مختارات أوراسية

حياة الفلسطينيين مهمة!


  • 14 نوفمبر 2023

شارك الموضوع

أكثر من (10.328) قتيلًا، من بينهم (4.237) طفلًا، هذا هو عدد الأرواح الفلسطينية التي فُقدت حتى السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وما زال العدد في ازدياد من جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على سكان قطاع غزة.

في الشهر الماضي، استمر عدد الضحايا في قطاع غزة في الارتفاع ارتفاعًا صاروخيًّا، وليس هناك ما يشير إلى أن هذه الكارثة ستنتهي قريبًا. باتت أرقام الضحايا تتداول على وسائل الإعلام تداولًا باردًا، لأشخاص أحبوا الحياة وفقدوها دون مبرر؛ الأم التي كانت تحيك ملابس لابنها.. الأب الذي كان يبحث عن الخبز والماء لعائلته.. الجد الذين يصلي لأجل يوم جديد، وحياة أفضل. وفي أكثر من ثلث الحالات، كان هناك طفل صغير ليس لديه أدنى فكرة عن وحشية العالم الحقيقي.

كانت أكثر الهجمات دموية وخطورة نتيجة الغارتين الإسرائيليتين على مخيم جباليا للاجئين خلال 24 ساعة، اللتين أسفرتا عن مقتل ما لا يقل عن 195 شخصًا، وإصابة أكثر من 770 آخرين، وما زال 120 شخصًا آخر في عداد المفقودين. وكان هؤلاء الضحايا كلاجئين هم بالفعل الأكثر حرمانًا، وكان ينبغي أن يتمتعوا، وكذلك جميع الشعب الفلسطيني الذي يعيش في غزة، بحقوق الإنسان الأساسية في الحياة والأمن. للفلسطينيين الحق في التحرر من الخوف، والقمع، والمعاملة اللا إنسانية، تمامًا مثل أي إنسان في جميع أنحاء العالم. لكن لسوء الحظ، فإن غالبية المدنيين في غزة محرومون من معظم هذه الحقوق بسبب سنوات من الصراع. ولم تؤدِ الجولة الأخيرة من الهجمات الإسرائيلية، التي بدأت في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، إلا إلى تفاقم بؤسهم.

ومع أنه ليس من السهل أبدًا اكتشاف من أشعل الفتيل الأول لتبادل إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين طوال تاريخهما المضطرب، فمن الواضح تمامًا هذه المرة أن ما فعلته إسرائيل في عمليتها العسكرية “الانتقامية” ضد حماس هو عمل لا يميز تمامًا بين العسكريين والمدنيين، وغير متناسب في القوة ورد الفعل، ويتجاوز نطاق المعقول. لقد أدى القصف الإسرائيلي الوحشي في جميع أنحاء غزة إلى تحويل هذه الأرض المضطربة إلى جحيم.

إن الهجمات غير المتمايزة على الأماكن السكنية والبنى التحتية المدنية، مثل المستشفيات، ومخيمات اللاجئين، هي مجازر بلا شك. إن قطع المياه والغذاء والوقود عن ملايين المدنيين هو بمنزلة مذبحة مقنعة. وقد واصل جيش الدفاع الإسرائيلي غاراته الجوية، إلى جانب العمليات البرية، دون إيلاء أي اهتمام لمبادئ التمييز والتناسب والحيطة المنصوص عليها في قانون الحرب، والقانون الإنساني الدولي.

ومن خلال تنفيذ ما يسمونه “إجراءات الدفاع عن النفس”، فشلوا في الوفاء بالتزامهم بحماية المدنيين. لقد أصبح جيش الدفاع الإسرائيلي شيطانًا يستخدم منجلًا لحصد أرواح الفلسطينيين الأبرياء. إن ما تفعله إسرائيل خطايا أخلاقية وقانونية، ومن يأمرها بإطلاق النار على المدنيين يجب أن يحاسب على ما ارتكبه من جرائم.

العالم يرد على الوحشية؛ فلقد قطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية، واستدعت تشيلي، وكولومبيا، والأردن سفرائهم للتعبير عن غضبهم. لقد “فزع” الأوروبيون من الفظائع التي وقعت في جباليا، وطالبوا إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها. وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة- بأغلبية الأصوات- على قرار يدعو إلى هدنة فورية، ووقف العمليات العدائية. وفي نيويورك، ولندن، وباريس، وروما، وميونيخ، ومدريد، وإسطنبول، وسيدني، وكثير من الأماكن الأخرى في العالم، يدين المتظاهرون الوحشية الإسرائيلية، ويدعمون حقوق الفلسطينيين المشروعة. الضمير والعدالة في قلب كل إنسان فاضل وصادق لا يملكان سوى أن ينحازا إلى الفلسطينيين.

الولايات المتحدة فقط تقف وحدها كدولة منشقة عن الإجماع العالمي، وتواصل إمداد حليفتها الوثيقة بالذخيرة، باسم دعم “الدفاع عن النفس”. لقد وقفت في طريق عرقلة قرارين لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يحثان على وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، ووصل بها الحال إلى أن تحاول إلقاء اللوم على الآخرين لعدم انحيازهم إليها.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي: “إن وقف إطلاق النار ليس الحل الصحيح للصراع”. ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر، طلب إجراء تحقيق دولي في الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي العربي ووصفه بأنه “غير مناسب”.

أعطى المشرعون في “الكابيتول هيل” إشارة إلى إرسال مزيد من الأسلحة إلى الأرض المحروقة. لقد غضوا الطرف عن الأب الفلسطيني اليائس الذي يحمل بين ذراعيه جثة طفله الصغير وهو ميت. لقد أصموا آذانهم عن صرخة الطفلة العاجزة التي تستقر على صدر أمها الميتة البارد. إنهم لا يهتمون بألم وحزن كل فلسطيني قتلت القنابل الإسرائيلية عائلته. لقد تمكنوا من البقاء غير مبالين، في حين وقفت الفتاة المغطاة بالغبار والدموع تحت الأنقاض، وتساءلت عن سبب تحملها هذا الظلم. لا أحد يهتم بالفلسطينيين، ولا بحياتهم، أو مستقبلهم.

لقد طفح الكيل. يجب ألا يستمر الأمر على هذا النحو. إن الناس على وجه الأرض، الذين لا يريدون مزيدًا من الدموع وسفك الدماء، أو مزيدًا من الحزن والألم، يجب أن يتحدوا لمعارضة أعمال القتل، وأن يبذلوا كل جهد لفك العقدة الغائرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقف إطلاق النار الآن وإلى الأبد. أول شيء يجب فعله هو إبعاد الأسلحة، والقضاء على الأعمال العدائية. هذه هي أسرع طريقة لوقف الخسائر في الأرواح. لا شيء يمكن أن يبرر قتل المدنيين، بما في ذلك ما يسمى “القضاء على الإرهاب”. لا بد من السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. إن تجويع سكان غزة حتى الموت أمر وحشي، مثل قتلهم بالرصاص. إن تطويق العزل والضعفاء هو تنمر مخزٍ. ويجب أن تُقابل الجرائم اللا إنسانية بغضبة قانونية، تُستخدم فيها كل الترسانة التشريعية ضد جرائم الإبادة الحالية.

إن الانجرار إلى إثارة التوتر بدلاً من تطويقه من أجل المصلحة الشخصية الانتخابية أمر حقير. لا يستحق أي بلد أو شعب أن تلعب به أي قوة عظمى كبيدق في حساباتها الجيوسياسية. إن الحفاظ على الهيمنة على حساب أرواح الأبرياء هو عمل من أعمال الشر المطلق.

من الواضح أن الصراعات المستمرة منذ آلاف السنين في هذه المنطقة لا يمكن حلها بالحرب أو القتل. لقد غرقت الأرض بكثير من الدماء والدموع. إذا كان للشعب الإسرائيلي الحق في أن تكون له دولته الخاصة، فلماذا لا يكون للفلسطينيين ذلك الحق نفسه المنصوص عليه في القانون الدولي؟ لقد حان الوقت للعودة إلى المسار المؤدي إلى حل “الدولتين”. وينبغي لكل دولة تتمتع بحس الشرف والمسؤولية أن تيسر هذا الحل من خلال نهج عملي. إن الأمل معقود على الرئاسة الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الشهر لتحقيق المزيد بحكمتها، وإبعاد الاضطرابات التي تسببها الجهات الفاعلة غير المسؤولة.

ولنضع في حسباننا أن الحق في الحياة هو أثمن حق للإنسان، ولا يمكن لأحد أن يسلب هذا الحق من الأبرياء. حياة الفلسطينيين مهمة! حياة الجميع مهمة!

المصدر: شبكة تليفزيون الصين الدولية (CGTN)

ما ورد في المقالة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع