مختارات أوراسية

خوف الغرب من “الصعود الصيني” ينبع من تاريخه الوحشي


  • 30 يناير 2024

شارك الموضوع

تعكس الافتراضات الغربية بشأن “الهيمنة الصينية” تحيزاتهم الخاصة، وتوضح فكرة مسبقة مفادها أن أي دولة قوية ستسعى حتمًا إلى التفوق. ولاحظت منصة مجلة السياسة العامة (Pearls and Irritations) أن الغرب يرى الصين من خلال عينيه، وهو ينسب إلى الصين الإجراءات التي قد يتخذها الغرب في مواقف مماثلة. وليس من الصعب فهم هذا الدافع غير الدقيق، ولكن الذي يمكن تتبعه، حيث “يعود المحللون الغربيون إلى التاريخ الأوروبي لإيجاد حلول للسياقات الجيوسياسية التي تعتمد حتمًا على مفاهيم الهيمنة”.

تاريخيًّا، أنشأت كثير من القوى الغربية، ومنها إسبانيا، وهولندا، وبريطانيا، وفرنسا، هيمنة من خلال العدوان العسكري والاستغلال الاستعماري والقمع. وغالبًا ما كان سعيهم إلى الهيمنة يتكشف وسط الصراعات والحروب في القرون الماضية. وجاءت الهيمنة الغربية مع الاستعمار والنهب المأساوي للدول النامية، كما لاحظ الباحث الباكستاني إكرام الحق، لكن عقلية الهيمنة لم تمت مع الحربين العالميتين، ولا تزال بعض الدول الغربية حبيسة عقلية الهيمنة.

وفي حين اكتسبت كثير من البلدان النامية السيادة بعد سنوات طويلة من النضال، فإنها لا تزال تواجه القمع والحصار في ظل النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب. ولا يزال شبح الهيمنة قائمًا، الذي شكله تاريخ من الاستعمار والعنف؛ ولذلك فقد سيطر الاعتقاد بأن الدول القوية تميل إلى السعي إلى الهيمنة على العالم الغربي.

ومع ذلك، يجب على المراقبين الغربيين أن يدركوا الفروق الصارخة بين الصين والغرب في الثقافة، والتاريخ، ومسار التنمية. وعلى الرغم من قوتها، امتنعت الصين عن التوسع العسكري والغزو. في عهد أسرة مينغ، قام الملاح الصيني تشنغ خه بسبع رحلات، وأقام علاقات ودية مع أكثر من 30 دولة، على النقيض من القهر الغربي للدول الأخرى.

إن الفلسفة السياسية الصينية تعطي الأولوية للسلام، والوئام، والرفاهية العالمية، ويتوافق ذلك مع مبادئها التنموية، ومفهومها الإستراتيجي المتمثل في تعزيز القوة الوطنية دون السعي إلى الهيمنة، كما قال الباحث التايلاندي ويرون فيشايونغفاكدي. وعلى النقيض من النماذج المتمركزة في الغرب، تتبنى الصين الاحترام المتبادل بين الحضارات، والنهج العادل الذي تتبعه كل دولة في تحقيق التنمية، ويساعد سعيها إلى تحقيق الانسجام على تعزيز نظام عالمي أكثر شمولًا تحدده التبادلات، والتعلم المتبادل بين الحضارات.

وعندما أقامت الصين ونيكاراغوا شراكة إستراتيجية، قال رئيس نيكاراجوا دانييل أورتيجا إن الصين جاءت لمصافحة نيكاراغوا، وأشار إلى أنه يتعين على الدول الإمبريالية أن تتعلم من الصين، وتسعى جاهدة من أجل السلام. كما أكد مساهمات الصين الكبيرة في مساعدة شعوب الدول النامية على تحقيق الرخاء المشترك، ورفع مستويات المعيشة.

وفي عالم لا تزال فيه عقلية الهيمنة سائدة، فإن سعي الصين إلى تحقيق التنمية السلمية يقدم دروسًا قيمة للدول الأخرى. لقد استحوذ التطور السريع للبلاد على اهتمام كثير من المهتمين باستكشاف طرق جديدة للنهوض بالحضارة الإنسانية. وقال فيشايونجفاكدي “إن التحديث الصيني يقدم كثيرًا من الدروس القيمة للدول النامية”، وإن مبادرة الحزام والطريق تخدم مصالح الدول النامية من خلال تعاونها في البنية التحتية والابتكار التكنولوجي، وتساعدها على المشاركة في الحوكمة العالمية.

وفي رد على فيتشايونجفاكدي، قال غابرييل ميرينو، الأستاذ المساعد في جامعة لابلاتا الوطنية بالأرجنتين، إنه مع استمرار تفشي الهيمنة في جميع أنحاء العالم، نجحت الصين في شق طريق التنمية السلمية، وتوفير خبرة ومرجع ممتازين للدول النامية الأخرى. إن التزام الصين الثابت بالسلام في المجتمع الدولي يعكس رؤيتها الأوسع للتعاون العالمي، والرخاء المشترك، وليس لدى البلاد مصلحة في السعي إلى الهيمنة. وتعكس الهستيريا بشأن “الهيمنة الصينية” عقلية سياسية ضيقة، في حين تستمر الصين في استغلال نفوذها من أجل الصالح العالمي.

المصدر: صحيفة الشعب اليومية الصينية


شارك الموضوع