مقابلة خاصة مع مكسيم أوريشكين، الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي للتعاون المالي والاقتصادي مع دول مجموعة بريكس، أجراها فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة روسيا في الشؤون العالمية، تناول فيها خطط المجموعة التنموية في مقابلة لبرنامج “المراجعة الدولية”.
فيودور لوكيانوف: قال الرئيس في المؤتمر الصحفي الختامي لقمة بريكس إن عمل الرئاسة الروسية لم ينته بعد. ما الخطوة التالية؟ وبشكل عام، ما الخطوات التي يجب أن نتوقعها فيما يتعلق بالتعاون مع الشركاء، وبورصة الحبوب؟ وماذا سنترك للبرازيليين؟
مكسيم أوريشكين: إن مجموعة بريكس قصة لم تكن وليدة شهور أو حتى سنوات، بل عقود من الزمن، ومن ناحية أخرى، فإنها عمليات طويلة الأمد. إن دول بريكس، ودول جنوب العالم وشرقه، هي تلك الدول التي تعد بالفعل القوة الرئيسة وراء النمو الاقتصادي العالمي، والإمكانات الاقتصادية الشاملة. وإذا نظرت من وجهة نظر الإمكانات المستقبلية ككل (السكان، وإمكانية اللحاق بركب التنمية، وتراكم رأس المال)، يصبح من الواضح أن النمو العالمي سيكون في دول بريكس، وجنوب العالم وشرقه. فضلًا عن ذلك، فإن النمو العالمي يصبح مستحيلًا في غياب هذه البلدان.
أما على المسار الاقتصادي، فتعمل دول بريكس الآن على تطوير مؤسساتها الخاصة التي ستفتح الفرص لهذا النمو الاقتصادي في كثير من المجالات. يعتمد النمو الاقتصادي على مجموعة كاملة من العناصر الأساسية: (التكنولوجيا، والتعليم، والنظام التجاري، والخدمات اللوجستية، والتمويل، والاستثمار)، وهذا -على وجه التحديد- هو ما يرتبط بمبادرة منصة استثمارية جديدة، سيعمل عليها فريق عمل خاص في بنك التنمية الجديد على نحو وثيق جدًّا.
فيودور لوكيانوف: فيما يتعلق بتبادل الحبوب، وهو أمر مثير للاهتمام جدًّا، أعلم أن هذا الموضوع نوقش مدة طويلة، فهل من المتوقع بالفعل اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه؟
مكسيم أوريشكين: هذه أيضًا ليست عملية سريعة؛ لأنها تتعلق ببناء العلاقات والاتفاقيات الصحيحة مع شركاء محددين. كل ما يحدث في بريكس يحدث على أساس مبادئ الإجماع؛ لذلك لن يكون من الممكن تنظيم شيء معقد بسرعة. إن قضية تبادل الحبوب تمثل قصة معقدة من الناحية التنظيمية، والتكنولوجية، واللوجستية، وهناك كثير من الأسئلة والتفاصيل. إجمالًا، كل هذه المشروعات تبدأ من خلال مبادرات أكثر تواضعًا، عندما تتفق كثير من البلدان وتثبت أن آلية معينة يمكن أن تنجح، ثم ستشارك دول بريكس الأخرى بنشاط في هذا الأمر. إذا نظرت إلى جميع الكتل الرئيسة، سواء في مجال التكنولوجيا، أو في مجال الخدمات اللوجستية، أو في كل شيء آخر، فسوف تجد في كل مكان عددًا كبيرًا من المبادرات التي تُناقَش. وهناك بالفعل مؤسسات فوق وطنية، وخاصة بنك التنمية الجديد، الذي يشارك بنشاط في الترويج لهذه المبادرات. إن تبادل الحبوب، ومنصة الاستثمار الجديدة، والممرات اللوجستية، وكثيرًا من المبادرات الأخرى التي تُنفَّذ حاليًا في مجموعة بريكس، تكتسب قوة تدريجية، خطوة بخطوة، وستوفر فرصًا جديدة لدول بريكس، وجنوب شرق وبقية بلدان العالم الأخرى.
فيودور لوكيانوف: لقد فوجئت بعبارة للرئيس، قال فيها بوضوح إننا لا نسعى إلى خلق بديل، في حين كان لدي شعور بأن “عالم بريكس” برمته هو شكل بديل، وتغيير في شكل عالم اليوم. ماذا كان يقصد؟
مكسيم أوريشكين: أجاب الرئيس بهذه الطريقة؛ لأن كلمة “بديل” لها دلالة سلبية، فهي شيء “ضد”؛ أي “لديك هذا، وسنفعل شيئًا آخر”. في جميع المجالات الرئيسة، هناك مبادرات تعتمد على أساس تكنولوجي جديد، وأساليب جديدة، وتنظيم أكثر كفاءة وعدالة، وتعمل على نحو أكثر كفاءة. تُنشَأ حلول مختلفة تكمل ما هو متاح، لا أحد يتحدث عن الحاجة إلى التخلي عاجلًا عن شيء ما، أو حظر شيء ما.
في بعض الأحيان، عندما تنظر إلى اجتماع لمجموعة السبع، ينتابك شعور بأنها مجموعة “ضد” حصرًا، وكثيرًا ما نسمع في بياناتها: “نحن ضد هذا، يجب أن نحد من هذا، ونكبحه”، وما إلى ذلك. مجموعة بريكس لا تهتم بذلك. إن موقف بريكس إيجابي “دعونا نحاول خلق شيء جديد هنا، دعونا نرى في هذا الشكل، يمكننا استخدام التقنيات الجديدة”، وما إلى ذلك؛ لذلك، إذا كانوا يتحدثون دائمًا عن البدائل والمحظورات، فإن بريكس تتحدث عن الإيجابية، وخلق شيء جديد.
فيودور لوكيانوف: عندما تولد الإيجابية، تحدث تصادمات معقدة جدًّا. أنا لا أسأل ما نوعها، ولكن هل كانت هناك أي صراعات كان لا بد من التغلب عليها؟
مكسيم أوريشكين: الصدامات أمر يستغرق وقتًا. هناك دائمًا وجهات نظر مختلفة بشأن قضايا مختلفة، وهذا يعني أنه عندما لا تتطابق وجهات النظر على الفور (وفي دول بريكس تُتخذ القرارات على أساس مبدأ الإجماع)، فإن الأمر يستغرق وقتًا أطول قليلًا للمناقشة والتحليل مع الخبراء، وإنشاء مجموعة عمل تُحلِّل خلال سنة كاملة. أتذكر قمة بريكس في فورتاليزا بالبرازيل عام 2014، التي حضرتها، وفيها تم حل القضايا المتعلقة بالمؤسسات الرئيسة (بنك التنمية الجديد، ومجمع احتياطيات النقد الأجنبي المشروطة). وخلال رئاسة البرازيل الجديدة في عام 2025، يمكننا أن نحاول ضمان ارتقاء هذه المؤسسات إلى المستوى التالي، والمضي قدمًا، وفق مبدأ “خطوة بخطوة”.
يقول الرئيس دائمًا عن بريكس إنها “عملية تاريخية موضوعية”. في بعض الأماكن يمكن تسريع الأمر قليلًا، وفي أماكن أخرى يمكن تقويم الطريق، لكن موضوعيته طويلة المدى أيضًا. لا يمكنك أخذها وتغييرها خلال ستة أشهر. هذا هو الاتجاه الموضوعي، الطريق الرئيس الذي نسير عليه. يقول الرئيس إن الشيء الرئيس هو المضي قدمًا، ومن المهم أن يحدث ذلك بطريقة منظمة، دون صراعات إضافية، حتى تحدث التغييرات في الاقتصاد العالمي، وبرامج النمو الاقتصادي العالمي على نحو هادف، ولا رجعة فيه.
المصدر: مجلة روسيا في السياسة العالمية
ما ورد في المقابلة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.