أبحاث ودراساتالقضايا الاقتصادية

ما وراء اتفاقية النفط التركية.. مساعي أردوغان لرسم مستقبل الصومال الجديد


  • 3 مايو 2025

شارك الموضوع

أثار الإفصاح المتأخر عن بنود اتفاقية الهيدروكربونات الأخيرة بين الصومال وتركيا جدلاً واسع النطاق؛ إذ كشفت عن خبايا جيوسياسية عميقة، ومُثيرة لتساؤلات جدية عن السيادة، والشرعية، والاستقرار الإقليمي. يكمن جوهر هذا الجدل في صفقة غامضة تمنح تركيا سيطرةً شاملة على قطاع الطاقة الصومالي، وُقِّعت في مطلع عام ٢٠٢٤ بين الحكومة التركية والحكومة الفيدرالية الصومالية. ورغم الترويج لها على أنها شراكة إستراتيجية، فإن الاتفاقية وجدت معارضة شديدة من الجانبين التركي والصومالي على السواء.

الاتفاق الذي أشاد به المسؤولون الصوماليون ووصفوه بأنه إنجاز إستراتيجي، مُرر بضغط من البرلمان دون أن يطّلع عليه النواب، ووقّعه وأشرف عليه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وحده، دون أي تدخل أو علم سابق من أي من فروع الحكومة الصومالية الأخرى، وهي خطوة صدمت خبراء القانون ومراقبي الحوكمة عالميًّا. وفي المقابل، دافع المسؤولون الأتراك عن الاتفاقية بوصفه جزءًا من “إستراتيجية الانفتاح على أفريقيا”، مُصورين إياها على أنها ذات منفعة متبادلة، وستساعد على استقرار الصومال، وتوطيد العلاقات الثنائية، ومنح تركيا إمكانية الوصول إلى احتياطيات غير مستغلة من الغاز الطبيعي والنفط، من شأنها أن تُحدث نقلة نوعية في اقتصاد كلا البلدين، لكن هذه الأهداف النبيلة تتناقض بشدة مع ما تحمله مسوغات الاتفاقية.

مواد الاتفاقية في ضوء المصالح التركية

الاتفاقية التي وُقعت أول مرة في 7 مارس (آذار) 2024، لم تُنشر فحوها إلا في أبريل (نيسان) 2025 من خلال السجلات البرلمانية التركية، تأتي بناءً على مذكرة تفاهم أُبرمت في فبراير (شباط) 2024، منح بموجبها الصومال تركيا امتياز الوصول إلى منطقتها الاقتصادية الخاصة، ووعد بآليات لتقاسم الإيرادات، في مقابل تعهد تركيا بالمساعدة على تطوير القدرات الدفاعية الصومالية، لا سيما البحرية الصومالية، والمشاركة في حراسة الساحل الصومالي الممتد بطول 3,333 كيلومتر. وبينما تؤكد اتفاقية الهيدروكربونات سيادة الصومال على موارده، فإنها تعترف بدور تركيا في استخراجها المحتمل وتسييلها وتسويقها من خلال مشروعات مشتركة طويلة الأجل.

وبالنظر إلى مكتسبات الجانب التركي من الاتفاقية نرى أن مقديشو منحت أنقرة امتيازات استثنائية تشمل الحق في استرداد 90% من إجمالي النفط والغاز المُنتج في الصومال كاسترداد للتكاليف، والإعفاء من مكافآت التوقيع والتطوير، وحرية تحويل الإيرادات دون رقابة صومالية. كما تسمح الاتفاقية للكيانات التركية بنقل حقوقها إلى أطراف ثالثة، دون الحاجة إلى تأسيس وجود لها في الصومال، وتوفر لها حماية استثمارية واسعة بموجب تحكيم دولي في إسطنبول.

ومن هذا يكشف نص الاتفاقية عن سلسلة من الامتيازات التي تفضل كثيرًا الموقف التشغيلي والمالي لتركيا في قطاع الطاقة في الصومال؛ فبموجبها تُعفى تركيا من دفع أي تكاليف مسبقة، ولا يُطلب من الكيانات التركية أي مكافآت توقيع أو تطوير أو إنتاج، كما أنها غير مُلزمة بدفع رسوم إدارية. هذه الإعفاءات، الموضحة في الوثيقة، تُخالف الممارسات الصناعية المتعارف عليها، حيث عادةً ما تطلب الحكومات المُضيفة دفعات أولية كبيرة مقابل حقوق الاستكشاف.

ولعل أبرز بنود الاتفاقية المثيرة للجدل ما يتعلق بهيكل الإيرادات؛ إذ حصلت تركيا على ترتيبات مواتية جدًّا لاسترداد التكاليف، فبموجب المادة الرابعة، يحق لتركيا استرداد ما يصل إلى 90% من النفط الذي تنتجه سنويًّا -سواء أكان نفطًا أم غازًا طبيعيًّا- بوصفه “بترول تكلفة”، وهي آلية تسمح للمشغل بتغطية نفقات الاستكشاف والإنتاج قبل تقاسم الأرباح. وفي الوقت نفسه، تُحدد حصة الصومال من الإنتاج بسقف للعائدات بنسبة 5% فقط، ويمكن تحصيل العائدات عينًا أو نقدًا، ولا تُطبق على أي نفط يُعاد ضخه أو يُستهلك في أثناء العمليات في الموقع.

وفي إطار تعزيز حريتها التشغيلية، مُنحت تركيا حقوقًا غير مقيدة لتصدير حصتها من النفط والغاز بأسعار السوق العالمية. وكما هو مُفصل في المادة الرابعة، يجوز للكيانات التركية الاحتفاظ بجميع الإيرادات المُكتسبة في الخارج من بيع هذه الموارد، سواء من خلال الصادرات أو المعاملات المحلية، وهو ترتيب يُعفي الصومال فعليًّا من التدفق المالي لحصة أنقرة.

بالإضافة إلى ذلك، ستتمتع تركيا بسلطة تقديرية واسعة في التنازل عن حقوقها؛ فبموجب الاتفاقية يُسمح لشركة البترول التركية (TPAO)، أو أي كيان تركي آخر، بنقل مصالحها إلى أطراف ثالثة، دون الالتزام بتأسيس شركة محلية، أو مكتب دائم في الصومال، ويمنح هذا البند تركيا مرونةً في تكوين شراكات، أو التعاقد مع مقاولين من الباطن دون أي عقبات. كما تضمن المادة السادسة من الاتفاقية اتخاذ تدابير أمنية تكميلية خاصة بتركيا، مع احتساب جميع النفقات ذات الصلة تكاليف نفطية قابلة للاسترداد، ويُعد هذا البند مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بمرسوم رئاسي قُدم أيضًا إلى البرلمان، ويسعى إلى الحصول على إذن بنشر أفراد من البحرية والجيش التركي في الصومال لمدة عامين.

ووفقًا للسلطات التركية، سيدعم هذا الانتشار عمليات مكافحة الإرهاب والقرصنة، مع تأمين مهام الاستكشاف التركية، وبدءًا من سبتمبر المقبل، ستبدأ سفينة الأبحاث “أوروتش رئيس”، برفقة خمس سفن حربية تابعة للبحرية التركية، أنشطة الاستكشاف في المناطق البحرية الصومالية، وهو ما من شأنه تحقيق هدف تركيا المتمثل في حماية الثروة الطبيعية في الصومال، مع المساهمة في الأمن الإقليمي، واستقرار طرق التجارة الدولية الرئيسة، وخاصة في خليج عدن وبحر العرب.

تفنيد المسوغات المعارضة للاتفاقية

بينما أشاد حزب العدالة والتنمية -الحاكم للبلاد- بالاتفاق بوصفه خطوة نحو تعميق النفوذ الإقليمي والتنويع الاقتصادي، أبدت أصوات المعارضة التركية قلقها؛ إذ يجادل المنتقدون بأن انخراط تركيا في الصومال لا يتعلق بالشراكة بقدر ما يتعلق بالتوسع الإستراتيجي التركي عقب الانتكاسات في شرق البحر الأبيض المتوسط.

 ودلل على هذا، تأكيد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض يانكي باغجي أوغلو،  أن السفن التركية المكلفة في أعماق البحار، والمخصصة للتنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط، قد أُعيد توجيهها بسبب إخفاقات السياسة الخارجية في تلك المنطقة؛ ومن ثم يُنظر حاليًا إلى نشر سفن حربية وغواصات في المياه الصومالية على أنه مغامرة باهظة التكلفة، تزداد خطورتها بسبب عدم الاستقرار الداخلي في الصومال، وتوتر العلاقات الإقليمية، وخاصة مع إثيوبيا، التي لا تزال تقارن بين عرضي الحكومة الفيدرالية الصومالية وإقليم أرض الصومال لضمان منفذ لأديس أبابا على البحر الأحمر؛ ومن ثم قد يأتي تعزيز الانخراط التركي مع مقديشو على حساب توتر العلاقات التركية الإثيوبية.

من جانبها، اتخذت الحكومة الصومالية، التي تعاني بالأساس انعدام الأمن الداخلي، وهشاشة الهياكل الفيدرالية، واستمرار التمرد، قرارًا أحاديّ الجانب، له تداعيات كبيرة على السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية؛ إذ وقعت الحكومة الفيدرالية الصومالية الاتفاقية دون استشارة الجهات المعنية الرئيسة، بما في ذلك الولايات الإقليمية المستقلة ضمن اتحادها، وجمهورية أرض الصومال المستقلة، التي تُهدد الاتفاقية مياهها الإقليمية ضمنيًّا؛ ومن ثم أثارت الاتفاقية بين تركيا والصومال إدانةً شديدة من إقليم أرض الصومال، الذي كان محمية بريطانية، ونال استقلاله في عام 1960، قبل أن يتحد طواعيةً مع الصومال الإيطالي، لكن هذا الاتحاد انهار عام 1991 إثر حرب أهلية ضارية، ومنذ ذلك الحين، تعمل أرض الصومال على أنها دولة ذات سيادة بحكم الأمر الواقع، بحكومة وقوات أمن خاصة بها، واقتصاد مستقل، ورفضت أرض الصومال اتفاقية النفط التركية رفضًا قاطعًا، معتبرةً إياها غير شرعية، وتتعدى على حدودها الاستعمارية المعترف بها دوليًّا. فضلًا عن هذا، أكدت حكومة أرض الصومال أن الحكومة الفيدرالية لا تملك صلاحية التعامل مع جهات أجنبية نيابةً عن أراضٍ لا تسيطر عليها؛ ومن ثم ترى هارجيسا -عاصمة إقليم أرض الصومال- أن الصفقة التركية تتجاوز مجرد صفقة اقتصادية؛ بل إنها استفزاز جيوسياسي يهدف إلى تقويض السلام والسيادة للإقليم.

وأهم من ذلك أن الاتفاق النفطي بين أنقرة ومقديشو سيحمل آثارًا بيئية كارثية على بلد يعاني تداعيات التغير المناخي، والهشاشة البيئية؛ فالصومال يفتقر إلى البنية التحتية القانونية، والمؤسسات التنظيمية، وقدرات الاستجابة للطوارئ اللازمة للتعامل مع الانسكابات، أو حرق الغاز، أو انفجارات الآبار البحرية، وخاصةً في حوض المحيط الهندي الحساس، فلا يذكر اتفاق تركيا أي ضمانات بيئية، أو بروتوكولات تعويض، أو حماية بيئية؛ بل يُسلم ساحل الصومال وداخله إلى جهة أجنبية دون أي جلسة استماع عامة أو تقييم علمي، وفي حالة وقوع كارثة، سيتحمل الشعب الصومالي، المُعرض بالفعل لخطر الجفاف، والصراع العرقي والديني، العبء الأكبر.

يعزز تلك المخاوف البيئية انتقاد لجنة الموارد الطبيعية الصومالية التي حذرت من أن الاتفاقية تخدم مصالح أجنبية على حساب المصلحة الوطنية، مشيرةً إلى انعدام الشفافية، وانتهاكات دستورية واضحة في بنودها؛ لكون حصول تركيا على النصيب الأكبر، في حين لا يحصل الصومال إلا على 5% يعد خرقًا للأطر القانونية، وهو ما تهرب منه المشرعون الصوماليون، زاعمين جهلهم ببنود الاتفاقية.

ومن جهة أخرى، يمكن فهم هذه الصفقة أيضًا في سياق إدارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للبلاد، التي يُنظر إليها على أنها فاسدة واستبدادية، فخلال فترة حكمه بيعت مساحات شاسعة من الأراضي العامة في مقديشو خلف الأبواب المغلقة؛ مما أدى إلى نزوح أكثر من 500 ألف صومالي، وتم تجاوز الخزانة الوطنية مرارًا وتكرارًا في المعاملات الرئيسة؛ مما أدى إلى تقويض الشفافية المالية، وأصبح البرلمان خاضعًا لحكومة الرئيس الصومالي، يقر القوانين والاتفاقيات دون قراءتها. وباستعراض هذا السجل الحافل، يعتقد المعارضون أن هناك مقابلًا غير معلن تم تبادله مع الجانب الصومالي لتمرير صفقة النفط، كما جرت العادة في أروقة السلطة غير الرسمية في الصومال.

مصير العلاقات التركية الصومالية

كانت تركيا لاعبًا رئيسًا في الصومال منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتنامي انخراطها في الصومال بين عامي 2010 و2011، حين كان الصومال يعاني الآثار المدمرة لحرب أهلية استمرت عشرين عامًا، واستمرت أنقرة في توسيع نفوذها الاقتصادي والعسكري حول البحر الأحمر من خلال شراكتها مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، حيث أنشأت تركيا أول قاعدة عسكرية إفريقية لها في مقديشو في عام 2017، وأرسلت مدربين عسكريين إلى الصومال للمساعدة على تطوير قوات العمليات الخاصة.

وعلى مدى الشهور القليلة الماضية، شهدت الشراكات والاتفاقيات التركية لتصدير المنتجات الدفاعية إلى منطقة القرن الإفريقي زيادة مطّردة، حيث عززت تركيا شراكتها مع الصومال من أجل الدفاع عن مياهها الإقليمية. وعلى الرغم من بدء نشاط القوات البحرية التركية قبالة سواحل الصومال كجزء من الجهود الدولية لمكافحة القرصنة منذ 2009، فإن تركيا ستوسع نفوذها في هذه الممرات المائية الحيوية بفضل الاتفاقية البحرية التي وقعتها مع الصومال في عام 2024، وستدير أنقرة من خلالها ميناء مقديشو، وستمنح الصفقات الأخيرة مع الحكومة الصومالية نصيبًا كبيرًا لتركيا من عائدات ستة مليارات متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، و30 مليار برميل محتمل من النفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة البحرية للصومال.

وفي 21 أبريل (نيسان) الجاري، نشرت تركيا ما لا يقل عن 500 جندي في قاعدة توركسوم التركية بمقديشو في إطار شراكتها الإستراتيجية المتنامية مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، كجزء من قوة أكبر يبلغ قوامها نحو 2500 جندي ستصل في الأسابيع المقبلة كضمان أمني لحكومة الصومال الفيدرالية في مواجهة:

 أولًا– انخفاض المساعدات الأمريكية لقوات العمليات الخاصة، اللواء داناب، وهي قوة صومالية دربتها الولايات المتحدة، وكانت حجر الزاوية في جهود مكافحة الإرهاب في الصومال.

 ثانيًا– مكاسب حركة الشباب الصومالية؛ إذ من المقرر نشر القوات التركية في منطقتي شبيلي الوسطى وشبيلي السفلى، وهما المنطقتان اللتان شهدتا هجمات متجددة من جانب حركة الشباب في الأسابيع الأخيرة مع اقترابها من العاصمة مقديشو، غير أن ثمة تقارير متداولة منذ أواخر شهر مارس (آذار) المنصرم عن خطة تركيا لنشر آلاف المرتزقة من شركة سادات الدولية للاستشارات الدفاعية لتعزيز الأمن في مقديشو، رغم نفي الشركة أنها جزء من الانتشار التركي العسكري الأخير في الصومال.

فضلًا عن هذا، تخطط أنقرة لاستخدام قواتها العسكرية للمساعدة على توفير الأمن لكثير من الاتفاقيات التي توصلت إليها مع الحكومة الفيدرالية الصومالية في عام 2024؛ إذ من المزمع أن تساعد القوات التركية على بناء موقع اختبار لإطلاق الصواريخ، ودعم مشروعات التنقيب عن النفط، وتأمين المنشآت التركية، وتقديم الدعم الجوي والتدريب للقوات الصومالية، وهو ما يمكن القول من خلاله إن الصفقة التركية جاءت استجابةً للتغيرات في المشهد الإقليمي، وإعادة تشكيل ديناميكيات القوة الفاعلة في منطقة القرن الإفريقي، ولعل من أبرز تلك الديناميكيات ما يرتبط بمذكرة التفاهم التي عقدتها إثيوبيا وأرض الصومال في يناير (كانون الثاني) 2024، بشأن الوصول إلى البحر الأحمر. وقد جددت هذه الاتفاقية التوترات بين أديس أبابا ومقديشو، فضلًا عن وجود القوات المصرية في الصومال، الذي تراقبه تركيا بمزيج من القلق والانزعاج، كما أن تعزيز تهديدات حركة الشباب المجاهدين في الصومال من شأنها التأثير في المصالح الإستراتيجية التركية، وهو ما يدفع الحكومة الفيدرالية الصومالية إلى الإصرار على توثيق علاقات سياسية واقتصادية ودفاعية مع الحكومة التركية، بصرف النظر عن المقابل الذي قد تتكبده البلاد على المدى الطويل.

الخاتمة

تعكس التطلعات الإستراتيجية والاقتصادية لتركيا في الصومال، المنظور التركي لمنطقة القرن الإفريقي المرتبط بتحقيق مكانة دولية، وإحراز توازن إقليمي، فلقد قدم الصومال لتركيا كثيرًا من الفرص الذهبية لترسيخ موطئ قدم لها في منطقة ذات قيمة جيوستراتيجية، غير أن صفقة الهيدروكربونات المثارة حاليًا تُعقد دور تركيا في منطقة القرن الإفريقى أكثر، إذ تأتي في وقت تسعى فيه إثيوبيا والصومال إلى رأب الصدع في علاقتهما المتوترة، وتشتد التوترات بين أديس أبابا والقاهرة في مقديشو، وفي وقت تسعى فيه قوى إقليمية ودولية، مثل الإمارات والصين والولايات المتحدة، إلى تعزيز نفوذها من خلال البنية التحتية والصفقات التجارية؛ ومن ثم يُخشى أن يُشعل اتفاق الهيدروكربونات بين الصومال وتركيا فتيل أزمة إقليمية في تلك المنطقة الحيوية، فهو لا يُغذي التنقيب عن النفط فحسب؛ بل يُغذي أيضًا الهشاشة الأمنية في القرن الإفريقي، ويُعمق الانقسامات القائمة، ويفاقم المظالم التاريخية؛ ما يدفع إلى القول بأنه إذا لم تُدر طموحات أنقرة النفطية بحذر، فإنها قد تقوض جهود السلام والتعاون على المدى البعيد في منطقة تعاني التشرذم وانعدام الأمن، وتاريخًا طويلًا من التنافس على السيادة.

ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع