مقالات المركز

حزب العدالة والتنمية التركي في ذكرى تأسيسه الثالثة والعشرين.. التحديات والمستقبل


  • 17 أغسطس 2024

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: dailysabah.com

منذ تأسيس حزب العدالة والتنمية قبل 23 عامًا، أثارت تجربته جدلًا كبيرًا بين السياسيين والمثقفين، ونالت النصيب الوافر من الاهتمام الإعلامي، ليس على صعيد الحياة السياسية التركية فحسب؛ بل على مستوى العالم العربي والغربي على السواء.

ويعود هذا الاهتمام الكبير بتجربة الحزب إلى جملة من الأسباب الرئيسة، أبرزها أن الحزب أعاد هيكلة شعاراته وأفكاره على نحو بنيوي؛ إذ صنف قادة الحزب هويته الفكرية والسياسية بأنه من تيار يمين الوسط، على غرار الأحزاب الأوروبية المحافظة.

وتميزت تجربة العدالة والتنمية بظروف خاصة، حتى على الصعيد المحلي التركي؛ فقد جاءت التجربة في ظل مناخ سياسي مواتٍ تمامًا، تمثل في انهيار الطبقة السياسية التركية، وفقدان مصداقيتها الشعبية، وظهور فراغ سياسي في البلاد أتاح الفرصة لهذه التجربة للظهور.

لكن الآن، مع احتفاله بالذكرى الثالثة والعشرين لتأسيسه، يعيش حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا واحدة من أكثر المراحل الحساسة في مسيرته السياسية بعد صعوده السريع في الحياة السياسية منذ عام 2001، وفترة حكمه الطويلة، لا سيما بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في مارس (آذار) الماضي، والتي تراجع فيها الحزب ليحتل المرتبة الثانية.

وشكلت هذه اللحظة بداية مسار مرحلة جديدة للحزب الحاكم، الذي ما زال رقمًا صعبًا في الحياة السياسية التركية (رغم تراجع شعبيته)، لكن ذلك لا ينفي وجود تحديات كثيرة تطرح تساؤلات عدة عن مستقبل الحزب بعد غياب الرئيس أردوغان عن المشهد السياسي في انتخابات 2028.

يشار إلى أن حزب “العدالة والتنمية” التركي تأسس في 14 أغسطس (آب) 2001، ووصل إلى سدة الحكم بعد الانتخابات التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، ومنذ ذلك الوقت ما زال يتربع على عرش الحكم في البلاد.

ويمكن القول إن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يمر حاليًا بواحدة من أصعب المراحل في مسيرته السياسية على الصعيد الداخلي، لعل أبرزها التحديات المرتبطة بالاقتصاد، ومنها المشكلات الاجتماعية المتعلقة بارتفاع حدة العداء للأجانب، وتضاف إليها التحديات السياسية الأخرى المتمثلة في اتساع رقعة المعارضة، فضلًا عن الوضع الملتهب في الإقليم، بداية من الحرب الروسية الأوكرانية مرورًا بالحرب في غزة.

ويبدو أن هذه التحديات التي يواجهها حزب العدالة والتنمية الحاكم ستظل قائمة خلال المرحلة المقبلة؛ إذ لا توجد مؤشرات (حتى اللحظة) تكشف عن مواجهتها، والحد من تأثيراتها؛ ما يضاعف تداعيات عدم الاستقرار السياسي، لا سيما مع تراكم الأزمات الداخلية والخارجية في البلاد.

لكن الحزب تخطى على مدى العقدين الماضيين كثيرًا من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، وبقي قويًّا، وما زال رئيس الحزب أردوغان متصدرًا، والأقوى في تركيا، على الرغم من تراجع شعبية الحزب الحاكم في انتخابات مايو (أيار) 2023، ويرجع بعضهم ذلك إلى حالة الترهل داخل حزب العدالة والتنمية، التي كانت لها نتائج سلبية في بنية الحزب، تجسدت من خلال خسائره في الانتخابات المحلية الأخيرة.

لكن السؤال المطروح حاليًا عن كيفية تعامل الحزب مع هذه التحديات في المرحلة المقبلة، والرسائل التي سيوصلها إلى أنصاره والشريحة المؤيدة له، وكلها- من دون شك- ستكون من العوامل المؤثرة في حظوظ استمرار الحزب، وليس الفوز في الانتخابات المقبلة فحسب.

يجب الإشارة هنا إلى أن الحزب على مفترق طرق؛ فإما أن يستمر ويبقى، وإما أن يندثر، كما حصل مع الحزب الوطني الأم الذي أسسه الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال، وانتهى بغياب المؤسس.

في المحصلة، يمكن القول إن حزب العدالة والتنمية استطاع خلال العقدين الماضيين تحقيق نجاحات كبيرة، لكن هذه النجاحات كان عنوانها الرئيس رجب طيب أردوغان، ومن ثم يُطرح السؤال: هل سيكون غياب الرئيس التركي عاملًا مؤثرًا خلال الانتخابات المقبلة؟

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع