في مقابلة أُعدت خصيصًا لبرنامج “المراجعة الدولية“، على قناة “روسيا 24″ الفضائية، استضاف فيودور لوكيانوف، الدبلوماسي الأمريكي السابق تشارلز دبليو فريمان، وطرح عليه عدة أسئلة منها: ما تأثير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في السياسة الداخلية الأمريكية؟ هل كانت إيران متورطة في التخطيط لعملية 7 أكتوبر (تشرين الأول)؟ هل هناك حل للمشكلة الفلسطينية؟ هل نتوقع حربًا كبيرة في الشرق الأوسط؟ أخبر تشارلز فريمان، نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق، والسفير السابق لدى المملكة العربية السعودية، فيدور لوكيانوف عن ذلك في مقابلة لبرنامج المراجعة الدولية.
يدير بايدن الآن حملته الرئاسية. يوجد ما يقرب من 2.4% من سكان الولايات المتحدة من اليهود. كثيرون منهم لا يهتمون بإسرائيل، وبعضهم الآخر يهتم بها، لكن نصف التبرعات للحزب الديمقراطي الأمريكي تأتي من الأثرياء اليهود، الذين تعدّ القضية الإسرائيلية مهمة لهم، ويحتاج بايدن إلى جذب انتباه هؤلاء المانحين.
كما أن الوضع الحالي يزيد من فرص فوز دونالد ترمب، لكننا لا نعرف بالضبط كيف ستتطور الأحداث. ردت إسرائيل على هجوم حماس بالتهديد بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ولا نستطيع أن نقول كيف سيكون رد الفعل الدولي والأمريكي على ذلك. هناك شيء واحد حدث بالفعل، وسيؤثر في روسيا، وهو مستوى إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل وأوكرانيا، وهذا يعني أن احتمال تقديم مزيد من المساعدة لأوكرانيا قد زاد، على الرغم من معارضة كثير من الجمهوريين لذلك.
ما فعلته حماس ذكّر العالم بوجود المشكلة الفلسطينية. والمشكلة ليست في حماس التي من الممكن التخلص منها، وعلى الأغلب ستفعل إسرائيل ذلك، ولكن سيظهر شيء آخر مكانها. لم يكن لدى أحد أي فكرة عن قدراتهم، أو أنهم قادرون على التخطيط لأي شيء. ليس هناك شك في أنهم ارتكبوا فظائع، وهذا بالطبع يقلل من التعاطف معهم، على الأقل في الغرب.
يبذل المحافظون الجدد قصارى جهدهم لاستغلال الصراع الحالي، وتأكيد وجود البصمة الإيرانية المتصورة لتحقيق رغباتهم المتمثلة في إثارة حرب ضد إيران، وضرب المنشآت النووية. لا أعتقد أنهم سينجحون. لقد تحدث وزير الخارجية بلينكن بحذر، وقال ما مفاده أنه لا يوجد دليل على تورط إيراني.
إيران متورطة بطبيعة الحال، ولكن ليس في التخطيط لهذه العملية؛ بل في توريد الأسلحة، وتدريب الأفراد، وتوسيع قدرات حماس الصاروخية. أما الهجوم نفسه، فيبدو أنه تم التخطيط له من جانب مجموعة صغيرة جدًّا، من شخصين أو ثلاثة أشخاص. نُفِّذَت الأنشطة التحضيرية، لكن أولئك الذين شاركوا فيها لم يعرفوا الغرض منها؛ لذا أعتقد أنهم تمكنوا هنا من فعلها دون معرفة إيران.
لكنَّ هناك قصتين تتعلقان بإيران. هذه العملية، وكذلك صرف الأموال الإيرانية التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية (نحو 6 مليارات دولار)، يستغلها الجمهوريون في الادعاء بأن هذه الأموال استُخدمت لشن الهجوم على إسرائيل، وهو بالطبع محض هراء، لكنَّ هناك كثيرًا من الهراء في السياسة الأمريكية في الوقت الحالي.
بطبيعة الحال، سيكون لذلك تأثير كبير في العالم العربي والإسلامي ككل، ويجب ألا ننسى أن المسلمين منتشرون في جميع أنحاء العالم، ومنها ماليزيا وإندونيسيا. وينبع جزء من الأزمة في قدسية المسجد الأقصى، الذي يعتقد المسلمون أنه دُنِّسَ على يد المستوطنين اليهود.
من المرجح ألا يكون التأثير المباشر في دول الخليج،؛ بل في مصر والأردن، حيث لديهما مشكلات مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تعد حماس فرعًا منها. وتحاول إدارة بايدن إقناع مصر بالمساعدة في تجنب التطهير العرقي في غزة من خلال فتح الحدود أمام اللاجئين من هناك. أما الأردن، فهو دولة يشكل فيها الفلسطينيون أغلبية.
في الخليج، ستكون النتيجة تجميد جهود التطبيع مع إسرائيل، بما في ذلك الخطوات العملية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية للمرة الأولى في هذا الشأن. لم أعتقد قط أن السعودية ستكون مستعدة لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل. لقد كانوا يعرضون هذا الموضوع فقط على أمل الحصول على شيء مقابله؛ لأنهم كانوا يعلمون جيدًا أن هذا الموضوع مهم لنتنياهو، وهو الآن، في الغالب بعد الحرب، سيضطر إلى ترك السياسة، ولكنه كان يريد بشدة أن يخرج الأرنب من القبعة؛ ومن ثم ينقذ حياته السياسية.
لقد تحدثت قبل بضعة أيام إلى ممثل عن وزارة الشؤون الإستراتيجية والدعاية الإسرائيلية، وهذا هو جهاز الدعاية السياسية لديهم، وأكد لي أن التطبيع السعودي الإسرائيلي سيكون نقطة تحول للشرق الأوسط بأسره، لكنني لا أعتقد ذلك.
كان من موضوعات النقاش المهمة، السياحة الإسرائيلية إلى السعودية. لقد أراد السعوديون حقًا ضمان تدفق الإسرائيليين إلى المنتجعات التي يبنونها على البحر الأحمر، وهذا لن يحدث الآن بالطبع. كما أن “اتفاقات إبراهيم” في ورطة، لكن أبو ظبي ذكرت أنها لا تخلط بين الاقتصاد والسياسة، وأن التعاملات المالية ستستمر، لكن من الواضح أنه لن يكون من الممكن عزل أحدهما عن الآخر.
أعتقد أن هذا ممكن. خذ مصر على سبيل المثال، من السهل أن نتوقع أن يمارس الشعب المصري ضغوطًا قوية جدًا على حكومة السيسي لكي تفعل شيئًا لمساعدة الفلسطينيين، ومن الممكن حدوث حالة مماثلة من عدم الاستقرار في الأردن. لقد شهدنا بالفعل تبادلاً لإطلاق النار بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية، وربما يتم جر سوريا. هناك خطر وقوع أعمال تخريبية ضد القواعد الأمريكية في المنطقة، وبالفعل حدث عدد من التهديدات. على سبيل المثال، حدثت في العراق. ناهيك برغبة المحافظين الجدد الأمريكيين في استغلال الوضع لشن حرب على إيران، وهذا يعني أن كثيرًا من الأشياء المختلفة يمكن أن تحدث، وقد تؤدي إلى حرب كبيرة، ولا أعتقد أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل سيجد ردًا فعالًا في معظم دول العالم.
إن حل الدولتين الذي تحدث عنه الجميع منذ سنوات، لم يعد له معنى. وببساطة، أصبح مستحيلًا من الناحية العملية؛ بسبب النشاط الاستيطاني، والسياسات الإسرائيلية بشكل عام.
في الواقع، أصبح الفلسطينيون والإسرائيليون في دولة واحدة. هذه الدولة لديها مواطنون يهود لهم كل الحقوق، وهناك مواطنون من أصل مسلم ومسيحي يعتبرون من الدرجة الثانية، وهناك عدد كبير من السكان ليس لهم أي حقوق على الإطلاق، وهم تحت الاحتلال العسكري، وهناك 2.5 مليون من سكان غزة يعيشون ببساطة في حصار وعزلة.
يبدو لي أن الوضع يتجه نحو النضال لأجل الحقوق المدنية، وحقوق الإنسان، ومن الواضح أن الحل المنطقي تشكيل دولة واحدة، ومن الضروري أن تكون ديمقراطية، وليست يهودية حصرية، ولكن هذا صعب جدًّا، ولا أرى أي حل في المستقبل المنظور.
أعلم أن 60 ألف إسرائيلي هاجروا في أيام قليلة؛ لأن الخوف واضح. كان أحد الأهداف الرئيسة لحماس هو أن تفعل بالإسرائيليين ما تفعله بالفلسطينيين. لقد شعر الإسرائيليون بذلك، وكانوا خائفين، وهو أمر طبيعي تمامًا. لا أعرف هل سيظهرون المثابرة نفسها التي أظهرها الفلسطينيون في الدفاع عن أرضهم أم لا. هناك أماكن كثيرة في العالم لا يواجه فيها اليهود أي مشكلات، ومنها بلدي، الولايات المتحدة الأمريكية.
ما ورد في الحوار يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير