إذا قرأت تاريخ الهند الاقتصادي الحديث، لا سيما الخاص بمدينة مومباي، ستجد رابطًا مُشتركًا في أغلب الأحداث المهمة مع عائلة يهودية عراقية لقبها “ساسون”، حيث انتقل ديفيد ساسون (1792- 1864)- مؤسس العائلة- من بغداد إلى بومباي في منتصف القرن الثامن عشر، وهناك جمع ثروة ضخمة من خلال تجارة الأفيون، وبنى إمبراطورية تجارية مع أبنائه الثمانية. يدين الطرف الجنوبي المتطور في بومباي (منطقة كالا غودا) لآل ساسون الذين امتلكوا مساحات شاسعة فيما أصبح الآن مركز المدينة، ودعمت أعمالهم اقتصاد بومباي حتى منتصف القرن العشرين.
أنهت العائلة أعمالها في الهند خلال ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، وانتقلت إلى جزر الباهاما، وتركت أغلب ممتلكاتها لشركات هندية أخرى للاستفادة منها، ولكن سبق هذا في العشرينيات قرار آخر اتخذه الحفيد الأكبر فيكتور ساسون، بنقل أعمال العائلة من الهند إلى شنغهاي، واشترى فيكتور الموقع الأكثر شهرة في شنغهاي، وهو مبنى كان أطول بخمسين قدمًا من أطول مبنى في المدينة في ذلك الوقت، وأطلق عليه مبنى “كاثاي” (اسم الصين التاريخي لدى الرحالة الأوروبيين، وعلى رأسهم ماركو بولو)، وأصبح قبلة للأثرياء في شنغهاي القديمة.
أصبحت عائلة ساسون واحدة من أقوى سلالات الأعمال وأغناها في آسيا كلها، واكتسبت العائلة لقب “عائلة روتشيلد الشرق”. ولم يكن ساسون مجرد رجل أعمال؛ بل كان “يمول الحكومة القومية في الصين، ويتحدى اليابانيين، وينقذ الآلاف من اللاجئين اليهود الفارين من النظام النازي”، وأسهم- على نحو أساسي- في التحول المذهل الذي شهدته شنغهاي إلى مدينة عالمية في ذلك الوقت، ولكن في النهاية، عندما انتزع الحزب الشيوعي ممتلكاته بعد عام 1949، قال فيكتور: “لقد تخليت عن الهند، وتخلت عني الصين”.
وفي بومباي، صاغ آل ساسون هوية هجينة فريدة من نوعها، فانضموا إلى النخبة المدنية والتجارية الهندية، لكنهم كانوا يطمعون أيضًا في الحصول على الجنسية البريطانية. كما حافظوا على أنماط معينة من الحياة اليهودية في بغداد، مثل المطبخ العراقي. ومثلهم مثل يهود بغداد الآخرين في المدينة، كانوا متدينين بشدة، حتى إن خطوط الترام في بومباي كانت تصدر تذاكر خاصة في يوم السبت حتى يتمكن الركاب اليهود من تجنب تسليم الأموال لجامعي التذاكر أيام السبت.
إن هذا كله يسلط الضوء على الدور الفريد الذي اضطلعت به مدينة بومباي الاستعمارية كمختبر للعولمة في منتصف القرن التاسع عشر، ومفترق طرق لأكثر من مجرد عالم المحيط الهندي. وعلى النقيض من كثير من القصص الأخرى عن الرأسمالية العالمية، يمثل آل ساسون نموذجًا وتاريخًا مُغايرًا غير قائم على الأوروبيين؛ فقد وفرت بومباي أرضًا خصبة لشركة متعددة الجنسيات، إلى جانب الروح التجارية، التي لم تعر اهتمامًا كبيرًا لدين المرء، أو مكان مولده الأصلي، وكانت بومباي آنذاك تجيب عن السؤال الصعب: “أين يمكن لرجل يهودي عراقي يتحدث العربية ويرتدي عمامة، ويعيش في قصر على الطراز الإنجليزي يحمل اسمًا فرنسيًّا، أن يصبح أبًا محترمًا واسمًا مألوفًا بين السكان المحليين؟”.
تجارة الأفيون الهندية إلى شرق آسيا كانت حية ونشطة حتى أواخر عشرينيات القرن العشرين، بعد عدة سنوات من موافقة الحكومتين البريطانية والصينية على وقفها. وتنتهي أغلب الروايات عن تورط بومباي في تجارة الأفيون في خمسينيات القرن التاسع عشر، عندما بدأ التجار الهنود بتوجيه رؤوس أموالهم نحو مصانع النسيج الجديدة. وفيما يتعلق بعائلة ساسون، كانت خمسينيات القرن التاسع عشر مجرد نقطة البداية. وعلى مدى بقية القرن، كانت عائلة ساسون تعيش على أرباح الأفيون المزدهرة.
اكتشف ديفيد ساسون سحر الشرق عبر تجارة الأفيون مع الصين. وسعى بشغف إلى اغتنام الفرص التجارية بتتبع الإمبريالية البريطانية. فبعد حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، بدأ ديفيد بإرسال أبنائه إلى موانٍ صينية مختلفة، وسرعان ما تمكن آل ساسون من ترسيخ سيطرتهم على حركة الأفيون الثمين عبر بومباي، ومنها إلى السوق الصينية. وتبنى آل ساسون التكنولوجيا الجديدة، مثل وسائل التليغراف، التي مكنتهم من أن يكونوا من بين رواد تطوير الاستثمارات والتجارة ذات التوجه العالمي بدلًا من المحلي، وتكاملوا رأسيًّا، فاشتروا السفن البخارية التي تنقل الأفيون، وغامروا بالتأمين البحري لحماية الاستثمارات في تلك السفن، وامتلكوا حصصًا في إدارة البنوك التي مولت إمبراطوريتهم العملاقة.
ومع أن الأسرة عملت في مجال تصنيع المنسوجات القطنية، فإن تجارة الأفيون هي التي جعلت عائلة ساسون شركة عالمية، واعتمدت على السياسة في بريطانيا، وإمدادات المخدرات من الإمبراطورية العثمانية وإيران والهند، والطلب في الصين، وجنوب شرق آسيا. وبينما اكتسبت عاصفة من الاشمئزاز الأخلاقي تجاه تجارة الأفيون في أوروبا والهند، كان من الواضح أن عائلة ساسون فخورة بأعمالها، وكلفت أحد المصممين بتصميم شعار خاص لها، كان زهرة الخشخاش المنتفخة.
لم يُذكر في أرشيف الأسرة أي شكوك أخلاقية لديها بشأن تجارة الأفيون وهذا ليس مفاجئًا؛ فكما هي الحال مع السجائر، أو الوقود الأحفوري، أو غير ذلك من السلع، كان الأفيون مربحًا جدًّا بحيث لا يستطيع بائعوه أن يفكروا مرتين في شرائه، وكانت هناك دائمًا مزاعم بأن الأفيون غير ضار، وأنه يعزز القدرات العقلية، وهي المزاعم التي تبنتها عائلة ساسون، بغض النظر عن مدى صدقها. والأمر الأكثر أهمية هو أن الأجيال اللاحقة نسيت تمامًا الروابط الأصلية التي كانت تربط الأسرة بالمخدرات. وقد مارس جيل الشباب ضغوطًا قوية ضد الناشطين المناهضين للأفيون، ولكن فور أن توقف المخدر عن كونه مربحًا، لجؤوا إلى فقدان الذاكرة التاريخية.
كان أبناء ديفيد الثمانية يستغلون- قدر استطاعتهم- أرباح سنوات الأفيون الهندية، ولكنهم خففوا من روابطهم مع الهند: على سبيل المثال، انتقل “عبد الله” إلى لندن، وأبدل اسمه إلى الإنجليزية ألبرت. وفي بريطانيا الفيكتورية، استخدم ألبرت ثروته من الأفيون لشراء منازل فخمة، وكسب ود العائلة المالكة، وأصبح روبين ساسون رفيقًا مفضلًا لأمير ويلز، الملك إدوارد السابع في المستقبل، حتى إنه عمل “وكيلًا غير رسمي” للأمير في سباقات الخيل.
ولكن الشركة انقسمت إلى قسمين بعد وقت قصير من وفاة الوالد. ومنذ ستينيات القرن التاسع عشر فصاعدًا، أصبحت شركة ديفيد ساسون وشركاه، الشركة الأصلية، وشركة إد ساسون وشركاه التي أُطلقت حديثًا، منافستين في تجارة الأفيون، وكان الخلاف العائلي بمنزلة الشرخ الأول في صرح ساسون العظيم. ولقد أدت ديناميكيات الأسرة أيضًا إلى واقعة غير عادية؛ فبينما كان ألبرت يستمتع بالحياة الاجتماعية في لندن، انتقلت مقاليد شركة ديفيد ساسون وشركاه في بومباي إلى شقيقه سليمان، الذي توفى عام 1894، لتتولى أرملته فرحة زمام الأمور.
كانت فرحة- على الأرجح- أول امرأة ترأس شركة عالمية. والأمر الأكثر أهمية هو أنها فعلت ذلك في الهند الاستعمارية، فبعدما كان المسؤولون البريطانيون والتجار الهنود يتعاملون مع عائلة ساسون، أصبحوا الآن مضطرين إلى مصافحة مديرة تنفيذية، وهو ما كان- بلا شك- تجربة مؤلمة لأناهم الذكورية. وقد عملت فرحة على تحويل الشركة العائلية إلى شركة احترافية، فاستبدلت بالفوضى العارمة بعض مظاهر النظام، ووسعت العمليات التجارية إلى ما هو أبعد من الأفيون.
كان هذا الأمر أكثر مما يحتمل لكثير من رجال ساسون. وبسبب دهشتهم من براعتها التجارية، تآمروا لإبعادها عن قيادة الشركة، ونجحوا، وحدث صدع قاتل آخر في إمبراطورية ساسون، وتقبلت فرحة هذه الطعنة بهدوء، وقررت في النهاية الانتقال إلى لندن، وغيرت اسمها إلى فلورا، وقد حزن المجتمع الهندي بشدة على خسارتها. وقبل رحيلها، أطلق عليها أحد المعجبين البارسيين لقب “صاحبة الجلالة، ملكة بومباي، وإمبراطورة ساحل مالابار”.
وبحلول الجيل الثالث، تحول تركيز عائلة ساسون من العمل إلى الهوية والمكانة، وتراجعت أرباح الأفيون، لكنّ قِلة من الناس كانوا يكترثون بذلك؛ فقد كان لديهم بالفعل ما يكفي من الجنيهات الإسترلينية في البنك لتمويل أنماط حياتهم الباذخة. ومع انجذاب مزيد من أفراد العائلة إلى لندن، تخلوا عن هويتهم اليهودية البغدادية، واندمجوا في النخبة اليهودية الأوروبية، وتزوجوا من عائلات أشكنازية ثرية، وتزوج ابن ألبرت، إدوارد، بابنة روتشيلد، وفي حفل زفافهما، استأجرا جوقة أوبرا باريس.
كان هذا انحرافًا عن القيم التي أسس عليها ديفيد الشركة، حيث كانت الهوية اليهودية البغدادية قيمة أساسية. كان ديفيد يوظف على نحو أساسي من داخل المجتمع اليهودي، ويغلق الأعمال في أيام السبت والأعياد اليهودية، ويخصص ربعًا في المئة من أرباح الشركة للمجتمع الفقير. كما بنى معابد يهودية، ومدارس تدرس التعليم الديني والعلماني، وربى أبناءه الثمانية على أن يكونوا متعلمين جيدًا، بالإضافة إلى الأعمال التجارية. كانت الاتصالات التجارية لسنوات تُكتب بكاملها باللغة العربية؛ لترسيخ الشعور بالثقة، فقد منع الغرباء من قراءة المراسلات، وعزز هوية الشركة، بغض النظر عن الموقع.
ولم يكتفِ آل ساسون الأوائل بتقديم الوجبات للاجئين، ومساعدتهم على البحث عن فرص عمل؛ بل حثوا أيضًا المثقفين والسياسيين الصينيين على تقديم المساعدة، وشجعوا السيدة “صن يات صن” على قيادة وفد إلى القنصلية الألمانية في شنغهاي للاحتجاج على السياسات المعادية لليهود. أما سيلفيا تشانسلور، المقيمة البريطانية في شنغهاي منذ فترة طويلة، التي “انتقدت فيكتور ذات يوم لكونه زير نساء، ولتجاهله الفقر وعدم المساواة في المدينة، فقد غيرت رأيها”، معلنة أن “الله سوف يغفر له كل خطاياه بسبب الصدقات التي يقدمها”.
في ثلاثينيات القرن العشرين، ساعدت عائلة ساسون (23) ألف لاجئ يهودي أوروبي وجدوا ملاذًا آمنًا في شنغهاي. وعلى الرغم من الاحتلال الياباني لشنغهاي، فقد نجت هذه العائلات، التي كانت محصورة في حي فقير مساحته ميل مربع واحد، من المحرقة، وكان من بينهم الطفل مايكل بلومنثال، الذي سيصبح وزيرًا للخزانة الأمريكية في إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
ولكن مع وصول الشيوعيين عام 1949، اتخذت السلالات المتنافسة خيارات مختلفة؛ فبعد أن استولى الحزب الشيوعي الصيني على ممتلكاته، نفى فيكتور ساسون نفسه إلى جزر الباهاما، متعهدًا بعدم العودة إلى شنغهاي مرة أخرى، وكانت أيامه الأخيرة التي قضاها في التفكير في أنقاض سلالته، تشكل تناقضًا صارخًا مع أسرة قدوري، التي رفضت التخلي عن الصين بعد أن استولى الحزب الشيوعي على شنغهاي. ومع أنهم تكبدوا أيضًا خسائر فادحة، أعاد لورانس قدوري بناء ثروة الأسرة في هونغ كونغ، وامتنع عن انتقاد الحزب الشيوعي الصيني علنًا (حتى في أثناء الثورة الثقافية، وحملة تيانانمين القمعية)، وفي نهاية المطاف رحب به الشعب الصيني مرة أخرى بعد الإصلاح والانفتاح في الصين في عهد دينج شياو بينج في ثمانينيات القرن العشرين.
بدأ اليهودي إيلي قدوري (1865- 1944)، الذي ولد أيضًا في بغداد، موظفًا لدى عائلة ساسون، لكنه سرعان ما شرع في بناء ثروته الخاصة. وعلى الرغم من كونه دخيلًا، فإنه نجح في تكوين تحالفات مع رجال أعمال محليين وزعماء ثوريين، مثل صن يات صن. بنى إيلي “أفضل وأفخم فندق في آسيا”؛ فندق ماجيستيك، الذي أقام فيه تشيانج كاي شيك وسونغ مي لينج حفل زفافهما، ثم بنى فندقًا رائعًا آخر في هونغ كونغ. وفي عام 1924، بنى “ماربل هول” وجعله مقر إقامة الأسرة، وكان أكبر قصر في المدينة، وصُمِّمَ على غرار القصر الملكي في فرساي، وأعيدت تسمية ماربل هول فيما بعد إلى “قصر الأطفال”.
وجدت عائلة قدوري نفسها في قلب أحداث متقلبة؛ ففي عام 1917، بعد إعلان بلفور، الذي أعلنت فيه الحكومة البريطانية دعمها لإنشاء دولة يهودية في فلسطين، توجه إيلي قدوري إلى الزعيم الصيني صن يات صن طالبًا منه دعمه، فرد صن في رسالة إلى إيلي: “لا يسع كل محبي الديمقراطية إلا دعم الحركة الرامية إلى استعادة أمتكم الرائعة والتاريخية”. وفي المقابل، عرض إيلي شراء سندات لدعم حكومة صن الجمهورية الجديدة. وعندما توفي صن يات صن عام 1925، ظلت علاقة قدوري بصن قائمة بفضل أرملته.
وبعد عام 1949، عندما ثبت عقم كل الجهود التي بذلتها عائلة قدوري لإنقاذ قصر ماربل، وممتلكاتهم الأخرى، تم “التبرع” بها لجمهورية الصين الشعبية، التي تأسست حديثًا، وتحولت قاعة ماربل إلى قصر للأطفال من خلال مؤسسة تديرها السيدة صن يات صن، إحدى القيادات في الحكومة الجديدة. وقد سهّل “تبرع” عائلة قدوري عودتها إلى الصين بعد عقود من الزمان، واستثمرت أكثر من مليار دولار في بداية فترة الإصلاح والانفتاح في الصين، وهي الفترة التي ظل فيها آخرون غير متأكدين من الاستثمار في الصين ما بعد ماو.
ومع هذه الإصلاحات، جاءت أيضًا زيادة في المادية والاستهلاك، وأصبحت منطقة بوند الآن المنطقة الأكثر تكلفة وفخامة في شنغهاي، حتى أكثر من أيام ازدهار آل ساسون وآل قدوري قبل مئة عام. وكان مايكل قدوري، سليل الجيل الثالث، يتطلع- بطبيعة الحال- إلى قطعة أرض تاريخية هناك، تخص القنصلية البريطانية القديمة، وكانت مارجريت تاتشر (رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك) قد طلبت ملكية هذه الأرض في ثمانينيات القرن العشرين، لكن طلبها قوبل بالرفض، لكن مايكل قدوري حصل عليها ليقيم فندقًا فاخرًا عليها. وفي اجتماع مع قادة الأعمال في هونغ كونغ، كان مايكل الغربي الوحيد الحاضر، وقال شي جين بينج، الزعيم الصيني القوي آنذاك، لمايكل: “كانت عائلتك صديقة للصين دائمًا”.
وعلى النقيض من عائلة قدوري، أضاع فيكتور ساسون الفرصة للاستثمار في هونغ كونغ، وبحلول سبعينيات القرن العشرين، انحلت شركة ديفيد ساسون وشركاه، وبدا أن ملايين الدولارات من ثروة ساسون قد اختفت عندما انهارت الشركة، وهكذا انهارت إمبراطورية، ولكن المجتمعات التي بنوها، والبنية الأساسية التي تركوها وراءهم، ربما تكون القطعة الأكثر ديمومة من إرث ساسون في آسيا. وإلى اليوم، ما زالت مؤسسة السير يعقوب ساسون تعمل في مومباي؛ لخدمة الجالية اليهودية البغدادية الصغيرة المتبقية، وقد تلقى المجتمع مساعدة من الحكومة الهندية لترميم كنيس ماجن دافيد عام 2019، لكن المؤسسة تعتمد- على نحو أساسي- على التبرعات، ويواصل تقليد الصدقة، الذي بدأه داود ساسون منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، الاعتناء بالأفراد الأقل حظًا في المجتمع، وليس اليهود فقط.
أسهمت هذه العائلات في التكوين الحداثي للهند والصين من خلال إنشاء المدارس، والمؤسسات الخيرية، والمعابد اليهودية، والشركات التجارية، وآلاف الوظائف، واستوعبوا الثقافة الآسيوية، بالإضافة إلى تاريخها المتشابك، وأصبحت الهند والصين جزءًا من الماضي العاطفي لهذه العائلات؛ لذا في عام 2013، سافر جيمس ساسون، وهو مسؤول في وزارة الخزانة البريطانية، إلى بكين محاولًا استعادة ممتلكات عائلته العقارية. وفي اجتماع مع وزير المالية الصيني لو جيوي، قال ساسون: “من العار ألا تسمح الصين لأصحاب العقارات السابقين بالعودة واستعادة ممتلكاتهم. وإذا فعلت الصين ذلك، فإن عائلتنا سوف تكون في وضع أفضل كثيرًا”. نظر إليه “لو” وابتسم، ثم تحول إلى اللغة الإنجليزية، وانحنى احترامًا قائلًا: “دعونا ننسى الماضي”.
ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.