ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابًا -عبر الفيديو- في “اجتماع القادة بشأن المناخ والانتقال العادل”، يوم الأربعاء، أكد فيه أن الصين تظل فاعلًا ثابتًا ومساهمًا رئيسًا في تعزيز التنمية الخضراء عالميًّا، مشيرًا إلى استعداد الصين للتعاون مع جميع الأطراف من أجل الوفاء الصادق بمبدأ “المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة”، وبذل أقصى الجهود على نحو فردي وجماعي لبناء عالم نظيف وجميل ومستدام.
وقال شي: “ما دمنا نعزز الثقة والتضامن والتعاون، فسنتمكن من تجاوز الرياح المعاكسة والمضي قدمًا بثبات في حوكمة المناخ العالمية وجميع المساعي التقدمية في العالم”.
هذه التصريحات لا تمثل تعهدًا رسميًّا للمجتمع الدولي فحسب؛ بل تشكل أيضًا دليلًا واضحًا وعقلانيًّا في وقت يسوده الاضطراب وعدم اليقين عالميًّا.
العالم اليوم يقف عند مفترق طرق حاسم فيما يخص العمل المناخي؛ فمن جهة، أصبحت التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون توجهًا أساسيًّا في عصرنا، ومن جهة أخرى، تواجه التوافقات العالمية بشأن قضايا المناخ تحديات وانتكاسات كبيرة؛ ففي حين تراجعت بعض الدول أو انسحبت من التزاماتها، بادرت دول أخرى إلى تكثيف جهودها. وفي هذا “الاختبار الإنساني” الطويل والمعقد، قدّمت الصين عنصرًا ضروريًّا من الاستقرار والضمان في مجال حوكمة المناخ العالمية.
لقد دُمِج مفهوم “الحضارة الإيكولوجية” في إستراتيجية التنمية الوطنية الصينية. بدءًا من طرح الفكرة التي تقول إن “المياه الصافية والجبال الخضراء هي أصول لا تُقدّر بثمن”، إلى السعي إلى بناء “نظام طاقة نظيف ومنخفض الكربون وآمن وفعال”، أصبحت التحولات الخضراء السمة المميزة لتنمية الصين في العصر الجديد.
وأعلنت وزارة البيئة والبيئة الإيكولوجية، يوم الأربعاء، أن الصين كشفت عن خطة تنفيذ وطنية للوفاء ببروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون للفترة بين عامي 2025 و2030.
وقال يانغ فو تشيانغ، الباحث في معهد أبحاث الطاقة بجامعة بكين، لصحيفة “غلوبال تايمز”: “استنفاد الأوزون يمثل مصدر قلق عالمي رئيس، وعنصرًا مهمًّا في تغير المناخ”، مضيفًا: “الدعم الثابت من الصين لبروتوكول مونتريال أدى دورًا قياديًّا حاسمًا في حوكمة المناخ العالمية، وتقليل غازات الدفيئة، والتحول في مجال الطاقة. إنه التزام جوهري وثابت”.
وعلى النقيض الصارخ من التقدم المستمر للصين، تتبنى بعض الدول الغربية مواقف متراجعة. أبرز مثال على ذلك هو الولايات المتحدة، التي أعلنت -في وقت سابق من هذا العام- انسحابها من اتفاق باريس للمناخ، متخذة مسارًا معاكسًا للاتجاه المطلوب بشدة لمواجهة أزمة المناخ، حيث تعطي الأولوية “للمصالح الوطنية” على حساب المسؤوليات العالمية المشتركة.
في الوقت الذي تتراجع فيه بعض الدول الغربية عن التزاماتها المناخية، تواصل الصين مسيرتها في التحول الأخضر بثبات، وتوفي بوعودها لنفسها وللعالم حسب جدولها الزمني الخاص.
يشهد الاقتصاد الأخضر المنخفض الكربون تطورًا سريعًا، وتتحول الصناعة التحويلية نحو الاستدامة، فيما تزداد مبيعات السيارات الكهربائية عالميًّا، وتتحسن البيئة الإيكولوجية تدريجيًّا، ويُتخذ مزيد من الإجراءات لمكافحة تغير المناخ، كما تتعزز المشاركة الصينية في التعاون الأخضر العالمي. كل هذه المؤشرات تؤكد أن الصين النابضة بالحياة والملتزمة بالبيئة تسهم بطاقة “خضراء” متجددة في التنمية الخضراء على مستوى العالم.
ومهما تغير الوضع الدولي، فإن خطوات الصين في مواجهة تغير المناخ لن تتباطأ. تمضي الصين قدمًا بعزم قوي، مقدّمة نموذجًا يُحتذى به؛ فالصين اليوم هي دولة تدمج التنمية الخضراء في فلسفة نموها، ومستعدة لتحمّل مسؤولية المصير المشترك للبشرية، وهذا يعكس بحق سمو مكانتها بوصفها قوة عظمى.
المصدر: افتتاحية صحيفة غلوبال تايمز (Global Times) الصينية