أبحاث ودراسات

نظرة على الجمهورية الإسلامية من الداخل

منظومة الاستخبارات الإيرانية


  • 22 يونيو 2025

شارك الموضوع

في الثالث عشر من يونيو (حزيران) الجاري، شهدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما يمكن اعتباره أضخم الهجمات الإسرائيلية وأكثرها تعقيدًا في تاريخ العداء الطويل بين البلدين؛ حيث استهدفت تل أبيب كوادر عسكرية وعلمية إيرانية بارزة، وأضعفت البنية التحتية الصاروخية للبلاد، وعطلت أنظمة الإنذار المبكر لديها، لكن الأهم أن الضربة الإسرائيلية التي أُطلق عليها اسم ” الأسد الصاعد” زعزعت ثقة النظام الإيراني بأجهزته الأمنية،  وكشفت عن هشاشة بنية الأمن القومي الإيراني؛ ومن ثم أثارت تساؤلات عن العوامل التي قوضت أداء أجهزة الاستخبارات الإيرانية ، وحجم الاختراق الإسرائيلي في الداخل الإيراني بعد سنوات من العمل الاستخباراتي المعقد والطويل الأمد من الجانب الإسرائيلي لتفكيك النظام الإيراني من الداخل، وهوية الأطراف المتعاونة معه من داخل المنظومة الأمنية الإيرانية، بعد أن حُيّدت قوى محور المقاومة الإيراني على مدار العام ونصف العام الماضيين منذ بداية طوفان الأقصى في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

هيكل المنظومة الأمنية الإيرانية

لعقود، صورت إيران نفسها على أنها حصن منيع ضد عدوها اللدود، إسرائيل، غير أن نجاح عمليات الموساد المتكررة في اختراق الداخل الإيراني بددت تلك الصورة، وكانت البداية من حادثة ستوكسنت عام 2007، التي مثلت أول فشل استخباراتي جسيم لإيران عندما ألحق فيروس حاسوبي خبيث، صممته الولايات المتحدة وإسرائيل، أضرارًا مباشرة بالبرنامج النووي الإيراني، ونجح في تدمير نحو ألف جهاز طرد مركزي، أي ما يعادل نحو ١٠٪ من إجمالي أجهزة الطرد المركزي آنذاك، ولحق تلك الحادثة عمليات استهدفت سرقة أرشيفات نووية، والتخريب الإلكتروني لمنشآت حيوية، منها مصانع الطائرات المسيرة، ومراكز تخصيب اليورانيوم، وقواعد الصواريخ الباليستية، ومحطات الوقود، وسلسلة من الاغتيالات للعلماء النوويين الإيرانيين، الذين كان من أبرزهم محسن فخري زاده عام 2020.

يفرض ما سبق أهمية التطرق إلى هيكل أجهزة الاستخبارات الإيرانية المتعددة والمتداخلة ذات الطبيعة الضبابية، فقبل الثورة الإيرانية، ركزت منظمة الأمن والمعلومات (سافاك)، التي أنشأها الشاه محمد رضا بهلوي عام 1957، على حماية النظام من المعارضة الداخلية، ولكن بعد قيام الجمهورية الإسلامية، كانت (سافاما) أول منظمة استخباراتية أُنشئت في 1979، ثم تحولت عام  1983 إلى وزارة الاستخبارات والأمن الوطني، وأصبحت جهاز المخابرات الرئيس في إيران، وهي الأقوى من حيث الدعم المالي واللوجستي، وتتولى مهام جمع المعلومات الضرورية داخل البلاد وخارجها وتحليلها وتصنيفها، لكن نفوذها تراجع أمام تصاعد قوة الحرس الثوري في العقدين الماضيين.

وقبل الثورة الخضراء عام 2009 كانت مخابرات الحرس الثوري جهة مسؤولة عن القيام بالأعمال الاستخبارية والأمنية فقط، لكن نتيجة التداعيات السياسية والاجتماعية التي أسفرت عنها الثورة الخضراء بدأ الحرس الثوري بتوسيع نفوذه من خلال هيكلية جديدة تضمنت ثلاث منظمات فرعية، هي: منظمة مخابرات الحرس الثوري، إلى جانب منظمة حماية مخابرات قوات الحرس، ومنظمة حماية الحرس الثوري، وتتولى هذه الجهات الثلاث تنفيذ المهمات الأمنية والاستخبارية للحرس الثوري في الداخل والخارج.

 تعد منظمة مخابرات الحرس الثوري هي الجهة الأولى المعنية بالإشراف والإدارة العامة على المهمات والوظائف الأمنية والاستخبارية الخاصة بالحرس الثوري عمومًا، وخاضعة للإشراف المباشر من المرشد الأعلى، في حين تختص منظمة حماية مخابرات الحرس الثوري بتنفيذ المهمات الأمنية الاستخبارية خارج الحرس الثوري، مثل ملفات الاغتيالات، ومواجهة الجاسوسية، ومنع دخول التيارات غير المتوافقة مع سياسات الحرس الثوري، ومنع وصول المعلومات السرية إلى خارج الحرس الثوري، والإشراف السياسي والأمني على قادة الحرس الثوري وموظفيه، وتتنافس مباشرة مع وزارة الاستخبارات.

أما منظمة حماية الحرس الثوري فتتشعب إلى ثلاثة أجهزة استخبارية؛ أولها جهاز أمن الطيران المسؤول عن مواجهة عمليات الاختطاف، والأعمال السرية التي تستهدف الطائرات والمطارات، وثانيها جهاز أنصار المهدي المسؤول عن حماية المسؤولين الحكوميين الرفيعي المستوى باستثناء خامنئي، وثالثها جهاز ولي الأمر المسؤول عن حماية خامنئي شخصيًّا.

كما تشمل المنظومة الاستخباراتية الإيرانية أيضًا استخبارات الجيش الإيراني التقليدي، ومركز التحقيق في الجرائم الإلكترونية، وقيادة إنفاذ القانون، وشرطة الإنترنت، بالإضافة إلى جهاز استخبارات خاص بمكتب المرشد الأعلى، غير أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة في أجهزة الاستخبارات الإيرانية هو أن كل جهاز أمني يملك وحدة مستقلة لمكافحة التجسس، هذه الوحدات تشمل (منظمة مكافحة التجسس التابعة للحرس الثوري- مكافحة التجسس في الجيش- مكافحة التجسس في القضاء والداخلية- مكافحة التجسس في شرطة الإنترنت)، والمفارقة أن مهمة هذه الوحدات الأساسية لم تعد مواجهة الأعداء الخارجيين، بل أصبحت مراقبة بعضها بعضًا داخليًّا، في ظل ضعف الثقة بين الأطراف، وهذا التركيز على المراقبة الداخلية المتبادلة أضعف قدرة إيران على كشف التهديدات الخارجية وردعها على نحو مسبق.

لذا دشنت إيران مجلس تنسيق الاستخبارات، الذي يتألف من عدد كبير من الأجهزة المنفصلة والمتنافسة، يصل إلى 16 جهازًا من مجتمع المخابرات في الجمهورية الإسلامية، تتوزع بين حرس الثورة الإسلامية، والجيش، وهيئة الأركان المشتركة، والقوة القضائية، والشرطة، وتنصب مهامه في مناقشة كيفية متابعة وتفويض المهمات الاستخباراتية ضمن المهام القانونية لكل وحدة، وتنسيق القضايا المشتركة مع مجلس الأمن القومي، لكن هذا المجلس يعاني -في الواقع- تداخل الصلاحيات، وتضارب المصالح بين أعضائه.

مواطن ضعف المنظومة الأمنية الإيرانية

تشكل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في الجمهورية الإسلامية حجر الزاوية في منظومة الحكم، لكن السنوات الأخيرة كشفت عن إخفاقات واضحة في أداء هذه الأجهزة، ويُعزى ذلك إلى تداخل عوامل داخلية وخارجية تُضعف كفاءة أجهزة الاستخبارات الإيرانية وقدرتها على المواجهة، لعل من أبرزها ما يلي:

  • تعدد مرجعيات الأجهزة الأمنية: يتوزع القرار الأمني الإيراني بين مؤسسات متعددة، حيث يتألف مجلس تنسيق الاستخبارات من نحو 16 جهازًا منفصلًا ومتنافسًا، إضافة إلى أجهزة موازية مرتبطة بمكتب المرشد الأعلى. هذا التداخل يخلق خلطًا وظيفيًّا وازدواجية في المهام، مما يعطل الفعالية، ويزيد التوترات الداخلية، وبدلًا من التركيز على مواجهة التهديدات الخارجية، تنشغل هذه الأجهزة بمراقبة بعضها بعضًا في ظل ضعف الثقة بين الأطراف؛ ما يُسفر عن تضارب في الصلاحيات؛ ومن ثم ضعف التنسيق في القضايا الحساسة، مما يسمح بحدوث ثغرات أمنية خطيرة ومتكررة.
  • الفساد الإداري وضعف الكفاءة: يُعيَّن المسؤولون في أجهزة الاستخبارات الإيرانية بناءً على الولاء الأيديولوجي أكثر من الكفاءة التقنية أو الخبرة الاستخباراتية؛ ما يجعل الأداء الاستخباراتي هشًا. كما تكشف بعض التقارير تعرض الأجهزة الأمنية لاختراقات داخلية بسبب الفساد المالي والإداري، مثل انخراط عناصر من استخبارات الحرس الثوري في مشروعات البناء والتجارة؛ ما أسهم في خصخصة قرار الأمن لصالح المصالح الاقتصادية.
  • تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية: عادةً ما يكون الدافع وراء عمل العملاء هو الرغبة في المال، أو الاختلافات الأيديولوجية مع النظام، أو الابتزاز، وقد أتاحت الأزمات الداخلية، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية الحادة التي تعانيها إيران، فرصًا لخصوم إيران لتجنيد أعداد كبيرة من الشعب الإيراني واللاجئين، خاصة الأفغان، لاختراق منظومة الأمن الإيراني من الداخل.
  • التركيز على الأمن الداخلي على حساب الأمن الخارجي: تواجه الاستخبارات الإيرانية مستويات متزايدة من السخط الداخلي، ففي عقودها الثلاثة الأولى، لم تشهد الجمهورية الإسلامية سوى احتجاجين وطنيين رئيسيَن، هما: احتجاجات الطلاب عام ١٩٩٩، والحركة الخضراء عام ٢٠٠٩. في المقابل، شهد العقد الماضي أربع سلاسل دموية من المظاهرات، منها الاحتجاجات الاقتصادية في أعوام ٢٠١٧- ٢٠١٨، و٢٠١٩، و٢٠٢٠، وحركة “المرأة الحياة الحرية” عام ٢٠٢٢ بعد وفاة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى الشرطة. لم تُرهق هذه الاحتجاجات قدرات أجهزة الاستخبارات فحسب؛ بل أثرت -على الأرجح- في معنوياتها وتركيزها، وأضحى عمل أجهزة الاستخبارات الإيرانية الأساسي مراقبة المواطنين العاديين، والنشطاء السياسيين، وشخصيات المعارضة،  وهذا التركيز المفرط على الأمن الداخلي جاء على حساب الأمن الخارجي؛ مما جعل إيران أكثر عرضة للاختراقات الأجنبية.
  • تنامي القدرات المتطورة للهندسة السيبرانية لخصوم إيران: اعتماد إسرائيل والولايات المتحدة -باعتبارهما العدويين اللدودين للجمهورية الإسلامية- على أدوات ذكاء اصطناعي، وتقنيات متقدمة بما يفوق كثيرًا قدرات إيران، التي تعاني نقصًا في التحديثات التقنية بسبب العقوبات الدولية الممتدة منذ عقود، فقد كانت حادثة ستوكسنت، التي دمرت نحو ألف جهاز طرد مركزي في نطنز، مؤشرًا على هشاشة البنية التحتية النووية الإيرانية أمام هجمات مشتركة أمريكية إسرائيلية، كما نفذت إسرائيل أيضًا هجمات مثل “Predatory Sparrow”، التي استهدفت البنوك والقطاع المالي الإيراني؛ ما كشف عن قصور الجهات الإيرانية في الحماية الإلكترونية.

عملية الأسد الصاعد في معادلة الأمن الإيراني

وعلى خلاف العمليات الاسرائيلية السابقة، شكلت عملية “الأسد الصاعد” على طهران ومدن إيرانية أخرى، في يونيو (حزيران) الجاري، مرحلة جديدة في جهود إسرائيل لتحويل جمع المعلومات الاستخبارية المكثفة إلى حملات عسكرية حاسمة تهدف إلى التفوق على أعدائها في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم إيران، حيث اعتمدت العملية الإسرائيلية على سنوات من جمع المعلومات الاستخبارية ضد كبار القادة والعلماء الإيرانيين، وتعاون مكثف بين الموساد والجيش الإسرائيلي، إذ أظهرت العملية قدرة تقنية متعددة الجوانب. وفي الأسابيع التي سبقت الضربة، غذت إسرائيل عن طريق وسائل الإعلام العالمية، والقنوات الدبلوماسية، والخطاب العام، بإشارات كاذبة تهدف إلى تهدئة العلاقات بين تل أبيب وطهران، كان من أبرزها ما يلي:

أولًا- اجتماع مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي: رُوِّجَ له في إطار نقاش روتيني بشأن مفاوضات أسرى غزة، لكنه في واقع الأمر أعطى الضوء الأخضر للعملية.

ثانيًا- حفل الزفاف الزائف: حيث سرب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خبرًا يفيد بحضوره حفل زفاف ابنه أفنير نتنياهو، بهدف تعزيز الوهم لدى الجمهورية الإسلامية بأن زعيم إسرائيل منشغل بأموره الشخصية.

ثالثًا- الجولة الوهمية لمدير الموساد ديفيد بارنيا، والمبعوث رون ديرمر، إلى واشنطن عبر عُمان للاستعداد لحضور الجولة السادسة من المحادثات النووية، بهدف تحويل الانتباه عن الاستعدادات العسكرية لإسرائيل.

رابعًا- الخلافات المصطنعة بين ترمب ونتنياهو: حيث انتشرت شائعات عن وجود خلاف بشأن ضربة محتملة لإيران في وسائل الإعلام، ما عزز تصورات الانقسام السياسي داخل القيادة الإسرائيلية، ومع الحليف الأبرز لتل أبيب.

واستغلت تل أبيب تأثير عمليتها المباغتة على طهران، ووسعت بنك الأهداف لتشمل: الدفاعات الجوية الإيرانية، والبنية التحتية الإيرانية، والمنشآت النووية، مثل منشأة نطنز النووية. ومع ذلك، كان التركيز الحقيقي للعملية منصبًّا على القضاء على النخبة الإستراتيجية الإيرانية لقطع الصلة العملياتية بين التخطيط الإستراتيجي والتنفيذ، مثل اللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، ومهندس عقائد الطائرات بدون طيار والحرب السيبرانية في إيران، واللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، والصوت الأيديولوجي للتحدي الإيراني، واللواء غلام علي رشيد، رئيس مقر خاتم الأنبياء المركزي، والعقل المدبر للعمليات العسكرية الإيرانية، والدكتور فريدون عباسي دواني، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، والدكتور محمد مهدي طهرانجي، وهو عالم فيزياء نووية مرتبط بالأبحاث السرية الإيرانية.

ولتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية اعتمدت إسرائيل على تكتيكات متعددة ومتشابكة، لعل من أبرزها: سلسلة من عمليات التخريب السرية في عمق إيران، بالتزامن مع الضربات الجوية التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي، حيث بدأ الموساد قبل أشهر بتهريب صواريخ إلى إيران، ونصب سرًّا أسرابًا من الطائرات المسيرة المتفجرة في الداخل الإيراني، كما أنشأ قاعدة للطائرات المسيرة داخل الأراضي الإيرانية، وهو ما يشير إلى اختراق أمني غير مسبوق. كما تمكن الموساد من توظيف عملاء أمن إيرانيين لتنفيذ عملياته، ما يكشف عن اختراق عميق للمنظومة الأمنية الإيرانية، حيث استغلت تل أبيب الصراعات الداخلية، والتنافس بين أجهزة الاستخبارات الإيرانية المختلفة، لا سيما أن الحرس الثوري يواجه هجومًا مضادًا عنيفًا من القوى المنافسة؛ ما سهل مهمة الموساد في اختراق المنظومة الأمنية الإيرانية.

الخاتمة

يُمكن إرجاع إخفاقات الاستخبارات الإيرانية في صد التوغلات الإسرائيلية إلى تفاعل مُعقد بين التنافسات الداخلية، وقلة الموارد، والتدخل السياسي، ونقص التدريب، والتحديات التي تُشكلها التهديدات الخارجية. فضلًا عن هذا، يُعد الخداع الإستراتيجي، لا سيما الذي كشفت عنه العمليات الإسرائيلية، خاصةً عملية “الأسد الصاعد”، عاملًا أساسيًّا في مضاعفة القوة في التخطيط العملياتي في مواجهة نظام شديد المركزية، متشدد أيديولوجيًّا وهرمي مثل إيران.

ومع استمرار العمليات الإسرائيلية في الكشف عن نقاط ضعف المنظومة الأمنية الإيرانية، يواجه النظام معضلة متزايدة الخطورة؛ إما التصعيد والمخاطرة بحرب كارثية، وإما امتصاص تلك الاخفاقات والانهيار ببطء تحت وطأة تناقضاته الداخلية، حيث تبدو الخيارات المتاحة أمام الجمهورية الإسلامية محدودة، فبعد تفكيك حلفائها في الخارج، تواجه الآن ضغوطًا داخلية قد تفسر على أنها محاولة لدفع الشعب الإيراني إلى التحرك؛ ما يفتح المجال أمام احتمال انتقال الأزمة إلى الداخل، لا سيما في ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من جرّاء تداعيات الحرب الإسرائيلية في الشرق الأوسط.

ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع