقنيات الضوئية. وسَتُمَكِّن المشاركة في (ELI – ERIC) ليتوانيا من الانضمام إلى مجتمع البحوث الدولي، وتعزز تقنيات الليزر الجديدة، وتنقلها إلى السوق، وتطور أنشطة البحث التجريبي المبتكرة في قطاع الليزر. وقد صرحت وزيرة التعليم والعلوم الليتوانية جورجيتا سيوزدينيني: “إن العلماء المشاركين في مجال دراسات الليزر سيكونون نموذجًا عمليًّا للربط بين العلم وسوق الأعمال، وهذا ما سيعزز ريادة ليتوانيا على الصعيد الدولي”. 

أحدث تقنيات علوم الليزر في ليتوانيا

تستخدم مختبرات الليزر في (ELI) تقنية تضخيم النبضات (Chirped pulse amplification – CPA)، التي اكتشفها الدكتور الفخري في جامعة فيكتوريا جيرار مورو، الحاصل على جائزة نوبل عام 2018، والتي تُستخدم لتوليد نبضات ليزر قصيرة جدًّا (تقاس بالفيمتوثانية) وقوية جدًّا. وقد جاء اكتشاف البروفيسور مورو وعلماء جامعة فيكتوريا الباحثين في مجال الليزر في إطار فكرة طرحها البروفيسور ألجيس بيتراس بيسكارسكاس لتطوير تقنية تضخيم النبضة الضوئية (Optical parametric chirped pulse amplification- (OPCPA)، التي تعد أحد أهم الإسهامات الليتوانية في فيزياء الليزر العالمية. وعلى أساس هذه التقنية، طُوّرَت أنظمة ليزر فائقة القصر وقوية جدًّا في كثير من المراكز العلمية العالمية. وكانت تقنيات (CPA) و (OPCPA) هي الأساس لأكبر شركات الليزر الليتوانية، مثل: (Light Conversion) و(Ekspla)، في تطوير وتشغيل أنظمة الليزر العالية الطاقة في كل من مراكز (ELI Beamlines) و (ELI ALPS)، وهما يشتملان معًا على مجموعة من أشعة الليزر التي لا مثيل لها في أي مكان في العالم، بما في ذلك نبضات تصل إلى (10) بيتاوات، وهو وميض يمثل (10٪) من طاقة الشمس التي تضرب الأرض فترة وجيزة، وبسرعة فائقة، في زمن قدره واحد على جزء من المليون من الثانية.

الآن، تواصل شركات الليزر الليتوانية عمليات التطوير الخاصة بها، وفي عام 2022 ستركّب جهاز ليزر (SYLOS 3)، الذي يعد من الأحدث في العالم، في مختبر أبحاث (ELI) في المجر، وسيتم تكييف الليزر لتوليد الأشعة السينية، وتسريع الإلكترونات. وقد أبدت كل من اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، رغبتها في أن تصبح شريكة (ELI – ERIC) لتتمكن مِن إرسال العلماء والشركات للاطلاع على أحدث أجهزة الليزر، والاستفادة من الإمكانات الفريدة التي يوفرها هذا المجال.

فوائد واستخدامات علوم الليزر في ليتوانيا

أخيرًا، تأمل ليتوانيا عبر استثمارها في المجال البحثي لعلوم الليزر، أن تستخدمه مع شركائها العلميين لتحسين علاج الأورام، والتصوير الطبي، والطب الحيوي، وتوسيع تطبيقات هذه التكنولوجيا لتشمل جراحة العيون، وتصحيح النظر، وإزالة المياه البيضاء، وإنتاج النظائر الطبية. وتشمل التطبيقات الصناعية المتقدمة طرقًا غير مدمرة لفحص المكونات الحيوية، والإلكترونيات السريعة، بل دراسة ما يحدث داخل الذرة نفسها، ودراسة التفاعلات الكيميائية. وسيُسهم معهد (ELI) في معالجة المواد النووية القديمة، وإيجاد طرق جديدة للمعالجة بشكل أفضل. كما يمكن أن يكون التطوير المستمر لليزر مصدرًا لطاقة غير محدودة، ويُسهم هذا في دراسة العمليات الأساسية لتكوين المادة، بالإضافة إلى استخدامات أخرى في مجال الطاقة، والممارسات البيئية المستدامة.

استنتاجات

    1.  الاطلاع على التجارب العلمية في بلدان البلطيق سيُسهم في تطوير البنية التحتية للبحث العلمي العربي.

    2.  التنسيق مع مؤسسة (ELI – ERIC) سيسمح بإرسال وفود علمية عربية للاستفادة من التجارب العلمية الشديدة التقنية

    3.  التركيز العربي على التطور التطبيقي للعلوم الفائقة في مجالي الطب والطاقة (على سبيل المثال لا الحصر) سيُسهم في تخفيف المشكلات التي تواجه هذين المجالين، المتعلقة بالتأخر العلمي في الأول، أو بالسياسات البيئية المستدامة الخاصة بالثاني.

    4.  التعاون في مجال العلوم الفائقة سيشجع المؤسسات السياسية والصناعية على قرارات تُسرع نقل تطبيقات هذه العلوم إلى الأسواق. 

 


شارك الموضوع