إستراتيجيات عسكريةمختارات أوراسية

هوس الهند بالسيادة وفق الرؤية الصينية


  • 15 مارس 2024

شارك الموضوع

كشفت تقارير إعلامية هندية أن البحرية الهندية تعزز وجودها في المحيط الهندي، إذ من المقرر أن تفتتح قاعدة جديدة في 6 مارس (آذار) على جزر “ذات أهمية إستراتيجية” بالقرب من جزر المالديف التي ستبدأ نيودلهي سحب قواتها منها في التاريخ نفسه. ولطالما نظرت الهند إلى المحيط الهندي باعتباره الفناء الخلفي لها، وتشكل عقلية الهيمنة هذه الأساس الذي ترتكز عليه الهند في التعامل مع الدول الأصغر المجاورة في جنوب آسيا.

منذ العام الماضي، قيل للهند إن قواتها “لا يمكنها البقاء” في أرخبيل جزر المالديف في المحيط الهندي، وهو ما يظهر استياء دول جنوب آسيا تجاه عقلية الهيمنة الهندية، وإستراتيجية “الجوار أولًا” المضللة. وقال شيه تشاو، الأستاذ المشارك في معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، لصحيفة غلوبال تايمز، إنه خلال هذه الأيام القليلة الماضية، كانت الهند تأمل- بوضوح- ممارسة الضغط على حكومة المالديف لتغيير رأيها، مضيفًا أن القاعدة الجديدة للهند يمكن اعتبارها عقابًا لجزر المالديف، بعد أن طالبت الهند بسحب قواتها. ومع ذلك، فهي أيضًا وسيلة للحد من نفوذ الصين في المنطقة. وقال شيه “إن هذه الخطوة نموذجية جدًّا للهند، وهي متوقعة”.

وستعمل القاعدة الجديدة على تعزيز “المراقبة العملياتية” التي تقوم بها الهند في المنطقة، وفقًا لبيان أصدرته البحرية الهندية يوم السبت. وذكر مسؤول هندي، نقلًا عن وسائل الإعلام الهندية، أن القاعدة الجديدة “ستمنح الهند موطئ قدم قويًّا في المنطقة لمراقبة الأنشطة العسكرية والتجارية للخصوم في المنطقة”. ونظرًا إلى أهمية طريق المحيط الهندي للتجارة، وخاصة للصين، ودول أخرى، فإن تصرفات الهند تشير إلى نهج المواجهة الذي يهدف إلى تأكيد سيطرتها على المنطقة من خلال الاستفادة من مزاياها الجغرافية.

ويعتقد لونغ شينغ تشون، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة سيتشوان للدراسات الدولية، ورئيس معهد تشنغدو للشؤون العالمية، أن القاعدة الجديدة هي مجرد لفتة سياسية أكثر من كونها ذات أهمية عسكرية حقيقية. وقال لونج: “بينما تفقد الهند موطئ قدمها في جزر المالديف، فإنها تريد إرسال رسالة مفادها أنها لا تزال القوة المهيمنة الإقليمية”. ومع ذلك، أدركت دول المنطقة، مثل المالديف- تدريجيًّا- الطبيعة الحقيقية لموقف الهند. وليس من المستغرب أنه في نيودلهي يوم السبت، سُئل وزير الشؤون الخارجية الهندي إس جايشانكار عما إذا كانت الهند تمارس “الهيمنة” في شبه القارة الهندية ومنطقة المحيط الهندي، وكان رده أن “المتنمرين الكبار لا يقدمون 4.5 مليار دولار من المساعدات عندما تعاني الدول المجاورة ضائقة”.

وبينما كان الدبلوماسي الهندي الكبير يتفاخر بالمساعدات التي تقدمها الهند لجيرانها، فإن ما حاول إخفاءه هو كيفية استخدام الهند للمساعدات لتشديد سيطرتها عليهم. وفور أن تحاول هذه الدول التحرر من النفوذ الهندي، فإن الهند سوف تلعب بورقة “المساعدة” للتأثير في سياستها. فوسط الخلاف الدبلوماسي بين الهند وجزر المالديف بشأن انسحاب القوات الهندية، اقترحت الحكومة الهندية تخفيضًا بنسبة 22 % في المساعدات لجزر المالديف للسنة المالية 2024- 2025.

وقد شهدت نيبال نهج الجزرة والعصا الذي اتبعته الهند في وقت أبكر من ذلك بكثير. وفي عام 2015، قدمت الهند مساعدة كبيرة لنيبال بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ولكن في العام نفسه، فرضت الهند حصارًا على معبر مهم على الحدود مع نيبال بسبب استياء الهند من إقرار نيبال دستورًا جديدًا، وتعزيز التعاون مع الصين. وقد تسبب ذلك في أزمة اقتصادية وإنسانية أثرت بشدة في نيبال واقتصادها.

إن ما تسمى بالمساعدات التي تقدمها الهند لجيرانها، لا تخفف شعورهم بانعدام الأمن؛ بل تؤدي إلى تفاقم شعورهم هذا بسبب البلطجة والسيطرة الهندية المشددة. ولا يؤدي نهج العصا والجزرة إلا إلى الحفاظ على تفوق الهند في المنطقة. وكما أشار شيه، فإن الحكومة الهندية الحالية تتحدث- على نحو إيجابي- عن سياسة “الجوار أولًا”، ولكن الهند انجرفت- في الواقع- بعيدًا عن جيرانها. ونتيجة لهذا، فقد أصبح جيران الهند أكثر حذرًا ونأوا بأنفسهم عن سلوك الهند العدواني، وعقلية “الأخ الأكبر”.

المصدر: افتتاحية صحيفة غلوبال تايمز الصينية


شارك الموضوع