جلبت الاضطرابات الإقليمية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط كثيرًا من التحديات السياسية والدبلوماسية للهند، حيث تنشأ التحديات الرئيسة التي تواجه الدبلوماسية الهندية الآن من التنافس الإقليمي المستمر في المنطقة. ولقد نتج عن حقبة الاضطرابات العربية “التي تُعرف بالربيع العربي” وما تلاها، بيئة من الفوضى، وانعدام الأمن، وعدم القدرة على التنبؤ بالسياسات. واستجابة لهذا الوضع، تبنت بعض دول المنطقة مواقف عدوانية داخليًّا وخارجيًّا، واتخذت إجراءات صارمة من أجل حماية مصالحها في مثل هذه البيئة المضطربة، فيما تبنت نيودلهي نهجًا حذرًا ومتحوطًا تجاه الشرق الأوسط خلال فترة الاضطرابات الشديدة. ومن الممكن أن يؤدي استمرار عدم الاستقرار والعنف، والتنافس بين الدول، إلى الإضرار بالمصالح الهندية.
شكلت علاقة دول الخليج العربية مع إيران أحد أهم العوامل الحاسمة في الوضع السياسي والإستراتيجي والأمني في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وكانت العلاقة بين دول الخليج العربية وإيران متوترة جدًّا فيما سبق الاتفاق السعودي- الإيراني برعاية صينية عام 2023. وعلى الرغم من هذه الهدنة “المؤقتة” فإن أسباب القلق الخليجي ما زالت قائمة بشأن السياسات الإيرانية في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، وبشأن الجزر في مياه الخليج العربي، والبرنامج النووي الإيراني ذي البُعد العسكري، ودعم الحركات الشيعية المحلية، فيما تنظر إيران بعدائية تجاه الحضور الأمريكي في دول مجلس التعاون الخليجي.
أما الهند، فقد جلب لها الصراع المحتدم بين القوتين الإقليميتين الرئيستين (السعودية، وإيران) تحديات سياسية وإستراتيجية غير مسبوقة، حيث تملك نيودلهي مصالح سياسية، واقتصادية، وأمنية، وإستراتيجية ضخمة مع دول مجلس التعاون الخليجي (تسعة ملايين هندي يعملون في المنطقة)، وكذلك مع إيران. وقد زادت حصص الهند في منطقة الخليج زيادة ملحوظة خلال العقود القليلة الماضية؛ ولذلك فإن الهند تفضل الاستقرار في الجغرافيا السياسية والأمنية الإقليمية.
كانت الهند حذرة جدًّا في ظل حالة عدم اليقين السائدة في الشرق الأوسط بشأن المستقبل، ولكن العلاقات الهندية تنامت مع دول مجلس التعاون الخليجي بعد وصول رئيس الوزراء مودي إلى السلطة عام 2014. وقد زار مودي دولًا إقليمية رئيسة، منها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والبحرين، وعمان، ووقعت الهند عددًا من الاتفاقيات مع هذه الدول. كما أدى التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران؛ مما أدى إلى تسريع التعاملات الهندية مع طهران كذلك.
أدى الانسحاب الأمريكي من خطة العمل الشاملة المشتركة إلى تصعيد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران؛ فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب كان يرى أن خطة العمل الشاملة المشتركة اتفاقية غير عادلة، تمنح إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم، وصنع أسلحة نووية. واعتقد ترامب أن الاتفاق لا يمنع إيران من تحقيق هدفها المتمثل في صنع الأسلحة النووية. وقد وجه حلفاء أمريكا الرئيسون في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، وإسرائيل، نداءات متكررة إلى الرئيس ترمب للانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقعتها إدارة أوباما. أما فيما يتعلق بحلفاء الولايات المتحدة، فقد برزت أنشطة إيران في جميع أنحاء المنطقة باعتبارها تهديدًا أمنيًّا كبيرًا. كما اعتبر أن طهران تسيء استخدام الفوائد الاقتصادية التي تجنيها من رفع العقوبات، وأصبحت إدارة ترمب مقتنعة بالدور التخريبي الذي تؤديه إيران في المنطقة، وأعلنت الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، وفرض مزيد من العقوبات على إيران، والضغط على الدول الأخرى، ومنها الهند؛ لوقف شراء النفط من إيران.
ومع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج وإيران، تزايدت المخاوف من تفاقم الوضع وتحوله إلى صراع عسكري في المنطقة. وهددت إيران مرارًا وتكرارًا بإغلاق مضيق هرمز، الذي يعد إحدى أهم قنوات الشحن في العالم. وقد أدى هذا إلى خلق مخاوف حقيقية، ليس فقط بين دول الخليج؛ ولكن أيضًا بين كبار مستوردي النفط، مثل الهند، حيث تتأثر إمدادات النفط من منطقة الخليج إلى الهند سلبًا؛ ولذلك ترى الهند أن نزع التوتر بين إيران ودول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ليس فقط مسألة تحمي الأمن الإقليمي؛ ولكن لأسباب اقتصادية هي تحمي الجبهة الداخلية الهندية.
ولطالما أبدت إيران رفضًا شديدًا لوجود السفن البحرية الأمريكية في منطقة الخليج العربي، حيث تراها تهديدًا أمنيًّا مباشرًا. واقتربت إيران والولايات المتحدة من المواجهة في مياه الخليج عدة مرات، مما أدى إلى زيادة التوتر في المنطقة. وفي عام 2020، زعمت البحرية الأمريكية أن الزوارق الإيرانية كانت تضايق السفن الأمريكية، مما دفع البنتاغون إلى إصدار أوامر للبحرية بتدمير أي زوارق إيرانية إذا تورطت في أي أعمال عدائية.
وفي مثل هذه الظروف، فإن التحدي الرئيس الذي يواجه الهند هو حماية مصالحها الاقتصادية والأمنية والإستراتيجية في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه التعامل مع الضغوط التي تمارسها كل من الولايات المتحدة وإيران. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، سمحت الولايات المتحدة بإعفاء ثماني دول، من بينها الهند، لاستيراد النفط من إيران لمدة ستة أشهر. وانتهت فترة الإعفاء المؤقت البالغة ستة أشهر عام 2019، وواجهت الهند ضغوطًا شديدة من الولايات المتحدة لخفض واردات النفط من إيران إلى الصفر. وفي وقت سابق، كانت إيران ثالث أكبر مورد للنفط إلى الهند، حيث ورّدت (23.9) مليون طن من النفط الخام في (2018- 2019) بقيمة تزيد على (12.11) مليار دولار أمريكي، ومع ذلك، كما أرادت واشنطن، بعد انتهاء الإعفاء، أوقفت نيودلهي جميع واردات النفط من إيران.
وأدت التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران إلى هجمات على ناقلات النفط في مياه الخليج العربي وخليج عمان؛ مما دفع الهند إلى نشر سفينتين بحريتين عسكريتين في يونيو/ حزيران 2019 في خليج عمان؛ لمرافقة السفن التي ترفع العلم الهندي، والتي تعبر مضيق هرمز. بالإضافة إلى ذلك، بدأت البحرية الهندية أيضًا المراقبة الجوية للمنطقة، فيما أعلنت البحرية الهندية أنها “ملتزمة بضمان سلامة التجارة البحرية الهندية والسفن التجارية العاملة في المنطقة، والمساهمة في الحفاظ على منطقة المحيط الهندي مستقرة وآمنة”. ويأتي هذا الإجراء العسكري في ضوء السياسة الهندية العازمة على عدم السماح للتوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران بالتأثير في تجارة الهند الدولية ووارداتها من الطاقة بشكل خاص؛ لأنها سوف تضر الهند اقتصاديًّا على المدى الطويل (وليس مِن المتوقع أن تستمر إمدادات الطاقة الروسية الرخيصة الثمن إلى نيودلهي من جراء العقوبات الأوروبية على خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية).
وتؤثر العقوبات الأمريكية- تأثيرًا مباشرًا- في العلاقات الهندية- الإيرانية، خاصةً أن لنيودلهي شراكة إستراتيجية مع واشنطن، وعلاقات مُتنامية بقوة مع طهران، وبالنظر إلى أن إيران “بالمنطق الجُغرافي” تمثل جوار الهند القريب، وقوة إسلامية “شيعية” تُعادل وزن قوة إسلامية “سُنية” “عدوة في الأدبيات الهندية”- هي باكستان- فإن العلاقات مع إيران “حتمية” للأمن القومي الهندي، وليست نيودلهي في وضع يسمح لها بالتخلي عن علاقتها معها (أي إيران).
واستثمرت الهند في ميناء تشابهار الإيراني، الذي سيوفر لها الوصول الذي تشتد الحاجة إليه إلى أفغانستان وآسيا الوسطى، ومن شأنه أن يوفر دفعة للتجارة والتبادل التجاري بين الهند والمنطقة. كما أنه يسهل وجودًا إستراتيجيًّا طويل المدى للهند في منطقة الخليج. حتى الآن، لم يخضع ميناء تشابهار للعقوبات الأمريكية، لكنه يظل مصدر قلق لنيودلهي، مع الأخذ في الحسبان التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران، والمسار غير المتوقع للصراع. إن الإبحار عبر الاضطرابات الناجمة عن التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران يشكل تحديًا دبلوماسيًّا كبيرًا للهند. ومن الواضح أن الهند عالقة بين الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ومصالحها الاقتصادية والإستراتيجية الطويلة المدى مع إيران.
ويبدو أن إيران على دراية بموقف الهند في هذا الوضع الحرج على المستوى الدبلوماسي. وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الهند لهذا الموقف الاختياري. في الماضي، صوتت الهند ضد إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واضطرت نيودلهي أيضًا إلى خفض وارداتها من النفط الإيراني تحت الضغط الأمريكي في الماضي القريب. وفي أعقاب العقوبات الأمريكية، زار وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف الهند، واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن “الهند صديق إلى الأبد، ولكنها تتعرض للضغوط”. ومع أن طهران تبدو متفهمة في الوقت الحاضر للسياسة الهندية فإن طول أمد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران سوف يؤثر سلبًا في العلاقات الهندية الإيرانية، بالإضافة إلى ذلك، ينعكس هذا الصراع على منطقة الخليج العربي، وهذا يعرض المصالح الهندية في دول الخليج للخطر كذلك.
إن نجاح الهند في إقامة علاقات وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي هو نتيجة عقود من الدبلوماسية الشاقة، لا سيما على خلفية قضية كشمير، والتقارب الهندي مع الاتحاد السوفيتي، والعلاقات الوثيقة بين الهند ومصر في أثناء حقبة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (انخرط الأخير في علاقات مُضطربة مع بلدان الخليج العربي)، وكلها اعتبرت عقبات رئيسة في علاقة نيودلهي مع دول الخليج العربية. ودعمت دول الخليج العربية باكستان في كثير من قرارات منظمة التعاون الإسلامي التي اتهمت الهند بانتهاك حقوق الإنسان في كشمير، وتخوفت العواصم الخليجية من الأيديولوجيا الهندية القريبة من الشيوعية والقومية العربية “التثويرية” المدعومة من ناصر، ولكن على مر السنين، ونتيجة للتغيرات في البيئة الدولية، واختفاء خطر السوفيت، وتهديد النموذج العسكري التثويري الذي رعاه ناصر، تغير الموقف الخليجي مِن كشمير، واعتبرت الأزمة مسألة يمكن تجاوزها عبر مفاوضات ثنائية هندية- باكستانية، وأحرزت الهند تقدمًا كبيرًا على مستوى العلاقات الثنائية مع البلدان الخليجية.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، نما الحضور الصيني في منطقة الخليج العربي، لا سيما على المستوى الاقتصادي. وترغب بكين في مشاركة البلدان الخليجية في مبادرة الحزام والطريق (BRI). وقد وافقت دول إقليمية رئيسة، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، بالفعل على التعاون مع الصين في مشروع مبادرة الحزام والطريق؛ ما يشكل تهديدًا حقيقيًّا للحضور الهندي اقتصاديًّا؛ لأن شبكة الاستثمار والتجارة والاتصال الصينية لديها القدرة على السيطرة على الجغرافيا السياسية الإقليمية في المدى القريب.
ولقد استفادت الصين من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومناخ عدم الثقة الخليجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما برودة العلاقات السعودية- الأمريكية خلال حقبة الرئيس الحالي جو بايدن، ورغبة واشنطن في تقليل الحضور العسكري في هذه المنطقة، لتقدم بكين نفسها شريكًا مُستقرًا، وسياسته لا تدعم أي فوضى إقليمية، ولا تتدخل في شؤون بلدان الخليج العربي، فيما يمكنها أيضًا أن ترعى حالة خفض تصعيد إيراني- سعودي (خليجي بالتبعية) بسبب العلاقات الصينية- الإيرانية الإستراتيجية.
فالصين لا تخضع للرغبة الأمريكية في تطويق إيران، ووقعت عام 2020 اتفاقيات مع طهران بلغت قيمتها (400) مليار دولار. وستكون لهذه الصفقة أهمية إستراتيجية كبيرة للمنطقة؛أولًا: تساعد الاقتصاد الإيراني الذي يعاني ضائقة مالية، ويعاني العقوبات، ثانيًا: تجعل بكين قادرة على تغيير السلوك الإيراني، وإلزامه بتقديم ضمانات أمنية لجيرانه الخليجيين، وثالثًا: إمكانية تقويض النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج العربي، وبالتبعية تقويض النفوذ الهندي كحليف لواشنطن ومنافس مُحتمل. وقد أثبتت حالة الهدوء مؤخرًا في الخليج العربي بين السعودية وإيران برعاية صينية أن بكين وضعت نفسها بمهارة كلاعب رئيس يتحدى الولايات المتحدة في المنطقة؛ ولذلك فإن المشاركة الصينية المتزايدة في الاقتصاد والجغرافيا السياسية في العالم العربي تُمثل تحديًا خطيرًا للهند، في وقت تشهد علاقات بكين- نيودلهي ترديًا كبيرًا على خلفية النزاعات الحدودية المُحتدمة، والتنافس الاقتصادي، وتقارب الولايات المتحدة مع الهند مِن أجل تطويق الصين، والحد من نفوذ بكين في منطقة المحيطيين الهندي والهادئ. هذا بالإضافة إلى انضمام الهند إلى جميع التحالفات العسكرية والاقتصادية التي تضم خصوم الصين المباشرين، مثل اليابان، وأستراليا.
لذا تُكثف الهند اليوم مشاركتها مع الخليج العربي في سياسة البحث عن النمو الاقتصادي، بدون الاهتمام بالأفكار الأيديولوجية، لا سيما مع الحلفاء المحتملين، وأبرزهم اليوم “إسرائيل”، حيث دعمت نيودلهي اتفاقات التطبيع “الاتفاقات الإبراهيمية” بين بلدان الإمارات والبحرين (والمغرب والسودان) وإسرائيل، واعتبرتها خطوة إيجابية نحو مزيد من الاستقرار في المنطقة، وفرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات حيوية، مثل التكنولوجيا، والزراعة، اللتين تتفوق فيهما تل أبيب، لكن لا يزال الخطاب الدبلوماسي الهندي حذرًا في تناول القضية الفلسطينية -“عكس الواقع”- وتدعو نيودلهي إلى حل الدولتين.
ومؤخرًا، رحبت الهند بانضمام إسرائيل والسعودية إلى الطريق الهندي، أو الطريق الأخضر، وهو معبر بري اقتصادي- تجاري ينطلق من الهند، ويمر بالخليج العربي وصولًا إلى المواني الإسرائيلية، ومنها إلى أوروبا، وهو مشروع مُنافس لنظيره الصيني (الحزام والطريق)، ولم تُعلن الرياض وتل أبيب تطبيع العلاقات حتى الآن فيما بينهما، ولكن المفاوضات تتم بسرعة كبيرة، ومِن المتوقع أن تصلا إلى اتفاق برعاية أمريكية، ومن المتوقع أن تُرحب الهند بهذا، لا سيما أنها تتمتع بعلاقات قوية تتنامى بسرعة مع كلا الجانبين.
شهدت ولاية رئيس الوزراء الهندي مودي، منذ عام 2014 حتى الآن، تكثيفًا للعلاقات الهندية الخليجية (ومع إسرائيل ومصر كذلك)، وقد تجاوزت نيودلهي مجالات التعاون التقليدية، مثل التجارة، والطاقة، وعززت التعاون الدفاعي والأمني مع عدد من دول المنطقة، لا سيما أن الاضطرابات في منطقة الخليج العربي تؤثر في الأمن القومي والاقتصاد الهندي، لكن القادة الهنود اليوم أكثر تحررًا مِن أيديولوجيات الماضي للاشتراكية الرومانسية، ويرغبون في انفتاح أكثر ليبرالية، ورأسمالية معولمة مع محيطهم الجغرافي القريب؛ لتلبية احتياجات دولة أصبحت الأعلى في عدد السكان عالميًّا، وإحدى الدول الأسرع نموًا اقتصاديًّا، وتشكل قوة على الساحة الدولية أكثر مِن أي وقت مضى، ومع ذلك، تستمر السياسات الهندية الحذرة والمتحوطة لعدم السقوط في أي اختيارات حاسمة بين المتناقضين، فهي لم تحسم موقفها من تحالف عدائي مع واشنطن ضد الصين، ولم تقدم نفسها حليفًا لأي طرف ضد الآخر في منطقة الخليج العربي؛ بل أخذت موقفًا مرنًا من السياسات الخليجية- الإيرانية، وظلت مُراقبًا فعالًا يهتم بحفظ الأمن وخفض التوتر؛ لذا فإن لحظة الهند القادمة هي مرحلة دقيقة تعتمد على مدى كفاءة التوازنات بين السياسات الداخلية التي تحمي أمنها القومي، وعلاقاتها الخارجية التي تمنحها صلابة لمواجهة منافسيها المحتملين، مثل الصين، وباكستان.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير