أشار البروفيسور في جامعة مونتريال، ياكوف رابكين، في محاضرة ألقاها في مركز الجالية اليهودية في سانت بطرسبورغ، إلى أن الفرق المهم بين إسرائيل والمشروعات الأوروبية الاستعمارية الأخرى: “هو الطبيعة المتعددة الاتجاهات لسياساتها”. إذا كانت معظم المستعمرات الأوروبية في أمريكا وآسيا وإفريقيا، كانت تعتمد على دولة واحدة محددة، فإن إسرائيل تحاول بناء علاقات مع عدة مراكز مختلفة للسياسة العالمية.
تاريخ الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل هو مثال واضح لهذه الأطروحة. منذ بداية القرن العشرين، اعتمدت الحركة الصهيونية على دعم بريطانيا العظمى، لكنها حققت انتصارها النهائي بفضل الدعم المتزامن من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، الذي ضمن لها الحصول على تصويت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين عام 1947.
منذ منتصف الخمسينيات، أقامت إسرائيل علاقات وثيقة مع فرنسا، في حين كانت تتلقى مساعدات اقتصادية من ألمانيا الغربية. لقد عمل الدبلوماسيون الإسرائيليون بنشاط في دول أمريكا اللاتينية، وسعوا إلى حشد دعم الدول الإفريقية المستقلة حديثًا، كما أنشؤوا تحالفًا مع إيران الشاه، وتركيا، وجنوب إفريقيا. منذ أواخر الستينيات، بُنيت علاقات تحالف إستراتيجية مع الولايات المتحدة.
اليوم، وعلى الرغم من أولوية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، تعمل إسرائيل بنشاط على بناء علاقات مع أوروبا، والصين، والهند، ودول أمريكا اللاتينية، ودول الخليج العربية. وروسيا ليست استثناءً، حيث تطور إسرائيل العلاقات الدبلوماسية معها منذ عام 1991.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ مدة طويلة، يمكن وصف نهج المؤسسة الإسرائيلية تجاه روسيا، وفقًا لعالم الاجتماع الروسي- الإسرائيلي أليك إبستاين، بأنه “غير مهتم“. وعلى حد تعبيره: “على مدى السنوات الخمس عشرة الأولى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي (حتى عام 2007)، أرسلت إسرائيل أربعة سفراء إلى هذه الدولة المهمة، جميعهم لم يتحدثوا الروسية، ولم يكن لديهم أي فهم تقريبًا للسياسة أو الثقافة الروسية”. وفقًا لإبستاين، كان هذا النهج: “بسبب التوجه الأحادي الجانب للقيادة الإسرائيلية تجاه الولايات المتحدة، لكن لا ينبغي لنا أيضًا أن ننسى أنه لمدة طويلة بعد عام 1991، كان الكثيرون ينظرون إلى روسيا على أنها دولة فاشلة، وفاقدة لنفوذها السياسي تمامًا. فقط بعد عام 2014، عندما تدخلت روسيا بنشاط في الأحداث السورية، بدأت القيادة الإسرائيلية بإعادة النظر في خطها السابق المتمثل في التجاهل الكامل لموسكو”.
واليوم، بالإضافة إلى الدبلوماسية الرسمية، تمتلك إسرائيل تحت تصرفها عددًا من القنوات غير الرسمية التي يمكنها من خلالها تعزيز مصالحها في روسيا، وتشكيل الصورة التي تخدم مصالحها لما يحدث في الشرق الأوسط، سواء في المؤسسة الروسية، أو في الرأي العام، وهو ما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية.
إن المرشد التقليدي لمصالح دولة إسرائيل في كثير من دول العالم هو الجاليات اليهودية المحلية، التي بدأت قيادتها بالتحول إلى المواقف الصهيونية منذ أواخر الستينيات، ولكن في روسيا، لعدد من الأسباب، كان هناك وضع خاص تمامًا.
أشار الأديب الروسي زفيريف ماتيفيتش، في مقاله “أنشطة الضغط التي تمارسها الجالية اليهودية في روسيا من منظور مقارن”، إلى أن القيادة الإسرائيلية اعتبرت- مدة طويلة- الجالية اليهودية في روسيا مصدرًا للمهاجرين المحتملين فقط، ولم تخطط لاستخدامها في تعزيز مصالحها”. وفي الوقت نفسه، تشكلت الطائفة اليهودية نفسها، بعد عام 1991، في إطار “نموذج الشراكة الجديد”، الذي حددت فيه الحكومة الروسية- بوضوح- حدود أنشطتها. رأى الكرملين أن الجالية اليهودية المنظمة هي بمنزلة جسر للوصول إلى اليهود ذوي النفوذ في الولايات المتحدة وإسرائيل؛ ومن ثم ، يجب على المنظمات اليهودية الروسية، سواء المؤتمر اليهودي الروسي، أو اتحاد الجاليات اليهودية في روسيا، أولًا وقبل كل شيء، الضغط لصالح بلادهم في الغرب، ونقل وجهات نظر موسكو إلى واشنطن وتل أبيب.
وبطبيعة الحال، يسهم كبار رجال الأعمال في قيادة الطائفة، وتطوير العلاقات الاقتصادية الروسية الإسرائيلية، كما أن وسائل الإعلام المرتبطة بالمنظمات اليهودية تدعو إلى التعاون مع إسرائيل، لكن هذا كله لا يتجاوز الحدود المتفق عليها مسبقًا. ومع أن زفيريف يكتب أن الجالية اليهودية في روسيا هي: “مجتمع مستقل قادر على الضغط على مصالح إسرائيل من خلال القوة الاقتصادية”، فإن الحقائق التي قدمها لا تؤكد هذه الأطروحة.
أعرب أفيغدور إسكين، وهو سياسي إسرائيلي يميني متطرف، يتحدث بنشاط في وسائل الإعلام الروسية، عن وجهة نظر مفادها أنه في روسيا، لا يوجد لوبي إسرائيلي بالمعنى الدقيق للكلمة. في رأيه، النشطاء اليهود الذين يتعاطفون مع إسرائيل، يفعلون ذلك بصفة شخصية، فضلًا عن ضعف ارتباطهم بالثقافة والتقاليد اليهودية (كما هو مفهوم في إسرائيل)، ثم يكمل: “العلاقات بين موسكو والقدس موجودة بشكل مستقل تمامًا عن تأثير الجماعات اليهودية في روسيا، حيث تتعمد إسرائيل عدم السماح لبقايا الشتات الكبير والمهم بالوصول إلى هذه الأنسجة الحساسة في العلاقات، نتيجة الافتقار التام إلى الهوية اليهودية بين اليهود الروس المؤثرين، وهو أمر محزن. وفي هذا الصدد، تُعَزَّز المصالح الإسرائيلية في روسيا على مستوى كبار المسؤولين، وكذلك على مستوى قيادة قوات الأمن، أي بين أجهزة كلتا الدولتين”.
تجدر الإشارة إلى أن المشاركين في المائدة المستديرة التي عقدت في معهد الدبلوماسية الدولية في هرتسليا توصلوا إلى نتيجة مماثلة، حيث أشاروا إلى أن التغطية الإيجابية لوسائل الإعلام الروسية للهجوم الإسرائيلي على غزة عام 2009، قد تحققت من خلال نداء مباشر من قيادة وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى القيادة الروسية.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن استبعاد أن تكون بعض جوانب العلاقات بين الجالية اليهودية الروسية والقيادة الإسرائيلية سرية. في عام 2019، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لموسكو، لقاءً مع قيادة الجالية اليهودية الروسية في فندق الريتز كارلتون، ووصفته الصحافة بأنه “سري”؛ لأن القضايا التي نوقشت لم تُنشر قط. وقد صرّح نتنياهو- على وجه الخصوص- قائلًا: “نحن سعداء جدًّا بلقائكم، لقد غيّر أكثر من مليون إسرائيلي ناطق بالروسية بلدنا، وأصبحوا، جنبًا إلى جنب مع الجالية اليهودية هنا في روسيا، حلقة وصل مع موسكو، وجسرًا بين شعبينا. إن حقيقة أن إسرائيل تتمتع بهذه العلاقات الطيبة مع واحدة من أقوى الدول في العالم أمر مهم، لكننا لا نهتم بأنفسنا فقط؛ بل نهتم باليهود أينما كانوا”. وردًا على ذلك، أكد رئيس اتحاد الجاليات اليهودية في روسيا، ألكسندر بورودا، أن الطائفة: “ستدعم تطوير العلاقات الودية بين البلدين”.
ليس كل الأشخاص الذين يحصلون على الجنسية الإسرائيلية يهاجرون إلى إسرائيل. ولا يزال كثير منهم يعيشون في روسيا، في حين يمارسون وظائف في مجال الأعمال، أو السياسة، أو الثقافة. وبطبيعة الحال، فإن الحصول على الجنسية الإسرائيلية يثير مسألة الولاء المزدوج.
في عام 2019، ظهرت في وسائل الإعلام الروسية قائمة بأسماء كبار المسؤولين والنواب في مجلس الدوما والمجلس الاتحادي، ومنهم مواطنون إسرائيليون، وكان من بينهم حاكم منطقة موسكو أندري فوروبيوف (حامل تصريح إقامة في إسرائيل)، ونائب مجلس الدوما ليونيد سيمانوفسكي، وحاكم المقاطعة اليهودية الذاتية ألكسندر ليفينثال، لكن العدد الدقيق للإسرائيليين في المناصب الحكومية العليا في روسيا لا يزال مجهولًا. وفي عام 2013، اتُّهم فيتالي مالكين، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الاتحاد الروسي للشؤون الدولية، بحيازة جواز سفر إسرائيلي باسم أفيهور بن بار. في السنوات الأخيرة، كانت الحكومة الروسية تكافح ضد ازدواج الجنسية للمسؤولين الحكوميين، ولكن الوقت وحده هو الذي سيحدد مدى نجاحها.
يحمل زعماء المعارضة الروسية أيضًا الجنسية الإسرائيلية. ومن بين هؤلاء مدير مؤسسة المشروعات الحضرية مكسيم كاتس، والفنان والصحفي فيكتور شندروفيتش، والصحفي أنطون نوسيك. ومع ذلك، هنا أيضًا العدد الدقيق للمواطنين الإسرائيليين غير معروف. وقال ميخائيل إدلشتاين، الأستاذ في جامعة موسكو، في مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست: “إن جميع قادة المعارضة الليبرالية تقريبًا هم من اليهود، أو أشخاص من أصول يهودية”؛ لذلك فإن الحصول على جواز سفر إسرائيلي بالنسبة لهم هو مسألة فنية بحتة.
من بين أغنى الأثرياء في روسيا اثنان يحملان الجنسية الإسرائيلية؛ الأول هو ميخائيل فريدمان، صاحب شركة ألفا جروب الاستثمارية، بثروة قدرها 13.3 مليار دولار، والثاني مواطن إسرائيلي آخر، هو رومان أبراموفيتش، وتبلغ ثروته الصافية 7.6 مليار دولار.
في المجمل، وفقًا لمصادر مختلفة، يعيش في روسيا ما يصل إلى 80 ألف مواطن إسرائيلي، يحتفظ كثير منهم بالجنسية الإسرائيلية.
وفقًا لعالم السياسة الأمريكي جوزيف ناي، تتكون “القوة الناعمة” من ثلاثة مكونات رئيسة: “السياسة الخارجية، وأيديولوجية الدولة، والثقافة”. يمكن للثقافة أن تؤثر في “سلوك الجهات الفاعلة الأخرى”، وتصبح عاملًا مهمًّا في العلاقات الدولية.
يمكن إرجاع بداية التغلغل الثقافي الإسرائيلي النشط في روسيا إلى بداية القرن الحادي والعشرين. ولا تقتصر مهمته على تعريف سكان الاتحاد الروسي بأحدث الابتكارات في السينما، والأدب، والمسرح الإسرائيلي فحسب؛ بل أيضًا تكوين صورة إيجابية عن إسرائيل باعتبارها “معقلًا للحضارة الأوروبية في الشرق الأوسط”، وبلدًا ثقافيًّا وحضاريًّا، قريب روحيًّا من روسيا، وفق كلمات الشاعر فلاديمير فيسوتسكي “ربع سكان إسرائيل هم من أبناء شعبنا السابق”.
ومن الأمثلة على هذا الاختراق مشروع “أشكول: الثقافة الإسرائيلية المعاصرة في روسيا”، الذي أُطلِقَ في عام 2004. وفقًا لخطط المنظمين، فإن المشروع “مصمم لتعريف روسيا المثقفة الشابة بالثقافة الإسرائيلية الحديثة والمعاصرة بكل تنوعها: من الموسيقى إلى السينما، ومن الأدب الحديث إلى الفن الفاضح، ومن المسرح البديل إلى التصوير الاجتماعي”.
توجد مراكز ثقافية إسرائيلية في ثلاث مدن روسية كبرى؛ موسكو، وسانت بطرسبورغ، ونوفوسيبيرسك. وكجزء من أنشطتها، يتم تنظيم رحلات مجانية إلى إسرائيل للشباب والصحفيين، والتدريب الداخلي، وعقد دورات في اللغة العبرية، والأمسيات الثقافية، والندوات. المشاركون الدائمون في عمل المراكز الثقافية الإسرائيلية هم ممثلون، وكتاب، ومغنون، وشعراء. تعقد المراكز الثقافية الإسرائيلية أيضًا فعاليات في الهواء الطلق في مدن: (يكاترينبورغ، وقازان، ونيجني نوفغورود، وسمارا، وفولغوغراد، وتشيليابينسك، وروستوف- نا- دونو)، وغيرها من المدن الروسية.
بالإضافة إلى الأحداث لمرة واحدة، تقام مهرجانات السينما والمسرح الإسرائيلي بانتظام في المدن الروسية الكبرى، مثل مهرجان الفيلم الإسرائيلي السنوي في سانت بطرسبورغ، وزيارات الكتاب الإسرائيليين. تُنشر كتب الكتاب الإسرائيليين في طبعات كبيرة، وجزء كبير منها عبارة عن أعمال لمؤلفين مهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق.
ووفقًا للسكرتير الأول لسفارة دولة إسرائيل، بوليسلاف ياتفيتسكي، فإن التعاون الثقافي النشط مع إسرائيل “يمكنه أن يغير الصورة السياسية لروسيا، ويؤكد حقيقة أن السياسات المناهضة لإسرائيل، والحرب ضد الصهيونية تنتمي إلى الماضي”. إن التغلغل الثقافي لإسرائيل في روسيا يؤكد لدى الجمهور الروسي وجهة النظر القائلة بوجود “علاقة تاريخية عميقة الجذور بين روسيا وإسرائيل”.
وكما كتب ياتفيتسكي: “نحن متحدون من خلال الاتصالات التي تشكلت- منذ وقت طويل- على أعمق المستويات. إنها ليست مرتبطة بتغيرات في الوضع السياسي، أو بالمبادئ التوجيهية الحكومية؛ لأنها تأتي من أشخاص عاديين في روسيا وإسرائيل، من الأقارب والأصدقاء المقربين الذين حافظوا على العلاقات خلال أصعب السنوات في تاريخ البلدين”.
مثل الدول الأخرى، تعد روسيا هدفًا “للدبلوماسية العامة الإسرائيلية”، المعروفة باسم “هاسبارا”؛ لذلك، في عام 2017، خُصِّصَت 128 مليون شيكل، مأخوذة جزئيًّا من الميزانية الإسرائيلية، للدعاية على شبكات التواصل الاجتماعي، وحظر المحتوى المنتقد لإسرائيل، وتُجمَع جزئيًّا من التبرعات الخاصة.
في أثناء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2009، أُنشئت عدة حملات دعائية في ذلك الوقت، بمبادرة من مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي مارك بابيتشيف، والسكرتير الصحفي لحركة كديما ديفيد إيدلمان. أُنشئت حملة الدعاية “أولًا وقبل كل شيء، لحشد وتوحيد كل داعمي إسرائيل في وقت الحرب، وتوجيه محتواها إلى الناطق بالروسية من الشبكة، وليس بين الإسرائيليين أنفسهم، ولكن خارج إسرائيل”. المهمة الرئيسة لهذه الحملات، بدء العمل التوضيحي وتنسيقه فيما يتعلق بموقف إسرائيل في الحرب على من تسميهم إسرائيل “الإرهابيين” في قطاع غزة، وسرعان ما نما عدد زوار بعض المنصات التي أُسِّسَت خصيصًا لهذا الغرض من 15 إلى 30 ألفًا يوميًّا.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الإسرائيلية، في شنها حرب المعلومات، تحاول الاستفادة القصوى من جهود المتطوعين. أعلن وزير استيعاب المهاجرين الإسرائيلي السابق، إيلي أفالو، إنشاء “جيش من المدونين”. بحسبه، في السنوات الأخيرة، استثمرت وزارة استيعاب المهاجرين: “كثيرًا من الأموال في تطوير العمل في الفضاء الإلكتروني، مدركة أن الإنترنت هو مفتاح المستقبل؛ ولذلك قررت وزارة استيعاب المهاجرين، الرد على التحدي، وستحاول تشكيل مجموعة من المعلقين بمختلف اللغات التي ستساعد على دعم إسرائيل في تشكيل الرأي العام في العالم الافتراضي، والرد على كل معارضي إسرائيل الذين ينشرون بذور الكراهية”.
ليس هناك شك في أن إسرائيل، في شخص مواطنيها الناطقين بالروسية، لديها كتلة ضخمة من الدعاة المتطوعين والنشطين الذين لديهم تأثير ملحوظ في الرأي العام في روسيا، ليس فقط في أثناء الصراعات العسكرية؛ ولكن أيضًا في وقت السلم. 49% من المستخدمين النشطين لشبكات التواصل الاجتماعي الروسية يتخذون موقفًا مؤيدًا لإسرائيل. بالإضافة إلى الفيسبوك، توجد منصة فكونتاكتي، وغيرها من الموارد الإعلامية، وينشط الإسرائيليون أيضًا على منصات المعلومات الأخرى، على سبيل المثال، على ويكيبيديا باللغة الروسية.
بدأت تحركات إسرائيل النشطة لتعزيز أجندتها في روسيا منذ سنوات قليلة، ويعود ذلك- من ناحية- إلى الضغوط الأمريكية، ومن ناحية أخرى، إلى ثقة الإسرائيليين بالانحدار السياسي الكامل للاتحاد الروسي، في فترة ما قبل عام 2000.
سمح هذا التأخير للحكومة الروسية بالحفاظ على سيطرتها على المنظمات اليهودية العاملة في البلاد، ومنعها من التحول إلى أداة للتسلل والضغط الإسرائيلي.
هناك مشكلة كبيرة تتمثل في التوزيع الكبير للجنسية الإسرائيلية على المواطنين الروس منذ التسعينيات، ونتيجة لذلك أصبح كثير من الأشخاص الذين يشغلون مناصب قيادية في الدولة الروسية أو أقاربهم مواطنين إسرائيليين.
تضطلع الدبلوماسية الثقافية بدور مهم في الترويج لإسرائيل في روسيا؛ مما يشكل صورة إيجابية عن هذا البلد لدى الروس.
تعد روسيا هدفًا للدعاية الإسرائيلية عبر الإنترنت، التي يسهلها العدد الكبير من المواطنين الناطقين بالروسية الذين يعيشون في إسرائيل. إن وجود كثير من المواطنين الإسرائيليين كأصدقاء وأقارب وزملاء في المنظمات العلمية، والسياسية، والثقافية في روسيا يسهّل بالتأكيد تغلغل النفوذ الإسرائيلي. ومما لا شك فيه، مع استيعاب اليهود الناطقين بالروسية في إسرائيل، واستنفاد العلاقات بين المهاجرين ووطنهم، فإن هذه الاتصالات سوف تتلاشى تدريجيًّا، ولكنها في العقود المقبلة سوف تظل عاملًا مهمًّا يؤثر في النظرة إلى إسرائيل، على مستوى العالم، ولدى الرأي العام الروسي.
ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.