وصل وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الاثنين الموافق 17 مارس (آذار)، لحضور مؤتمر المانحين التاسع لدعم سوريا. يُعد هذا المؤتمر حدثًا بارزًا في مسيرة الجهود الدولية لإعادة إعمار سوريا ودعم استقرارها، خاصةً في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد. هذه المشاركة هي الأولى من نوعها للحكومة السورية في مؤتمر بروكسل، بعد سنوات من استبعاد النظام السابق من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي كان يقتصر على دعوة مؤسسات المعارضة السورية، ومنظمات المجتمع المدني.
عقب وصوله إلى بروكسل، التقى الوزير السوري، أسعد الشيباني، بنظيره الأردني، أيمن الصفدي، في اجتماع ثنائي ناقشا خلاله سبل تعزيز التعاون بين البلدين. أكد الصفدي دعم الأردن لإعادة بناء سوريا وفق أسس تضمن أمنها ووحدتها، مع الحفاظ على حقوق الشعب السوري. كما بحثا تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التجارة، النقل، والأمن؛ مما يعكس رغبة البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية، واستعادة الاستقرار الإقليمي.
في إطار الجهود الدولية لدعم سوريا، أعلنت المفوضية الأوروبية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا تدريجيًّا، خاصةً في مجال المساعدات الإنسانية. وأكد الاتحاد الأوروبي أن سقوط نظام الأسد يُعد لحظة تاريخية تتيح للشعب السوري فرصة تقرير مصيره، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم عملية انتقال شاملة بقيادة سوريا، مع التركيز على تلبية الاحتياجات الإنسانية، ودعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه عقد فعالية للمجتمع المدني في دمشق لاحقًا هذا العام؛ بهدف تعزيز المشاركة الطويلة الأمد في عملية إعادة الإعمار، وأكد أن الاتحاد سيبقى ثابتًا في مساعدة سوريا وجميع مواطنيها لبناء مستقبل حر، وسلمي، ومزدهر.
يأتي مؤتمر بروكسل التاسع تحت عنوان “الوقوف مع سوريا.. تلبية احتياجات انتقال ناجح”، ويهدف إلى حشد الدعم الدولي لعملية انتقال شاملة وسلمية في سوريا. ومن بين أهدافه الرئيسة جمع التعهدات بالمساعدات الإنسانية وغير الإنسانية لضمان استدامة الدعم للسوريين داخل البلاد، وفي المجتمعات المضيفة في الأردن، ولبنان، وتركيا، ومصر، والعراق.
في إطار التعهدات المالية، أعلنت ألمانيا تقديم مساعدة جديدة لسوريا بقيمة 300 مليون يورو. هذا الدعم يأتي في سياق الجهود الأوروبية لدعم سوريا، التي شملت أيضًا تعليق العقوبات على قطاعي النفط والنقل في نهاية فبراير (شباط) الماضي. كما أزال الاتحاد الأوروبي خمسة كيانات سورية من قوائم العقوبات، وهي: البنك الصناعي، وبنك التسليف الشعبي، وبنك الادخار، والبنك التعاوني الزراعي، والخطوط الجوية العربية السورية. بالإضافة إلى ذلك، سمح الاتحاد بتوفير الأموال والموارد الاقتصادية للبنك المركزي السوري؛ مما يعكس خطوات نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي في سوريا.
منذ عام 2017، ينظم الاتحاد الأوروبي مؤتمرات للمانحين في بروكسل لدعم سوريا. في مؤتمر “بروكسل 8″، العام الماضي، تعهدت الدول المشاركة بتقديم مساعدات مالية بقيمة 7.5 مليار يورو، بانخفاض قدره 2.1 مليار يورو عن تعهدات عام 2023 التي بلغت 9.6 مليار يورو. يُظهر هذا التراجع في التعهدات التحديات التي تواجه الجهود الدولية في توفير الدعم المستدام لسوريا، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية.
مشاركة الحكومة السورية في مؤتمر بروكسل التاسع تُعد خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدعم سوريا في مرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي. الجهود الأوروبية في تخفيف العقوبات وتقديم الدعم المالي والإنساني تعكس التزامًا بدعم الشعب السوري، وبناء مستقبل مستقر للبلاد. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة، خاصةً في ظل الحاجة إلى توفير دعم مستدام، وضمان مشاركة فعالة للمجتمع المدني في عملية إعادة الإعمار.
يُظهر مؤتمر بروكسل التاسع أن الطريق نحو استقرار سوريا طويل ومعقد، لكنه يظل ممكنًا بفضل التعاون الدولي والإقليمي، والدعم المستمر للشعب السوري.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.