عقد مركز الدراسات العربية الأوراسية، حوار أداره مدير التحرير أحمد دهشان، مع الباحث الطاجيكي نعمة الله قطب الدين، نائب رئيس قسم دراسات السياسة الخارجية في مركز البحوث الإستراتيجية، التابع لرئاسة جمهورية طاجيكستان. ناقش فيه حقيقة الأنباء المتداولة بشأن قرار السلطات الطاجيكية حظر الحجاب، والاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في طاجيكستان. وقد أعدت وحدة الرصد والترجمة في المركز، ملخصًا مكونًا من (15) نقطة للحوار، جاءت كالتالي:
جمهورية طاجيكستان، إحدى جمهوريات آسيا الوسطى: (كازاخستان– أوزباكستان– تركمانستان– قرغيزستان)، وكلها من العرقية والثقافة التركية.
طاجيكستان الدولة الوحيدة في آسيا الوسطى التي تنتمي عرقيًّا وثقافيًّا ولغويًّا إلى الفرس، وتشترك مع إيران في تاريخ مشترك.
طاجيكستان دولة جبلية حبيسة، مساحتها 143,100 كم²، تحدها أفغانستان جنوبًا، وأوزبكستان غربًا، وقرغيزستان شمالًا، والصين شرقًا.
عدد سكان طاجيكستان (10,327,109)، المسلمون منهم 96 %، وهم في أغلبيتهم الساحقة سُنة، أحناف في الفروع، ماتريدية في الأصول، مع أقلية شيعية إسماعيلية، وبقية المعتقدات (أرثوذكس– يهود – زرادشت).
اجتمع رئيس الجمهورية إمام علي رحمن، في شهر رمضان الماضي، مع نخبة من علماء الدين الإسلامي، والمفكرين، والمثقفين، وعلماء الاجتماع؛ لمناقشة ظاهرة التحاق الشباب الطاجيكي بالتنظيمات الإرهابية، وسبل مكافحة هذه الظاهرة.
طرح المدعوون إلى الاجتماع مع رئيس الجمهورية عدة مقترحات، لم يكن من ضمنها مطلقًا الحديث عن الحجاب، أو الاحتفالات الدينية.
الاحتفالات الدينية، تحديدًا عيدي الفطر والأضحى، احتفالات رسمية في جمهورية طاجيكستان، ويحصل فيها جميع الموظفين في القطاعين العام والخاص على إجازة رسمية مدفوعة الأجر، مدتها أربعة أيام.
خلصت اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية إلى عدة مقترحات، أُقرت بالفعل، تتعلق بالحفاظ على الهوية القومية الطاجيكية وتعزيزها، والالتزام بالمدرسة الدينية التقليدية التي ارتضاها واختارها الشعب الطاجيكي المسلم، والقائمة على المذهب السني، والفقه الحنفي، والاعتقاد الماتريدي، ومواجهة جميع الأفكار الدينية المتطرفة الوافدة من الخارج، أو الغريبة على البيئة الطاجيكية، ودعم الزي الوطني الطاجيكي مقابل الأزياء التقليدية الوافدة من الخارج، لا سيما من تركيا وإيران، ومسؤولية الهيئة العامة للشؤون الدينية في طاجيكستان بالمسائل الدينية، وعدم ترك المساجد لدعاة الفكر المتطرف.
لم يصدر أي قانون أو أي إشارة من الحكومة الطاجيكية تجاه الحجاب، أو الاحتفال بالأعياد الدينية، ولا يوجد نقاش من الأساس بشأن هذه المسائل، وإنما حُظِرَ النقاب؛ لأنه يمثل ثقافة وافدة على البلاد.
شعب طاجيكستان من أكثر الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى والفضاء الأوراسي تمسكًا والتزامًا بالقيم الإسلامية المحافظة، ولم تتغير ثقافته طيلة الحقبة الشيوعية على مدار 7 عقود، ولا يمكن أو يعقل أن تحارب حكومة وطنية الإسلام وقيمه.
المسؤول الأول عن نشر وترويج تلك الدعاية الكاذبة بشأن حظر الحجاب والاحتفال بالأعياد الدينية في طاجيكستان، هو حزب النهضة الإسلامية في طاجكستان، وهو فرع لجماعة الإخوان المسلمين، يتبنى فكر حسن البنا، ومحمد الغزالي، والمودودي، ويميل بشدة نحو أفكار سيد قطب، ولديه جناح مسلح.
حزب النهضة الإسلامية (فرع الإخوان المسلمين في طاجيكستان) قاد أول تمرد مسلح بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، وأشعل حربًا أهلية في البلاد، وعقدت الحكومة الطاجيكية مصالحة معه، أفضلت إلى دمجه في الحكومة ومؤسسات الدولة، وشغل كثير من أعضائه مناصب وزارية مهمة، وكانت لديه كتلة كبيرة في البرلمان الطاجيكي، لكنه تآمر على السلطة الشرعية، وقام بانقلاب عسكري فاشل منذ عشرة أعوام، أدى إلى حظره رسميًّا، وقاد بعد ذلك عدة عمليات إرهابية؛ ومن ثم وُضِعَ على قوائم الحركات الإرهابية في البلاد.
حزب النهضة الإسلامية (فرع الإخوان المسلمين في طاجيكستان) لديه جناح مسلح، تولى تدريبه وتسليحه فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وتولى قائده السابق قاسم سليماني تدريبه؛ للقيام بعمليات عسكرية داخل طاجيكستان، وفي مناطق أخرى في العالم لصالح إيران، وأغلب قياداته تقيم الآن في إيران.
دوافع الحرس الثوري والدولة الإيرانية في دعم حزب النهضة الإسلامية (فرع الإخوان المسلمين في طاجيكستان) الحصول على موطأ قدم عبر طاجيكستان في آسيا الوسطى، مستغلين وحدة اللغة والقومية والثقافة مع الشعب الطاجيكي، وعبر دعم الحزب للوصول إلى السلطة، يهدفون إلى تنصيب حزب تابع لهم يمكنهم من نشر الثقافة الإيرانية الدينية، لإزالة العقبة الأخيرة التي تمنع اندماج كلا البلدين، ثم الانطلاق من طاجيكستان لبسط نفوذهم على منطقة آسيا الوسطى.
تواجه جمهورية طاجيكستان صعوبات اقتصادية، وضغوطًا أمنية من تنظيم داعش خراسان، وحزب النهضة الإسلامية (فرع الإخوان المسلمين في طاجيكستان) الإرهابيين، ومحاولة تبشير ديني إيراني، وهجوم ممنهج من وسائل الإعلام الإيرانية بلغاته المتعددة، وشبكة الإخوان الدولية في العالم العربي، وأوروبا، وأمريكا، وتركيا، وشبكات إعلامية في آسيا الوسطى ممولة غربيًّا تهدف إلى الضغط على الدولة لتتراجع عن علاقاتها الجيدة مع روسيا والصين، وبحاجة إلى دعم عربي لمساعدتها على مواجهة كل هذه التحديات.
