تقدير موقف

10 مكاسب و5 فخاخ في مبادرة ترمب بشأن غزة


  • 2 أكتوبر 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: time

منذ طرحها في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية أثارت مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن غزة، التي تتضمن 20 بندًا في صياغتها الأخيرة، كثيرًا من الجدل في الشارع العربي والفلسطيني، فبعضهم وصفها بأنها “وصفة للاستسلام والإذعان”، وتمنح نتنياهو “صورة نصر” لم يحققه في أرض الميدان بعد صمود أسطوري للشعب الفلسطيني، وتشكك هذه الأصوات في إمكانية الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ويرى هؤلاء أن نتنياهو سوف ينقلب على الاتفاق بعد الحصول على الرهائن، كما عاد إلى الحرب في 18 مارس (آذار) الماضي بعد توقف استمر شهرين.

لكن على الجانب الآخر، هناك فريق يقول إن مبادرة ترمب بها مكاسب كبيرة للشعب الفلسطيني لا يجب تفويتها، مثل وقف الحرب، ووقف ضم الضفة الغربية، وإفشال مشروع التهجير، وتبييض السجون الإسرائيلية من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية، وهذا دفع بعض الدول العربية إلى الترحيب بالمبادرة من بوابة أنها “يمكن البناء عليها”، بمعنى أن الدول العربية تقبل بالإيجابيات التي تتضمنها المبادرة، وفي الوقت نفسه يمكن التفاوض على الجوانب التي يراها العرب والفلسطينيون سلبية في “المبادرة”، كما تفاوض نتنياهو بشأن بعض البنود في 3 اجتماعات طويلة مع الرئيس ترمب، ووزير خارجيته مارك روبيو، ومبعوثه الشخصي ستيف ويتكوف، فما المكاسب التي تضمنتها “مبادرة ترمب” ويمكن البناء عليها؟ وما “الفخاخ” التي ينبغي تجنبها والابتعاد عنها؟

10  مكاسب

أولًا- وقف الحرب

تدعو المبادرة -بوضوح وعلى نحو صريح- إلى وقف الحرب في قطاع غزة، وهناك اتفاق بين الجميع في المنطقة على أن الحرب في غزة هي “عرض لكل الأمراض السياسية” في الشرق الأوسط، ومن شأن وقف الحرب في غزة أن يبرد باقي الجبهات، ويسمح بعودة الاستقرار من جديد إلى المنطقة، وأن استمرار الحرب في غزة يمكن أن يوسع الحرب في جبهات جديدة بعد قصف الدوحة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ثانيًا- الانسحاب من غزة

مع أن المبادرة تحدثت عن الانسحاب التدريجي من غزة، لكنها تنص بشكل حاسم على “الانسحاب الكامل” من كل قطاع غزة، وهذا يعني الانسحاب الإسرائيلي من شمال غزة، ومن معبر رفح الفلسطيني، ومن محور فيلادلفيا، ومحور موراج، وكلها أهداف كانت مصر تنادي بها منذ احتلال إسرائيل لهذه المناطق، ونجاح تنفيذ هذه المبادرة يعني فشل اليمين المتطرف في احتلال غزة، أو إعادة الاستيطان إليها.

ثالثًا- الوحدة الجغرافية

تشير نصوص المبادرة إلى غزة والضفة الغربية والوحدة الجغرافية بينهما، وأن أراضي تلك المناطق لسكانها، وهو ما يعني العمل على تحقيق الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو أمر ما زال نتنياهو يتفاوض عليه، وقد يسعى إلى إفشاله في المستقبل، والحديث بهذه الصورة عن الضفة الغربية يعني أن الولايات المتحدة لن تقوم بضم جزئي أو كلي للضفة الغربية، وهذا ضربة كبيرة لمشروع “إسرائيل الكبرى” الذي يتبناه نتنياهو، والأحزاب اليمينية.

رابعًا- فشل التهجير

تدعو المبادرة الأمريكية إلى بقاء سكان غزة في بيوتهم، وعدم تهجيرهم، وكان هذا هدفًا فلسطينيًّا وعربيًّا؛ لأن أضلاع الدولة الثلاثة تتكون من الشعب والأرض والسلطة، وهذا يعني إفشالًا واضحًا للمخطط الإسرائيلي لطرد الفلسطينيين من أراضيهم.

خامسًا- حل الدولتين

لأول مرة منذ عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، يتحدث عن مسار يمكن أن يقود إلى دولة فلسطينية، وهذا مكسب كبير لم يكن أحد يتوقع أن يأتي من رئيس أمريكي يدعم إسرائيل دعمًا مطلقًا، ودون أي شروط. ورغم عدم الحديث الأمريكي مباشرة عن حل الدولتين فإن الإبقاء على الأرض في الضفة الغربية دون ضم، وإعادة بناء قطاع غزة مع الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية يعني إفشالًا مبكرًا للخطط الإسرائيلية لإجهاض حل الدولتين.

سادسًا- أصحاب المؤبدات

لأول مرة يمكن تبييض السجون الإسرائيلية من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية، حيث تنص المبادرة على إطلاق سراح نحو 280 من أصحاب المؤبدات، وآخر عدد وافقت إسرائيل عليه من هذه الفئة كان 70 سجينًا، وهو ما يعني أن هناك فرصة كبيرة لإطلاق سراح الأسماء الكبيرة، مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وكل القادة الفلسطينيين خلف القضبان الإسرائيلية، وهذا الأمر مهم جدًّا بعد موافقة الكنيست في القراءة الأولى على إعدام الأسرى الفلسطينيين.

سابعًا- دخول المساعدات

سوف تدخل المساعدات بنحو 600 شاحنة في اليوم، دون أي عوائق من إسرائيل، ومن خلال المؤسسات المعروفة، مثل الهلال الأحمر الفلسطيني والمؤسسات الأممية، وكان هذا طلبًا رئيسيًّا للشعب في قطاع غزة وحركة حماس، ومن شأن البدء الفوري في إدخال المساعدات إنقاذ الأطفال والنساء والفئات الضعيفة التي باتت لا تستطيع أن تقاوم الأمراض والجوع.

ثامنًا- ضمانات لحماس

تتضمن المبادرة ضمانات لقادة حماس تسمح لهم ليس فقط بالخروج سالمين من القطاع، بل للعودة مرة إلى قطاع غزة بعد إعادة الإعمار، وهذا معناه أن القادة الذين قاتلوا إسرائيل يمكن أن يجدوا “بوابة خلفية” للعودة، وقتال إسرائيل مرة أخرى إذا حاولت إسرائيل احتلال قطاع غزة من جديد، أو حاولت البقاء وعدم الانسحاب من القطاع.

تاسعًا- سلاح حماس

كما تفاوضت إسرائيل وبنيامين نتنياهو مع ستيف ويتكوف وروبيو والرئيس ترمب بشأن بنود المبادرة، يمكن لحماس أن تتفاوض على السلاح دون تجاهل المكاسب السابقة، فالمكاسب السابقة هي في قلب مطالب حماس، في حين أن تشكيل الإدارة الجديدة للقطاع، أو التعامل مع سلاح حماس، يمكن طرحه على الطاولة، ويتم الحديث عن أمور كثيرة في هذا الملف، منها تجميد نشاط حماس، وعمليًّا خلال مرحلة إعادة الاعمار، وبعد عامين من الحرب، يعتقد البعض أن الفصائل الفلسطينية كلها في حاجة إلى “استراحة محارب”، فهي موجودة ليس فقط بالسلاح، لكن في ضمير كل فلسطيني وعربي، بل كل حر في العالم، ولا يمكن انتزاعها من عقول الجميع وقلوبهم.

عاشرًا- مجلس السلام

كانت المخاوف مما يسمى “مجلس السلام”، الذي يترؤسه الرئيس الأمريكي مع رؤساء آخرين، منهم توني بلير، متعلقة برئاسة توني بلير، ونتيجة لرفض الشارع الفلسطيني والعربي، بات توني بلير مجرد اسم في هذا المجلس، وليس رئيسًا له، وعمل هذا المجلس الذي سوف يشرف على مجموعة التكنوقراط “مؤقت”، إلى حين تنفيذ الإصلاحات في السلطة الفلسطينية.

5  فخاخ

1- القدس الشرقية

لم تأتِ المبادرة على ذكر القدس الشرقية. ويُذكر أن ترمب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ويرى أن القدس الشرقية والغربية عاصمة أبدية لإسرائيل، ولهذا من المهم تأكيد أن أي حل نهائي يجب أن تكون القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 هي العاصمة للدولة الفلسطينية القادمة.

2- التطبيع

هذه المبادرة تفتح الباب للتطبيع دون ظهور حقيقي للدولة الفلسطينية، فعند تطبيق هذه المبادرة سوف يبدأ على الفور مسار التطبيع دون انتظار لقيام الدولة الفلسطينية، وهو أمر يجب الحوار بشأنه مع الإدارة الأمريكية.

3- لجنة حكم غزة

الهيئة الدولية التي يرأسها ترمب للإشراف على غزة تعني أن ترمب سوف ينصب نفسه حاكمًا على غزة على نحو غير مباشر، وهو ما قد يهدد بفصل غزة عن الضفة؛ ومن ثم استفراد إسرائيل بالضفة، خصوصًا في ظل المعلومات التي تقول إن نتنياهو سوف يبدأ حرب جديدة على الضفة الغربية فور الانتهاء من غزة.

4- حل الدولتين

الخطة الأمريكية تشكك عمليًّا في حل الدولتين؛ لأن الخطة تدعو إلى إطلاق حوار مباشر بشأن “التعايش السلمي”، ولم تذكر حل الدولتين بطريقة مباشرة، مع أن الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جو بايدن -بكل انحيازاتها إلى إسرائيل- كانت تدعو إلى حل الدولتين.

5- السيناريو اللبناني

الانسحاب التدريجي لإسرائيل مرهون بنزع سلاح حماس، وهو تكرار للسيناريو اللبناني، حيث ترفض إسرائيل الانسحاب من الجنوب اللبناني إلا بعد نزع سلاح حزب الله، وهو ما يهدد مبدأ الانسحاب الكامل من القطاع، ويبقي السيطرة الأمنية الإسرائيلية على رقاب الفلسطينيين.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير


شارك الموضوع