تقارير

فوز إبراهيم رئيسي برئاسة إيران في الصحافة الروسية


  • 20 يونيو 2021

شارك الموضوع

تناولت الصحف الروسية باهتمام واسع الانتخابات الرئاسية الإيرانية ونتائجها. تقدم «وحدة الدراسات الروسية» بالتعاون مع «وحدة الرصد والترجمة» تقريرًا موجزًا لردود فعل الصحف الروسية حول نتائج هذه الانتخابات.

صحيفة (موسكوفسكي كومسوموليتس – Московский Комсомолец): ذكرت فوز إبراهيم رئيسي، بالانتخابات الرئاسية بعد حصوله على أكثر من 17.6 مليون صوت من 28.6 مليون شاركوا بالتصويت، وتهنئة المرشح الرئاسي المنافس محسن رضائي له بالفوز، واصفًا إياه بأخيه، اعتبرت الصحيفة فوز إبراهيم رئيسي، بمثابة تثبيت لدعائم نظام ولاية الفقيه بقيادة آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية؛ كون رئيسي مدعومًا منه. [1]

المرشد الأعلى آية الله علي خامئني أثناء الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2021

المرشد الأعلى آية الله علي خامئني أثناء الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2021

مجلة (كراسنيا فيسنا Красная Весна): ركزت على رد الفعل الإسرائيلي، تجاه فوز إبراهيم رئيسي، والتي رأت فيه مزيدًا من «التطرف» لنهج السياسة الإيرانية في المنطقة، ونقلت تصريحات رئيس لجنة الخارجية والأمن المؤقتة في الكنيست الإسرائيلي رام بن باراك، المنتمي إلى حزب (يش عتيد – هناك مستقبل) الذي يرأسه يائير لبيد، والذي قال: «انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا لإيران سيؤدي إلى تطرف السياسة الإيرانية»، كما يعتقد بن باراك، الذي شغل منصب نائب رئيس الموساد قبل انتخابه عضوًا بالكنيست، أن انتخاب رئيسي «يعكس موقف الزعيم الروحي لإيران آية الله علي خامنئي»، وأنه دليل قاطع على قرار المرشد الأعلى بدفع السياسة الإيرانية نحو المزيد من «التطرف فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والنووية ودعم الميليشيات الإرهابية»، كما يعتقد بن باراك أن فوز رئيسي سيخلق مشاكل لكلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة. [2]

وكالة (فيديرالنيا آغينستفا نوفستيФедеральное агентство новостей): علقت الوكالة على نتائج الانتخابات الرئاسية بالقول: «بلغت نسبة المشاركة ما يقرب من 49%، وهي بالطبع ليست بالنسبة الكبيرة، لكنها ليست كارثية كما كان متوقعًا»، أما فيما يخص النتائج: «فلا مفاجآت، فقد حقق رئيس القضاء في البلاد، إبراهيم رئيسي، فوزًا ساحقًا بأغلبية (17.926.345) صوتًا، بينما بلغ مجموع ما حصل عليه المرشحون الباقون أقل من سبعة ملايين».. وهكذا، فإن المحافظين عادوا إلى دفة القيادة!

أجرت الوكالة حوارًا مع عالم السياسة في جامعة طهران (أكبري فاليزاده) لاستطلاع رأيه حول نتائج الانتخابات والتعريف بشخص الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي.

أكد فاليزاده، أن السيد إبراهيم رئيسي، يحظى بشعبية كبيرة في إيران؛ لأنه أحد الإيرانيين القلائل الذين نجحوا في الجمع بين أقصى درجات التقوى والتعليم الديني، فضلًا عن الفطنة السياسية والخبرة والفهم الواضح للوضع السياسي في البلاد. كما أنه معروف للجميع، ربما لا يوجد إيراني واحد لا يعرف رئيسي؛ لأن هذا الشخص لديه عشرات السنين من الخبرة وراءه، وعلاقة ممتازة مع المرشد الأعلى، وبطبيعة الحال فإن سياستهما الخارجية ستتوافق، أهم شيء بالنسبة لرئيسي هو مصالح إيران والمجتمع الإيراني، وفق وصف فاليزاده، فإنه رجل دين وتقوى وسياسي في الوقت نفسه– من المهم التأكيد على أنه رجل النظام، الذي يعرفه من الداخل والخارج.

فيما يخص خشية الكثيرين من إبراهيم رئيسي، نظرًا لما عُرف عنه من قسوة أحكامه القضائية الصارمة والتي أدت لإعدام المئات، أجاب فاليزاده: «في إيران، الفساد هو إحدى المشاكل الرئيسية، في روسيا، يفهمون جيدًا ماهية الأوليغارشية ومدى أهمية محاربة هؤلاء الفاسدين، لقد خاض رئيسي معركة حقيقية ضد المسؤولين الفاسدين دون أن يستثني أحدًا أو يقبل شفاعة مسؤول، لقد سجن شقيق الرئيس حسن روحاني، وشقيق النائب الأول للرئيس إسحاق جهانجيري. في رأيي، توضح سياسته هذه ببلاغة شخصية الرئيس وموقفه تجاه قضايا الفساد.

أما بالنسبة لعمليات الإعدام، فهناك مبالغة كبيرة فيما يُنسب لرئيسي بأعداد أحكام الإعدام التي أصدرها؛ لقد رأينا كيف بذل رئيسي، قصارى جهده وهو رئيس للقضاء الإيراني لتقليل عدد أحكام الإعدام. بالإضافة إلى ذلك، أصدر رئيسي عفوًا جماعيًّا بعد تفشي فيروس كورونا، وبشكل عام يتضمن برنامجه بندًا حول تقليل عدد السجناء. بل يدعو إلى إجراء محاكمات علنية وشفافة».

حسب فاليزاده، ما يتميز به إبراهيم رئيسي: «أنه يعرف جيدًا ما يريده الناس العاديون، رئيسي نفسه هو شخص بسيط للغاية، متدين وتقي، ينجذب الإيرانيون اليوم إلى هؤلاء الناس، بعدما سئموا من هؤلاء (الكائنات الفضائية) التي حكمتهم». (تلميح فيما يبدو للحكومة السابقة والأوليغارشيين وفق المحرر).

 

فيما يخص مقارنة البعض بين إبراهيم رئيسي وأحمدي نجاد، وعدم تعويلهم على ما يقال حول زهده وبساطته؛ حيث قيل الكلام نفسه عن نجاد، علق فاليزاده بالقول: «هناك فرق كبير بين أحمدي نجاد ورئيسي. الأخير لديه موقف ديني قوي. إنه رجل دين، وشخص تقي للغاية؛ وقد لعب هذا دورًا كبيرًا في نتائج الانتخابات».

هل سيصبح إبراهيم رئيسي المرشد الأعلى القادم؟

يجيب فاليزاده: «هذا الافتراض لا يخلو من المنطق. هذا الرأي موجود أيضًا بين ممثلي النخبة السياسية والروحية وفي المجتمع. رئيسي لديه كل الصفات والمهارات والخبرة والمعرفة ليصبح المرشد الأعلى للبلاد، حتى إن بعض المراجع الدينية نصحوه بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ حتى لا تشوه صورة رئيسي التي لا تشوبها شائبة. مع ذلك، فقد قرر المخاطرة بحياته المهنية من أجل الناس، مع العلم جيدًا أن العمل في الرئاسة سيضر بسمعته بالتأكيد».

إبراهيم رئيسي بجوار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي

حول أبرز التحديات التي سيواجهها إبراهيم رئيسي، قال فاليزاده: «أولًا وقبل كل شيء التعامل مع الوضع الاقتصادي للبلاد لرفع مستوى المعيشة وخفض التضخم. للقيام بذلك، يجب عليه استعادة النظام بقبضة من حديد وفرض سطوته على جميع المؤسسات والهيئات الحكومية، وكذلك مساعدة رؤساء الشركات من أجل القيام بعملهم بشكل فعال، بالطبع، سيشمل برنامجه النضال عبر المفاوضات مع الغرب من أجل رفع العقوبات والحوار مع العالم واستخدام الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف». فيما يخص الجانب الاجتماعي، شدد فاليزاده: «إن رئيسي سيركز أيضًا على الاهتمام بالاستقرار الاجتماعي. لكن هذا يعتمد إلى حد كبير على الاقتصاد. على الناس أن يتزوجوا وينجبوا وينشّئوا الأطفال ويفيدوا المجتمع. للقيام بذلك، يجب أن يكون لديهم وظائف وآفاق مستقبلية؛ حتى لا يغادر الشباب البلاد. وأعتقد أيضًا أنه سيتم رفع بعض القيود التي تربك تحقيق الشباب الإيراني لطموحاتهم، بمرور الوقت». [3]

بوابة (غافريت ماسكفا – ГОВОРИТМОСКВА): الناطقة باسم الحكومة الروسية، علقت على فوز إبراهيم رئيسي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد أرسل برقية تهنئة رسمية، أعرب فيها عن أمله في أن «يسهم انتخاب رئيسي لمنصب رئيس الجمهورية، في زيادة تطوير التعاون الثنائي البناء بين البلدين».

تحليل ختامي

تبدو موسكو مرتاحة لنتائج الانتخابات الرئاسية، وصعود إبراهيم رئيسي لسدة الرئاسة الإيرانية؛ ذلك لأنها لا ترتاح كثيرًا لسياسات الإصلاحيين، وقد تجلَّى ذلك فيما ورد من تسريبات لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، تعتقد موسكو أن إيران متوافقة مع الغرب، تمثل خطرًا على مصالحها، كما لا ترغب في رؤية إيران تمتلك أسلحة نووية، وهو ما سينعكس بالسلب عليها؛ لقرب إيران من حدودها، ووجود تنافس ببعض مناطق النفوذ بين الطرفين، لاسيما في منطقتي آسيا الوسطى والقوقاز، كما تعتقد موسكو أن انتخاب رئيسي، سيساهم في حل مشكلات إيران مع الغرب وجيرانها عكس تخوف البعض من سياساته المحافظة. هذا الاعتقاد مبني على وجود انسجام بين كافة السلطات التشريعية والتنفيذية ومراكز القوى الحقيقية في البلاد بعد انتخاب رئيسي، ورغبة المرشد الأعلى في ضمان هيمنة المحافظين على السلطة من بعده، ولتحقيق ذلك كان ينبغي أن يحدث انسجام بين كافة مؤسسات الدولة، وكذلك التوصل لاتفاق مع الغرب وتهدئة مع الجيران، وتحديدًا المملكة العربية السعودية، وانعكاس ذلك على المجتمع الإيراني اقتصاديًّا، بما يؤكد قدرة المحافظين وحدهم على ضمان رفاهية واستقلالية إيران لدى الجمهور بالداخل، ويغلق الباب أمام أي طموحات للقوى الغربية قد تعول فيها على وجود تيار إصلاحي يمكن أن يحل محل النظام الحالي.


شارك الموضوع