مختارات أوراسية

لا يمكن للأونروا أن تصل إلى طريق مسدود في غزة


  • 29 يناير 2024

شارك الموضوع

أصبحت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أحدث بؤرة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع مزاعم بتورط موظفيها في هجوم أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل. وأدت هذه الادعاءات إلى تعقيد الوضع الإنساني الهش أصلًا في غزة. وحتى الآن، أعلنت 10 دول، ومنها أكبر جهة مانحة، وهي الولايات المتحدة، تعليق تمويلها للأونروا. في 28 يناير (كانون الثاني)، أصدر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانًا كشف فيه عن التحقيق في الحادث، وذكر أن “أي موظف في الأمم المتحدة متورط في أعمال إرهابية سيُحاسب، بما في ذلك من خلال الملاحقة الجنائية”، لكنه حث الدول المانحة على “ضمان استمرارية عمليات الأونروا” للحفاظ على المساعدة التي تشتد الحاجة إليها لغزة.

وقد أخذ المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها، مزاعم تورط موظفي الأمم المتحدة في الهجوم على محمل الجد. ومن المعتقد أن الأمم المتحدة ستجري تحقيقًا شاملًا وتتخذ الإجراء المناسب، وتقدم تقريرًا وافيًا للمجتمع الدولي. ومن الضروري تأكيد أنه يجب التعامل مع التحقيق الجاري ونتائجه المستقبلية على أساس كل حالة على حدة، دون تسييس القضية، أو المبالغة فيها. وعلى وجه الخصوص، ينبغي اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع أي كارثة إنسانية ثانوية خطيرة ناجمة عن هذا الحادث.

الأونروا هي واحدة من أقدم وكالات الأمم المتحدة، وأكبر وكالة تابعة للأمم المتحدة في غزة. منذ بداية هذا الصراع، سعى (1.7) مليون شخص إلى البحث عن ملجأ، أو حصلوا على الخدمات في أكثر من 150 ملجأ وموقع توزيع تابعًا للأونروا. ويعتمد الغذاء والمياه والتعليم والرعاية الصحية في غزة على الأونروا إلى حد كبير. وليس من المبالغة القول إنها شريان الحياة الأخير لـ2.2 مليون شخص، ويتم توفير تمويل هذه الوكالة بالكامل تقريبًا من الجهات المانحة، وقد ظلت في حالة ضائقة مالية أو حتى أزمة سنوات كثيرة. والدول التي أعلنت حاليًا وقف تمويلها هي دول مانحة مهمة، حيث تشكل تبرعاتها نسبة كبيرة من أموال المنظمة. ومع أن معظم الدول تدعي حاليًا تعليق التمويل خلال “فترة التحقيق”، فإن مفهوم “فترة التحقيق” غامض، ولا يزال من غير المعروف إلى متى سيتم تعليق التمويل.

وأعلنت الأمم المتحدة يوم الأحد أن التمويل الحالي للأونروا لن يسمح لها بتلبية جميع متطلبات متلقي المساعدات في فبراير. وفي ذلك الوقت، قد تجد الوكالة صعوبة في الحفاظ على وضعها التشغيلي السابق، بل ربما تواجه احتمال إغلاقها. ومن الجدير بالذكر- بشكل خاص- أن إسرائيل ذكرت في وقت سابق أن الحكومة الإسرائيلية ستنفذ سياسة لمنع الأونروا من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الجولة الحالية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبالنظر إلى الموقع المحوري للأونروا في المنظمات المحلية داخل الأمم المتحدة، فإن هذا من شأنه أن يحد من دور الأمم المتحدة في غزة والشرق الأوسط، ويوجه ضربة قوية للوضع الإنساني المتردي بشكل متزايد في قطاع غزة.

وفي عهد إدارة ترمب، علقت الولايات المتحدة مؤقتًا التبرعات للوكالة، بل خططت لاقتراح حلول بديلة. ومع ذلك، بعد تولي إدارة بايدن السلطة، استأنفت التمويل تدريجيًّا، واعتمدت موقفًا تعاونيًّا تجاه الأونروا. وبصرف النظر عن تغير موقف واشنطن، فإن السبب الرئيسي لذلك هو أنه لا يوجد حاليًا بديل للأونروا، وأنها تظل الأمل الوحيد للاجئين الفلسطينيين. لدى المجتمع الدولي إجماع واسع النطاق على أن “العقاب الجماعي” ضد سكان غزة بسبب إدانتهم للإرهاب ومكافحته هو أمر غير مقبول، ويجب ضمان الاحتياجات الإنسانية. وليس من الضروري على الإطلاق الانحياز إلى أحد الجانبين في هذا الشأن.

ولا بد من التعامل مع التورط المزعوم لموظفي الأمم المتحدة في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) بموضوعية ونزاهة، كما يتعين على المجتمع الدولي زيادة دعمه للأونروا بدلًا من تقليصه. أما فيما يتعلق بالوضع المعقد في قطاع غزة، فإن حل الدولتين هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق الذي يمكن أن يحقق حلًا شاملًا وعادل؟ا ودائمًا للقضية الفلسطينية. وفي ظل التقدم البطيء في “حل الدولتين”، اضطلعت الأونروا بدور لا غنى عنه في تقديم المساعدة التي يحتاج إليها بشدة اللاجئون الفلسطينيون. إنها مسؤولية مشتركة لجميع الأطراف أن يستمروا في دعم الأمم المتحدة، والحفاظ على سلطتها ومكانتها.

المصدر: صحيفة غلوبال تايمز الصينية


شارك الموضوع