تقارير

على خطى الهند.. صعود القومية المتطرفة في بنغلاديش


  • 9 نوفمبر 2023

شارك الموضوع

على عكس الهند، تصعد قومية سياسية مُتطرفة في بنغلاديش، أكثر ميلًا إلى قبول التنوع الديني، والاختلافات الثقافية، والتنوع العرقي داخل الدولة، لكنها لا تستطيع قبول الاختلافات السياسية، حيث تقدم رابطة “عوامي” نفسها على أنها الوصي الوحيد على روح التحرير، من خلال تقليص مساهمات المعارضة في حرب التحرير 1971؛ ومن ثم محاولة نزع الشرعية عن أي مُعارضة.

أدت رابطة “عوامي” البنغلاديشية (AL) دورًا حاسمًا في حرب التحرير عام 1971، بقيادة الشيخ مجيب الرحمن؛ مما أدى إلى استقلال بنغلاديش، وأصبح رئيسًا للوزراء، لكنه اغتيل عام 1975؛ مما أدى إلى مشهد سياسي مضطرب. وشهد الانتقال من الحكم العسكري (1975- 1990) إلى الديمقراطية غير الليبرالية (1991-2006) تحولات في السلطة بين رابطة “عوامي” والحزب الوطني البنغلاديشي، شابها العنف، والفساد، والصراع السياسي. وبعد حكومة عسكرية (2007- 2008)، حصلت رابطة “عوامي” على أغلبية برلمانية قوية عام 2009 لتبدأ حكمًا اتسم بالتلاعب بالانتخابات، وقمع المعارضة.

تابعت الحكومة محاكمات جرائم الحرب؛ بهدف لفت انتباه الأمة إلى الأحداث التي وقعت خلال حرب التحرير عام 1971، باعتبار أن المحاكمة ليست أبدًا مسألة انتقام؛ بل استعادة كرامة الأمة. لقد رفعت رابطة “عوامي” حرب التحرير إلى مكانة مقدسة، كما يتضح من إعلان شعار زمن الحرب (النصر لبنغلاديش) شعارًا وطنيًّا في عام 2022. وضُمِنَت قدسية حرب التحرير بشكل أكبر عندما سنت الحكومة قانون الأمن الرقمي المثير للجدل عام 2018، الذي يفرض عقوبات صارمة، مثل السجن مدى الحياة، على نشر الدعاية عبر الإنترنت ضد حرب التحرير، والشيخ مجيب الرحمن.

في خطاب ألقته رئيسة الوزراء الشيخة حسينة عام 2019، قالت: “إن لرابطة عوامي دورًا مجيدًا في كل إنجاز كبير للأمة. وفي المستقبل، ستعمل الرابطة جنبًا إلى جنب مع الشعب على بناء دولة خالية من الفقر والجوع، وسعيدة ومزدهرة”. وكان التفسير الذي أعلنته حكومة بنغلاديش لروح التحرر في ظل رابطة “عوامي” سببًا في ظهور شكل راديكالي من أشكال القومية، أطلق عليه اسم “القومية السياسية”. يقسم هذا الشكل من القومية البلاد إلى عقلية “نحن”، و”هم”، حيث تضع رابطة “عوامي” نفسها على أنها القوة الصالحة والوطنية- ورثة روح التحرير- في حين تصنف الآخر على أنه “قوى الشر- حليف لباكستان”.

تبدو الدولة الصغيرة في شبه الجزيرة الهندية تستلهم تجربة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي؛ حيث هناك تركيز على المنحى الاقتصادي للبلاد، ومحاولة لإعادة بناء نموذج ديمقراطي مُدار يتم فيه التحكم في نتائج الصناديق سلفًا، ولكن على عكس الهند، لا توجد أقلية مُسلمة يُمكن اعتبارها الشر المطلق، وعدو الدولة، لحشد الأصوات ضده؛ لذا تخلق الحكومة في بنغلاديش تعصبًا لسردية تاريخية تخص حرب التحرير لحشد الأصوات الانتخابية، على سبيل المثال، أُطلقت حملة حكومية ضد مؤسس الحزب الوطني البنغلاديشي، الرئيس السابق الجنرال (المتقاعد) ضياء الرحمن، تعكس هذا المنظور، مُعتبرين أن ضياء الحق كان بعيدًا عن ساحة المعركة؛ لضرب شرعيته، على الرغم من دور ضياء؛ إذ كان قائد قطاع خلال حرب التحرير عام 1971.

ستؤدي الانقسامات التي خلقتها القومية السياسية الراديكالية، والتي ترعاها حكومة بنغلاديش، إلى انتهاك حقوق المعارضة. ومن المؤسف أن عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والوفاة في أثناء الاحتجاز، وإغلاق الصحف، أصبحت قضايا سائدة؛ مما يثير مخاوف جدية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا النهج يقوض المبادئ الأساسية للديمقراطية، التي تشمل الاعتراف بحقوق جميع المواطنين ومشاركتهم، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.


شارك الموضوع