أبحاث ودراسات

السياسة الإيرانية تجاه الصراع الهندي الباكستاني

بين الوساطة العلنية والانحياز الخفي


  • 21 مايو 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: samaa

تتجه المنطقة نحو حرب ضارية لا يمكن التنبؤ بمسارها، فالحرب المتصاعدة بين الخصمين التاريخيين في جنوب آسيا، المسلحَين نوويًّا تُهدد بأن تصبح حربًا بالوكالة، بين المحور الصيني التركي الباكستاني من جهة، والمحور الروسي الإيراني الهندي من الجهة الأخرى، في ظل ضبابية مسار الصراع التي تدفع إلى القول بأن هذه المواجهات العسكرية الحالية تعد الأخطر بين الهند وباكستان منذ ربع قرن. وبينما تنشغل الجمهورية الإسلامية بجولات المفاوضات بشأن برنامجها النووي مع الولايات المتحدة، كشفت تطورات الصراع العسكري الأخير بين الهند وباكستان عن تحول لافت في سياسات إيران الإقليمية، حيث تتعزز التحالفات العسكرية بين طهران ونيودلهي رغم التاريخ الطويل للدعم الإيراني لإسلام آباد في حروبها السابقة ضد نيودلهي؛ ما يثير التساؤلات عن مصير وقف إطلاق النار الهش بين الهند وباكستان، بوساطة الولايات المتحدة في العاشر من مايو (أيار) الجاري في ظل ازدواجية السياسة الإيرانية تجاه حلفائها في الجنوب الآسيوي.

العلاقات الإيرانية المعقدة مع الهند وباكستان

تسعى الجمهورية الإسلامية إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع الهند وباكستان، فبينما تربط بين طهران وإسلام آباد علاقات أيديولوجية بفضل الهوية الإسلامية المشتركة، تخطط طهران مع نيودلهي لخطط اقتصادية عميقة، فضلًا عن علاقات دبلوماسية متينة نسبيًّا، حيث عززت الزيارات الرفيعة المستوى التعاون بين إيران والهند، وأسفرت عن تنامي التعامل التجاري بين طهران ونيودلهي، إذ  تُعد إيران مستثمرًا رئيسًا في صفقة تطوير ميناء تشابهار الهندية، التي تهدف إلى توفير طريق تجاري إستراتيجي إلى أفغانستان وآسيا الوسطى، متجاوزةً باكستان، ووقعت الهند وباكستان في عام 2024 اتفاقية وافقت بموجبها نيودلهي على تقديم قرض بقيمة 250 مليون دولار لتطوير محطة الشهيد بهشتي في الميناء. بالإضافة إلى هذا، تتواصل الهند بانتظام مع إيران في محادثات ثنائية ومنتديات متعددة الأطراف، في مقدمتها منظمة شنغهاي للتعاون.

غير أن تحالف الهند الإستراتيجي مع الغرب ومنافسي إيران في الشرق الأوسط قد يزيد عزلة إيران الجيوسياسية، وقد تدفع علاقة الهند الوثيقة بالولايات المتحدة إلى تأييد سياسات تهدف إلى احتواء إيران، مثل فرض عقوبات أكثر صرامة، أو دعم الخطاب المناهض للنظام. كما أن شراكة الهند الدفاعية مع إسرائيل قد تُمكن -على نحو غير مباشر- الإجراءات الإسرائيلية ضد المصالح الإيرانية في سوريا ولبنان. وفي أفغانستان، حيث تنافست الهند وإيران تاريخيًّا على النفوذ، قد تدعم الهند فصائل معارضة لحلفاء إيران؛ مما يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، قد تشجع علاقات الهند القوية مع دول الخليج  على اتخاذها موقفًا أكثر صرامة ضد إيران، لا سيما في النزاعات بشأن الهيمنة الإقليمية أو الدبلوماسية النووية.

في مقابل هذا، تجمع بين طهران وإسلام آباد علاقة أكثر تعقيدًا، فبينما تُعد الدولتان قوتين إسلاميتين لهما تاريخ في دعم شبكات إرهابية متنوعة لتحقيق أهدافهما الإستراتيجية الكبرى، ويجمعهما خطر مشترك يتمثل في مسألة تأمين حدودهما مع أفغانستان الخاضعة لسيطرة حركة طالبان، شهدت طهران وإسلام آباد صدامات في الآونة الأخيرة. والجدير بالذكر أن باكستان دولة سنية، في حين أن الإيرانيين شيعة؛ مما يضعهما أحيانًا على طرفي نقيض في الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، فضلًا عن خلافاتهما الداخلية؛ فالبلدان يشنان -باستمرار- غارات جوية متبادلة بسبب حركة بلوشستان الانفصالية المدعومة من إسلام آباد وفقًا للمنظور الإيراني، وهو ما دفع الصين إلى التوسط بين إيران وباكستان بوصفها الحليف الرئيس لكلتا الدولتين، من أجل حل التوترات وتعزيز التعاون الثلاثي، لا سيما من خلال مشروعها التنموي “مبادرة الحزام والطريق”، و”منتدى منظمة شنغهاي للتعاون الدولي”.

المخاوف الإيرانية من الصراع العسكري بين الهند وباكستان

لا يوجد بلد لديه مصلحة في تطبيع العلاقات بين باكستان والهند بقدر إيران، إذ تشعر الجمهورية الإسلامية بقلق بالغ إزاء اندلاع صراع مفتوح بين الهند وباكستان بسبب العواقب البعيدة المدى التي يمكن أن تترتب على الأمن القومي الإيراني، والتي يتمثل أبرزها في:

  • أزمة أمن الحدود: تشترك إيران في حدود طويلة مع باكستان، وقد يؤدي الصراع بين الهند وباكستان إلى تزايد نشاط الجماعات المسلحة المتمركزة في باكستان في منطقة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، وإذا تصاعدت التوترات بين الهند وباكستان، فقد تُحول باكستان مواردها العسكرية بعيدًا عن حدودها الغربية مع إيران، وهذا من شأنه أن يُضعف التعاون الأمني ​​ضد التهديدات المشتركة، مثل الانفصاليين البلوش والجماعات المتطرفة. إضافةً إلى ذلك، قد يُؤدي صراع واسع النطاق إلى أزمة لاجئين، تُرهق موارد إيران، فقد يسعى ملايين النازحين إلى الفرار إلى إيران، وستكون الآثار الاقتصادية والسياسية لهذه التحديات الأمنية وخيمة.
  • تأثر العلاقات الاقتصادية: العلاقات الاقتصادية بين إيران وباكستان، وإن كانت أقل متانة من تلك التي تربطها بالهند، فإنها ذات أهمية إستراتيجية، لا سيما من خلال ارتباطها بمبادرة الحزام والطريق الصينية. قد يواجه الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يمر عبر كشمير، اضطرابات في حالة نشوب حرب بين الهند وباكستان. وعلى ذلك، ستواجه المشروعات الثنائية، مثل خط أنابيب الغاز الإيراني الباكستاني، الذي طال انتظاره، مزيدًا من الانتكاسات بسبب الأخطار الأمنية في مقاطعة بلوشستان الباكستانية. وفي المقابل، استثمرت الهند بكثافة في ميناء تشابهار لتأمين الوصول التجاري إلى أفغانستان وآسيا الوسطى مع تجاوز باكستان؛ ومن ثم يمكن أن يؤدي الصراع إلى تعطيل ممرات الشحن في بحر العرب، وخاصة إذا فرضت باكستان حصارًا على المواني الهندية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد إلى ردع مزيد من الاستثمارات الهندية في تشابهار؛ مما يؤخر تطويرها، ويقوض طموحات إيران في أن تصبح مركزًا تجاريًّا إقليميًّا.
  • تراجع التعاون في مجال الطاقة: لطالما كانت الهند من أكبر مستوردي النفط الخام الإيراني، حيث وفرت لإيران مصدرًا حيويًّا للإيرادات على الرغم من الاضطرابات الدورية الناجمة عن العقوبات الأمريكية، ويمكن للحرب أن تسفر عن زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية؛ مما قد يقلل قدرة الهند أو رغبتها في شراء النفط الإيران، فيمكن للهند أن تقوض اقتصاد إيران، وخاصة في قطاع الطاقة، كما فعلت مؤقتًا في عام 2019 بخفض واردات النفط الإيراني.
  • زعزعة الاستقرار الإقليمي: سيكون للصراع الهندي الباكستاني آثار تمتد إلى المنطقة بأسرها؛ فقد يصبح بحر العرب ومضيق هرمز منطقتين متنازعًا عليهما، مع تزايد النشاط العسكري الذي يرفع تكاليف التأمين، ويُثبط حركة الشحن التجاري، وقد تجر الحرب قوى عالمية، مثل الولايات المتحدة والصين؛ مما قد يؤدي إلى تشديد العقوبات، أو عزلة دبلوماسية تُقيد تجارة إيران مع شركائها؛ ومن ثم تهديد مشروعاتها الاقتصادية، وعلاقاتها التجارية.
  • تنامي التهديدات الأمنية: تُمثل القدرات والشراكات العسكرية المتنامية لنيودلهي تحديات أمنية مباشرة وغير مباشرة لإيران، لا سيما أن الهند تعزز علاقاتها الدفاعية مع إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة، وفي سيناريو المواجهة، قد تتبادل الهند المعلومات الاستخباراتية مع هؤلاء الشركاء، أو حتى تدعم عمليات سرية تستهدف وكلاء إيران في الشرق الأوسط، كما يُشكل وجود البحرية الهندية في بحر العرب، وبالقرب من مضيق هرمز، أخطارًا جلية؛ فقد تُشارك الهند في الأنشطة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة لمراقبة أو تعطيل شحنات النفط الإيرانية ونقل الأسلحة إلى حلفائها، مثل الحوثيين في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، فإن دعم الهند المزعوم للمتمردين البلوش في باكستان يثير احتمال وقوع أعمال سرية مماثلة في مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية.
  • محور جديد ضد إيران: في حال دعم إيران لباكستان، قد تتشكل شراكات وثيقة بين نيودلهي ودول مجلس التعاون الخليجي في تكتل غير رسمي مناهض لإيران، مستخدمةً أدواتها الاقتصادية والعسكرية للضغط عل طهران. وعلى الصعيد النووي، قد تنحاز الهند إلى القوى الغربية في انتقاد البرنامج النووي الإيراني؛ مما يُضفي شرعيةً على إجراءات دولية أكثر صرامة. وبينما تتداخل مصالح إيران والهند في تحقيق الاستقرار في أفغانستان ومكافحة الجماعات السنية، فإن انهيار العلاقات سيجبر إيران على مواجهة طرف إقليمي قوي متحالف مع الولايات المتحدة، قادر على تقويض أهدافها الإستراتيجية على جبهات متعددة.

شواهد الازدواجية الإيرانية تجاه الصراع الحالي  

مع أن الهند ظلت ملتزمة بسياستها على مر السنين، وهي عدم السعي إلى وساطة طرف ثالث، أو السماح بها في قضية ثنائية حاسمة مثل كشمير، فإن التبادل الدبلوماسي بين الرياض وطهران، في ظل تصاعد العمليات التكتيكية بين الجانبين، أضاف بُعدًا مثيرًا للاهتمام لما تطمح إليه مراكز النفوذ في الشرق الأوسط، فسرعان ما سعت طهران إلى تبني نهج محايد إزاء الصراع الهندي الباكستاني؛ ففي السادس والعشرين من أبريل (نيسان) المنصرم، قدمت إيران نفسها وسيطًا لمنع تفاقم الصراع الدائر، وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن استعداد طهران لتسهيل التفاهم بين الهند وباكستان. وفي رسالة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد عراقجي أن إيران ترى البلدين شقيقين وجارين، تربط بينهما علاقات راسخة تمتد قرونًا، واستشهدت إيران بشعراء فارسيين من القرن الـثالث عشر، مثل اقتباسها قصيدة “بني آدم” للشاعر سعدي الشيرازي؛ لإثبات وحدة الشعبين.

واستمرت جهود الجمهورية الإسلامية لتسوية الصراع، إذ وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى إسلام آباد في الخامس من مايو (أيار) الجاري، وأجرى محادثات مع كبار القادة الباكستانيين، وحث الهند وباكستان خلال الزيارة على تهدئة التوتر. ومع أن زيارته لم تكن مُعدة للوساطة، بل كانت مُخططة سلفًا قبل أسابيع، فإن الأزمة المتصاعدة كانت على رأس جدول الأعمال، وبعد أيام قليلة وصل عراقجي إلى الهند لحضور الاجتماع العشرين للجنة الهندية الإيرانية المشتركة في الثامن من مايو (أيار) في أول زيارة له منذ توليه منصبه في أغسطس (آب) 2024، وأبرز البيان الرسمي للجنة مشاركة إيران للهند في إدانة الإرهاب بجميع مظاهره؛ ومن ثم كانت هذه الزيارة فرصة سانحة لنيودلهي لحشد الدعم من جارة باكستان الأخرى.

بينما اتخذت إيران موقفًا محايدًا علنيًّا، وأطلقت دعوات وساطة متكررة، فإنها كانت تتخذ مسارًا متناقضًا على أرض الواقع؛ ففي 23 أبريل (نيسان)، بعد يوم واحد من هجوم باهالجام بمنطقة جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، أكد الملحق العسكري الإيراني في الهند، العقيد حسن مؤمني، أن إيران والهند يجمعهما تعاون متزايد في المجالين العسكري والدفاعي، ويشمل التعاون في المجال البحري: زيارات الأساطيل، وزيارات المواني العسكرية، والدعم المتبادل. ويوجد تعاون دفاعي واسع النطاق في مجال التعليم، وتبادل الوفود العلمية، والمسابقات العسكرية في مختلف المجالات، مع طموح طهران إلى رفع مستوى التعاون إلى مستويات إستراتيجية.

وعلى مدى الأسابيع الماضية، كثف المسؤولين الإيرانيين خطواتهم لدعم خفي لتحركات الهند في مواجهة باكستان، حيث وقع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في الثامن من مايو (أيار) الجاري، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لمعاهدة الصداقة بين البلدين، ووزير الشؤون الخارجية الهندي سوبرامانيام جاي شانكار، مذكرتي تفاهم لتعزيز العلاقات بين طهران ونيودلهي، كما تطرقت المناقشات إلى تعزيز التعاون في ميناء تشابهار، وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب لتعزيز الشراكة الاقتصادية، واتفق البلدان على استكشاف سبل التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب. وخلال الاجتماع الذي عُقد في نيودلهي، أدان البلدان الإرهاب، في إشارة إلى هجوم جماعة “لشكر طيبة” الباكستانية على السياح الهنود.

هدفت الجهود الإيرانية السالفة الذكر إلى استغلال الصراع الراهن بين باكستان والهند من أجل توثيق شراكة عسكرية بين طهران ونيودلهي استكمالًا لنهج الجمهورية الإسلامية لاستعادة نفوذها العسكري في المنطقة؛ ففي بداية العام الماضي، شاركت المدمرة الإيرانية “دنا” في مناورات ميلان 2024، التي تمثل أكبر مناورات بحرية هندية بالتعاون مع 50 دولة. وفي مارس من العام نفسه، رست سفينتا التدريب الإيرانيتان بوشهر وطنب في ميناء مومباي، ولعل تلك الخطوات مهدت لتعزيز التعاون الأمني البحري بين البلدين. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وصلت ثلاث سفن تابعة للبحرية الهندية إلى بندر عباس في مهمة تدريبية في الخليج العربي، إذ حمل رسو السفن الحربية الهندية في ميناء إيراني تداعيات جيوسياسية بالغة الأهمية، كشفت عن سعى الهند إلى تعزيز علاقاتها مع إيران لضمان مصالحها الاقتصادية، وخاصة ما يرتبط بأمن الطاقة.

وفي مقابل الانحياز الإيراني الخفي للهند، فإن طهران لا تستطيع إنكار أن باكستان شريك إستراتيجي تاريخي للجمهورية الإسلامية، وسبق أن دعمت طهران إسلام آباد دعمًا عسكريًّا مباشرًا في حربها على الهند في عامي 1965 و1971، حيث زودت إيران باكستان بطائرات مقاتلة وصواريخ خلال حربيها مع الهند، وفق وثائق استخباراتية أمريكية، كما عملت طهران وسيطًا لشراء أسلحة ألمانية لإسلام آباد عندما قطعت الدول الغربية الإمدادات العسكرية عنها، وقبل أشهر من الصراع الأخير بين باكستان والهند، وتحديدًا في يناير (كانون الثاني) المنصرم، أعلنت إيران إرسالها عدة ألوية لتأمين حدودها مع باكستان، وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب، وأعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، أن إيران وباكستان تعززان تعاونهما العسكري في مختلف المجالات؛ ومن ثم فلعل أبرز ما يمكن الوقوف عليه حيال تناقض السياسة الإيرانية يرتبط باعتقاد طهران أن دورها يمكن أن يكون أكثر فاعلية وقبولًا لدى الطرفين بفضل موقعها الجغرافي، وقربها الثقافي، والعلاقات التاريخية التي بنتها مع كلا البلدين، وتستند في هذا إلى تنامي الشراكة العسكرية بينها وبين باكستان في مقابل توطيد التعاون الاقتصادي بينها وبين الهند.

الخاتمة

يكشف ما سبق عن تناقض واضح في السياسة الإيرانية بين الوساطة العلنية والدعم العسكري غير المباشر للهند، في سياق سعي طهران إلى تعظيم نفوذها الإقليمي من خلال شراكات متعددة الأوجه، مع الإبقاء على باكستان كورقة ضغط محتملة في ملفات مثل أفغانستان، وحقوق الأقليات الشيعية. ولكون باكستان تعتمد على إيران إستراتيجيًّا واقتصاديًّا؛ لذا فمن غير المرجح أن تسعى إسلام آباد إلى استخدام نفوذها لإجبار طهران على اختيار أحد الجانبين. على النقيض من ذلك، تعتمد إيران على الهند أكثر بكثير من اعتمادها عليها؛ لذا يمكن لنيودلهي تهديد طهران بطرق متعددة إذا لم تُرضِها في أي صراع إقليمي؛ ما يعني أن الجمهورية الإسلامية في وضع معقد، وتحدٍّ إقليمي ودولي واسع، إذ تلتزم إيران بتوازن دقيق؛ للحفاظ على علاقاتها مع كلا البلدين، وسيُجبرها الصراع على خيارات صعبة، لا سيما أن أي تلويح نووي بين البلدين قد تكون له آثار مدمرة على الجمهورية الإسلامية، وحتى في غياب الصراع النووي، فإن التداعيات السياسية والاقتصادية للصراع الهندي الباكستاني على إيران بالغة الخطورة.

ما ورد في الدراسة يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع