القضايا الاقتصادية

تأثير العقوبات الأمريكية على بورصة موسكو


  • 15 يونيو 2024

شارك الموضوع

في 12 يونيو (تموز) 2024، أعلنت الولايات المتحدة  توسيع العقوبات المفروضة على روسيا، مستهدفة بورصة موسكو، والمركز الوطني للتسوية، والمركز الوطني للإيداع. جاء هذا القرار ضمن حزمة جديدة من العقوبات تشمل أكثر من 300 قيد جديد، مما يعكس تصعيدًا كبيرًا في الإجراءات الاقتصادية ضد روسيا. هذه العقوبات تؤثر تأثيرًا مباشرًا في التداول بالدولار واليورو في بورصة موسكو، مما يضع كثيرًا من الشركات والمستثمرين في موقف حرج. تعد بورصة موسكو من أهم المؤسسات المالية في روسيا، وتؤدي دورًا حيويًّا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية، ودعم الاقتصاد الوطني. تعليق التداول بالعملات الأجنبية الرئيسة يثير كثيرًا من التساؤلات عن التأثيرات المحتملة في السوق المالية الروسية، وقدرة روسيا على التكيف مع هذا الوضع الجديد. من المتوقع أن تواجه البورصة تحديات كبيرة في الحفاظ على استقرارها وجذب الاستثمارات في ظل هذه الظروف الصعبة.

فرضت العقوبات الأمريكية على بورصة موسكو قيودًا شديدة، شملت تعليق التداول بالدولار واليورو؛ مما أثر تأثرًا كبيرًا في الشركات والمستثمرين. أعلنت البورصة أنها ستستمر في التداول بالعملات الأخرى، والمعادن الثمينة، باستثناء الدولار واليورو. المركز الوطني للتسوية والمركز الوطني للإيداع تأثرا أيضًا بالعقوبات، حيث يعدّان جزءًا أساسيًّا من البنية التحتية المالية لروسيا. توقفت عمليات التداول بالدولار واليورو في البورصة، ولكن هذه العمليات ستستمر في السوق خارج البورصة. هذه الإجراءات تهدف إلى تقليل قدرة روسيا على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتوجيه الاستثمارات إلى الشركات الروسية. يبقى التأثير الكامل للعقوبات غير واضح، لكن من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة التحديات الاقتصادية والمالية لروسيا، ويعزز الاعتماد على العملات الأخرى، مثل اليوان الصيني. البنك المركزي الروسي أكد أنه سيستخدم تقارير البنوك والمنصات الرقمية خارج البورصة لتحديد أسعار الصرف الرسمية للدولار واليورو مقابل الروبل. وعلى الرغم من هذه القيود، فإن المواطنين والشركات يمكنهم الاستمرار في شراء الدولار واليورو وبيعهما من خلال البنوك الروسية، مما يضمن بعض المرونة في التعاملات المالية.

تأثير العقوبات في السوق الروسية

العقوبات الأمريكية على بورصة موسكو تهدد بزعزعة استقرار السوق المالية الروسية، حيث إن التوقف عن التداول بالدولار واليورو قد يؤدي إلى تقليل السيولة، وتقييد الوصول إلى العملات الأجنبية، وقد يؤثر هذا تأثيرًا سلبيًّا في الشركات التي تعتمد على الواردات، مما يزيد تكاليف الإنتاج، ويؤثر في الأسعار النهائية للمنتجات. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه الشركات الروسية صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث سيخشى المستثمرون من التقلبات، وعدم الاستقرار.

التأثير الأكثر وضوحًا للعقوبات سيظهر في كيفية تشكيل أسعار الصرف للعملات الأجنبية مقابل الروبل. مع توقف التداول بالدولار واليورو في البورصة، سيتم الاعتماد على الأسواق الخارجية والمنصات الرقمية لتحديد أسعار الصرف، مما قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة، وزيادة عدم اليقين.

على الرغم من هذه التحديات، قد تجد روسيا بدائل لتقليل التأثيرات السلبية. على سبيل المثال، يمكن تعزيز استخدام الروبل في المعاملات التجارية الدولية، وزيادة التعاون مع دول مثل الصين، التي قد تكون أكثر استعدادًا للتعامل مع روسيا في ظل العقوبات الغربية. بالإضافة إلى ذلك، قد تلجأ روسيا إلى تطوير تقنيات مالية محلية لتقليل الاعتماد على البنية التحتية المالية الغربية.

كيف ستتعامل روسيا بدون الدولار واليورو في التداولات المالية

في ضوء العقوبات الأمريكية المفروضة على بورصة موسكو، التي شملت تعليق التداول بالدولار واليورو، تتجه روسيا نحو تعزيز استخدام العملات الأخرى في تعاملاتها المالية. أحد البدائل الرئيسة التي تعتمدها روسيا هو استخدام اليوان الصيني، والروبل الروسي في التداولات.

أشارت التقارير إلى أن اليوان الصيني أصبح العملة الأجنبية الأكثر تداولًا في بورصة موسكو، حيث بلغت نسبة التداولات باليوان نحو 42 % من إجمالي التداولات بالعملات الأجنبية في البورصة عام 2023. هذا التحول يعكس تعزيز العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين، وزيادة الاعتماد على اليوان في المدفوعات عبر الحدود والتجارة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، يستخدم البنك المركزي الروسي تقارير البنوك والمنصات الرقمية خارج البورصة لتحديد أسعار الصرف الرسمية للدولار واليورو مقابل الروبل. هذا الإجراء يهدف إلى الحفاظ على استقرار السوق المالية الروسية، وتجنب التقلبات الكبيرة في أسعار الصرف.

وفي إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الصديقة، تسعى روسيا إلى زيادة التعاون مع دول أخرى مثل الهند والبرازيل، حيث يتم استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية لتجاوز القيود المفروضة على الدولار واليورو. هذه الإستراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على العملات الغربية، وتعزيز الاستقلالية المالية لروسيا.

بشكل عام، تعكس هذه الإجراءات محاولة روسيا التكيف مع العقوبات الاقتصادية من خلال تنويع استخدام العملات في تعاملاتها المالية، وتعزيز التعاون مع الشركاء التجاريين الجدد.

تأثير العقوبات الأمريكية في نظام تحديد أسعار الصرف في روسيا

في ضوء العقوبات المفروضة على بورصة موسكو، يواجه البنك المركزي الروسي تحديات كبيرة في تحديد أسعار الصرف الرسمية للدولار واليورو مقابل الروبل. سابقًا، كانت البورصة تُستخدَم مرجعًا رئيسًا لتحديد هذه الأسعار، ولكن بعد العقوبات، أعلن البنك المركزي أنه سيعتمد على التقارير البنكية وبيانات المنصات الرقمية خارج البورصة لتحديد الأسعار الرسمية.

من المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى زيادة التعقيد في عملية تحديد أسعار الصرف، حيث إن السوق خارج البورصة تشكل الآن أكثر من 58 % من إجمالي حجم التداولات بالعملات الأجنبية. في هذا السياق، سيتم تداول الدولار واليورو في السوق بين البنوك على نحو مشابه لما كان يحدث في التسعينيات، حيث سيتواصل المتداولون عبر الهاتف، أو من خلال تطبيقات الرسائل مباشرة.

وفقًا لتحليل الخبراء، سيتعين على البنك المركزي الآن الاعتماد على نموذج “تقرير التحويلات اليومية” لجمع البيانات اللازمة لتحديد أسعار الصرف. هذا التغيير قد يؤدي إلى تأخير إعلان الأسعار حتى الساعة 17:00 بتوقيت موسكو، ولكن الإستراتيجيات التي اتبعتها روسيا في الفترة الماضية تشير إلى استعدادها لهذه الظروف.

على الرغم من التحديات المرتبطة بالسوق خارج البورصة، يؤكد الخبراء أن أسعار الصرف ستظل تتحدد وفقًا لمبادئ السوق. هذا النهج الجديد يمكن أن يعزز مرونة النظام المالي الروسي في مواجهة القيود المفروضة، ويساعد على الحفاظ على استقرار السوق من خلال تنويع مصادر البيانات، واعتماد آليات جديدة لتحديد الأسعار.

الاستنتاجات

إن العقوبات الأمريكية المفروضة على بورصة موسكو، والمركز الوطني للتسوية، والمركز الوطني للإيداع، تشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الروسي. هذه العقوبات تهدف بوضوح إلى تقويض قدرة روسيا على التعامل بالدولار واليورو، مما يزيد صعوبة الوصول إلى الأسواق المالية العالمية، ويضعف المرونة المالية للدولة.

مع ذلك، تظهر قدرة روسيا على التكيف من خلال تبني إستراتيجيات جديدة تعتمد على تعزيز استخدام العملات البديلة، مثل اليوان الصيني، والروبل الروسي في التداولات المالية. هذا التحول يعكس تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين وغيرها من الدول غير الغربية؛ مما يتيح لروسيا بناء نظام مالي جديد يتجاوز القيود الغربية.

النظام الجديد لتحديد أسعار الصرف باستخدام تقارير البنوك والمنصات الرقمية خارج البورصة يعكس محاولة روسيا الحفاظ على استقرار السوق المالية المحلية في ظل غياب التداولات بالدولار واليورو. هذا التحول يتطلب تطوير بنية تحتية مالية جديدة، وتعزيز الثقة بالعملات البديلة، وهو تحدٍ ليس بالسهل، ويتطلب تنسيقًا عاليًا بين المؤسسات المالية والحكومة.

في المستقبل، من المحتمل أن يؤدي هذا النهج إلى إعادة تشكيل النظام المالي الروسي بطرق تعزز استقلاليته، وتقلل اعتماده على النظام المالي الغربي. على الرغم من التحديات الكبيرة، فإن استجابة روسيا السريعة والمبتكرة للعقوبات قد تسهم في بناء اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.

إن التحول نحو تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول مثل الصين، والهند، والبرازيل، واستخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية، يعكس اتجاه روسيا نحو نظام مالي متعدد الأقطاب. هذا النظام، رغم تحدياته، يمكن أن يوفر لروسيا مرونة أكبر في مواجهة العقوبات الغربية، ويتيح لها فرصًا جديدة للتعاون الاقتصادي العالمي.

بناءً على ذلك، يمكن القول إن العقوبات الأمريكية، رغم تأثيرها السلبي الكبير، قد تكون حافزًا لروسيا لتعزيز سيادتها الاقتصادية، وتطوير نظام مالي أكثر استقلالية ومرونة. ومع مرور الوقت، قد يتمكن الاقتصاد الروسي من التكيف مع هذه التحديات، وبناء شراكات اقتصادية جديدة تعزز قوته واستقراره.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع