مختارات أوراسية

لقاء خاص.. عمرو عبد الحميد يحاور سيرغي كاراغانوف


  • 4 سبتمبر 2024

شارك الموضوع

أجرى المدير العام لمركز الدراسات العربية الأوراسية، عمرو عبد الحميد، لقاءً خاصًا من العاصمة الروسية موسكو، مع البروفيسور سيرغي كاراغانوف، العالم السياسي ورئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع في روسيا، وقد أذيع على قناة الغد الفضائية (رابط اللقاء)، وفرّغته “وحدة الرصد والمتابعة” كاملًا لمن يود من القراء الاطلاع عليه.

أهلا بكم إلى هذه المقابلة الخاصة التي نجريها في موسكو مع البروفيسور سيرجي كاراجانوف، رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السياسة الخارجية والدفاع في روسيا. أهلا وسهلا بك بروفيسور سيرجي أليكساندروفيتش، شكرًا على إتاحة هذه الفرصة للحوار معكم. أبدأ من الصراع في الشرق الأوسط.. نحن في العالم العربي مهمومون بما يجري هناك؛ بالحرب التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، كيف تنظرون إلى هذه الحرب التي تأتي كحلقة جديدة في ذلك الصراع المستمر منذ 75 عامًا؟

أنا لست خبيرًا في تاريخ العالم العربي وتاريخ الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، لكنني أشعر بقلق عميق إزاء الوضع؛ لسببين، أو ربما لثلاثة أسباب:

الأول: لأننا نشهد إبادة وحشية للبشر تقترب من حد الإبادة الجماعية.

الثاني: لأنني أرى مشكلة كبيرة تتمثل في أن دولة إسرائيل، التي كانت تتمتع بشرعية ضعيفة نسبيًّا مبنية على شرعية الضحية، تفقد هذه الشرعية الآن، ولا أفهم على ماذا ستبني إسرائيل شرعيتها مستقبلًا؛ لأن حتى العرب الذين كانوا يرغبون في إقامة السلام والاستقرار في المنطقة، مثل مصر والإمارات، وإلى حد ما السعودية، وكثير من الدول الأخرى، سيجدون صعوبة بالغة في تحقيق ذلك الآن.

وأخيرًا، هناك نقطة ثالثة، وهى أن جزءًا من الشعب الإسرائيلي، وبعض أنصار الحرب في الولايات المتحدة، يرغبون في شن حرب كبيرة. لا أعرف ما إذا كانوا سينجحون في ذلك، وأتمنى ألا ينجحوا، ولكن من الواضح تمامًا أن أولئك الأشخاص الذين لم يمنعوا إسرائيل من بدء هذه العملية كانوا يمتلكون القدرة على شن حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، مما يربك كثيرًا من دول العالم، ويلحق ضررًا أكبر بأوروبا، ويسبب صعوبات لروسيا، ويمنع الصين من التقارب مع العالم العربي، أي إنه سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. هذه قصة خطيرة.

نحن نعلم أن الولايات المتحدة تتخلى في الوقت الحالي عن دورها كقوة عالمية عظمى، وأن جزءًا من القادة الأمريكيين المعروفين يرغبون في زعزعة استقرار جميع المناطق التي ينسحبون منها. هذا هو ما يقلقني. أما فيما يتعلق بالوضع الحالي، فأنا لا أعلم، ولا أستطيع أن أحكم عليه.

بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، غالبية الدول في الغرب سارعت إلى إدانة حركة حماس، هذه الدول نفسها تصمت عما أشرتم إليه من إبادة جماعية تقوم بها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، وتصمت عن عشرات الآلاف من الضحايا، من النساء ومن الأطفال والجرحى والمفقودين .لماذا برأيك، بروفيسور كاراجانوف، لماذا يتغاضى الغرب عن حق شعب في مقاومة المحتل؟

السبب الأول هو انحدار نخبهم الحاكمة إلى أدنى المستويات؛ فهم فقدوا القدرة حتى على التقييم الواقعي لمصالحهم الخاصة؛ لأنه إذا اندلعت- لا قدر الله- حرب كبرى في الشرق الأوسط، ستلحق أضرار جسيمة بأوروبا، ومع ذلك، فإن الأوروبيين يكادون لا يقاومونها. هذا دليل آخر على انحدار القادة الأوروبيين. ربما لا ينطبق ذلك على البريطانيين الذين اعتادوا أن ينسحبوا تاركين الخراب خلفهم، ويتصرفوا من منطلق “كلما كانت الأمور أسوأ، كان ذلك أفضل”، لكن الأوروبيين، في رأيي، لم يعودوا قادرين على تقييم مصالحهم الخاصة وسياساتهم على نحو واقعي. نرى الوضع نفسه عندما تدعم أوروبا حرب الغرب ضد روسيا في أوكرانيا، التي تلحق ضررًا كبيرًا بأوروبا، وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة لها. يتصرف القادة الحاليون على نحو يكاد يكون انتحاريًّا، حيث يدفعون بلدانها إلى التضحية بالنفس دون سبب واضح، فقط للحفاظ على سلطتهم التي ستنتهي عاجلًا أو آجلًا. هذا الوضع الصعب نتج عن عدة عوامل، أهمها غياب المحن الكبرى منذ سبعين عامًا، وتعاملنا مع تلك النخب ذات المستوى المتدهور جدًّا.

أفهم من ذلك أن هناك ربما ما نسميه في العالم العربي نظرة متناقضة للأحداث؟ بمعنى أن الغرب الذي أدان روسيا في أزمة أوكرانيا هو نفسه الذي يتباكى على الضحايا الأوكرانيين، ويغمض عينيه عن الضحايا الفلسطينيين. هذه السياسة، كيف ترونها؟

يمكننا بالطبع أن نصف ذلك بـ”ازدواجية المعايير”، وأن ننتقد ذلك، لكنه مجرد استخفاف متوقع من المستعمرين. لا يثير هذا الأمر في نفسي غضبًا أو احتجاجًا، بل يثير فقط شعورًا بالاشمئزاز. حسنًا، إنه مفهوم مع من نتعامل، لا داعي للدهشة. علينا فقط أن نفهم أن كل الأحاديث عن حقوق الإنسان والمبادئ السامية، ومنها تلك المبادئ التي كانت الحضارة الأوروبية تسترشد بها في أفضل أيامها، مع أنها لم تلتزم بها قط التزامًا كاملًا- سواء حقوق الإنسان أو حقوق الأقليات- هذه المبادئ قد تم التخلي عنها منذ زمن بعيد. علينا فقط أن ندرك أننا نتعامل مع حضارة آخذة في الأفول- نخبة تحارب من أجل الحفاظ على مكانتها المتميزة. أذكركم أنه على مدار خمسمئة عام، سيطرت أوروبا، ثم أوروبا والولايات المتحدة، بفضل تفوقها العسكري الذي حققته في القرن السادس عشر مقارنة بجيرانها، والعالم العربي، والشرق الأوسط وغرب آسيا، على العالم، وتمكنت من نهب ثرواته لصالحها على مدى خمسة قرون.

وها هي الآن تنتهي هذه الفترة، ويرجع الفضل في ذلك أولًا وقبل كل شيء إلى أن الاتحاد السوفيتي هدم الأساس الذي تقوم عليه هيمنة الغرب وتفوقه العسكري. ومع ذلك، من الطبيعي أن يحارب هؤلاء القادة من أجل الحفاظ على النظام الذي كان يسمح لهم باستغلال العالم بأسره. من الجدير بالذكر أنه قبل القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كان العالم متعدد الأقطاب، وهو يعود الآن إلى تعدد الأقطاب، ولكن في هذا العالم المتعدد الأقطاب، لا يوجد مكان للدول الاستعمارية المهيمنة.

نعود إلى الشرق الأوسط.  على عكس الغرب، روسيا لا ترى حركة حماس حركة إرهابية. منذ سنوات طويلة يأتي قادة حماس إلى العاصمة الروسية، إلى موسكو، يلتقون بمسؤولين كبار، من بينهم وزير الخارجية سيرجي لفروف، وغيره. هل الموقف الروسي في هذا الموضوع موقف مبدئي، أم مجرد مناكفة لسياسة الغرب في الشرق الأوسط؟

لطالما دعمت روسيا حركات التحرير الوطنية. هذا الأمر متأصل فينا، وتمتد جذوره إلى ما قبل الحقبة السوفيتية، ولا يزال قائمًا حتى الآن. هذه ليست مجرد لعبة؛ بل هو موقف راسخ. ولكن من ناحية أخرى، لقد دعمنا نحن- الاتحاد السوفيتي- إسرائيل عندما كانت تسعى إلى ترسيخ وجودها، حيث كانت هناك أيضًا حركات تحرر وطنية، وكانت تربطنا علاقات جيدة جدًّا مع إسرائيل، لكننا الآن، بعد أن اتخذت إسرائيل خطوات متهورة ووحشية على هذا النحو، غيّرنا موقفنا تجاهها، والسبب في ذلك هو خشيتنا من أن الانهيار الأخلاقي والسياسي الذي تشهده إسرائيل قد يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق. أما فيما يتعلق بحركة حماس، فنحن بالطبع لا نؤيد الأساليب التي تتبعها حماس والجماعات الثورية الأخرى، حيث إننا كنا في الماضي قوة ثورية كذلك، استخدمت أساليب إرهابية أيضًا، ولكننا في الوقت نفسه نفهم جيدًا أن حماس في النهاية تدافع عن حقوق شعبها المشروعة.

منذ توقيع اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من ثلاثة عقود، لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولته المستقلة، وكأن الفلسطينيين يتعرضون لعملية خداع كبيرة، مثل التي تعرضت لها روسيا والاتحاد السوفيتي عندما وعد الأمريكيون غورباتشوف بعدم تمدد حلف الناتو شرقًا، هل ترون وجه شبه بين الأمرين؟

بالتأكيد هناك تشابه، لكنني لا أريد أن ألقي اللوم على الغرب وحده. نحن أنفسنا قد ارتكبنا أخطاء جسيمة، سواء غورباتشوف، أو كثير من القادة الروس الذين تبعوه، عندما صدقنا وعود الغرب؛ لذلك، عندما صدّقت مصر والدول العربية الأخرى أن الغرب يريد إقامة سلام دائم، كان هذا خطأ، ليس الغرب وحده من ارتكبه، بل أصدقاؤنا العرب أيضًا. لم يكن يجب علينا أن نصدق، ولا يجب أن نصدق في المستقبل. يجب أن ننظر إلى المصالح بواقعية، وأن نقيّم الوضع بوضوح؛ لذلك، يجب ألا نكون أغبياء مرة أخرى، ولا يجب أن نثق كما وثقنا من قبل. ومع ذلك، هناك بعض التشابه، كما هي الحال في أي وضع سياسي، وأكرر أنني أؤكد أن الغرب ليس وحده المسؤول عن خداع روسيا؛ روسيا والاتحاد السوفيتي مسؤولان أيضًا، لأنهما كانا مستعدين للخداع.

هناك تقديرات كثيرة تشير إلى إمكانية نشوب حرب إقليمية كبيرة في الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، هل تتفقون مع ذلك؟ وفي حال نشوب هذه الحرب، هل ستؤيد روسيا إيران وتدعمها؟

أعتقد أنه لن يكون لدينا موقف داعم لا لإيران، ولا لإسرائيل في هذه الأزمة؛ لأنه ليس من مصلحتنا أن تندلع حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط؛ ولذلك، وبقدر ما أفهم، فإننا نسعى جاهدين حاليًا إلى منع نشوب هذه الحرب، إذ ندرك تمامًا أن هذه الحرب ستؤدي إلى خسائر فادحة، ودمار كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وليس في إيران وإسرائيل فقط، وستزداد الأوضاع سوءًا هناك، ونحن جميعًا نعلم أن الأوضاع في الشرق الأوسط وغرب آسيا بالفعل ليست مستقرة على كثير من الأصعدة؛ لذلك نأمل استمرار التوجه الإيجابي الذي بدأ منذ نحو خمس إلى سبع سنوات، عندما بدأت بعض دول الخليج العربي بالتقرب من إيران من جهة، ومن جهة أخرى بدأت بالتوصل إلى اتفاقات مع إسرائيل، مما أوحى- ولو نظريًّا- بوجود فرص لإقامة نظام أكثر استقرارًا وسلامًا على المدى الطويل.

لكن الإسرائيليين قتلوا هذه الفرصة الآن، عندما اتخذوا هذا الإجراء المتطرف. وأكرر أن هناك من كان يدعم الإسرائيليين، ومن لا يريد أن يتحرك الشرق الأوسط نحو وضع أكثر استقرارًا وسلامًا. بالطبع، لا يمكننا الجزم بهوية هذه الأطراف، أو دوافعها؛ لأن الوضع متقلب جدًّا، ولكن الاستنتاج المنطقي هو أن الولايات المتحدة الأمريكية أقل اهتمامًا الآن من أي وقت مضى بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط؛ لأنها لا تعتمد على نفط المنطقة، بل هي نفسها أصبحت دولة منتجة للنفط بكميات ضخمة، وفي النهاية، إذا اندلعت الحروب في الشرق الأوسط، فإن أسعار النفط سترتفع، وستستفيد الولايات المتحدة الأمريكية من ذلك، في حين ستتضرر جميع الدول الأخرى.

ولكن ألا يمكن أن تتضرر المصالح العامة، مصالح الأمن القومي الأمريكي إذا ما اشتعلت حرب في الشرق الأوسط؟

نعم، إلى حد ما ، ولكن كما تعلمون، من الناحية الإستراتيجية، بالطبع ستكون مصالح الولايات المتحدة معرضة للخطر، لكن مع الأسف، فقد القادة الأمريكيون القدرة على التفكير الإستراتيجي. نحن نرى ذلك في كل مكان. الآن تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية بالانسحاب تدريجيًّا من إمبراطوريتها، لكنها لا تزال تقاوم ذلك بشدة، وتريد عند مغادرتها أن تشعل الفوضى في المناطق التي تنسحب منه؛، لإضعاف منافسيها المحتملين، وخلق ظروف أكثر صعوبة لهم. بعبارة أخرى، فإن الولايات المتحدة بمغادرتها تفتح الطريق أمام التعاون الودي بين العرب وروسيا والصين. هذا بالطبع لا تريده الولايات المتحدة، أو ربما ترغب في ترك تلك المناطق في حالة دمار، وهذا هو هدفها الواضح.

ومن ناحية أخرى، ففي النهاية إذا اشتعلت النيران في الشرق الأوسط وغيرها من المناطق، فقد يؤدي ذلك ببساطة إلى حرب عالمية ثالثة، لكن مع الأسف فقدت النخبة الأمريكية القدرة على التفكير في ذلك الآن، كما يتضح ذلك من تدخل الأمريكيين لدعم الحرب في أوكرانيا، مع أنها ستتفاقم في النهاية، وستؤدي بلا شك إلى حرب نووية في أوروبا، وتدمير كثير من حلفاء أمريكا، وإمكانية امتداد هذه الحرب إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، لكنهم لم يعودوا قادرين، ولا يريدون التفكير على هذا النحو. بعبارة أخرى، لو كنا نتحدث أنا وأنتم قبل خمس أو سبع سنوات بصحبة كيسنجر، أو حتى بريجنسكي، لقالوا إن الحرب في أوكرانيا مستحيلة لأنها خطيرة جدًّا، لكن هؤلاء يعتقدون أنها ممكنة. وكذلك أعتقد أن كيسنجر وبريجنسكي لم يرغبا في حرب كبيرة في الشرق الأوسط. أما هذه النخب، فهي مع الأسف لا تفكر فيما سيكون عليه الوضع بعد خمس أو عشر سنوات، بل تفكر فقط فيما يمكن فعله الآن. ارتكب الأمريكيون في العشرين عامًا الماضية كل الأخطاء الممكنة.

سنأتي على الحديث عن هذه الأخطار، أخطار الحرب العالمية الثالثة وإمكانية نشوبها. لكن اسمح لي أن أعود إلى الشرق الأوسط من جديد بروفيسور كاراجانوف. كثيرون يسألون أين روسيا من الشرق الأوسط؟ أين الدور الروسي في الشرق الأوسط؟

حسنًا، أولًا وقبل كل شيء، روسيا تقع بالقرب من الشرق الأوسط، وتربطها به علاقات طيبة، ولكننا لسنا دولة شرق أوسطية، ونحن مستقلون عنه تمامًا، ولكننا نريد السلام في الشرق الأوسط،. هذا أولًا.

ثانيًا: نحن نشارك بجدية في الوقت الحالي في إعادة السلام إلى الشرق الأوسط. ومن خلال فهمنا لهذا الأمر، لم نسمح بحدوث زعزعة الاستقرار في سوريا. ومع الأسف، ارتكبنا خطأ فادحًا عندما صدّقنا الضمانات الأمريكية وتورطنا بذلك في كارثة ليبيا. أما الآن، فسوف ندعم جميع الأنظمة التي ستسعى إلى تعزيز التعاون وربما- في يوم ما- إلى إقامة نظام أمني في الشرق الأوسط الكبير. في الواقع، لقد اقترحنا بالفعل مفهوم نظام الأمن الأوراسي الكبير، الذي يحتم أن يكون النظام الأمني في الشرق الأوسط جزءًا منه. يجب أن يحظى هذا النظام بدعم القوى الإقليمية، مما يعني أن الهند والصين وروسيا يجب أن يكونوا جزءًا منه، وليس دولًا بعيدة عن الشرق الأوسط بأي حال من الأحوال.

مثل من؟ مَن تقصد بهذه البلدان البعيدة عن الشرق الأوسط؟

يأتي في المقام الأول الولايات المتحدة الأمريكية، ثم بريطانيا التي أصبحت أيضًا بعيدة عن الشرق الأوسط، وأوروبا أصبحت بعيدة كذلك. ربما تستطيع بعض الدول الأوروبية المشاركة، آمل ذلك، ولكن ليس لديها أي فرص إيجابية. ببساطة، لم يعد لديها أي أدوات مع الأسف؛ لأن النخب الأوروبية تنهار، ولا يمكنها أداء أي دور إيجابي؛ لذلك أقصد هنا الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول. أعتقد أن المهمة الإستراتيجية الكبرى للسياسة الخارجية الروسية، والمهمة الإستراتيجية الكبرى لأصدقائنا في الصين والهند، هي ضمان تخلي الولايات المتحدة الأمريكية سلميًّا عن مكانتها بوصفها قوة مهيمنة على العالم، التي حصلت عليها بمحض المصادفة، حيث إنها لم تكن قط قوة عالمية مهيمنة قبل الحرب العالمية الثانية، وأدت المصادفة دورًا كبيرًا في ذلك. الآن، علينا أن نجعل انسحابها يتم بهدوء، مع بقائها قوة عظمى ذات إنجازات عظيمة، واقتصاد مثير للاهتمام، وثقافة غنية. ولكنها الآن تنسحب، ويجب علينا ضمان أن يتم هذا الانسحاب بأقصى قدر من السلمية.

في بداية حرب إسرائيل على غزة، أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى البحر المتوسط، ثم بعد ذلك ربما بيومين سألتُ الرئيس بوتين عن تقييمه لهذا الأمر، فقال لي إنه لا يعلم ما الهدف، وتساءل باستهجان: هل قرر الأمريكيون قصف لبنان؟ أم قرروا تخويف شخص ما؟ أضاف أيضًا أن هناك في الشرق الأوسط أشخاصًا لم يعودوا يخشون شيئًا. اليوم، ووسط هذا التوتر بين إيران وحزب الله من جهة، وإسرائيل من الجهة المقابلة، تكرر الولايات المتحدة السيناريو نفسه، ترسل حاملة الطائرات إلى البحر المتوسط. برأيكم، هل هذا الأمر مختلف هذه المرة؟

أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تأمين خروجها من المنطقة، ملوحة بالعلم كإشارة وداع. مع ذلك، ربما تُجَر إلى هذا الصراع مرة أخرى، لكنني أرى بالفعل أن الولايات المتحدة الأمريكية في العشرين عامًا الماضية بدأت تدريجيًّا باتخاذ خطوات ثابتة نحو الانسحاب من الشرق الأوسط. دعونا نتذكر، على سبيل المثال، ما حدث بعد أن تدخلت في أفغانستان، وإيران، والعراق، على الرغم من كل النصائح، حتى إنني أتذكر أن قياداتنا أرسلتني إلى البيت الأبيض لإقناع الولايات المتحدة بعدم التدخل، ولكن الأمر بدا أحمق ومستحيلًا. إذن، بعد هزائمها في العراق وأفغانستان، بدأت الولايات المتحدة بالانسحاب. وبالمناسبة، انسحبت حتى من ليبيا، رغم عدم مشاركتها المباشرة في العدوان، حيث كانت فقط متفرجة داعمة للناتو، ثم جاءت محاولات ترمب المترددة والصورية لحل الأزمة السورية.

لطالما أكدت في خطاباتي أمام الجماهير في الشرق الأوسط ودول الخليج أنه كلما قل وجود القوى الأجنبية في الشرق الأوسط، كان أفضل. يجب عليكم أن تقرروا مصيركم بأنفسكم، ويمكن لدول مثل الصين وروسيا أن تساعدكم.

إن زعزعة الاستقرار في المنطقة ليس من مصلحتنا على الإطلاق، لذلك نحن لا نرغب في الحفاظ على مواقعنا غير الاستعمارية هناك، بل مستعدون للتعاون الودي؛ لذلك، أعتقد أنه يجب على الهند والصين وروسيا أن تتضافر جهودها لدعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن يجب أن يقوم العرب أنفسهم بذلك، وكذلك الفرس.

 علينا أن نبدأ بالتفاوض مع الفرس أيضًا، فالتوتر العربي الفارسي لم يكن دائمًا بهذه الحدة، حيث أُشعل في العقود الأخيرة، وأنتم خير شهود؛ لذلك يجب بالطبع التفكير أيضًا في كيفية تخفيف التوتر والصراع بين السنة والشيعة، وبين العرب والإيرانيين. أعتقد أن هذا كله يمكننا تحقيقه، وهناك تحركات في هذا الاتجاه. المشكلة تكمن في أن القوى الاستعمارية وغير الاستعمارية السابقة عند مغادرتها تسعى إلى ترك المنطقة مدمرة، ولا ترغب في أن يعم أوراسيا السلام، وأن تكون متحدة وقوية. أما نحن فنريد أن يعم السلام والاستقرار، وهذا هو الاختلاف الجذري بيننا وبين تلك القوى.

أهلًا بكم من جديد نواصل حوارنا من موسكو مع البروفيسور سيرجي كاراجانوف، رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السياسة الخارجية والدفاع. بروفيسور كاراجانوف أهلًا وسهلًا بكم من جديد كنا نتحدث عن كلامكم عن خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الشرق الأوسط وأنتم تتحدثون بثقة كبيرة عن هذه النقطة وضربتم أمثلة بخروج الولايات المتحدة وقواتها من أفغانستان ومن العراق، لكن ربما الأمر مختلف قليلًا كما يقول كثيرون؛ لأن الولايات المتحدة لديها حليفها الأكبر في المنطقة؛ لديها إسرائيل، كيف يمكن أن تترك إسرائيل وتخرج؟

أولًا: ربما تتخلى الولايات المتحدة عن إسرائيل، ومن إحدى السمات المثيرة للاهتمام في الوضع السياسي الحالي هي أن جزءًا من النخبة الأمريكية بدأ بالفعل في “التخلي” عن إسرائيل. هذا واضح تمامًا؛ لأنهم عندما أعطوا الضوء الأخضر لإسرائيل ودعموا هذه الضربات على غزة، حتمًا كانوا مدركين أن ذلك يقوض على نحو كبير مستقبل إسرائيل على المديين المتوسط والبعيد.

أكرر، لأن الضربات على غزة بالشكل الحالي، مع وجود سمات الإبادة الجماعية، تقوض شرعية إسرائيل الدولية، وأعتقد أن الأمريكيين قد يتخلون عن إسرائيل يومًا ما، أو يتركونها مشتعلة بالحرب لتقاتل إلى الأبد. نحن لا نرغب في ذلك، أولًا لأنه لدينا علاقات جيدة مع إسرائيل، ثانيًا، لأنه يوجد في إسرائيل مليون ونصف المليون روسي، وهم أهلنا؛ لذلك لا نريد حربًا هناك، ولكن يبدو لي أن جزءًا كبيرًا من القادة الأمريكيين، وهو جزء معروف جيدًا منهم، مستعد بالفعل للتخلي عن إسرائيل، أو على الأقل التخلي عنها على نحو غير مباشر، من خلال إغراقها في حرب لن تكون مفيدة لأحد سوى الولايات المتحدة الأمريكية. لقد رأينا للتو ما فعلوه بأوكرانيا، لقد ألقوا بالشعب الأوكراني في أتون الحرب. ما يقلقني هو أنهم قد يلقون بالشعب اليهودي، كما فعلوا مع العرب، في أتون حرب لن يعانيها الأمريكيون بالقدر نفسه الذي سيعانيها الآخرون، هذه مسألة مثيرة للاهتمام لكنها لا تُناقش كثيرًا في العالم. لست ملمًا بالوضع الداخلي على نحو كافٍ، لكنَّ لدي شعورًا بأن جزءًا من النخبة الأمريكية مستعد لإشعال حرب كبيرة، حتى لو كان ذلك على حساب إسرائيل.

يحدث ذلك أو سيحدث ذلك بغض النظر عمن سيأتي إلى الحكم في البيت الأبيض بعد الانتخابات الأمريكية الرئاسية المقبلة؟

هذا عملية طويلة الأمد. لقد بدأت منذ فترة طويلة، وليس الآن. بدأت إمبراطورية الولايات المتحدة الأمريكية بالأفول- أكرر- منذ نحو عامي 2007 و2008، عندما اكتشفت الولايات المتحدة- مرة أخرى- أن إمبراطوريتها مكلفة جدًّا.

بالمناسبة، بدأ التراجع في وقت سابق، في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، عندما بدأ بريق  إمبراطورية الولايات المتحدة ينطفئ، لكن هذه العملية توقفت مؤقتًا بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي، الذي انهار لأسباب تخصه، وهو ما أعطى الولايات المتحدة والغرب جرعة كبيرة من الأدرينالين وفيتامين سي، حيث فتحت أسواقًا جديدة ضخمة، وإمكانات كبيرة، حينئذ توقفت عملية انسحاب الغرب من الساحة العالمية لمدة 10-15 عامًا. الآن استؤنف هذا الانسحاب الذي بدأ- أكرر- بين عامي 2007 و2008.

ورأينا أنه حتى الرئيس أوباما جاء إلى السلطة بشعارات لم يلاحظها الكثيرون، مثل “أمريكا أولًا”، أي إعادة الإنتاج والصناعة إلى أمريكا، وبشعار أن أمريكا يجب أن تهتم أولًا بشؤونها الخاصة؛ حينئذ لم يسمح له الجزء العولمي من النخبة السياسية بتنفيذ ذلك، ثم جاء ترمب الذي أعلن بقوة هذا الاتجاه، ومن بعده جاء بايدن، الذي على الرغم من كل صراخه، أشعل الحرب في أوكرانيا، وهي حرب مفيدة جدًّا للولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه لم يتدخل في أي مكان آخر، ولذلك سيستمر الانسحاب؛ لذلك أقول إن مهمة روسيا، والصين، وأصدقائنا في العالم العربي هي ضمان الانسحاب السلمي قدر الإمكان للولايات المتحدة كي تصبح قوة عظمى طبيعية.

أشرتم إلى العلاقات الجيدة بين روسيا وإسرائيل، كانت هناك جهود بذلتها القيادة الروسية في هذا الصدد لتدعيم العلاقات الروسية الإسرائيلية لكن الحكومات الاسرائيلية طوال السنوات العشر الماضية كانت تقف ضد موسكو، فعلت ذلك بعد إعادة ضم شبه جزيرة القرم، وتكرر الأمر نفسه فور اندلاع الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا بدعمها نظام الرئيس زيلينسكي، هل كانت الحسابات والرهانات الروسية على إسرائيل خاطئة؟

كما تعلمون، فإن إسرائيل لم تنضم فعليًّا إلى المعسكر الغربي، فهي تتجنب كثيرًا من العقوبات وتراوغ. نحن نتفهم تمامًا موقف إسرائيل، ولكننا نلتمس لها العذر. هم يناورون ولا يرغبون في الوقوف مباشرة إلى جانب الغرب. على سبيل المثال، لا يوردون الأسلحة لأوكرانيا، ويحاولون تجاوز كثير من العقوبات. نحن نعمل معهم عبر دول ثالثة على نحو منتظم إلى حد ما. لكن بالطبع، إسرائيل مقيدة بسبب اعتمادها على الولايات المتحدة الأمريكية، فإذا قارنا، على سبيل المثال، بين إسرائيل وألمانيا، فإن إسرائيل تتبنى سياسة أقل عدائية تجاه روسيا.

بغض النظر عن التصريحات التي أطلقها كثير من الساسة الإسرائيليين لدعم زيلينسكي؟

كان بعضهم يعِدونه بالدعم، لكنني أعرف إسرائيليين يسخرون منه، ويحتقرونه، ويعدّونه عارًا على الشعب اليهودي. إسرائيل لا تدعم أوكرانيا دعمًا مباشرًا في هذا الصراع.

في مقالكم في مجلة “بروفيل” دعوتم أن تستخدم روسيا السلاح النووي في صراعها مع الغرب. وقبل بضعة أشهر أيضًا كان هناك وزير إسرائيلي دعا إلى إلقاء قنبلة على الفلسطينيين، قنبلة نووية في قطاع غزة، هل أفهم من ذلك أن روسيا وإسرائيل تملكان الحق الأخلاقي لفعل ذلك؟

هذا غير صحيح؛ ليس لروسيا أي حق أخلاقي، وكذلك لا تملك إسرائيل بالأخص هذا الحق. أنا لا أدعو إلى توجيه ضربة نووية إلى أوروبا، أنا أقول لقيادتنا علنًا وسرًا إن لدينا عقيدة نووية غير حكيمة. لقد رفعنا عتبة استخدام السلاح على نحو غير حكيم، ويجب خفضها والاستعداد للمضي في مسار التصعيد النووي لإقناع شركائنا الغربيين بأنهم يلعبون بالنار، وأن الحرب النووية، بما في ذلك توجيه روسيا ضربة نووية إلى أوروبا، هي أمر ممكن، ومع ذلك، أدعو الله ألا يحدث ذلك؛ لأنه خطيئة أخلاقية عظيمة. أعلم أن هناك في إسرائيل من يرغب في أن توجه روسيا ضربة نووية إلى أوروبا، لتفتح لهم المجال لضربة نووية على غزة، وربما على إيران أيضًا، هذه مسألة معقدة جدًّا. أعتقد أن المهمة الأساسية الآن هي استعادة الخوف من الأسلحة النووية الذي فقدته البشرية، هذا الخوف أنقذ العالم على مدار سبعين عامًا. لهذا السبب أدعو في هذا المقال، وفي كثير من المقالات الأخرى، وخلال عملنا مع حكومتنا، إلى المضي قدمًا نحو التصعيد من أجل زيادة خوف المجتمع الدولي، ولا سيما الغرب، من الحرب النووية.

نحن على وشك نشر كتاب جديد عن إستراتيجية الردع النووي الجديدة بعنوان ”عودة الخوف“.

ماذا تقصدون بعودة الخوف أو الرعب من السلاح النووي؟

يجب فقط إعادة غريزة الحفاظ على الذات إلى النخب المتهورة والأشخاص المتهورين في أوروبا- الولايات المتحدة الأمريكية أكثر حذرًا بالمناسبة- الذين أشعلوا حربين عالميتين مروعتين، والهولوكوست. أوروبا هي جحيم للعالم بأسره، وعليها أن تتذكر أنها لا تستطيع، وليس لديها أي حق لشن مزيد من الحروب. كي يتحقق ذلك، لا بد أن تخاف مرة أخرى. لقد فقدت الخوف، وهذا الخوف هو المنقذ لها وللعالم بأسره. أذكركم مرة أخرى بأن جميع الحروب الأكثر فظاعة في تاريخ البشرية- من الحروب الصليبية إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية- نشأت في أوروبا.

ولكن، بروفيسور، ألا تعتقدون أن دعواتكم هذه، وتهديدات المسؤولين الروس فيما تعلق باستخدام السلاح النووي لم يعد يقابل بجدية من خصوم موسكو؟

نحن نتابع- عن كثب- ما يحدث في الغرب، وفي الولايات المتحدة، ونأخذ الأمور على محمل الجد بشكل متزايد. لقد فقد الأوروبيون عقولهم تمامًا ونخبهم الحالية كذلك. في أسوأ السيناريوهات، قد نضطر إلى تذكيرهم بذلك. لا أرغب في فعل ذلك لأنني روسي، ومن ثم أتبع التقاليد الإنسانية الروسية التي ترفض قتل الأطفال، والأسلحة النووية ستقتل الأطفال، ولكن إذا اضطررنا إلى فعل ذلك كحل أخير، أعتقد أن روسيا ستكون ملزمة أمام شعبها وأمام العالم باستخدام الأسلحة النووية لمنع العالم من الانزلاق نحو حرب نووية، وآمل أن يتوقف شركاؤنا أو خصومنا الأوروبيون والغربيون قبل ذلك.

ولكني سبق أن قلت للرئيس بوتين، وأقول هذا في جميع مقالاتي وغيرها، إن روسيا تواجه مهمتين تاريخيتين؛ الأولى هي الفوز في الحرب ضد الغرب في أوكرانيا، كي نضع حدًا للغرب حتى لا يسعى إلى الهيمنة على العالم. والثانية هي منع نشوب حرب نووية عالمية. ولتحقيق ذلك، يجب تفعيل الأسلحة النووية، وفي أسوأ الحالات قد نضطر إلى استخدامها. لا أرغب في ذلك على الإطلاق؛ لأنني أفهم تمامًا أن ذلك يعد خطيئة عظيمة من الناحية الأخلاقية.

لقد تحدثت عن هذا الأمر مع كثير من علماء الدين والفقهاء المسلمين، ومع كثير من رجال الدين لدينا، وليس فقط مع الخبراء الإستراتيجيين، مدركًا أن هذا أمر خطير، ولكن كثيرًا ممن تحدثت إليهم، بما في ذلك في العالم الإسلامي والعالم الأرثوذكسي، يقولون إنه ربما في بعض الحالات قد يكون ذلك ضروريًّا، خاصة أن في العهد القديم، الذي يشترك فيه المسيحيون والمسلمون إلى حد كبير، هناك إشارة مباشرة إلى أن الرب عاقب البشرية على الفساد والانحلال، أولًا بإحداث بالطوفان، ثم بإمطار النار على سدوم وعمورة. وعلى حد علمي، هناك صدى لذلك في القرآن. لديّ نسخة من القرآن هنا.

السلاح النووي استخدم مرة واحدة في تاريخ البشرية، استخدمته الولايات المتحدة في هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية، وذنب ضحايا استخدام هذا السلاح كبير جدًّا في التاريخ، هل تريد روسيا تكرار السيناريو نفسه؟

نحن لا نرغب في تكرار ذلك بأي حال من الأحوال، وأكرر، ليس فقط لأننا نرى أنفسنا أسمى أخلاقيًا من الأمريكيين، بل ببساطة لأننا ندرك أننا سنلحق بأنفسنا ضررًا أخلاقيًّا كبيرًا. السلاح النووي هو سلاح الله، وبذلك سنأخذ على عاتقنا دور الإله، وهو ما يعد خطيئة في أي دين، هذا هو الأمر الأول، أما الأمر الثاني فهو أنه سيسقط الأبرياء ضحايا لذلك. ولكن السؤال البسيط الذي يطرح نفسه: بما أن هناك جزءًا من البشرية يقود العالم نحو الهلاك، ربما من الضروري تذكير هؤلاء بأنه لا ينبغي لهم أن يقودوا العالم نحو الهلاك؟

أليست هناك طريقة أخرى لجعلها تحيد عن هذا الطريق؟

حتى الآن لا، ولكني آمل أن تكون هناك طرق أخرى، ونحن نعمل على ذلك. هناك ما يسمى بـ”سلم التصعيد النووي” ـ بالمناسبة، تهدف الحرب التي يخوضها شبابنا في أوكرانيا إلى تذكير هؤلاء بأن أفعالهم غير مقبولةـ وسيتم تسريع التحرك على ذلك السلم، وسنغير عقيدتنا النووية. لكني مع الأسف، لا أرى طرقًا أخرى في الوقت الحالي. أعمل في هذا المجال منذ سنوات كثيرة، وعُرفت بمقالاتي عن ضرورة زيادة دور الردع النووي في السياسة العالمية منذ عام ونصف العام، وذلك فقط لأنني أدركت فشل جميع الحلول الأخرى.

أنتم تقولون إن خطر نشوب حرب عالمية ثالثة يتزايد في الوقت الراهن بسبب محاولة الغرب تقويض روسيا، التاريخ يسجل محاولات مشابهة لتقويض روسيا، ولم تشتعل تلك الحرب، لماذا تشتعل في الوقت الحالي؟

إن الحرب العالمية الثالثة تلوح في الأفق ليس فقط بسبب محاولة الغرب إلحاق الهزيمة بروسيا؛ بل لأنه يدرك أن روسيا تمثل العمود الفقري العسكري والإستراتيجي “للجنوب العالمي” الصاعد، أو “الأغلبية العالمية” كما نطلق عليه.

تحدث الآن تغييرات كبيرة في جميع أنحاء العالم، حيث تنهض الحضارات القديمة، وتنشأ منافسات جديدة؛ لذا يجب إعادة إدخال الأمان إلى هذه المنظومة، وهو يتمثل في السلاح النووي. أعتقدـ مع أن هذا ربما ليس تصريحًا علميًّاـ أن الرب منحنا السلاح النووي لنعيد البشرية إلى وعيها. الأمر لا يقتصر على روسيا فقط، بل هناك قضايا أعمق بكثير؛ لذلك أعتقد، على سبيل المثال، أنه إلى أن ننشئ نظامًا عالميًّا جديدًا أكثر عدلًا، وهو ما يتعين علينا القيام به خلال الخمسة عشر أو العشرين أو الثلاثين عامًا المقبلة، على الأقل ثلاثين عامًا، فلن أؤيد حتى حصول مزيد من الدول على السلاح النووي بهدف إنشاء نظام أكثر استقرارًا.

أعتقد، على سبيل المثال، أن إيران، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة يمكنها الحصول على السلاح النووي، وذلك بالطبع بعد دراسة تجارب الدول الأخرى. نحن على استعداد لتقديم الخبرة والتعاون مع تلك الدول لتطوير نظرية ردع جديدة من أجل ضمان تحقيق قدر من السلام خلال هذه الفترة الطويلة حتى يعاد بناء النظام العالمي الجديد. قد تستغرق هذه الفترة خمسة وعشرين عامًا. تعارض حكومتنا انتشار السلاح النووي، لكنني أعتقد أنه إذا حصلت عليه عدة دول، مثل إيران، والسعودية، ومصر، والإمارات أو دول الخليج، وربما كوريا الشمالية بالمناسبة، وكذلك كوريا الجنوبية لموازنة كوريا الشمالية، فإن هذا النظام العالمي قد يكون أكثر استقرارًا بعد خمسة عشر عامًا، وبناءً عليه، يمكننا إنشاء نظام إدارة أكثر عقلانية وعدالة. الدولتان الوحيدتان اللتان ليس لهما الحق في الحصول على السلاح النووي هما ألمانيا واليابان، اللتان شنتا حروبًا مروعة أودت بحياة عشرات الملايين من الأشخاص.

أنتم ترون أنه من الضروري أن تكون هناك دول عربية لديها سلاح نووي لخلق توازن في المنطقة، لو حدث ذلك هل تعتقدون أن السلام سيعم في الشرق الأوسط؟ وسيحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة؟

إذا كان لدى العراق وإيران سلاح نووي… بالمناسبة هناك بعض أسئلة عن إيران؛ لأن إيران في النهاية تدعو إلى تدمير إحدى الدول- إسرائيل. ومهما كانت التناقضات، فإن الدعوة إلى تدمير دولة مجاورة هو أمر غير مقبول. ولكن لو كان لدى إيران سلاح نووي، لما ضربت إسرائيل غزة. على الأقل، لما لقي عشرات الآلاف من الفلسطينيين حتفهم. أعتقد أنه نظرًا إلى أننا بدأنا للتو بالدخول إلى هذا العالم المضطرب جدًّا، وغير المستقر، فربما يكون من المفيد أن تمتلك بعض الدول الأخرى سلاحًا نوويًّا. بالطبع، يجب أن يتم ذلك أولًا تحت رقابة دولية، وثانيًا بالاستفادة الكاملة من الخبرات الموجودة لدى القوى النووية العظمى لضمان أمن الأسلحة النووية. ولكني لا أفهم لماذا يمكن لإسرائيل أو باكستان الحصول على أسلحة نووية، في حين لا يمكن لمصر ذلك؟ لماذا؟ هذا أمر لا يمكن تفسيره. تمامًا كما هي الحال مع منطق نظام عدم انتشار الأسلحة النووية، فقد كان مفيدًا، بما في ذلك لبلدي، لكن هذا المنطق في النهاية عنصري. هذا يعني أن البيض والصينيين يمكنهم الحصول على أسلحة نووية، في حين أن الآخرين لا يمكنهم ذلك. ثم فجأة حصل الهنود والباكستانيون عليه، لأنهم قرروا أن هؤلاء يمكنهم الحصول على أسلحة نووية، في حين أن الآخرين لا يمكنهم. هذه الفترة الانتقالية خطيرة بالطبع، لكننا نلاحظ أنه منذ أن حصلت كل من الهند وباكستان على أسلحة نووية، أصبحت كل منهما تتصرف بحذر أكبر تجاه الأخرى. أعتقد أنه إذا تحقق نوع من التوازن النووي في الشرق الأوسط الكبير، فإنه سيكتسب في النهاية قاعدة إضافية تمكنه من الحفاظ على سلام طويل الأمد، لكن هذا قرار يخص دول الشرق الأوسط. أنا لا أدعم- بأي حال من الأحوال- تحرك مصر، أو المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة، أو إيران للحصول على أسلحة نووية، مع أنني لا أفهم على الإطلاق لماذا ليس لديهم الحق في الحصول عليه.

لفت نظري عبارة قلتها بروفيسور الآن، وهي أنه إذا كانت إيران تمتلك سلاحًا نوويًّا لما قتلت إسرائيل عشرات الألاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، هل تعتقد بالفعل أن إيران ليس لديها سلاح نووي؟ هل تعتقد بالفعل أنه حتى لو امتلكت هذا السلاح لمنعت إسرائيل من إبادة شعب غزة؟

لا تمتلك إيران قدرة نووية كبيرة في الوقت الحالي، نعم لديها إمكانية الحصول على سلاح نووي، لكنها حتى الآن لا تملك القدرة النووية.

 

أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني الذي طرحته بالعربية: هل تعتقد حقًا أنه إذا كانت إيران تمتلك سلاحًا نوويًا، لما فعلت إسرائيل ما تفعله الآن مع الفلسطينيين؟

أعتقد نعم، أعتقد أن إسرائيل لم تكن لتفعل ذلك؛ ببساطة لأنها كانت ستدرك أن العرب أو الفرس يمكن أن يتخذوا ضد إسرائيل ردود فعل أكثر صرامة. السلاح النووي ليس حلًا لكل المشكلات، ولكن له وظائف كثيرة، إحداها هو ترويض النخب. النخب تصبح أكثر حذرًا، وأكثر عقلانية، هذه حقيقة. أكتب عن هذا الموضوع، ويمكنك قراءة مزيد عنه في مقالاتي. مؤخرًا صدر مقال، أعتقد في مجلة “الحياة الدولية”، عن وظائف السلاح النووي، وإحدى هذه الوظائف هي الترويض.

هناك من يرى أن روسيا مستفيدة مما يجري في الشرق الأوسط باعتبار أن التصعيد في تلك المنطقة يشغل واشنطن والناتو عن الساحة الأوكرانية، هل تتفقون مع هذا الرأي؟

نعم أتفق مع هذا الرأي جزئيّا، لكن هذا، كما تفهم، قد يكون مفيدًا من الناحية التكتيكية، ولكنه إستراتيجيًّا ليس في صالحنا على الإطلاق. في النهاية يمكننا هزيمة الناتو، فقط نحتاج إلى التصرف بحزم. ولكن إذا اشتعلت النيران في الشرق الأوسط، فلن نشعر بالأمان بأي حال؛ لذلك نحن لا نرغب بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

في أكثر من مناسبة أعلن الرئيس الامريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب أنه سينهي الأزمة الأوكرانية، وسينهي الحرب في غزة فور عودته إلى البيت الأبيض، في حال فوزه طبعًا في الانتخابات الرئاسية، ما تقديراتكم لهذا الأمر؟ هل تعتقدون أن فوز ترمب سيكون في صالح روسيا؟ هل تعتقدون بأنه بالفعل سينهي الحرب في أوكرانيا؟ سينهي الحرب في غزة؟

أعتقد أنه لا يهم من سيفوز، فالولايات المتحدة الآن غير قادرة على التصرف على نحو فعال، ومن غير المرجح أن تتمكن من فعل أي شيء بخصوص غزة، فالأمور قد تعقدت كثيرًا، ولا أعتقد أن ترمب يستطيع تغيير شيء. روسيا هي التي يجب أن تحسم الأمور في أوكرانيا، من خلال هزيمة الغرب بشكل كامل، وإجباره على التراجع، هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام في أوكرانيا، والحفاظ على جزء منها بوصفها دولة مستقلة منزوعة السلاح، ولكن يجب أولًا هزيمتها، ومن ثم هزيمة الغرب؛ لأن حربنا في أوكرانيا ليست ضد الشعب الأوكراني البائس الذي أُلقي بلا رحمة في مطحنة الحرب، بل هي حرب ضد الغرب.

ولكن الأوضاع الآن على الجبهة لا تبدو أنها في صالح روسيا، وأنتم تتحدثون عن تدمير الغرب وتدمير النظام الموالي للغرب في أوكرانيا

أعتقد أننا نتصرّف بحذر شديد، لقد ارتكبنا كثيرًا من الأخطاء، ويجب علينا تصحيحها. نحن نتصرّف بحذر شديد جدًّا. علينا أن نتحرك بحزم أكبر بكثير، وأن نبادر بتسلق سلم التصعيد النووي بأنفسنا لوقف الدعم الغربي لأوكرانيا وعملائها ومرتزقتها، وإنهاء هذه الحرب. وإلى أن ننهيها منتصرين، ستظل الحرب مشتعلة هناك؛ لذلك نحن بحاجة إلى انتصار كامل. ربما تكون هناك فترات من الهدنة، لكننا بشكل عام بحاجة إلى انتصار كامل، يعني، من وجهة نظري، عودة روسيا إلى أراضيها الأصلية شرق نهر الدنيبر، وربما كييف والمناطق الجنوبية، مع ترك منطقة صغيرة من أوكرانيا في الوسط والغرب منزوعة السلاح تمامًا. وبعد ذلك يمكننا التحدث إلى الغرب والدول الأخرى عن إنشاء نظام أمني أوراسي كبير، وهذا هو أحد الخيارات. أنا أنتقد قيادتنا بسبب الحذر المفرط، والإنسانية الزائدة على الحد.

ألا يبدو هذا السيناريو متفائلًا أكثر من اللازم؟

أرى أن السيناريو الذي أقترحه هو الأمثل، ونحن بصدد مناقشة هذا الأمر حاليًا مع زملائنا في الحكومة.

وأنا أتابع وسائل الإعلام الأوكرانية في الفترة الأخيرة لاحظت تركيزها على أن مخزونات… – هي تقول طبعًا- مخزونات روسيا من الأسلحة تنفد، عدم وجود دوافع وروح قتالية لدى الجندي الروسي للاستمرار في هذه المعركة، هل هذا الكلام يفسر نجاح القوات الأوكرانية في اختراق الحدود الروسية والوصول إلى كورسك؟

أعتقد أننا ارتكبنا كثيرًا من الأخطاء، خاصة بسبب حذرنا. لدي ولدى زملائي أيضًا بعض الأفكار عن تكتيكات إدارة العملية العسكرية، التي يجب تغييرها تغييرًا كبيرًا. يجب أن نعترف أخيرًا أننا نخوض حربًا كبيرة ضد الغرب، وليست مجرد عملية عسكرية خاصة، لقد بدأنا بالفعل بالحديث والكتابة عن ذلك. يمكننا أن نسميها عملية عسكرية خاصة، لكنها في الحقيقة حرب ضد الغرب، بل هي حرب وطنية إلى حد ما، مثل الحرب الوطنية عام 1812 ضد نابليون، والحرب الوطنية الثانية، وهي الحرب الروسية الألمانية في الفترة من 1914 إلى 1918، والحرب الوطنية الثالثة من 1941 إلى 1945. الآن نحن في حرب وطنية جديدة. يجب أن ندرك أنها كذلك، ونتوقف عن خداع أنفسنا بأنها مجرد عملية عسكرية خاصة. هذا لا يعني أننا يجب أن نغير اسمها، بل علينا أن نفهم أننا بحاجة إلى خوض حرب كبيرة وحقيقية، والانتصار فيها.

 

منذ بدء الصراع العسكري بين روسيا والغرب في أوكرانيا، مر عامان ونصف العام دون أن تلوح في الأفق نهاية لهذا الصراع، هل ترون أن روسيا تواجه خطر حدوث قلاقل مجتمعية ربما تؤدي إلى أزمات سياسية تهدد الكرملين؟

ليس بعد. حتى الآن يمكننا القول إن هذه الحرب قد عادت بفائدة كبرى على روسيا، باستثناء فقط فقدنا لعشرات الآلاف من الناس، من خير الرجال. لقد تخلصنا من العمود الخامس- الخونة- دون أي قمع، فهم ببساطة فروا هاربين، وانزاح بذلك عبء كبير من على المجتمع.

هربوا إلى إسرائيل؟

بما في ذلك إلى إسرائيل، دعونا ننظر إلى ذلك الأمر بأننا قد تخلصنا من قمامتنا ملقين إياها في قمامتهم، وهذا أمر يسرنا بشدة. ثانيًا: نحن نتخلص من أوروبا والمركزية الغربية بوتيرة سريعة جدًّا؛ ما يشكّل تغيرًا إيجابيًّا كبيرًا في المجتمع الروسي. ثالثًا: أننا أخيرًا شاهدنا انتعاشًا في الاقتصاد الروسي، حيث إنه لم تتمكن روسيا من العمل بجدية دون حرب، وهو ما يؤكد المعادلة التي صاغها أحد تلاميذي بأن روسيا هي دولة نشأت على يد الشعب الروسي المناضل من أجل وطنه، ولا يمكنها أن تكون غير ذلك، فهي لا تتقدم إلا في أوقات الحروب. كما أننا قد تخلصنا أخيرًا من الكومبرادور البرجوازيين الذين ظهروا نتيجة إصلاحاتنا الفاشلة في التسعينيات. من الجدير بالذكر، أن الكومبرادور البرجوازيين هم صغار التجار الذين كانوا يخدمون المستعمِرين. ولقد شاهدنا فئة كاملة منهم نشأت في المجال الاقتصادي والفكري، والآن نحن نتخلص منهم، وهذه ميزة عظيمة. لقد أصبحنا مجتمعًا أكثر قوة وصلاحًا، وأخذ اقتصادنا ينمو. لا ينبغي أن يطول ذلك الأمر؛ لذا أرى أنه يجب علينا أنا نتقدم نحو النصر الحاسم، ونحققه خلال عام أو اثنين، وأعلم كيف يمكننا فعل ذلك.

هل يمكن أن تواجه روسيا خطر التفكك من جرّاء صراعها العسكري مع الغرب في أوكرانيا؟

إذ امتد صراعنا إلى ما لا نهاية، فمن المحتمل أن يُرهَق الشعب؛ لذلك علينا أن ننتصر خلال عام ونصف العام.

هل ما يجري اليوم في الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا، وفي غزة، وفي مناطق أخرى، هو نتيجة لمساعي الولايات المتحدة إلى فرض مفاهيم العالم الأحادي القطب التي حذر منها الرئيس بوتن في خطابه الشهير في مؤتمر ميونخ عام 2007؟

هذه عملية أصعب بكثير، وهي مستمرة على مدار 50 أو 60 عامًا. منذ 500 عام، كان العالم متعدد الأقطاب، حيث كان هناك في الشرق العربي قوى عظمى، وكانت الصين والهند قوتان عظميان كذلك، وكان هناك بعض الدول الأوروبية الضعيفة. أما في الفترة بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر فقد أدت مجموعة من الظروف إلى هيمنة أوروبا عسكريًّا، حيث أصبحت تحتل دول العالم وتستعمرها اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، وتنهل من خيراتها. توقفت هذه العملية عندما نشأ الاتحاد السوفيتي، وانهارت تلك المنظومة، حيث أدى امتلاك الاتحاد السوفيتي السلاح النووي إلى تقويض الهيمنة العسكرية الأوروبية. ولكن عندما سقط الاتحاد السوفيتي حصلت أوروبا- كما بدا لها- على فرصة أخرى بالعودة إلى الحياة، وانتعشت مجددًا.

 أما الآن، فقد استعادت روسيا قوتها، وهو ما دفع الغرب إلى المحاربة باستماتة من أجل تدمير روسيا بالتحديد؛ لأنها السبب الرئيس في كل مصائب أوروبا التي تتمثل في أنها لم تعد قادرة على استغلال العالم بعد؛ لذلك فإن حربنا في أوكرانيا هي حرب من أجل الدفاع عن حلفائنا وجيراننا في “الجنوب العالمي”، و”الأغلبية العالمية” (أي البلدان خارج المجتمع الغربي).

نقول إن الأمريكان يدافعون عن هيمنتهم، ولكن العالم في الواقع يتحرر، بما في ذلك بفضل روسيا، وهذا هو التوجه الأهم في العالم الآن، وليس دفاع أمريكا عن هيمنتها العالمية، وأنا واثق أنه في حال نصرنا سيصبح العالم أكثر حرية ورخاءً، أما الولايات المتحدة الأمريكية فستحتل المكانة التي قدرها لها الخالق، وتاريخها بوصفها دولة عظمى.

البروفيسور سيرجي كاراجانوف رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السياسة الخارجية والدفاع، شكرًا جزيلًا لك. بهذا تنتهي هذه المقابلة التي أجريناها في موسكو مع البروفيسور سيرجي كاراجانوف، شكرًا لحسن استماعكم، وإلى اللقاء في مقابلات قادمة بإذن الله.

كان هذا رائعًا. شكرًا جزيلًا.

ما ورد في المقابلة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع