أدب

يوميات تولستوي عداء وصداقة مع الموت!


  • 15 أكتوبر 2024

شارك الموضوع

في يوميات تولستوي، بمجلداتها الستة بحسب الترجمة العربية، يمكننا أن نجد أصداء لكمية كبيرة من المشاعر والأفكار التي شغلت بال تولستوي. وفي المقال السابق تتبعنا المسار الذي تطورت عبره فكرتان من وسط مئات الأفكار والمشاعر، لكن ثمة فكرة بعينها لا يمكن تجاهلها في أثناء قراءة اليوميات؛ ألا وهي الموت!

إذا بحث القارئ عن عدد ورود الكلمة في اليوميات، فلا بد أن يشعر بالدهشة. ربما يمكن إعادة قراءة سيرة تولستوي الحياتية والفكرية والشعورية، بحسب ما جاءت في اليوميات، بوصفها رحلة عداء وصداقة مع الموت! انشغل تولستوي منذ شبابه بالموت انشغالًا غريبًا، وبمرور الوقت ربما نجد أنه قد وصل -في بعض المراحل- إلى مرحلة الهوس! فما السبب؟ وكيف حدث ذلك؟

تجد هذه الملاحظة ما يؤيدها من خارج اليوميات، فمثلًا، خصص الناقد والأديب الروسي ديميتري ميريجكوفسكي، في كتابه “تولستوي ودوستويفسكي”، مساحات مهمة للحديث عن علاقة تولستوي بالموت، وقد وجد أن تولستوي شعر بالهلع من الموت منذ فترة مبكرة، وأن هذا الهلع يعكس أزمة روحية وفكرية في كتاباته، مُبيِّنًا أن مخاوفه من الموت ليست مجرد خوف طبيعي؛ بل نتيجة للتناقض بين رغباته الفلسفية والحياتية، وبين شعوره بعدم الوصول إلى السكينة الروحية. هلع تولستوي من الموت كان علامة على أزمة وجودية عميقة عايشها طوال حياته.

من هذا المنطلق حلَّل ميريجكوفسكي رواية تولستوي الشهيرة “موت إيفان إليتش”.

عبر مجلدات اليومية نجد أصداء هذا الهلع، ونرصد تعاملات تولستوي معه، ومحاولة ترويض هذا الوحش  الهائج المتمثل في خوفه. استخدم في ذلك كل  الأسلحة المتاحة، من حيث مراقبة الظاهرة وتحليلها تحليلًا عقلانيًّا هادئًا، ثم مواجهة مشاعره الهلعة وتسجيلها تفصيلًا في أحيان كثيرة، ثم استخدام قوة الإيحاء ليوحي لنفسه بعدم الخوف، وتدريب نفسه على النظر إلى الحياة كلها من منظور الموت، وكيفية استقباله بهدوء… رحلة طويلة انتهت بموت يخلو من الهلع، موت هادئ بحسب روايات الشهود الذين شهدوا موته في محطة قطار أستابوفو.

في الجزء الأول من يوميات تولستوي، يبدأ الشاب تولستوي بالإعراب عن انشغاله بالفكرة، وتسجيل بعض التأملات عنها. يزداد انشغالًا بها في أثناء فترة خدمته العسكرية، حينما يصبح الموت قريبًا وجزءًا من روتين الحياة اليومية. في طريقه إلى وحدته العسكرية يقول: “أشعر بلا مبالاة صوب الحياة التي كانت تبعث السعادة فيَّ سابقًا؛ لذا لا أشعر أنني أحبها؛ ومن ثم لا أخشى الموت”. ثم يقول: “كم أبدو قويًّا أمام نفسي عندما أواجه الجميع بقناعة راسخة مفادها أنني لا أنتظر هنا شيئًا سوى الموت!”.

في صلاته التي يسجلها في اليوميات، يطلب من الله أن يمنحه حياة دون خطية، أو معاناة، وأن يمن عليه بموت خال من اليأس والخوف.

يطلب المرء من الله عادة ما يفتقده.

في موضع آخر يقول:  “رأيت الجسد يفنى، ومن ثم أدركت أن جسدي هو أيضًا سيفنى، لكن شيئًا لم يثبت لي أن الروح تموت”.

ربما بدأ اللقاء بالموت منذ طفولته، مع وفاة الأم والأب في وقت مبكر، لكن فترة انضمامه إلى الجيش غذّت تفكيره في الموت، ولمست ذلك الوتر الحساس.. شخص يفيض بالحياة  المتفجرة، على مستوى العواطف والأفكار، ثم يلتقي بالموت، ويرى علاماته الجسدية والنفسية. ربما أفضت صدمة في وقت الطفولة إلى ذلك الهلع، لكن المصدر أو السبب ربما لا يهم كثيرًا هنا بقدر ما يهمنا الطريقة التي تعامل بها تولستوي مع ترويض وحشه المخيف هذا.

في كل مرة يُصاب بمرض طفيف، يذكر في يومياته أنه على وشك الموت، حتى في الجزء الأول الذي كان فيه شابًا: “يبدو أنني على وشك الموت” – “كل شيء يشير لي أنني سوف أموت سريعًا”.

ننتقل مع تولستوي إلى المجلد الثاني ليومياته، فيذكر في 15 يناير (كانون الثاني) 1858 أنه بدأ الكتابة في قصته  “ثلاث ميتات”، التي يُصوِّر فيها موت سيدة ثرية، وموت فلاح، وموت شجرة، وكيف استقبل كل من هذه الكائنات الموت. في 24 يناير (كانون الثاني)  1858 يذكر في يومياته أنه انتهى من كتابتها. في 12 يونيو (حزيران) يقول إنها قصة ضعيفة.

يخطف الموت فردًا آخر من عائلته؛ يخطف أخاه نيقولاي (نيقولينكا). يُعلِّق تولستوي في الجزء الثاني من يومياته على موته قائلًا إنه ترك فيه أقوى انطباع مرّ به في الحياة.

في 14 سبتمبر (أيلول) 1861 يقول: “يا إلهي، كم أخشى الموت!”.

الهلع هنا واضح وصريح، لكن ذلك لا يَحول بين تولستوي المفكر ومحاولة ترويض فكرة الموت، على المستوى الفكري أولًا:  “نحن نعيش، وهذا يعني أننا آخذون في الموت. العيش بصلاح يعني الموت بصلاح. عام جديد! أتمنى لنفسي وللجميع أن نحظى بميتة صالحة!”.

في هذه الفترة يطَّلع تولستوي على الفلسفة الصينية، ويتأثر بها، سواء فلسفة لاوتسو، أو كونفوشيوس. يستشهد بالأخير في يومياته حينما يقول: “ما نفع السؤال عن الموت وأنتم لا تعرفون الحياة؟”.

يبدأ بعد ذلك بمحاولة إقناع نفسه والإيحاء لها بحب الموت: “يبدو لي الآن حقًّا الموت أمرًا أشتهيه، يبعث السرور”.

في 27 أبريل (نيسان) 1884 يأتي  الذكر على تفكيره في كتابة رواية “موت إيفان إليتش”، وهي  الرواية التي انشغلت بهذه الفكرة انشغالًا أساسيًّا، وصوَّرت اللحظات الأخيرة في حياة قاضٍ لعب دور البطولة في الرواية.

ما إن يشعر بألم بسيط في بطنه حتى يذكر في يومياته خوفه من الموت!

في 25 مايو 1886 يكتب: “ماذا سوف يحدث بعد الموت؟ لماذا نخشى الموت؟ كيف لا نخشى الموت؟ ما حاجتنا إلى العيش بصلاح ما دام الموت سيأتي؟”. وفي 29 نوفمبر (تشرين الثاني) يقول: “الاستعداد للموت أمر جيد، وأنا أريد أن أكون مستعدًّا”.

ثم ينخرط في تأملات فكرية عن الموت، حيث ينظر إليه بوصفه يقظة من واقعية العالم المادي المتوهم.

مع تواتر التأملات الفكرية لتولستوي عن الموضوع، نلاحظ أنه بدأ بتقبُّل الفكرة على المستوى النظري، ولم يعد يرى في الموت عبثًا أو قسوة؛ بل تصالح معه فكريًّا تمامًا، لكنه ما زال يجاهده على المستوى النفسي.

في الجزء الثالث من اليوميات يواصل انشغاله بالفكرة، وينتهز أي فرصة لمناقشة الموضوع مع أصدقائه. يقول في نقاش مع صديقه وسكرتيره تشيرتكوف: “إننا لا يجب أن ننسى أبدًا أن الحياة عبارة عن عملية موت مستمرة، والقول بأنني أموت باستمرار يماثل القول بأنني أحيا. إن الوعي بعملية الموت المستمرة مفيد؛ لأنه يستحيل نيله دون وعي بالحياة، ومن شأن هذا الوعي أن يستدعي فينا ضرورة الاستفادة من هذه الحياة التي يدب فيها الموت بصورة مستمرة”.

لا يكف تولستوي عن استخدام مخيلته الأدبية، وقدرته النفسية على النفاذ إلى نفسية شخوصه، ويحاول الاستفادة من هذه المُخيّلة في تصور مشاعر المحتضر، فيقول: “عندما يموت المرء ينفصل وعيه عنه، ويبدو كبذرة قد نضجت وسقطت على الأرض، فيبحث عن شيء آخر ليمسك به؛ مكان يزرع فيه جذوره كي يمكنه أن يحيا من جديد. لو كان بإمكان البذرة أن تشعر بشيء في أثناء عملية الموت والسقوط، ستشعر بتوقف الحياة. أليس هذا ما يحدث أيضًا مع إنسان يشعر أنه يحتضر؟”.

ينقسم كيانه بين الفكر الذي يؤكد له أن الموت تحررٌ من أسر العالم المادي، وانتقالٌ إلى عالم آخر أرحب، وهو بمنزلة إفاقة من وهم الواقع المُتخيل، ونفسيته التي ما زالت لم تتغلب على الموت. يقول:

“مهما كان خوف المرء قليلًا من الموت، من المستحيل تمامًا ألا يرتجف قلبه عندما يمر بهذه المحطة التي لم يمر بها قط منذ يوم ولادته. أعرف أنني سوف أذهب إلى هناك، حيث ينام أولئك الذين لم يولدوا بعد، وأنني ذاهب إلى الرب الطيب الذي نُبعث منه، لكن قلبي لا يستطيع ألا يرتجف من اقترابه من ذلك، كما لا يمكن للقلب ألا يرتجف عندما يطير صاحبه داخل باراشوت، مهما كانت ثقته به”.

مع ذلك، ما إن يشعر بألم بسيط حتى يعاوده الخوف من الموت وتصوره:

“قدمي تؤلمني بقوة. بدأت أتخيل أنني سأموت، ولم يقتصر شعوري بالأسف على الحياة؛ إنما كذلك على قطع قدمي. كم هي ضآلة استعدادي للموت! يا لضعف إيماني! ساعدني!”.

في الجزء نفسه يتحدث عن موت أخيه، وتأثير موته في كيانه النفسي والفكري، ويبدو الانقسام واضحًا بين أفكاره ونفسيته: “عايشت في تلك الفترة مشاعر وأفكارًا كثيرة، لا يمكنني كتابتها. كان موت فانيتشكا بالنسبة لي مثل موت نيكولينكا (شقيق تولستوي الأكبر)، لا، بل إنه -إلى حد كبير جدًّا- بمنزلة حبل يجذبني به الله إليه؛ لذا فالأمر لا يقتصر على أنني لا أستطيع أن أقول إنه كان أمرًا محزنًا مؤلمًا، بل إن بوسعي أن أقول إنه كان حدثًا مفرحًا تمامًا. لا، لا أقصد مفرحًا… أسأت التعبير. أقصد أنه كان حدثًا رحيمًا من الله، يفك شباك أكاذيب الحياة، ويُقرِّبني إليه أكثر”.

في الجزء الرابع يؤكد انشغاله الدائم بالفكرة:

“الحدث الرئيس في اليومين الأخيرين كان موت ناجورنوف. يبدو الموت حدثًا جديدًا ومهمًّا دائمًا. يصورون الموت على خشبة المسرح، ولكن هل تراه يترك فينا 0.001 من الأثر الذي يتركه فينا اقتراب الموت منا حقًا؟”.

في موضع آخر يؤكد أن الحدث الأهم في تلك الفترة هو موت صديقه ستراخوف.. دائمًا الموت!

ثم يُسجِّل هذه الخاطرة الموحية: “ليتني لا أنسى -ولو للحظة واحدة- الموت الذي يمكنه أن يتسلل إليَّ! آه لو أذكر أننا لا نقف فوق أرض مستوية؛ بل نتدحرج دون توقف، ونصطدم، ونتجاوز ذلك الحجاب الذي يخفي عنا من غادرونا، ويخفينا عن الذين لا يزالون ماكثين هنا على الأرض! حينئذ لن يمكننا أن نتصور أن من رحل قد انتهى أمره، ولن نخشى أن ينتهي أمرنا نحن أيضًا إلا إن تصورنا أننا واقفون في سكون. كم سنعيش في يسر وسرور إن تذكرنا ذلك دومًا! سنتدحرج معًا على هذا المنحدر، تحت سلطان الله الذي نحن الآن تحت سلطانه أيضًا، وهكذا سنكون بعد ذلك، وإلى الأبد. شعرت بذلك بحيوية شديدة”.

يؤكد لنفسه في مواضع أخرى أنه سيموت سريعًا، وأن الموت مجرد تغير في الحالة، وانتقال من مرحلة وعي إلى أخرى، وتصور للعالم إلى تصور آخر:

“الموت هو  زوال تلك الأدوات التي أُدرك بها العالم كما يبدو لي في هذه الحياة. الموت هو  تحطم الإطار الزجاجي الذي كنت أنظر من خلاله، ليُستبدل به آخر”.

ثم يؤكد لنفسه أنه كفّ عن الخوف منه، بل يرغب فيه. يقول إنه في انتظاره بوصفه عطلة وراحة.

يمارس تدريباته النفسية ويتصور مروره بلحظات الموت أكثر من مرة، مستغلًا مخيلته الأدبية العميقة. يؤكد لنفسه أن فكرة الموت صارت معقولة ومقبولة: “الإنسان الذي يفكر بخوف في الموت يشبه المسافر في عباب المحيط الذي يخشى عودته إلى المنزل. من المفهوم أن يخشى المرء تقاذف الأمواج، ودوار البحر، والعواصف، لكن ليس مفهومًا أن يخشى عودته إلى المنزل”.

مع ذلك، يمر بعض الوقت ويعود يكرر دهشته من الموت. في موضع آخر يؤكد أن الحياة عملية موت مستمرة، وأن يعيش المرء حياة جيدة يعني أن يموت موتًا جيدًا:

“الخوف من الموت هو في الأساس خوف من ضرورة ترك وجودنا المعتاد، كالخوف من الانتقال إلى ظرف معيشي مختلف. الأمر لدى الأطفال أقل وطأة؛ لذا خوفهم من الموت أقل درجة من خوف البالغين والشيوخ؛ ومن ثم يموتون بيسر”.

ويؤكد أنه يستعد للموت بسرور. رويدًا رويدًا يربط معنى حياته كلها بالموت:

“لو لم أشعر برغبة في الموت لما استطعت أن أعبِّر عما شعرت به وفهمته اليوم بدرجة كبيرة. أمر يدعو إلى السخرية أن أكتب عن هذه الحقيقة المعروفة بالفعل للجميع في نهاية حياتهم، التي لم أفهمها إلا الآن، أو بالأحرى أشعر أنها تتمثل لي في صورة جديدة تمامًا. هذه الحقيقة هي أن على الجميع أن يحبوا، ويشيدوا حياتهم بكاملها على أساس أن يتمكنوا من محبة الجميع”، ويؤكد مواصلة استعداده المستمر له.

في الجزء السادس والأخير من اليوميات يتأمل في الشيخوخة والموت:

“ما هو حسن في الشيخوخة أنك تعرف أنك لن تظل حيًّا حتى ترى نتائج أعمالك، وإن كان ذلك ينطبق على كل شخص لديه وعي حقيقي بالموت؛ لذا مثل هذا الشخص -خاصة الشيخ- لا يبالي تمامًا بأحكام الناس”.

“الموت هو زوال الذاكرة والاتحاد بالحاضر كاملًا”.

“أن تموت يعني أن تمضي إلى من حيث أتيت”.

يؤكد أن نفسه لم تعد تحوي أي مقاومة للموت، وصارت متقبلة له، وأنه يفكر فيه بهدوء. يتيقن من ذلك حينما يمر بحالة صحية سيئة، ولا يشعر بالهلع تلك من الموت. يستغل مرضه إذن بوصفه تدريبًا عمليًّا على عملية الاحتضار. لا يكف عن التفكير في الموت أبدًا، بل يرى نسيانه جنونًا: “أشعر على نحو جديد وخاص بتلك الحقيقة القديمة التي مفادها أنه من الجنون أن يعيش المرء متناسيًا الموت، وأن الوعي بحتمية الموت وإمكانية حلوله في أي دقيقة هو أكثر شروط الحياة ضرورة، وأنه في غياب هذا الوعي لا يمكن للحياة إلا أن تصبح محض جنون في ظل إمكانية اليأس الدائمة عند تذكر الموت”.

لم يعد الموت في نظره، فكريًّا ونفسيًّا، سوى توقف لقوى الحياة عن العمل داخل إطار الزمان والمكان المتوهمين، وهو ما يتحرر منه المرء مع التقدم في العمر.

تتحول مشاعره تجاه هذا الوحش بصورة درامية حينما يقول: “بالموت تختبر ما يختبره طفل مهجور عائد إلى أمه التي يحبها وتحبه”. هنا تبدو النبرة مختلفة.. ليست محاولة إيحاء؛ وإنما شعور حقيقي.

مع اقترابه من الموت تنحل القيود التي تُكبِّله، ومشاعر الهلع والخوف، ويشعر بالموت بوصفه رغبة هادئة، وراسخة، ومبهجة.

في موضع آخر يؤكد: “يعرف الإنسان أنه سيموت، بل إنه يمضي كل يوم في طريق الموت. ظننت أنه يكفي الإنسان أن يعرف ذلك ليفهم أن مغزى الحياة لا يمكن ألا يكون مستقلًا عن الوجود الزمني، وهو ما لا يدركه أحد الآن، وأن على الإنسان أن ينتهز كل فرصة ليحقق إرادة من أرسله، أو يعطي مغزى لكل لحظة من الحياة، ولا شيء بإمكانه فعل ذلك سوى تحقيق، والسعي إلى تحقيق الرغبة الوحيدة التي يكون فيها الإنسان حرًا: الكمال الأخلاقي”.

هنا تشرّب فكرة تمامًا، وربطها بسعيه الدائم إلى الكمال الأخلاقي الذي سعى إليه. يؤكد أن عمله الرئيس الآن هو التخطيط لموت حسن.

قبل موته بفترة قليلة يقول: “أشعر باقتراب الموت أكثر فأكثر”، وهذه المرة كان محقًا، لكنه تحرر من سيطرة وحش الهلع من الموت، وقال أخيرًا: “كم يقترب الموت بيسر ودرجة غير ملحوظة!”.

رحلة طويلة لإنسان صارع الموت وتصالح معه، رحلة أنتجت لنا أفكارًا ومشاعر عميقة، وأعمالًا أدبية خالدة، قاربت الخط الفاصل بين الحياة والموت طوال صفحاتها، رحلة حوَّلت الموت إلى أداة صوب حياة أشد فاعلية، حياة أخلاقية ساعية صوب الكمال والحقيقة.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع