أبحاث ودراساتالقضايا الاقتصادية

كيف يغير ميناء تشابهار خريطة النفوذ في آسيا الوسطى؟


  • 1 فبراير 2024

شارك الموضوع

مدخل

يشكل مشروع ميناء مدينة تشابهار الإيرانية، الذي أطلق عليه اسم “البوابة الذهبية” لأفغانستان وآسيا الوسطى، مركزًا تجاريًّا عالميًّا محتملًا، وساحة للمنافسة الجيوسياسية بين القوى الإقليمية والدولية، حيث يمكن للميناء أن يعزز العلاقات الهندية الإيرانية، مما قد يوازن التعاون الصيني الباكستاني المتنامي. في الوقت نفسه، يتزايد نفوذ الصين في إيران، وتسعى للوصول إلى الموارد الطبيعية الحيوية وطرق الشحن، في حين أن الميناء يمكنه أن يعزز لإيران شراكات دبلوماسية واقتصادية جديدة، لا سيما أنها الدولة المنبوذة في الغرب، ما يجعلها في حاجة ماسة إلى إيجاد خيارات بديلة؛ لذا تبرز أهمية ميناء تشابهار، وما يمكن أن يضيفه من مزايا للممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، لأنه الميناء الوحيد في الجمهورية الإسلامية الذي يتمتع بوصول مباشر إلى المحيط الهندي، مما يختصر المسافة والوقت، ويخفض تكلفة النقل أيضًا.

ومع تنافس الهند والصين على الاستثمار في هذا الميناء، تحاول إيران موازنة التنافس بين الخصمين لتعزيز مكانتها الدولية الخاصة، في حين لا تسيطر عليها أي من هاتين القوتين؛ ومن ثم فإن ميناء تشابهار يمثل دراسة حالة رئيسة في كل من التعاون الدولي والمنافسة، حيث يمكن أن يقدم ثورة تجارية في المنطقة، لكنه قد يؤدي- في المقابل- إلى تفاقم الخصومات الإقليمية؛ لهذا تناقش هذه الورقة معطيات تلك الفرضية وتداعياتها على صراع النفوذ في منطقة آسيا الوسطى.

خلفية المشروع

كانت البداية عندما وقعت روسيا وإيران والهند اتفاقية مشروع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، في 16 مايو  (أيار)  2002، وهي عبارة عن شبكة متعددة الأنماط من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية لنقل البضائع بين ثلاثة بلدان، طُوِّرَت في ثلاثة مسارات رئيسة خلال العقدين الماضيين؛ الممر الوسط، أو عبر بحر قزوين (عبر مواني أستراخان، وأوليا، وماخاتشكال)، والممر الشرقي (اتصالات السكك الحديدية المباشرة عبر كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان إلى شبكة السكك الحديدية الإيرانية)، والممر الغربي (أستراخان – ماخاتشكالا – سامور، لاحقًا عبر أراضي أذربيجان، إلى محطة أستارا الحدودية المخطط لها)، من بين الطرق الثلاثة يعد المسار الشرقي لـ INSTC مهمًّا جدًّا؛ لأنه يربط الجزء الشرقي والمناطق الوسطى من روسيا عبر كازاخستان وتركمانستان إلى المواني الجنوبية لإيران، وأيضًا الهند والدول العربية على الحافة الجنوبية للخليج الفارسي.

وفي هذا الصدد، أُطلِقَ الفرع الشرقي من INSTC رسميًّا مع أول قطار في يوليو (تموز) 2022، فبعد عبور الحدود في سرخس على الحدود مع إيران وتركمانستان، تستمر الرحلة عبر إيران إلى بندر عباس، الميناء الذي يقع في جنوب إيران، حيث تنقل السفن البضائع إلى الهند؛ لذلك فإن الفرع الشرقي من INSTC تسير من خلاله 6 قطارات برًا حاليًا، من روسيا إلى الهند عبر تركمانستان وإيران، وتشير هذه القطارات إلى الاهتمام المتزايد بالسكك الحديدية من روسيا إلى الهند، حيث تتكشف طرق متعددة على الممر، لكن بالنظر إلى خريطة إيران، نجد أن ميناء تشابهار في أقصى جنوب شرق إيران في محافظة سيستان وبلوشستان، مقارنة ببندر عباس في محافظة هرمزجان ومضيق هرمز، لديه منفذ أقرب في الجناح الشرقي من INSTC لروسيا وآسيا الوسطى للوصول إلى إيران؛ ما جعل  الهند تضغط من أجل مشروع ميناء تشابهار لتعزيز التجارة الإقليمية، وخاصة من أجل ربطها بأفغانستان.

لذا في يناير (كانون الثاني) 2016، وقعت الدول الثلاث اتفاقية اقتصادية ثلاثية لتطوير الميناء، وعلى الرغم من وجود انقطاع قصير في هذه الاتفاقية بعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان، في آب (أغسطس) 2021، فإنه تم حل هذا التحدي تدريجيًّا، وتحاول الإمارة الإسلامية زيادة شرعيتها السياسية المحلية والدولية، وتحسين الوضع الاقتصادي لأفغانستان، من خلال مشروعات اقتصادية، ونقل مثل مشروع عبور تشابهار، وانضمت أوزبكستان مؤخرًا الى هذه الاتفاقية، بصفتها الدولة المغلقة الوحيدة في آسيا الوسطى، وبعد اتفاقية العبور الثلاثية بين إيران والهند وأفغانستان، زادت سعة عبور ميناء تشابهار من 5.2 مليون طن إلى 8 ملايين طن سنويًّا، وفي المرحلة الثانية من التطوير، ستزيد طاقة ميناء تشابهار إلى 33 مليون طن.

وفي 23 نوفمبر(تشرين الثاني) 2023، أكد وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا في أثناء مشاركته في رئاسة اجتماع مشاورات وزارة الخارجية الهندية الإيرانية (FOC)، مع نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كاني، أن البلدين ناقشا المسائل الثنائية، ومشروعات الاتصال، ومنها ميناء تشابهار، وتوصلا إلى وجهة نظر مشتركة بشأن التحديات الحالية في المنطقة. ومنذ أيام، وبالتحديد في 16 يناير (كانون الثاني) الجاري، توصلت الهند وإيران إلى اتفاق نهائي بشأن أول مشروع ميناء أجنبي في الهند- ميناء تشابهار- بعد أن كان بناء هذا الميناء الإيراني موضوع نقاش بين البلدين فترة طويلة.

وعلى مدى الأعوام الماضية، نما مشروع تشابهار سريعًا، حيث يتضمن الآن ميناء، ومنطقة تجارة حرة، وخط سكة حديد بطول 628 كيلومترًا إلى زاهدان، ثم مسارًا يزيد قليلًا على 1000 كيلومتر إلى سيراخس على الحدود بين إيران وتركمانستان. ومنذ أيام قليلة، زار وزير الشؤون الخارجية الهندي إس جايشانكار إلى إيران عقب هجوم القوات الأمريكية البريطانية على مواقع عسكرية للحوثيين، واجتمع مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وناقشا تسريع تنفيذ الاتفاقيات الإيرانية الهندية، ومنها خطة تطوير ميناء تشابهار، والتعويض عن التأخير، وخلال اللقاء تمت مناقشة تفصيلية بشأن إنشاء إطار تعاون طويل الأمد فيما يتعلق بميناء تشابهار،  كما تم تبادل وجهات النظر بشأن ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

الأهمية الاقتصادية لميناء تشابهار

يحظى ميناء تشابهار، الواقع في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، بعدد من الفرص التي تجعله جذابًا من منظور محلي ودولي، ويتمثل أبرزها في موقعه الجغرافي، حيث يقع على حافة المحيط الهندي، بالقرب من بلاد ذات أهمية إستراتيجية، مثل أفغانستان وباكستان والهند، فضلًا عن وضعه بوصفه مركز عبور رئيسًا على ممر النقل الدولي المزدهر بين الشمال والجنوب، يمنحه القدرة على التطور ليصبح واحدًا من أهم المحاور التجارية في المنطقة، كما أن تشابهار هو أيضًا واحد من الأماكن القليلة في إيران المستثناة من العقوبات الأمريكية، مما يبسط- كثيرًا- الإجراءات التجارية مع البلدان الأخرى، كما أن ميناء تشابهار لديه القدرة على تحويل التجارة في جنوب آسيا ووسطها، وستسهل طرق التجارة البرية المقترحة المرتبطة بالميناء وصولاً أكبر إلى أسواق أفغانستان وآسيا الوسطى.

ومن هذا، تتجسد أهمية ميناء تشابهار لطهران في كونه الميناء الإيراني الوحيد الذي يتمتع بوصول مباشر إلى المحيط الهندي، حيث يعد ميناء تشابهار أول ميناء للمياه العميقة في إيران. وانطلاقًا من هذا، أدرجت إيران تطوير ميناء تشابهار في إطار الخطة الخاصة لتنمية منطقة مكران التي تم الموافقة عليها في 26  ديسمبر (كانون الثاني) 2016، واستثمرت إيران بكثافة في تطوير شواطئ مكران وميناء تشابهار، من خلال مزيج من البرامج الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، في إطار هدف البلاد الطويل الأجل المتمثل في أن تصبح مركز عبور إقليميًا، وبالنظر إلى أن ميزانية تطوير إيران للمحافظة التي يوجد بها الميناء قد ارتفعت بنسبة 2200 في المئة منذ عام 2018، فمن الواضح أن تشابهار ستكون جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية المشاركة الشرقية لإيران التي تطمح طهران في إرساء قواعدها.

وفي هذا السياق، يمكن للهند استخدام ميناء تشابهار كنقطة يمكن من خلالها تنسيق العمليات الإنسانية في وسط آسيا وجنوبها، كما سيعزز ميناء تشابهار وصول الهند إلى إيران، البوابة الرئيسة لـ INSTC الدولي الذي لديه طرق بحرية وسكك حديدية وبرية بين الهند وروسيا وإيران وأوروبا وآسيا الوسطى؛ لذا عملت الهند كمستثمر رئيس في ميناء تشابهار، حيث ترى نيودلهي أن الميناء وسيلة للوصول إلى أسواق أفغانستان وآسيا الوسطى دون الاعتماد على الطرق البرية الباكستانية.

أما أفغانستان فإن معظم تجارتها تجري عبر طرق باكستان؛ لذا يمكن أن يوفر ميناء تشابهار منفذًا تجاريًّا بديلًا للبلاد، وفي المقابل، يتمتع ميناء تشابهار بإمكانية تحقيق نمو اقتصادي كبير في أفغانستان، حيث سيسمح بدخول البضائع من البلدان الأخرى بسهولة أكبر إلى البلاد، وتعزيز إمكانات التصدير لديها، وسوف يؤدي هذا الارتباط الجديد إلى انتشال أفغانستان من وضعها المنهك بوصفها دولة غير ساحلية، وستجد كابول سوقًا واسعة لتوسيع تجارتها وتفاعلها، فهو من شأنه أن يقلل- إلى حد كبير- نفوذ باكستان المهيمن على أفغانستان؛ من خلال استخدام موقع أفغانستان غير الساحلي.

أما فيما يتعلق بدول آسيا الوسطى، فإن ميناء تشابهار سيتيح لهذه البلدان غير الساحلية الوصول إلى طرق التجارة البحرية، ويكون حصنًا ضد المحاولات الصينية للسيطرة على التجارة في المنطقة، لذلك فإن الميناء لن يكون وسيلة للتواصل مع أفغانستان وآسيا الوسطى فقط، ولكن أيضًا مع القوى الاقتصادية العالمية العملاقة في الهند والصين، خاصة أن الهند بالفعل جزء من مشروع خط أنابيب الغاز TAPI الذي ينشأ في جمهورية تركمانستان في آسيا الوسطى، كما أن ميناء تشابهار، والمعهد الهندي للتجارة، يقدمان واردات أرخص بنسبة  30 % من طريق البحر الأبيض المتوسط- السويس.

التحالفات الجيوسياسية الجديدة في آسيا الوسطى

ينظر إلى مشروع تشابهار على أنه سيضع حدًا لهيمنة الصين على المنطقة من خلال الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، فخطة الاتصال الثلاثية، وهي الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، ومشروع تشابهار، وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، تقلل- إلى حد كبير- من اعتماد كثير من الدول الآسيوية والأوراسية على الصين. ومع أن إدارة دونالد ترمب قررت انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية- من جانب واحد- من الاتفاق النووي الإيراني في 18 مايو (أيار) 2018، بعد وقت قصير من تنفيذ الاتفاق الهندي الإيراني الأفغاني، فإن الجهود التي بذلها اللوبي الهندي لإعفاء عبور مشروع تشابهار من العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب، وسياسة الضغط الأقصى لإدارة ترمب ضد طهران (2018-2020)، نجحت.

تنظر الهند إلى مشروع عبور تشابهار على أنه جزء من  سياسة التوازن الدبلوماسي ضد الصين، وأيضًا لتجاوز المنافس التقليدي (باكستان) ولمواجهة الاستثمار الصيني الضخم في تطوير ميناء جوادر الباكستاني، وكذلك الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان (CPEC)؛ لذا فإن استمرار إعفاء مشروع ترانزيت تشابهار من العقوبات الأمريكية الأحادية في إدارة جو بايدن، يشكل متنفسًا حيويًّا لإيران، وكذلك روسيا، بوصفهما دولتين تحت الحظر الاقتصادي والتجاري.

وعلى الجانب الروسي، أدى الصراع في أوكرانيا، والعقوبات الغربية الواسعة على روسيا، والقيود المفروضة على العبور إلى أوروبا الشرقية، وزيادة التجارة والعبور بين روسيا والهند، إلى جعل اهتمام روسيا بالميناء  أكثر خطورة على المنطقة مما كان عليه في الماضي، وبالتوازي مع الزيادة الكبيرة في حجم التجارة والعبور في الطرق الغربية والوسطى (عبر قزوين) من INSTC، أُطلِقَ الفرع الشرقي من INSTC رسميًّا في تموز (يوليو) 2022، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2022، قررت السكك الحديدية الروسية (RZD)، منح خصم بنسبة 20 % في عام 2023 لشحنات حاويات التصدير والاستيراد عبر المعابر الحدودية بين روسيا وكازاخستان، وسيكون الخصم ساري المفعول طوال العام المقبل، بشرط أن يتم الشحن أيضًا عبر معبر بولاشاك- سيرهيتاكا بين كازاخستان وتركمانستان.

لذا إذا اكتمل خط السكة الحديد الشرقي الإيراني من سرخس إلى زاهدان وتشابهار بشكل أسرع، يمكن لخصومات عبور جديدة لمعدلات كيلومترات الحاويات على طريق سكة حديد شرق قزوين أن تزيد كثيرًا من حجم العبور على الجناح الشرقي للممر عبر ميناء تشابهار؛ لذا أولت موسكو اهتمامًا أكبر لميناء تشابهار؛ لأنه يقلل من تكلفة نقل البضائع من الهند إلى روسيا بمقدار الخُمس، وهو أقصر وأقل طريق عبور يقع في شرق جناح INSTC.

ونتيجة لاستهداف إيران مزيدًا من الأسواق الجديدة لتشابهار، عرضت إيران كثيرًا من الحوافز التجارية في المناطق المجاورة لتشابهار بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية؛ إذ أُنشئت التجارة الحرة، والمنطقة الصناعية (FTZ)، حيث تنقسم منطقة تشابهار للتجارة الحرة إلى تسع مناطق وظيفية، مع تخصيص 26 % من الأراضي لقطاع التجارة والخدمات، و49 % للصناعة، و25 % للسياحة والأغراض السكنية. يتضح من هذا أن هناك كثيرًا من المجالات لمشاركة واستثمار الشركات الروسية في كل من ميناءي شهيد بهشتي وشهيد كالانتاري في منطقة تشابهار الحرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لروسيا أيضًا أن تشارك في إنشاء وإنجاز خط سكة حديد تشابهار- زاهدان- سرخس، تمامًا كما شاركت في إنشاء خط سكة حديد رشت- أستارا بطول 164 كم، ولا شك أن تنفيذ خط سكة حديد شرق إيران يمكن أن يزيد كثيرًا حجم التجارة والعبور بين روسيا وإيران والهند في الجناح الشرقي لـINSTC.

الخاتمة

ورغم استعراض الفرص التي يطرحها المشروع الجديد للقوى الكبرى في المنطقة، فإن هذا لا يمنع مواجهة المشروع عددًا من المعوقات التي عطلت سير المشروع، تمثل أبرزها في عدم وفاء الهند بالتزاماتها المالية؛ وهو ما أدى إلى تفاقم هذه المشكلات في ظل غياب المستثمرين الأجانب. ومع أن إيران تأمل استكمال مشروع السكة الحديد تشابهار- زاهدان، بحلول أيلول (سبتمبر) 2024، فإن الجزء الجبلي من المسار، والقيود المالية للحكومة الإيرانية، يفرضان تحديات خطيرة في التنفيذ الكامل لخط سكة حديد تشابهار- زاهدان بطول 624 كم.

ففي الوقت الذي أعلن فيه السفير الهندي في طهران أنهم يريدون إنفاق 85 مليون دولار في تشابهار، أنفقوا منها حتى الآن 20 مليون دولار، أعلنت بكين استثمارها 46 مليار دولار في جوادر الباكستانية، وزادت فيما بعد تلك الاستثمارات إلى 54 مليار دولار، ما يعد أكبر استثمار أجنبي في باكستان منذ استقلال البلاد، ويُقدر أنه سيخلق مليوني وظيفة بين عامي 2015 و2030، وزيادة النمو الاقتصادي لباكستان بنسبة 2.5 % سنويًّا، وللتغلب على هذا التحدي، تحاول إيران جذب مستثمرين جدد- خاصة الصين- حيث يبدو أن طهران تأمل أن تتمكن من خلال مشاركة الصين واستثماراتها من تحديد مشروع عبور ميناء تشابهار بوصفه جزءًا من مشروع الحزام والطريق. ومن ناحية أخرى، مع دخول منافس الهند التقليدي (باكستان) قد يقود هذا المشروع إلى مزيد من الديناميكية والاستثمار في خطة العبور هذه.

ومن هذا يمكن القول إن خطوات المشروع لم تكن سلسة، لا سيما أن القوى الإقليمية والدولية- بدافع من مصالحها السياسية- لم تكن راضية عن قيام البلدين بمشروع سيكون له تأثير بعيد المدى في سياسة المنطقة، واقتصادها، وإستراتيجياتها، خاصة بعد أن نجحت التغيرات الجيوسياسية الحالية في إقناع دول آسيا الوسطى بالانتقال من العزلة النسبية، واتخاذ وضع إستراتيجي أكثر حضورًا، في عالم مملوء بالصراعات على بسط النفوذ في المنطقة، ما يفرض على دول آسيا الوسطى أن تختار سياستها الخارجية بعناية، وأن تُشكّل تحالفات، دون الإخلال بوضعها الراهن، وتوازنات قواها مع روسيا، والصين، والولايات المتحدة، وتركيا، وأوروبا.

ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع