لم ترفع الإمبراطورية الصينية أي علم رسمي لها حتى القرن التاسع عشر، وكان الأباطرة الصينيون يرفعون شعارات تدل فقط على مكانتهم. وقد دفع غياب العلم الصيني في المحافل الدولية أسرة تشينغ (1644- 1912) إلى عمل أول علم للصين عام 1862. وعُرف علم أسرة تشينغ بـ”التنين الأصفر”؛ نسبة إلى الخلفية الصفراء التي يتوسطها تنين يطارد قرصًا أحمر ناريًّا. وعندما أُطيح بآخر إمبراطور للصين عام 1912، وأُعلنت الجمهورية، صُمِّمَ العلم ذو الألوان الخمسة، الذي يتكون من خمسة أشرطة أفقية (من الأعلى إلى الأسفل)، وهي: الأحمر، والأصفر، والأزرق، والأبيض، والأسود.
عام 1928، وبعد الحملة الشمالية، وهزيمة معظم أمراء الحرب، وتوحيد البلاد مرة أخرى، أعلنت حكومة جمهورية الصين رسميًّا علمًا وطنيًّا جديدًا يُشير إلى “السماء الزرقاء، والشمس البيضاء، والأرض الحمراء الواسعة”، تستخدمه حاليًا تايوان. وتتوافق الألوان الأزرق والأبيض والأحمر مع العلم الفرنسي ودلالاته على الحرية والمساواة والأخوة. كما أنه يمثل مبادئ الشعب الثلاثة التي وضعها صن يات صن، وهي: الديمقراطية، والفخر الوطني، ورفاه الشعب.
وتمثل أشعة الضوء الاثنا عشر ساعات النهار الاثنتي عشرة، واثني عشر شهرًا من السنة، والفروع الأرضية الاثني عشر، مما يرمز إلى حيوية الأمة عبر الزمن، ويشجع المواطنين على السعي وتقوية أنفسهم باستمرار. كما أنها تمثل الفضائل المتوارثة في الثقافة الصينية، مثل: المبادئ الأخلاقية المتمثلة في المجاملة، والصلاح، والنزاهة، وتجنب العار، والولاء، والإخلاص، والأمانة، وبر الوالدين، والإحسان، والحب، والإيمان، والسلام.
عام 1949، هو العام الذي تأسست فيه جمهورية الصين الشعبية، واستُخِدَم العلم الوطني الحالي للصين “العلم الأحمر ذو الخمسة نجوم”، ووفقًا للتفسير الرسمي لرمزية العلم، فإن اللون الأحمر يرمز إلى الثورة الشيوعية الصينية، وتمثل النجوم الخمسة وحدة الطبقات الاجتماعية الأربع (وهي: العمال، والفلاحون، والبرجوازية الصغيرة، والبرجوازية الوطنية) تحت قيادة الحزب الشيوعي.
إن استكشاف المعنى الرمزي “للنجوم الخمسة” في علم الصين، لا يعرض تصميمًا ذكيًا فحسب؛ بل يتعمق أيضًا في جوهر الفلسفة الصينية التقليدية- نظرية العناصر الخمسة، حيث لا تمثل النجوم الخمسة الموجودة على العلم وحدة قيادة الأمة والطبقات الاجتماعية الأربع فحسب؛ بل تمثل أيضًا العناصر الخمسة الرئيسة: المعدن، والخشب، والماء، والنار، والأرض، مما يعكس فهم الصينيين القدماء واحترامهم للكون والطبيعة. إن “تجمع النجوم الخمسة في الشرق يفيد الصين”، وهو قول مأثور قديم، ليس مجرد وصف لظاهرة سماوية فقط؛ بل يعكس أيضًا إيمان أسرتي هان وجين بعلم التنجيم، ورغباتهما في القوة الوطنية، والحظ السعيد.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.