إيران ليست حزبًا، أو جماعة، أو ميليشيا مسلّحة يمكن قطع رأسها والقضاء عليها؛ بل دولة قارية كبرى، ذات تاريخ وحضارة وثروات طبيعية، وموقع جيوسياسي شديد الأهمية.
تبدو إسرائيل قد رتبت أوضاعها على حرب طويلة، ويبدو أن قدرات إيران حتى الآن محدودة، وهناك شكوك كبيرة في قدرة روسيا -أو بالأحرى رغبتها- على تقديم مساعدة عسكرية ذات قيمة تُذكر، وكذلك الصين.
وفي ظل غياب أي معارضة داخلية حقيقية من خارج النظام قادرة على ملء الفراغ، أو معارضة خارجية جادة، يبدو أن أي عملية تغيير لا بد أن تحدث من داخل النظام نفسه، لضمان عدم دخول إيران في حالة من الفوضى.
وقد يكون من المفيد وضع جميع السيناريوهات لهذا المشهد، ومن ضمنها:
أولًا- سيناريوهات تفكك الداخل الإيراني
- سعي أذربيجان إلى استغلال حالة الفوضى، حال وقوعها، لخلق وحدة مع الأذريين في شمال غرب إيران، وهو ما سيحفّز التدخل الروسي والأرميني والجورجي، ويدخل منطقة جنوب القوقاز في حالة من الاضطراب.
- تحرك الأكراد لتأسيس كيان مستقل؛ ما يجعل تركيا محاطة بـ”هلال كردي” في العراق وسوريا وإيران، ويفتح الباب أمام تحرك كرد تركيا أنفسهم؛ ما قد يدفع أنقرة إلى تدخل مباشر لحماية أمنها.
- المكوّن البلوشي في إيران، الطامح إلى الاستقلال، ومحاولاته التي قد تدفع بلوش باكستان نحو فكرة الوحدة القومية؛ مما ينعكس على بشتون باكستان أيضًا، ويعيد إحياء الحلم القديم بالاتحاد مع إخوانهم في أفغانستان.
- تنظيم داعش- ولاية خراسان، واحتمال تمدده داخل إيران، وما قد ينجم عن ذلك من فوضى في آسيا الوسطى عن طريق بوابة طاجيكستان.
- المكوّن العربي في الأهواز، وتداعيات وضعه على الداخل العراقي والمنطقة عمومًا.
ثانيًا- سيناريوهات التداخل الإقليمي والدولي
- القوى الإقليمية المنافسة، مثل الهند، قد تسعى إلى استغلال المشهد في مواجهة خصومها، كتركيا وباكستان.
- دور الصين، خاصةً إذا تفاقمت الفوضى في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، وتأثير ذلك في طريق التجارة الصيني نحو أوروبا، “الممر الأوسط الشمالي”، المستخدم بديلًا للمسار الروسي.
- أسعار النفط والغاز، المتوقع ارتفاعها بشدة نتيجة فقدان السوق الإيرانية، أو تراجع إنتاجها، وما سيتبعه من فوضى محتملة في العراق، وكل ذلك سيخدم روسيا، وربما يكسح قدرات أوروبا في مواجهتها.
ثالثًا- أسئلة إستراتيجية عاجلة
- كيف سيتم التعامل مع الوقود النووي الإيراني في حالة الانهيار؟
- ما مصير السلاح المنتشر والمليشيات التي كانت تابعة لطهران؟
- ما موقع إسرائيل في معادلات المنطقة الجديدة؟
- وما الثمن السياسي الذي ستفرضه مقابل أنها تخلّصت -منفردة- من إيران وحلفائها، وأسهمت في إسقاط الأسد في سوريا؟
- من سيدفع هذا الثمن؟
- وهل ستكون القضية الفلسطينية هي الكلفة الكبرى في هذا السيناريو؟
رابعًا- التحدي أمام الخليج العربي
- كيف ستتعامل دول الخليج العربية مع هذه الأخطار؟
- ما انعكاس تحوّل الخليج إلى منطقة توتر وعدم استقرار؟
- ما مدى تأثير ذلك في مشروعات التنمية والرؤى المستقبلية القائمة على استقرار إقليمي آمن؟
خلاصة الموقف
أسئلة كثيرة من الحكمة البدء بطرحها، ووضع سيناريوهات حتى لأسوأ الاحتمالات وأكثرها تشاؤمًا، حيث علمتنا التجربة في المنطقة أن سقوط شيء سيّئ غالبًا ما يتبعه ما هو أكثر سوءًا، تمامًا كما كانت الحال في: العراق ما بعد صدام، ليبيا ما بعد القذافي، اليمن ما بعد علي عبد الله صالح.. وغير ذلك.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.