منذ أيام، وتحديدًا في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، انعقدت القمة العاشرة لمنظمة الدول التركية في أستانا، عاصمة كازاخستان، تحت شعار “العصر التركي”، في ظل التوترات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم اليوم من جراء العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم. وفي هذا السياق، انعقدت القمة الأخيرة لتؤكد أن تركيا تضع هذه المنظمة، كمركز لقوة متنامية في إطار النظام العالمي المتعدد الأقطاب، طامحةً أن يكون منصة مركزية للتكامل والتفاعل بين الدول الناطقة بالتركية.
ومن هذا المنطلق، ارتبط التوجه التركي نحو إحياء منظمة الدول التركية، وتعزيز العلاقات مع هذه الدول بشكل رئيس بالمشروع التوسعي الذي تتبناه أنقرة، حيث اعتمدت تركيا في إطار هذه المقاربة على عدد من المداخل الثقافية، والعرقية، والاقتصادية، والسياسية، والأمنية، بما يضمن تعزيز نفوذها في منطقة آسيا الوسطى، وكذلك موقعها في النظام العالمي ككل[1]، ما يثير عددًا من التساؤلات المحورية لفهم معطيات المقاربة التركية الجديدة في المنطقة، تتمثل في:
تعود الجهود الأولى لتأسيس مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية (المجلس التركي) إلى عام 1992، عندما دعا الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال رؤساء دول أذربيجان، وكازاخستان، وقرغيزستان، وأوزبكستان، وتركمانستان إلى أنقرة، وقرروا تنمية التعاون المشترك؛ من خلال عقد قمم دورية بينهم، واستمر عقد القمم على نحو شبه سنوي، إلى أن وقعت تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان اتفاقية نخجوان في 3 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009، في القمة التاسعة التي احتضنتها مدينة نخجوان الأذرية، قبل أن يُعلن تأسيس المجلس رسميًّا أواخر عام 2010، في قمة عُقدت في إسطنبول.
وفي قمة باكو عام 2019، أعلنت أوزبكستان انضمامها، ليصبح عدد أعضاء المنظمة 5 دول؛ هي: تركيا، وأذربيجان، وكازاخستان، وأوزبكستان، وقيرغيزستان، إضافة إلى تركمانستان، والمجر، وجمهورية شمال قبرص التركية بصفة مراقب، وهو ما يشير إلى اعتراف ضمني من الدول الأعضاء بجمهورية شمال قبرص التركية التي لا يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء تركيا، حيث تتكون منظمة الدول التركية، ومقرها الرئيس في مدينة إسطنبول، من مجالس زعماء الدول الأعضاء، ووزراء الخارجية، وأصحاب اللحى البيضاء (في إشارة إلى قادة الرأي القادمين من البلدان الأعضاء)، ولجنة كبار الموظفين والأمانة العامة، كما يضم المجلس آليات تعاون في بنيته، أبرزها: جمعية برلمانات البلدان الناطقة باللغة التركية، ومجلس العمل التركي، ومنظمة الأكاديمية والثقافة التركية الدولية، واتحاد الغرف والبورصات المشتركة في العالم التركي[2].
وجاء ضمن القرارات البارزة لقمة إسطنبول عام 2021، تحويل اسم المنظمة من مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية إلى منظمة الدول التركية (OTS)، وإكسابها صفة منظمة دولية لها هيكل إداري وتنفيذي؛ ما عمل على إضفاء الطابع المؤسسي الذي يُلزم أعضاءه بالالتزام بتنفيذ القرارات المتخذة بشكل مشترك بما يحقق أهداف المنظمة.
ومن هذا، يتمثل الهدف الرئيس لمنظمة الدول التركية في تأسيس التعاون بين الدول الأعضاء وتعزيزه في قضايا السياسة الخارجية، والاقتصاد، والمواصلات، والجمارك، والسياحة، والتعليم، والإعلام، والرياضة والشباب، كما تستهدف تعميق العلاقات بين الدول الناطقة بالتركية وبلدان الشرق الأوسط والمنطقة الأوراسية، وترسيخ السلام والاستقرار فيها، وتوسيع مجالات التعاون الدولي في العالم الإسلامي. واستهدف وجود المجر بصفة مراقب في المنظمة، الذي جاء قُبيل انعقاد القمة السابعة لزعماء دولها الأعضاء، الإسهام في زيادة ظهور المنظمة في الأوساط الأوروبية[3].
تهدف منظمة الدول التركية إلى تعزيز السلام والاستقرار والتعاون بين الدول الأعضاء، والكشف عن إمكانات التنمية المشتركة بينها، وذلك في إطار الركائز الرئيسة التي تجمع شعوب الدول الناطقة بالتركية من حيث اللغة، والهوية، والثقافة، والتقاليد، والقيم المشتركة، وأيضًا من حيث الروابط العرقية والتاريخية المشتركة، والتقارب الجغرافي، حيث تتميز هذه الدول بعدد من المقومات الإستراتيجية يتمثل أولها في الموقع الجغرافي والإستراتيجي لدول المنظمة في قلب القارة الآسيوية، محط النفوذ الإقليمي والدولي، إضافة إلى الكتلة السكانية، حيث يبلغ عدد سكان دول المنظمة نحو 150 مليون نسمة، يعيشون في جغرافيا تتجاوز مساحتها 4.5 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول المنظمة 1.5 تريليون دولار، فيما يبلغ حجم تجارة الدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي 536 مليار دولار، ويصل حجم التجارة المتبادلة بين دولها إلى نحو 16 مليار دولار، كما تبلغ مساهمة الاستثمار الأجنبي فيها نحو 460 مليار دولار.
وتماشيًا مع ما سبق، تضمنت إستراتيجية منظمة الدول التركية للفترة بين عامي (2022 و2026)، في إطار وثيقة رؤية العالم التركي 2040، التي قُبِلَت في القمة التاسعة في سمرقند، ما يزيد على مئة بند للتعاون في مجالات السياسة الخارجية، والاقتصاد، والمواصلات، والجمارك، والسياحة، والتعليم، والإعلام، والرياضة والشباب[4]. ومن خلال تلك الإستراتيجية يمكن الوقوف على أبعاد الأهمية الإستراتيجية لمنظمة الدول التركية، فيما يلي:
أ- الأبعاد الاقتصادية والتجارية
تسعى الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية إلى دعم المبادرات الاقتصادية الهادفة إلى زيادة التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في مجالات التجارة، والنقل، والاستثمار، والجمارك، خاصةً أن التجارة المتبادلة بين دول المنظمة تبلغ 4% فقط من إجمالي التجارة الخارجية، لذلك أُنشئ الصندوق الاستثماري التركي الذي يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء والدول المراقبة، ويساعد على بناء تكامل مالي لدول المنظمة، كما كُلفت الوزارات المعنية في دول المنظمة بمواصلة المناقشات بشأن إبرام اتفاقية للتجارة الحرة، بما يتماشى مع التشريعات الوطنية للدول الأعضاء لإلغاء الضرائب الجمركية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري.
فضلًا عن هذا، وُقعت اتفاقية النقل الدولي المشترك للبضائع بين الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية؛ كخطوة لتسهيل عمليات النقل بين الدول الأعضاء. وفي هذا الإطار، يأتي الافتتاح الوشيك لممر زانجيزور، وزيادة طاقة نقل خط سكك حديد (باكو- تبيليسي- قارس)، وتدشين خط سكك حديد (أوزبكستان- قيرغيزستان- الصين) وخط سكك حديد (تيرميز ومزار شريف- كابول– بيشاور) اللذين سيُسهمان في تنويع طرق النقل بين أوروبا وآسيا.
كما كُلفت الوزارات المعنية لدى الدول الأعضاء بتشجيع سلطات الطيران المدني الوطنية على التعاون، وتعزيز سياسة النقل الجوي؛ لتوسيع شبكات النقل والشحن الجوي، والرحلات الجوية المنخفضة التكلفة بين الدول الأعضاء؛ لزيادة حجم التجارة، وتنشيط السياحة، كما تأسس مركز أبحاث التعاون التجاري للدول التركية من أجل تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء وزيادتها، كما أعلنت القمة العاشرة للمنظمة مدينة أستانا مركزًا ماليًّا للدول التركية لعام 2024، وإسطنبول لعام 2025، ووقع زعماء الدول الأعضاء على 12 وثيقة، منها قانون أستانا، والبيان الختامي للقمة، بهدف تعميق التكامل الاقتصادي، فقد وصل حجم التجارة بين الدول التركية إلى 42 مليار دولار سنويًّا، وارتفع حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء إلى 27 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ21 مليار دولار في عام 2021[5].
ب- الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية
يُعَد التعاون السياسي من بين الأهداف والغايات الرئيسة للمنظمة، حيث تهدف المنظمة إلى تعزيز الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء، والحفاظ على السلام في المنطقة وخارجها، وتعزيز المواقف المشتركة تجاه قضايا السياسة الخارجية، وتنسيق الإجراءات لمكافحة الإرهاب الدولي والتطرف، وتعزيز التعاون الإقليمي والثنائي في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
دلل على هذا؛ ترحيب الدول الأعضاء في المنظمة بالمبادرة الرامية إلى إقامة حوار دائم مع السلطات الأفغانية من خلال بعثات رفيعة المستوى، حيث أعربت الدول عن قلقها العميق إزاء الحالة الاقتصادية والإنسانية المتردية في أفغانستان، خاصةً بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو منها؛ مما أحدث فراغًا وخوفًا من عدم الاستقرار في المنطقة.
كما أعلن البيان الختامي للقمة العاشرة المنعقدة منذ أيام في العاصمة الكازاخستانية موقف المنظمة الواضح والصارم بشأن القضية الفلسطينية، حيث دعت إلى إعلان فوري لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل حماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة دون أي معوقات، وأدان البيان جميع الهجمات التي تستهدف المدنيين، وأكد أن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن إلا بالسبل السلمية؛ بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وتنفيذ حل الدولتين.
ومع أن أهداف المنظمة المعلنة في إستراتيجيتها ترتكز على التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والسياسي، فإن وثيقة المنظمة شملت بندًا تدعو فيه إلى توثيق التعاون في مجال التعاون العسكري، والصناعات الدفاعية، وحتى الآن لا توجد اتفاقية للدفاع المشترك بين دول المنظمة، غير أن القمة العاشرة دعت إلى تعاون مكثف بين الدول التركية في الصناعات الدفاعية، فضلًا عن التعاون لرفع قدرات البحث والتحليل بعقد المؤتمرات، والاجتماعات، والندوات؛ لدراسة القدرات الجيوسياسية للدول التركية. في هذا الإطار، يمكن ملاحظة تنامي التعاون الثنائي بين دول المنظمة في المجال العسكري، والصناعات الدفاعية، خاصة تعاون تركيا مع أذربيجان في حربها في إقليم كاراباخ، ودعمها بالطائرات المسيرة التي أسهمت في تقوية موقف أذربيجان في حربها على أرمينيا[6].
ج- الأبعاد الاجتماعية والثقافية
تُعد الثقافة واللغة والتاريخ المشترك للدول الناطقة بالتركية الركائز الأساسية التي يقوم عليها التعاون بين دول المنظمة، ولتعميق العلاقات بين الدول التركية، وخاصة في مواجهة الأزمات العالمية، كما جاء في بيان القمة العاشرة للمنظمة؛ حيث تعتمد 6 دول، هي أذربيجان، وجمهورية شمال قبرص التركية، وتركمانستان، وأوزبكستان، وقرغيزيا، وكازاخستان، اللغة التركية ولهجاتها لغةً رسميةً لها؛ لذلك تسعى المنظمة- في المقام الأول- إلى تعزيز التعاون في مجالات الثقافة، والرياضة، والتعليم، والتكنولوجيا.
دلل على أهمية هذا؛ إنشاء مجلس يضم رؤساء المجالس الدينية الإسلامية تحت مظلة المنظمة عام 2022؛ لتطوير التعاون بين المجالس على أساس أفكار التضامن الإسلامي، والقيم الوطنية والدينية والأخلاقية والثقافية للشعوب التركية، فضلًا عن دعم المنظمة للبرامج والمشروعات المشتركة في مجال الشباب والرياضة، والأنشطة التي تقوم بها المنظمة الدولية للثقافة التركية، ومؤسسة الثقافة والتراث التركية؛ لتعميق روابط الإخاء والتضامن بين الشعوب التركية، ونقل التراث الثقافي المشترك إلى الأجيال القادمة، وتعزيزه في جميع أنحاء العالم[7].
نتيجةً لاهتمام القوى الإقليمية والدولية في الآونة الأخيرة بآسيا الوسطى، سعت تركيا أن تكون على رأس هذا الاهتمام الجديد، وأصبح انتشار نفوذ تركيا في جمهوريات آسيا الوسطى ركيزة أساسية في السياسة التركية الحالية، مستغلة القرب العرقي والطائفي لهذه البلدان حجةً لتشكيل اتحاد جديد على الساحة الدولية تحت اسم “الجمهوريات التركية”، وفي هذا الإطار انتهجت تركيا عددًا من الأدوات لترسيخ وجودها في جمهوريات آسيا الوسطى، تمثلت فيما يلي:
1- الأداة الاقتصادية
يُعد التعاون الاقتصادي من الأدوات الرئيسة التي تسعى تركيا من خلالها إلى تعزيز مكانتها في المنطقة، حيث تَعتبر أنقرة آسيا الوسطى منطقة واعدة للاستثمار في البنية التحتية للنقل، إذ يُعد إنشاء طرق سريعة وجديدة أمرًا ضروريًّا للتغلب على اعتماد البنية التحتية لجمهوريات آسيا الوسطى على روسيا؛ لذلك تمنح تركيا تلك الدول كثيرًا من المشروعات لتقدم لها بديلًا عن الوجود الروسي.
يدعم ذلك الاستثمارات التركية في آسيا الوسطى التي تتجاوز 85 مليار دولار، مثل بناء ميناء دولي في مدينة عشق آباد، وترميم أبنية مدينة تركمنباشي، واستحواذ الشركة التركية (tav Airports) على 100% من أسهم مطار ألماتا، إحدى أكبر مدن كازاخستان. فضلًا عن هذا، تعتزم تركيا تنفيذ مشروع النقل العابر لبحر قزوين مع الصين، ما يعد الشريان الذي سيربط دول العالم التركي، فمن خلال هذا الممر ستوفر تركيا لنفسها مدخلًا مباشرًا إلى آسيا الوسطى؛ مما سيزيد من تصدير السلع المصنعة، فضلًا عن استيراد المواد الخام.
وكذلك تسعى تركيا إلى تنويع إمدادات الطاقة، من خلال زيادة إمدادات النفط الكازاخستاني، عبر خط أنابيب باكو– تبليسي– جيهان، والغاز التركماني عبر أنابيب خط الغاز العابر من الأناضول، وهو جزء من مشروع ممر الغاز الجنوبي. يأتي هذا في إطار خطة أنقرة أن تصبح مركزًا للطاقة في أوراسيا، حيث ستتلقى أوروبا من خلالها الغاز من روسيا، وآسيا الوسطى، وأذربيجان، وشرق البحر المتوسط.
وفي الأعوام العشرة الأخيرة، تنامت معدلات التجارة بين تركيا ودول آسيا الوسطى من 5,5 مليار إلى 6,3 مليار دولار، ومع ذلك، فإن هذا الرقم يزيد قليلًا على 1,5% من إجمالي حجم التجارة الخارجية لأنقرة، وهو ما تسعى تركيا إلى التركيز عليه خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل تركز تجارتها مع أوزباكستان وكازاخستان، حيث يبلغ حجم التجارة مع كل من هاتين الدولتين على حدة ملياري دولار[8].
2- الأداة العسكرية
تجتهد تركيا لتعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى في المجال العسكري، من خلال فكرة إنشاء جيش توران، وهو كتلة عسكرية للدول الناطقة بالتركية، حيث كانت الخطوات الأولى نحو هذه المبادرة في عام 2013، بعد تأسيس منظمات القوات المسلحة الأوراسية للأمن (TAKM)، التي تضم تركيا، وأذربيجان، وقيرغيزستان، ومنغوليا، وكان الغرض من تلك المنظمة تطوير التعاون بين مؤسسات الأمن العسكرية للأعضاء، حيث حُددت مهمة المنظمة في مكافحة الجريمة المنظمة، والإرهاب، والتهريب، في القوقاز وآسيا الوسطى، ومع ذلك لم تحقق تلك المنظمة نجاحًا كبيرًا حتى الآن، مع أنها كان المحاولة الأولى لإنشاء نموذج أولي لمنظمة عسكرية لديها القدرة على أن تصبح منصة التواصل بين جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية في المنطقة تحت قيادة أنقرة.
واتخذت المحادثات بشأن تعزيز التعاون العسكري بين تركيا ودول آسيا الوسطى منحى جديدًا، بعد استئناف الصراع في كاراباخ عام 2020، حيث تم التوقيع على اتفاقية للتعاون العسكري والتقنية العسكرية بين تركيا وأوزبكستان، كما نوقشت الشراكة الإستراتيجية التركية الكازاخستانية، ما اعتُبر خطوة جدية في مشروع إنشاء جيش موحد للدول الناطقة بالتركية، وما لبث أن استُئنف الحديث عن جيش توران مرة أخرى بعد زيارة وزير الخارجية التركي مولود شاويش أغلو إلى أوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجكستان، في مارس 2021، وكان الهدف من الزيارة تشكيل كتلة عسكرية سياسية بقيادة أنقرة، يمكن أن تساعد على تعزيز موقف تركيا في صراعها الممتد على القيادة الإقليمية.
غير أن خطاب تركيا الطموح بشأن مسألة التعاون العسكري، ومشروع جيش توران، يمثل تهديدًا لأمن القوى الإقليمية في آسيا الوسطى، مثل روسيا، والصين، وإيران، خاصة أن كازاخستان وقيرغيزستان عضوان في منظمة معاهدة الأمن، وأن تركيا نفسها عضو في الناتو؛ ما يشكل معضلة لتلك الدول في الاحتفاظ بتحالفاتها التقليدية في ظل توجهها إلى بناء جيشها الخاص[9].
3- أدوات القوة الناعمة
تشكل القوة الناعمة أساس السياسة التركية في منطقة آسيا الوسطى، حيث هدفت تركيا إلى هوية تركية جديدة في المنطقة تحت قيادتها، تستند في الأساس إلى فكرة المجتمع الثقافي الديني، الذي يشكل مجموعة واحدة من القيم لسكان البلدان الناطقة بالتركية، وهذا سيكون أساس التفاعل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي بين تركيا وتلك الدول، وتتحقق تلك الرؤية الطموحة من خلال الحفاظ على المعرفة بالتاريخ، والثقافة، واللغة التركية، لدى الشعوب الناطقة بالتركية.
من هذا المنطلق، سعت تركيا جاهدةً إلى إنشاء صورة جديدة للبلاد، التي شهدت تحولًا كبيرًا منذ عام 2010 نتيجةً لعدد من العوامل، منها الخارجية، وعلى رأسها ثورات الربيع العربي، ومنها الداخلية، مثل تحول سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم وأجندته الجديدة، وبدأت تركيا بتأكيد تلك الصورة، وأخذت على عاتقها الدفاع عن المسلمين والأتراك في جميع أنحاء العالم.
ولترسيخ تلك الصورة، عملت على نشر الثقافة التركية من خلال مختلف الوسائل؛ لتشكل وعيًا جديدًا لبلدان آسيا الوسطى، والمنطقة بشكل عام، عن ماهية الدولة التركية، وسعت كذلك إلى تفعيل سياسة تقديم الدعم لدول المنطقة، الذي لم يتضمن بعض الدعم النقدي، وشطب الديون فقط؛ وإنما أيضًا إقامة مشروعات البنية التحتية واللوجستية لتحقيق مصالحها[10].
4- الأداة المؤسساتية
يُشكل العنصر المؤسسي للسياسة التركية في آسيا الوسطى، أحد أكثر عناصرها إثارة للجدل، إذ تمتلك البلاد شبكة واسعة من المؤسسات التي تستخدمها تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي لتعزيز وجودها في المنطقة. ويتضح من هذا أن شبكة المؤسسات القائمة في سياق السياسة التركية في آسيا الوسطى لها ثلاثة أهداف؛ الهدف العام، الذي تسعى إليه مؤسسة مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية، ومجموعة من المنظمات العاملة تحت رعايته، مثل المنظمة الدولية للثقافة التركية، والجمعية البرلمانية للبلدان الناطقة بالتركية، والأكاديمية التركية الدولية، وكذلك مؤسسة الثقافة والتراث التركية، هو نشر الروابط الثقافية وتقويتها، وتعزيز الحوار السياسي، والتطوير في دراسة العالم التركي، وكذلك الحفاظ على التراث الثقافي للدول التي تمثل الأتراك وحمايته، كما تهدف إلى تطوير التكامل الفعال بين ممثلي العالم التركي، على أساس تعزيز الروابط الثقافية، والتعليمية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، كل هذا يعتمد على أطروحات تركيا بشأن مفهوم وجود عالم تركي واحد؛ ومن ثم ترسيخ الهوية التركية لهذا العالم[11].
أما الهدف الثاني للمؤسسات فمرتبط بالبعد التعليمي، الذي يدعم الجانب الاجتماعي والثقافي لنشاط تركيا، الذي يشكل أساس سياسة أنقرة في آسيا الوسطى، وفي صدارة تلك المؤسسات؛ مؤسسة يونس إمري، وكذلك معهد يونس إمري، ومكاتبها التمثيلية في العالم، على شكل مراكز يونس إمري الثقافية. ومع أن المراكز في الوقت الحالي ليس لها تمثيل في بلدان آسيا الوسطى، فإن صندوق (FOND) ينفذ المشروعات التي تركز على هذه المنطقة وسكانها. بالإضافة إلى مؤسسة معارف، التي تُعمِّم التعلم باللغة التركية، وتطوّر العلاقات الدولية التركية، وتشرف على عمل المؤسسات التعليمية التركية في الخارج. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أنشطة مكتب إدارة شؤون الأتراك في الخارج تقدم رعاية برنامج المنح الدراسية الحكومي، وتعزز التعليم باللغة التركية، والتاريخ، والثقافة في الخارج، وبشكل كثيف في بلدان آسيا الوسطى، بجانب مكتب الشؤون الدينية (ديانت)، الذي يعمل في أكثر من 140 دولة في العالم، ويسهم في التعليم الديني، وتعريف السكان بالقيم الثقافية، من خلال شبكة من المدارس والجامعات، والدورات التعليمية، يقع كثير منها في منطقة آسيا الوسطى[12].
ويتمثل الهدف الثالث، وهو أهم أهداف المؤسسات التركية، في الهدف الإنساني، المرتبط بالعمل على استهداف الإنسان، وتحسين ظروف وجوده بالمعنى العالمي، وفي هذا السياق تأتي أنشطة الوكالة التركية للتعاون الدولي والتنمية (TIKA)، التي أُنشئت في الأصل بهدف التركيز على جمهوريات آسيا الوسطى، إذ إنها المؤسسة الرئيسة في سياق تنفيذ المساعدة الإنمائية الرسمية (ODA) لتركيا، بوصفها عضوًا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)[13].
تحظى الدول التي تدخل في إطار الكومنولث التركي، خاصةً في منطقة آسيا الوسطى، باهتمام كبير من أنقرة خلال السنوات الماضية، وهو ما تجسد في عدد من المؤشرات، من أبرزها: تنامي عدد الزيارات الرسمية التي قام بها المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى هذه الدول في السنوات الأخيرة، فضلًا عن حجم التعاون على جميع الأصعدة بين دول آسيا الوسطى وتركيا، ومن هذا يُمكن فهم الثمار التي تجنيها أنقرة من توطيد دور منظمة الدول التركية في ضوء ما يلي:
1- تشكيل رابطة العالم التركي: حيث تمثل فكرة إقامة رابطة العالم التركي، أو الكومنولث التركي، أحد الأهداف الرئيسة لحزب العدالة والتنمية منذ صعوده إلى سدة الحكم في تركيا، ويتضمن هذا المسعى إحدى الآليات الرئيسة في إطار المشروع الطموح الذي يتبناه حزب العدالة والتنمية، وفي هذا السياق يشكل المدخل المذهبي والعرقي أحد المداخل الرئيسة التي تخدم فكرة العثمانية الجديدة، واستعادة تركيا الكبرى التي تسعى أنقرة إليها منذ سنوات[14].
2- ترسيخ النفوذ الجيوسياسي التركي: يرتبط الاعتماد التركي المتزايد على منظمة الدول التركية، بسعي أنقرة إلى تعزيز نفوذها الجيوسياسي في محيطها الإقليمي، ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى بشكلٍ خاص، في ضوء تنامي المؤشرات بشأن بدء تشكل عالم جديد، تسعى فيه القوى المتوسطة، وعلى رأسها تركيا، إلى توظيف جميع أدواتها الدبلوماسية، والأمنية، والاقتصادية؛ بهدف تعزيز نفوذها الجيوسياسي في المشهد العالمي. وفي هذا السياق، يعد نفوذ أنقرة إقليميًّا في جمهوريات آسيا الوسطى محددًا رئيسًا حاكمًا لموقعها في النظام العالمي الجديد[15].
3- المكاسب الاقتصادية: يقع العامل الاقتصادي في مقدمة المحددات الحاكمة للمساعي التركية لتعزيز التعاون مع الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية، خاصةً في ضوء الأزمات العميقة التي يعانيها الاقتصاد الوطني التركي في السنوات الأخيرة، إذ تمثل هذه الدول سوقًا منقذة لتركيا، حيث يعيش في دول المجلس التركي أكثر من 300 مليون نسمة، ويبلغ حجم التجارة المتبادلة بين هذه الدول نحو 7 مليارات دولار؛ لذا ترمي أنقرة إلى زيادة حجم استثماراتها ومعاملاتها التجارية مع الدول الأعضاء في المنظمة.
4- البحث عن بدائل إقليمية: يأتي الاهتمام التركي بمنظمة الدول التركية، في ظل سياق التوتر في علاقات تركيا الخارجية، خاصة بدول الاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، الذي فشلت تركيا في الانضمام إليه منذ عام 1963؛ لذا سعت تركيا إلى خلق تحالف إقليمي جديد تستطيع الاعتماد عليه، بديلًا لتحالفاتها التقليدية مع المحور الغربي، ويمكن في ضوء هذا السياق فهم مساعي تركيا للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، حيث أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا تسعى إلى الحصول على عضوية كاملة في منظمة شنغهاي[16].
5- استغلال الحرب الروسية الأوكرانية: تطمح تركيا إلى تعميق التحالف والتعاون بين دول المنظمة، استغلالًا للانشغال الروسي بالحرب على أوكرانيا، وقد دعم هذا الطرح الرئيس التركي في القمة الأخيرة، عندما أشار إلى أن الحرب في أوكرانيا تدفع باتجاه زيادة التعاون بين دول المنظمة، وقد حرصت تركيا على توظيف غضب بعض دول المنظمة من التدخل الذي قامت به منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا لإخماد الاضطرابات في كازاخستان، مطلع العام الماضي، من أجل تعزيز نفوذ أنقرة في المنطقة، في مقابل تحجيم النفوذ الروسي.
الجدير بالاهتمام أن الحرب الأوكرانية وتداعياتها، خاصةً سياسة العقوبات القصوى تجاه روسيا، تدفع باتجاه تقويض نفوذ روسيا وعلاقاتها بدول المنظمة، وتُضعف دورها كقائد إقليمي، وتفتح الباب أمام أنقرة لتعزيز نفوذها الجيوسياسي، وهو ما يعد مكسبًا إستراتيجيًّا تسعى أنقرة إلى تسخيره لخدمة مصالحها في الفترة المقبلة[17].
تتباين المواقف الدولية إزاء منظمة الدول التركية وفقًا لمصالح كل دولة، خاصة في صراع النفوذ على منطقة آسيا الوسطى؛ نظرًا إلى أهميتها الإستراتيجية التي تنامت وفقًا للتطورات الأخيرة في القارة الآسيوية. وفي ضوء تلك المصالح المتناقضة، يبرز مواقف القوى الإقليمية والدولية فيما يلي:
1- الموقف الروسي: تضم منظمة الدول التركية خمس جمهوريات سوفيتية سابقة؛ هي: أذربيجان، وكازاخستان، وقرغيزستان، وأوزبكستان، وتركمانستان، تقع ضمن منطقة النفوذ الحيوي الخاصة بروسيا؛ ما قد يهدد النفوذ الروسي في تلك المنطقة، رغم الروابط الاقتصادية المحورية التي تجمع بين موسكو ودول المجموعة، خاصة في ظل الانشغال الروسي بالحرب في أوكرانيا، ما يفاقم خطر تنامي العلاقات بين تركيا ودول المجموعة على حساب روسيا، لا سيما في ظل تبني أنقرة لسياسة الحياد في الحرب الروسية الأوكرانية من خلال الوساطة بين طرفي الحرب؛ ما يعزز المكانة الدولية لتركيا.
2- الموقف الصيني: مع أن منظمة الدول التركية قد تعد فرصة للصين لتوسيع نطاق طرق تجارتها ضمن مبادرة الحزام والطريق، فإن هذا لا ينفي خطر تزايد قوة هذا التحالف على مصالح الصين في المنطقة، خاصة أن تركيا هي من تدير تلك المنظمة، في ظل التوترات السياسية بين تركيا والصين؛ نظرًا إلى مواقف تركيا السياسية، خاصة ما يتعلق بدعم أنقرة لنحو عشرة ملايين من الإيجور التّرك في الصين[18].
3- الموقف الإيراني: تمثل منظمة الدول التركية تهديدًا مباشرًا لإيران؛ بسبب مساعي الدول الأعضاء لافتتاح ممر زانجيزور في أقرب وقت، الذي يُعد أبرز مخرجات القمة التاسعة في نهاية عام 2022، والذي يربط بين جمهورية أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها والمتمتع بالحكم الذاتي داخل أرمينيا، وهو ما تعتبره طهران محاولة لحصارها جغرافيًّا؛ لذلك ترى إيران في تعميق التعاون بين دول المنظمة خطرًا لأمنها القومي.
4- الموقف الأمريكي: في مقابل المواقف الرافضة لوجود المنظمة على الساحة الإقليمية، تخدم المنظمة- بشكل غير مباشر- الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب دورها الذي يحدّ من تصاعد النفوذ الصيني والروسي في منطقة آسيا الوسطى، خاصةً مع عودة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والولايات المتحدة، إلى الحد الذي قد يجعل تركيا الذراع الجديدة للولايات المتحدة في المنطقة.
5- موقف الاتحاد الأوروبي: على غرار الموقف الأمريكي، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى دور منظمة الدول التركية في فرض الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، ومنع وصول اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا، إذ يجاهد الاتحاد الأوروبي لتطبيق سياسة أوروبية مشتركة للجوء. فضلًا عن هذا، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى موارد الطاقة الغنية لدول المنظمة، غير أن قرار انضمام جمهورية شمال قبرص التركية بصفة مراقب إلى المنظمة، أدى إلى حدوث توترات سياسية؛ حيث رفض الاتحاد الأوروبي هذا القرار، منددًا بأي عمل يهدف إلى تسهيل الاعتراف الدولي بشمال قبرص، وهو ما رفضته تركيا، وبررت أن القرار المتعلق بانضمام جمهورية شمال قبرص التركية بصفة عضو مراقب اتُّخِذَ بالإجماع في قمة منظمة الدول التركية؛ ما مثَّلَ تحديًا مباشرًا لإعلان الاتحاد الأوروبي[19].
يوضح الطرح السابق أن دول منظمة الدول التركية تواجه عددًا من التحديات نتيجة للمستجدات الأمنية الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية، يتجسد أبرزها في تنامي خطر الجماعات الإرهابية، خاصةً تنظيم داعش، والقاعدة، والجماعات الموالية لهما، فضلًا عن الصراع المستمر بين أذربيجان وأرمينيا بشأن إقليم كاراباخ، والتوتر الحدودي بين أوزبكستان وتركمانستان، وبين قيرغيزستان وطاجيكستان، الذي يصاحبه تبادل دوري لإطلاق النار، والعدوان الأخير على غزة.
لكن رغم تلك التطورات، يعزز فرضية تنامي النفوذ الإقليمي لمنظمة الدول التركية عدد من المؤشرات، يأتي في مقدمتها التعاون الاقتصادي؛ حيث تجمع بين الدول الأعضاء والدول المراقبة روابط مشتركة وثيقة، وستشهد السنوات المقبلة تقدمًا ملحوظًا في مستوى الاستثمارات، وحجم التبادل التجاري، في ضوء تنفيذ المبادرات الرامية إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة بين دول المنظمة لرفع الرسوم الجمركية بين أعضاء المنظمة لتصل إلى صفر جمارك بحلول عام 2030، كما ستشهد دول المنظمة تطوير البنية التحتية من طرق، وسكك حديدية؛ لتسهيل عملية النقل بين الدول الأعضاء والمواني البحرية التركية على البحر المتوسط[20]، فضلًا عن المؤشر العسكري؛ إذ إنه من المرجح أن تشهد الصناعات الدفاعية التركية نموًّا مع الدول الأعضاء في المنظمة، مع استمرار التدريبات العسكرية المشتركة بين جيوش الدول الأعضاء، التي من المتوقع إجراؤها- بشكل ثنائي أو جماعي- في الأعوام المقبلة، كما أن نموذج الدعم التركي لأذربيجان في حربها مع أرمينيا عام 2020 قد يشكل نواة مستقبلية لتوقيع اتفاقية للدفاع المشترك بين الدول الأعضاء في المنظمة[21].
ومن ثم، فإن محصلة القول تفيد بأن نجاح دول المنظمة في تشكيل قوة إقليمية فاعلة يتوقف على قدرة تركيا على تنمية مواردها المالية، والعسكرية، والتكنولوجية لمنافسة القوى الإقليمية والدولية في آسيا الوسطى؛ وهو ما يستبعد حدوثه في المستقبل القريب في ضوء الأزمات البنيوية المحتدمة التي تشهدها تركيا. ونظرًا إلى افتقار تركيا لتلك القدرة، فإنها ستظل تتعامل مع المجالات الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية التي يكون فيها تأثير القوى الإقليمية الأخرى ضعيفًا، وهذا ما يؤكده نشاطها المحدود في المسائل الأمنية، وعدم قدرتها على التدخل المباشر في حل أزمات دول آسيا الوسطى.
ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.