مقالات المركز

دور الشتات الأوكراني والروسي في تقريب وجهات النظر


  • 28 مارس 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: dw.com

تتوزع جاليات أوكرانية كبيرة في شتى أنحاء العالم، خاصة في أوروبا الغربية، وأمريكا الشمالية. كما توجد جالية روسية واسعة منتشرة في بلدان متعددة. ويمكن لهذه الجاليات أن تُسهم في تعزيز التفاهم، وبناء جسور الحوار، فقد تمكن بعض أفراد تلك الجاليات من الحفاظ على روابط قوية مع بلدانهم الأصلية، ولهم تأثير في الأسر والمجتمعات المحلية بالداخل.

إذا فُعِّلَ دورها بإيجابية، يمكن للجاليات الأوكرانية أن تشكل “لوبي” فاعلًا في نقل صورة أكثر اعتدالًا عن الأوضاع والمطالب الأوكرانية في الدول التي تستضيفهم، كما يمكنها أن تقيم حوارات مجتمعية مع الروس المقيمين في الخارج، بعيدًا عن التعبئة الإعلامية التي تؤجج الكراهية، وقد نشهد مبادرات ثقافية وفنية تهدف إلى تخفيف الاحتقان، وتعزيز الإيمان بإمكانية التعايش السلمي، خاصة أن قنوات الثقافة والفن قادرة على تجاوز الانقسامات السياسية، وإبراز المشتركات الإنسانية.

محورية القضية الإعلامية في إدارة النزاع وتشكيل الوعي

لا يمكن إغفال دور الإعلام في تشكيل الرأي العام داخل روسيا وأوكرانيا وفي العالم، فقد أصبحت التغطية الإعلامية جزءًا من ساحة المعركة، إذ تتبادل الأطراف الاتهامات بنشر الأخبار المضللة، والدعاية الحربية، ويجد المتابعون أنفسهم أمام روايتين متناقضتين تمامًا للأحداث؛ ما يعمّق الخلافات، ويزيد صعوبة الوصول إلى أرضية مشتركة.

لذلك، يحتاج أي مسار تسووي إلى إستراتيجية إعلامية شاملة تهدف إلى:

تعزيز الشفافية

نشر الحقائق الميدانية نشرًا موضوعيًّا، وتوثيق الانتهاكات من جميع الأطراف بلا تحيز، وإفساح المجال أمام الصحافة المستقلة للقيام بدورها.

مواجهة الدعاية المغرضة

اتخاذ إجراءات عملية للحد من انتشار المعلومات المضللة، من خلال تطوير أدوات تقنية، وتحالفات إعلامية دولية تسمح بكشف الأخبار الزائفة، ومنع تأثيرها السلبي.

بناء ثقافة الحوار

 دعم البرامج الحوارية التي تتيح للأصوات المختلفة التحاور ضمن إطار مهني يراعي احترام الرأي الآخر، وتنمية مهارات التحليل النقدي لدى الجمهور، خاصة الشباب الذين يشكلون شريحة كبيرة من مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

توفير المنابر المستقلة

 قد تكون هناك حاجة إلى منصات مستقلة تتيح للأطراف المتخاصمة طرح مواقفها والمخاوف التي تؤرقها، بحيث يطّلع الجمهور على الصورة بموضوعية. ويمكن لمنظمات دولية أو إقليمية العمل على توفير هذه المنصات، وضمان مصداقيتها.

أهمية الشق الثقافي والتعليمي.. بناء الأجيال القادمة على أسس السلام

المصالحة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق في بيئة موبوءة بالكراهية والتشويه المتبادل، فالأجيال القادمة التي ستكبر في أوكرانيا وروسيا تحتاج إلى مناهج تعليمية تخلّصها من المرويات العدائية، وتعرّفها بتاريخ المنطقة بكل موضوعية، بما فيه من فترات تعايش وتعاون بين الشعوب. قد يتطلب الأمر مراجعة الكتب المدرسية في التاريخ والجغرافيا واللغة والأدب، بحيث نبرز الجانب المشترك في الإرث الثقافي الأوكراني والروسي، ونقلل من التركيز على الأحداث التي تؤجج الفتنة.

إضافة إلى ذلك، يمكن إطلاق برامج تبادل طلابية وثقافية بين الجامعات والمعاهد، تتيح للشباب الأوكراني والروسي أن يلتقوا على أرضية أكاديمية أو فنية، ويقيموا صلات شخصية تتجاوز حدود التصنيفات القومية الضيقة. هذه البرامج نجحت في دول أخرى خرجت من حروب، وأسهمت في تشكيل وعي جديد يميل إلى التسامح والانفتاح.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع