إستراتيجيات عسكريةوحدة الدراسات الصينية

مناورات باليكاتان الأمريكية الفلبينية.. استعراض استفزازي أم “سوبر تروول”؟


  • 29 أبريل 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: lowyinstitute

انطلقت يوم الاثنين 21 أبريل (نيسان) التدريبات العسكرية السنوية “باليكاتان” بين الولايات المتحدة والفلبين، بمشاركة نحو 17 ألف جندي، وسط ضجيج دعائي وصفها بأنها أشبه بالمباراة النهارية لبطولة كرة القدم الأمريكية “سوبر بول” (Super Bowl) المناورات العسكرية في المنطقة، بحسب ما صرح به العميد الفلبيني مايكل لوجيكو، مدير التدريبات. لكن يبدو أن مانيلا قد أساءت التقدير بشدة في هذا التوصيف.

في الوقت نفسه، تحاول كل من واشنطن ومانيلا نسج رواية ترى أن هذه التدريبات “بروفة للدفاع المشترك”، غير أن الحقيقة على الأرض تشير إلى أن السيناريو المكتوب هو استمرار الهوس الأمريكي باحتواء الصين، وتعزيز ذهنية “نحن في مواجهة الصين” في المنطقة وما بعدها.

وبدلًا من أن تكون “سوبر بول”، فإن هذه التدريبات تشبه أكثر “سوبر تروول” (“التروول” في عالم الإنترنت هو الشخص الذي يستفز الآخرين عمدًا لجذب الانتباه). وعلى الرغم من تأكيدات لوجيكو بأن واشنطن ومانيلا “محايدتان” تجاه ردود فعل بكين، فإن تفاصيل كثيرة في تدريبات باليكاتان تنضح بالاستفزاز المباشر للصين.

فعلى سبيل المثال، من المزمع أن تنشر الولايات المتحدة هذا العام نظام اعتراض السفن البرمائية المعروف بـ(NMESIS) في مضيق لوزون، الذي تصفه مجلة “نيوزويك” بأنه “نقطة اختناق رئيسة للوصول البحري الصيني إلى المحيط الهادئ”.

إضافة إلى ذلك، أكد سلاح مشاة البحرية الأمريكي، الأسبوع الماضي، أن نظام صواريخ (NMESIS) قد يبقى في الفلبين لاستخدامه في مناورات مستقبلية، إذا رأت مانيلا ذلك مناسبًا وطلبته. وقد أثار هذا الإعلان الربط بنظام الصواريخ المتوسط المدى (Typhon)، الذي نشرته واشنطن خلال مناورات “باليكاتان” 2024، وما زال متمركزًا في الفلبين حتى الآن. وبقاء هذه الأنظمة على الأراضي الفلبينية قد يُحوّلها إلى مصدر دائم للتوتر في المنطقة.

وبعيدًا عن البعد العسكري البحت، تستخدم واشنطن هذه التدريبات منصةً لتقوية علاقاتها مع مانيلا؛ فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي “بيت هيغسيث”، خلال زيارة إلى الفلبين الشهر الماضي، بأن بلاده “مصممة على إعادة إرساء الردع، والوقوف إلى جانب الحلفاء والشركاء في هذه المنطقة قبل أي شيء آخر”، لكن هذه التصريحات تبدو أقرب إلى سراب سياسي مُتقن الإخراج، منها إلى ضمانات راسخة يمكن الاعتماد عليها.

وفي هذا السياق، أوضح “سونغ جونغ بينغ”، الخبير الصيني في الشؤون العسكرية، في مقابلة مع صحيفة “غلوبال تايمز”، أن الفلبين لطالما تخيّلت نفسها بطلة التدريبات الأمريكية في المنطقة، لكن الواقع أن “باليكاتان” ليست سوى عرض عضلات أمريكي، تُستغل فيه الفلبين كموقع إستراتيجي لتقديم هذا العرض.

وأضاف “سونغ” أن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الفلبين لا يهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الإقليمية فقط؛ بل يسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف أمريكية رئيسة من مانيلا: شراء الأسلحة الأمريكية، وتوفير قواعد للقوات الأمريكية، وتنفيذ مناورات موجهة ضد الصين؛ لذلك ينبغي للفلبين ألا تبالغ في تقدير دورها، وألا تقع في وهم قد يدفعها -في النهاية- إلى التضحية بمصالحها الوطنية.

قد تحصد مناورات “باليكاتان” بعض العناوين المثيرة في الصحف، وقد تمنح مانيلا شعورًا لحظيًّا بالأمان، لكن الانخراط في لعبة كبرى تقودها قوة عظمى قد يُحوّل الفلبين -في نهاية المطاف- إلى مجرد كرة رجبي تتقاذفها أطراف اللعبة، وعلى رأسهم الحليف الذي تسعى إلى إرضائه.

المصدر: افتتاحية صحيفة غلوبال تايمز (Global Times) الصينية


شارك الموضوع