مقالات المركز

هل يوسع حزب الله ساحة الحرب بعد قصف إسرائيل العمق اللبناني؟


  • 27 فبراير 2024

شارك الموضوع

توطئة

استيقظ الناس أمس على غارات شنّتها إسرائيل لضرب أهداف في بعلبك، أي داخل العمق اللبناني بنحو 100 كيلومتر، معبرة عن نيتها توسيع الحرب، وتهييج المنطقة بنهج عملي، وفي هذا الفعل استفزاز صريح، وإحراج واضح لحزب الله، ومن ورائه إيران، وذلك بوضعه بين خطتي خسف، أحلاهما مر، فإما أن يرد الحزب بقصف العمق الإسرائيلي، وهكذا يجر نفسه إلى حرب شاملة مع إسرائيل، وإما أن يغض الطرف عن هذا كله، وفي الأمر صفعة لسمعة الحزب، مع العلم أنه سبق لإيران وحزب الله أن أفصحا عن عدم رغبتهما في الدخول في حرب إقليمية مع إسرائيل.

تحضير إسرائيل لتوسيع الحرب

شهدت الأيام الأخيرة تصريحًا لعضو مجلس الحرب وزير الدفاع الإسرائيلي “بيني غانتس”، قال فيه إن: “القتال ضد حزب الله في لبنان لن يتوقف حتى يتمكن سكان شمال إسرائيل من العودة إلى منازلهم”، وقال إن بلاده: “تستعد أيضًا ليوم صدور الأمر الذي سيتعيّن عليها توسيع العمليات ضد الحزب في لبنان”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زار- الخميس الماضي- مقر قيادة وحدة جبال الألب، واللواء 188 التابعين للجيش الإسرائيلي، اللذين يتمركزان في جبل حيرمون، وذكر مكتب نتنياهو- في بيان- أنه خلال الزيارة، تلقى نتنياهو لمحة عامة عن الأنشطة العملياتية التي نُفِّذَت على الحدود الشمالية لإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.

وتحدث نتنياهو إلى جنود الوحدات وقادتها عن عملهم، وأهمية إزالة التهديد الذي تشكله أنشطة حزب الله التي أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان الإسرائيليين عن منازلهم.

يستدل بهذا كله على عزم إسرائيل توسيع مجال الحرب، ونيتها فتح جبهة جديدة في المنطقة، وهذا ما حدث عمليًّا بقصف العمق اللبناني، وخاصة بعلبك التي تُعدّ معقل حزب الله.

رد فعل حزب الله

حسب وكالة الأناضول، توعد الحزب، على لسان حسن فضل الله، وهو أحد البرلمانيين عن حزب الله، توعد إسرائيل بأن هذا الهجوم على بعلبك لن يبقى دون رد، وقال: “العدو (إسرائيل) هدّد لبنان، ونقول له إن نار المقاومة حارقة، وستتصدى لأي اعتداء على بلدنا”.

وأشار إلى أن “العدو يظن أنه يستطيع أن يستعيد هيبته من خلال الغارات على بعلبك (بمحافظة البقاع، شرق لبنان) والقرى اليوم”، لافتًا إلى أن “المقاومة ستبدع في إيجاد الردود على تمادي العدو في عدوانه على القرى والبلدات”.

وهذا التهديد بالرد، والوعيد بالردع وبتوسيع رقعة الحرب من طرف حزب الله، هو من بدهيات الأمور، ومنطق الأحداث يفرض ذلك، لكن إلى أي مدى سيصل الرد؟ وكيف سيبدع الحزب في الردع؟

المدى الذي سيصل إليه حزب الله في الرد

حزب الله هو إحدى أهم أذرع إيران في المنطقة، ويسير وفق منهجها وأسلوبها، وإيران كلما تعرضت للإحراج الأمريكي والإسرائيلي، لا يخرج ردها عن أمور معروفة، مثل توعد البرلمان الإيراني بالرد والانتقام، وبعدها تقوم بعمليات خاطفة في مناطق غير حساسة، ولا غناء فيها، مثل قصف قاعدة بلد العراقية، وهي خاوية على عروشها، ردًا على اغتيال قاسم سليماني، وكل هذا يكون وفق قواعد الاشتباك.

ولهذا، فإن حزب الله لن يرد ردًّا قويًّا، ولن يتجرأ على قصف العمق الإسرائيلي، وسيكتفي بالالتزام بقواعد الاشتباك بينهما؛ وذلك بقصف المناطق اللبنانية التي تحتلها إسرائيل؛ حفظًا لماء الوجه؛ فالحزب، ومن خلفه إيران، لم يصعّد بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وما ترتب عليها، وما نال أهل غزة من عقاب جماعي من قتل للأطفال، وتدمير للديار، وهتك للأعراض، وسوم الخسف لكل ما هنالك، واكتفى باتباع أسلوب هو أقرب إلى الحياد، تحت ذريعة عدم الرغبة في إشعال حرب إقليمية، وهذا هو أسلوب الرد، ونمط الردع الذي تتبعه إيران ومَن يحوم حولها.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع