وحدة الدراسات الصينية

خطاب لاي يفضح خواء نهجه السياسي


  • 11 أكتوبر 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: defensehere

الخطاب نفسه، الادعاءات الزائفة ذاتها، ومحاولات التبرير ذاتها للعلاقات “الإستراتيجية” المزعومة بين جزيرة تايوان وواشنطن. هذا هو ملخص خطاب زعيم تايوان، لاي تشينغ تي، الذي ألقاه يوم أمس الجمعة، فقد عرّى خطابه التناقضات والأوهام التي تنطوي عليها أجندته الاقتصادية والأمنية، القائمة على الانفصالية والارتهان للولايات المتحدة، والملأى بالتناقضات البنيوية. إنه خطاب كشف ثقة في غير محلها، وأظهر بوضوح عمق أزمة المصداقية التي تعيشها سلطات تايوان.

اقتصاديًّا، بالغ لاي في تمجيد ما وصفه بـ”مرونة” اقتصاد تايوان، و”الارتفاعات القياسية” في معدلات النمو، مستشهدًا بتعديل بنك التنمية الآسيوي توقعاته من 3.3 إلى 5.1 في المئة لعام 2025 لتدعيم مزاعمه. غير أنه أغفل عمدًا الانخفاض الحاد في توقعات “المديرية العامة للميزانية والمحاسبة والإحصاء” في تايوان، التي خفضت معدل النمو المتوقع لعام 2026 إلى 2.81 في المئة، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى الرسوم الجمركية العقابية الأمريكية بنسبة 20 في المئة على السلع التايوانية.

في ظل إدارة لاي، أصبح ما يُسمى بالحليف الأقرب، أي الولايات المتحدة، أكبر تهديد اقتصادي للجزيرة. ورغم محاولة لاي التقليل من أثر الرسوم الأمريكية، فإن اقتراحه لخطة دعم بقيمة 93 مليار دولار تايواني (نحو 2.9 مليار دولار أمريكي) تستهدف الشركات والعمال وقطاعي الزراعة والصيد، يعكس بوضوح مدى الدمار الذي ألحقته تلك الرسوم بالاقتصاد المحلي. تؤثر الرسوم الأمريكية في ما يقارب ربع صادرات الجزيرة المتجهة إلى الولايات المتحدة، أي ما قيمته نحو 23 مليار دولار سنويًّا، وقد تؤدي إلى خفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 0.8 نقطة مئوية في العام المقبل.

ويتمثل أحد أبرز التهديدات للاقتصاد التايواني في الضغط القسري من واشنطن على شركات أشباه الموصلات التايوانية لنقل صناعاتها المتقدمة إلى الأراضي الأمريكية. فشركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، وهي أكبر مصنع للرقائق في الجزيرة، التزمت بالفعل باستثمار 165 مليار دولار لإنشاء ستة مصانع في أريزونا وغيرها من الولايات الأمريكية. هذه الاستثمارات ستوفر نحو 6000 وظيفة هندسية في الولايات المتحدة، لكنها ستجرد تايوان من صناعتها ذات القيمة العالية. تنتج الجزيرة أكثر من 90 في المئة من أشباه الموصلات المتقدمة في العالم، وهي تمثل نحو 15 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وتوظف 2.8 في المئة من القوى العاملة. وبدلًا من الدفاع عن هذه المزايا الإستراتيجية، وصف لاي قرار الشركة المأخوذ تحت الإكراه بأنه “تعاون إستراتيجي” مع الولايات المتحدة.

وباختصار، فإن النموذج الاقتصادي الذي يتبناه لاي غير قابل للاستمرار. فرغم استمرار البطالة بين الشباب، وجمود الأجور المتوسطة، وتسارع وتيرة الشيخوخة السكانية أكثر من أي مجتمع آخر في المنطقة، يواصل لاي فرض العوائق أمام التجارة الطبيعية والتعاون الاقتصادي مع البرّ الصيني، وهو الشريك التجاري الأكبر للجزيرة، الذي يستوعب أكثر من 36 في المئة من صادراتها في فترات الذروة، ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل.

أما على الصعيد الأمني، فقد كشف اقتراح لاي زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أي نحو 949.5 مليار دولار تايواني) في عام 2026، وصولًا إلى 5 بالمئة بحلول عام 2030، ودعوته إلى بناء ما يسمى نظام دفاع جوي متعدد الطبقات (T-Dome)، عن سعيه المحموم إلى استرضاء واشنطن من خلال إثراء مجمعها الصناعي العسكري بمليارات الدولارات، فسياساته القائمة على الشعارات لا تهدف إلى حماية سكان الجزيرة، بل إلى جرّهم إلى متاهة قضيته الانفصالية.

ووفقًا لأحدث استطلاع أجرته صحيفة “يونايتد ديلي نيوز”، ارتفعت نسبة عدم الرضا الشعبي عن طريقة تعامل لاي مع العلاقات عبر مضيق تايوان إلى 63 في المئة، أي بزيادة 20 نقطة مئوية عن العام الماضي، في حين تراجعت نسبة تأييده من 44 في المئة إلى 26 في المئة فقط. أما خسائر الحزب الديمقراطي التقدمي في البرلمان، وانتكاساته في الانتخابات المحلية، وفشل حملة خطابات لاي حول “الوحدة”، فكلها تشير إلى تآكل حاد في الثقة العامة بسلطاته.

ومن المثير للسخرية -على نحو خاص- دعوة لاي للبرّ الصيني إلى “الكف عن تحريف” قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 ووثائق الحرب العالمية الثانية، في حين أن حزبه وإدارته هما من يحاولان إعادة كتابة التاريخ، وتحدي “توافق عام 1992” القائل بوجود صين واحدة.

سيواصل البرّ الصيني تعزيز التنمية السلمية للعلاقات عبر المضيق وتوسيع مجالات التبادل والتعاون، لكنه في المقابل سيعارض بحزم أنشطة “استقلال تايوان”، والتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للبلاد، وسيواصل الدفاع بثبات عن سيادة الأمة، وسلامة أراضيها.

المصدر: صحيفة الصين اليومية (China Daily) الصينية


شارك الموضوع