مقالات المركز

انقلاب أرمينيا على روسيا.. تحالف جديد مع الغرب وتداعياته على الأمن في القوقاز


  • 25 يوليو 2024

شارك الموضوع

أرمينيا، الدولة التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي، أصبحت الآن أقرب أن تكون جزءًا من النفوذ الغربي، كما فعلت جورجيا في السابق، وخسرت بسبب ذلك جزءًا من أراضيها. يبدو أن أرمينيا تسير في الطريق نفسه، ولكن التأثيرات قد تكون أعمق من ذلك؛ بسبب الخلافات الحادة بين أرمينيا وروسيا؛ روسيا التي دعمت أرمينيا في السابق في كثير من الأمور، خاصةً بعد الثورة الأرمينية عام 2018، التي أسقطت فيها الرئيس السابق ورئيس الوزراء سيرج سركسيان، باعتباره أقوى شخصية في حكومة جمهورية أرمينيا، وجاءت حكومة ذو آفاق سياسية جديدة.

منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، اعتبرت أرمينيا روسيا حليفًا إستراتيجيًّا، حيث قدمت موسكو الدعم العسكري والاقتصادي ليريفان. هذا التحالف تعزز عبر معاهدة الأمن الجماعي، ونشر القوات الروسية على الحدود الأرمينية التركية والإيرانية. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولات جذرية في السياسة الأرمينية، خاصة بعد انتخاب نيكول باشينيان رئيسًا للوزراء عام 2018. باشينيان، الذي جاء إلى السلطة عقب موجة من الاحتجاجات الشعبية، بدأ بإعادة توجيه سياسة بلاده نحو الغرب؛ مما أثار استياء موسكو.

الخلافات بين البلدين تصاعدت تصاعدًا ملحوظًا بعد الحرب في ناغورنو قره باغ عام 2020، التي انتهت بانتكاسة كبيرة لأرمينيا. الحكومة الأرمينية اتهمت القوات الروسية بعدم التدخل تدخلًا فعالًا لحماية مصالحها؛ مما أدى إلى زيادة الفجوة بين يريفان وموسكو. بالإضافة إلى ذلك، بدأت أرمينيا بتوثيق علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، وأشارت إلى إمكانية الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تصرفات الحكومة الأرمينية أثارت ردود فعل قوية من روسيا. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتهم أرمينيا بمحاولة قطع العلاقات الثنائية، وتشويه التاريخ المشترك. وفي ظل هذه التوترات، يبرز السؤال: هل تستطيع أرمينيا، الصغيرة جغرافيًّا، والمحاطة بدول ذات نفوذ قوي، مثل تركيا وإيران، التحول إلى معسكر غربي دون تحمل عواقب وخيمة؟ التحليل السياسي يشير إلى أن الخطوات الأرمينية الحالية قد تؤدي إلى زيادة التوترات في منطقة القوقاز، وتغيير جذري في موازين القوى الإقليمية، مما يجعل مستقبل العلاقات الأرمينية الروسية غير واضح، ولكنه بالتأكيد محفوف بالتحديات.

السياسة الخارجية والداخلية لنيكول باشينيان.. موازنة العلاقات بين روسيا والغرب

نقطة مهمة تتعلق بسياسة نيكول باشينيان تجاه روسيا تكمن في التوتر المتزايد بين أرمينيا وروسيا. بعد الثورة الأرمينية عام 2018، التي أسقطت الرئيس السابق سيرج سركسيان، وجاءت بحكومة جديدة بقيادة نيكول باشينيان، أصبحت العلاقات بين البلدين أكثر تعقيدًا. باشينيان، الذي يسعى إلى تعزيز سيادة أرمينيا، يتخذ نهجًا مستقلًا ومختلفًا عن النهج التقليدي القائم على الاعتماد الكبير على روسيا. نيكول باشينيان يتبنى سياسة تقوم على موازنة العلاقات بين روسيا والغرب، حيث يسعى إلى تحسين العلاقات مع الدول الغربية والاتحاد الأوروبي، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، لكن هذه الموازنة تأتي مع تحديات كبيرة؛ نظرًا إلى التوترات المتزايدة في المنطقة. باشينيان ينظر إلى روسيا على أنها شريك إستراتيجي، ولكن بشروط تتناسب مع المصالح الأرمينية. هو يحاول تحقيق توازن بين الانفتاح على الغرب والحفاظ على العلاقات التقليدية مع موسكو. في هذا السياق، تبذل حكومته جهودًا لتعزيز التعاون مع روسيا في المجالات الاقتصادية والعسكرية، ولكنها في الوقت نفسه تسعى إلى الاستقلالية وتقليل الاعتماد الكامل على موسكو. حزب “العقد المدني”، الذي يقوده باشينيان، يسعى إلى تعزيز الديمقراطية، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في أرمينيا؛ ما يمهد الطريق لتحقيق تكامل أعمق مع الاتحاد الأوروبي. يتضمن برنامج الحزب تحسين البنية التحتية، وتعزيز التعليم، وتحقيق الإصلاحات القضائية؛ مما يعكس التزامًا بالتوجه نحو المعايير الأوروبية. تظهر سياسة باشينيان تجاه روسيا موقفًا مزدوجًا؛ فمن جهة، يسعى إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والدول الغربية بهدف تطوير أرمينيا اقتصاديًّا وسياسيًّا، ومن جهة أخرى، يحافظ على علاقات مستقرة مع روسيا لضمان الأمن القومي والتوازن الإقليمي. هذا النهج يعكس طموح باشينيان في تحويل أرمينيا إلى دولة ذات سيادة مستقلة قادرة على اتخاذ قراراتها بناءً على مصالحها الوطنية، بعيدًا عن أي ضغوط خارجية، وهو ما يضمن تحول أرمينيا إلى دولة ذات سيادة ديمقراطية، اجتماعية وقانونية، لضمان قوة الجمهورية واستمرارها، وضمان سلام شعبها وأمنه، في ظل نظام دفاع شفاف، وزيادة في مشاركة القطاع الخاص في توفير المعدات العسكرية، والتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى. كما أن سعي حكومة باشينيان إلى توسيع البنية التحتية اللوجستية يهدف إلى تعزيز العلاقات مع الدول الغربية، مع الحفاظ على شراكات إستراتيجية مع روسيا، وكلها إجراءات تهدف إلى تطوير البنية التحتية، والاقتصاد الوطني الأرميني.

توازن باشينيان بين الشرق والغرب.. سياسة خارجية واقتصاد وأمن في أرمينيا

نيكول باشينيان، الذي تسلم السلطة بعد الثورة الأرمينية في عام 2018، يسعى إلى تحقيق توازن دقيق في سياسة أرمينيا الخارجية بين القوى العظمى، ولا سيما روسيا والغرب. منذ توليه منصبه، شهدت العلاقات الأرمينية الروسية توترات نتيجة لمحاولاته تعزيز سيادة أرمينيا، وتقليل الاعتماد الكبير على روسيا. باشينيان يضع في حسبانه تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع روسيا، لكنه في الوقت نفسه يسعى إلى الانفتاح على الغرب والاتحاد الأوروبي، مما يعكس رغبة في تحقيق توازن بين الطرفين.

على صعيد السياسة الاقتصادية، يواجه باشينيان تحديات كبيرة تتمثل في ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتسعى حكومته إلى تحسين البنية التحتية، وتعزيز قطاع التكنولوجيا، وتنفيذ إصلاحات جذرية في النظام القضائي لتعزيز ثقة المستثمرين. الجهود المبذولة لزيادة الشفافية ومكافحة الفساد تعد جزءًا من خططه لتحسين مناخ الأعمال في البلاد.

فيما يتعلق بنزاع ناغورني كاراباخ، يُعد هذا الصراع من أبرز القضايا التي تؤثر في السياسة الأرمينية. باشينيان يدرك تمامًا أهمية الحفاظ على موقف قوي في هذا النزاع لضمان الدعم الشعبي، واستقرار الحكومة. الصراع مع أذربيجان بشأن هذه المنطقة أدى إلى خسائر كبيرة، وترك آثارًا عميقة في العلاقات بين البلدين، وعلى الرغم من محاولات التوصل إلى حل سلمي، لا يزال الوضع متوترًا ومعقدًا.

السياسة الدفاعية لأرمينيا تحت قيادة باشينيان تركز على تعزيز القدرات العسكرية للبلاد، بالتعاون مع روسيا من جهة، ومع الولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى. الهدف هو تحقيق نوع من التوازن الذي يمكن أرمينيا من الحفاظ على سيادتها وأمنها في مواجهة التحديات الإقليمية.

حزب “العقد المدني”، بقيادة باشينيان، يدفع باتجاه تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي في أرمينيا، مع التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين التعليم والرعاية الصحية، وتعزيز الاقتصاد، ويسعى إلى تقوية الروابط مع الاتحاد الأوروبي؛ بهدف جلب الاستثمارات، وتحقيق التنمية المستدامة.

بإيجاز، يتبنى نيكول باشينيان سياسة توازن دقيقة بين الحفاظ على العلاقات التقليدية مع روسيا والانفتاح على الغرب، مع التركيز على تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والتنموية لأرمينيا. التحديات التي تواجهه تشمل تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي، وإدارة النزاع في ناغورني كاراباخ، وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد.

تطور العلاقات بين أرمينيا وتركيا في عهد باشينيان

في عهد نيكول باشينيان، شهدت العلاقات بين أرمينيا وتركيا تحولات مهمة تهدف إلى تحقيق تسوية شاملة بدون شروط مسبقة. في 18 يونيو، أجرى باشينيان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أكد الزعيمان إرادتهما السياسية لتسوية العلاقات الثنائية. تم التأكيد أهمية استمرار الاجتماعات بين ممثلي البلدين، ومناقشة آخر التطورات في المنطقة والأجندة الدولية. كما تبادل الزعيمان التهاني بمناسبة الأعياد الدينية، وتقديم التعازي فيما يتعلق بالكوارث الطبيعية.

على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية، ووجود حدود مغلقة منذ عام 1993؛ بسبب نزاع ناغورني كاراباخ، أُحرز تقدم نحو فتح الحدود البرية، حيث تم الاتفاق على فتح معبر “مارغارا” أمام مواطني الدول الثالثة وحاملي جوازات السفر الدبلوماسية. كذلك، شهدت العلاقات تحسنًا مع بدء العمل على استئناف الرحلات الجوية المباشرة لنقل البضائع بين البلدين.

التوجه نحو تطبيع العلاقات مع تركيا يواجه تحديات داخلية وخارجية، حيث يحذر بعض السياسيين في أرمينيا من زيادة نفوذ تركيا في حال تدهور العلاقات مع روسيا. ومع ذلك، تعمل حكومة باشينيان على تحقيق توازن في علاقاتها الدولية، محاولةً تحسين العلاقات مع تركيا لتعزيز الاستقرار الإقليمي والاقتصادي.

تحليل مستقبلي لهذه العلاقات يظهر أن فتح الحدود، وإقامة علاقات دبلوماسية، قد يعززان النمو الاقتصادي في أرمينيا من خلال تسهيل التجارة والنقل والسياحة بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، قد يسهم التقارب الأرميني التركي في تحقيق استقرار أكبر في منطقة القوقاز، مما يساعد على تخفيف التوترات الإقليمية. من ناحية أخرى، سيبقى التحدي الأكبر هو إدارة العلاقات المتوازنة بين القوى الإقليمية الكبرى، مثل روسيا وتركيا، بما يحقق مصلحة أرمينيا الوطنية، ويحافظ على سيادتها واستقلالها.

في المستقبل، يمكن أن نشهد مبادرات جديدة للتعاون في مجالات الطاقة، والبنية التحتية، والتعليم؛ مما يعزز الروابط بين الشعبين، ويمهد الطريق لعهد جديد من العلاقات الأرمينية التركية. لتحقيق هذه الأهداف، سيكون من الضروري استمرار الحوار البناء والالتزام بالإرادة السياسية من كلا الجانبين، فضلًا عن دور المجتمع الدولي في دعم هذه الجهود، وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

دور روسيا في أرمينيا وتحديات التحول نحو الغرب

تضطلع روسيا بدور إستراتيجي حيوي في أرمينيا، حيث تعد أحد أهم حلفائها العسكريين والاقتصاديين. تعتمد أرمينيا على روسيا في عدة مجالات، منها الدفاع، والطاقة، والاقتصاد. تدير روسيا قاعدة عسكرية في غيومري، وتزود أرمينيا بالأسلحة والتكنولوجيا العسكرية؛ مما يعزز القدرة الدفاعية لأرمينيا. بالإضافة إلى ذلك، تستورد أرمينيا نسبة كبيرة من احتياجاتها من الغاز والنفط من روسيا بأسعار تفضيلية؛ مما يعمق اعتمادها الاقتصادي على موسكو.

تستخدم روسيا مجموعة من الأدوات لتعزيز نفوذها في أرمينيا، من أبرزها:

التعاون العسكري: تعد القاعدة العسكرية الروسية في غيومري، والاتفاقيات الدفاعية الثنائية، من أبرز العوامل التي تعزز النفوذ الروسي في أرمينيا، حيث توفر لموسكو وسيلة للضغط والسيطرة الإستراتيجية في المنطقة.

التعاون الاقتصادي: يرتبط الاقتصاد الأرميني ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد الروسي، حيث تشكل الصادرات إلى روسيا والاستثمارات الروسية في البنية التحتية والطاقة جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الأرميني. بالإضافة إلى ذلك، تضطلع تحويلات العمالة الأرمينية في روسيا بدور مهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.

الطاقة: تزويد روسيا لأرمينيا بمعظم احتياجاتها من الغاز الطبيعي بأسعار مخفضة يعزز نفوذ موسكو الاقتصادي، ويجعل أرمينيا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الموارد الطاقوية الروسية.

ومع تصاعد التوترات بين روسيا والغرب، قد تنشأ خلافات حادة بين روسيا وأرمينيا إذا ما استمرت الأخيرة في تعزيز علاقاتها مع الدول الغربية. ويمكن أن تتجلى هذه الخلافات عبر:

ضغوط اقتصادية: قد تستخدم روسيا أدوات اقتصادية، مثل رفع أسعار الغاز، أو فرض قيود على الصادرات الأرمينية إلى السوق الروسية؛ مما يؤثر تأثيرًا كبيرًا في الاقتصاد الأرميني.

ضغوط سياسية: قد تمارس موسكو ضغوطًا سياسية على الحكومة الأرمينية من خلال دعم القوى المعارضة، أو التأثير في السياسات الداخلية؛ مما يزيد التعقيدات السياسية في أرمينيا.

ضغوط عسكرية وأمنية: يمكن لروسيا تقليص التعاون العسكري، أو حتى تهديد الأمن القومي الأرميني، بتخفيف التزاماتها الدفاعية؛ مما يضع أرمينيا في موقف أمني حرج.

إذا ما تقاربت أرمينيا كثيرًا مع الغرب، فقد تواجه عدة تحديات جوهرية، منها:

فقدان الدعم الروسي: قد تتعرض أرمينيا لخطر فقدان الدعم العسكري والاقتصادي الذي توفره روسيا؛ مما يعرضها لأخطار أمنية واقتصادية جسيمة.

زيادة التوترات الإقليمية: قد تؤدي التحركات نحو الغرب إلى تصعيد التوترات مع أذربيجان وتركيا؛ مما يهدد باندلاع نزاعات إقليمية جديدة، أو تفاقم النزاعات القائمة.

تداعيات داخلية: قد تتسبب هذه الخطوات في انقسامات داخلية، وضغوط سياسية من الأطراف المؤيدة لروسيا داخل أرمينيا، مما يهدد الاستقرار الداخلي.

مستقبل العلاقات الروسية الأرمينية.. تحليل سياسات وتوازنات إستراتيجية طويلة الأمد

مستقبل العلاقات الروسية الأرمينية يعتمد اعتمادًا كبيرًا على التوازن بين العوامل السياسية، والاقتصادية، والأمنية التي تميز هذه العلاقة التاريخية. في السياق السياسي، من المتوقع أن تظل روسيا تسعى إلى الحفاظ على نفوذها في أرمينيا من خلال دعم الأحزاب السياسية المؤيدة لها، وتعزيز التعاون الأمني والعسكري. الأدوات التي يمكن أن تستخدمها روسيا تشمل توفير الدعم العسكري، وضمان استمرار توريد الأسلحة، والحفاظ على وجودها العسكري من خلال القواعد الروسية في الأراضي الأرمينية.

اقتصاديًّا، ستستمر روسيا في استخدام الاقتصاد أداة نفوذ رئيسة، وهذا يمكنه أن يشمل الاستثمارات في البنية التحتية والطاقة، حيث تعد روسيا موردًا رئيسًا للغاز والكهرباء في أرمينيا. الشركات الروسية تمتلك حصصًا كبيرة في قطاعات حيوية، ومن المرجح أن تستمر هذه الشركات في الاضطلاع بدور كبير في الاقتصاد الأرميني. إذا ما حاولت أرمينيا تقليل اعتمادها الاقتصادي على روسيا، فقد تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك احتمال فرض عقوبات اقتصادية من جانب موسكو.

السيناريوهات المحتملة للمستقبل تشمل تعزيز العلاقات مع الغرب، وهو ما قد يؤدي إلى توترات مع روسيا. في هذا السيناريو، قد تستخدم روسيا العقوبات الاقتصادية، أو تقليل الدعم العسكري كوسائل للضغط على أرمينيا. على الجانب الآخر، إذا ما قررت أرمينيا تعميق علاقاتها مع روسيا، فقد تجد نفسها تحت مزيد من النفوذ الروسي، مما قد يحد من سيادتها واستقلالها في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية.

في سياق آخر، إذا تمكنت أرمينيا من الحفاظ على توازن بين علاقاتها مع روسيا والغرب، فقد تتمكن من تحقيق نوع من الاستقرار السياسي والاقتصادي. هذا التوازن يتطلب دبلوماسية مرنة، وقدرة على التفاوض بفعالية مع كلا الجانبين. تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية جديدة، في حين أن الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا يمكنه أن يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

العوامل الداخلية في أرمينيا، مثل الاستقرار السياسي، والدعم الشعبي للحكومة، ستضطلع بدور كبير في تحديد مسار العلاقات مع روسيا. المعارضة السياسية والنخب الاقتصادية قد يكون لها تأثير كبير في توجيه السياسات الخارجية للحكومة الأرمينية، ومن المتوقع أن تظل روسيا تراقب عن كثب التطورات الداخلية في أرمينيا، وتسعى إلى التأثير فيها بما يتوافق مع مصالحها الإستراتيجية.

النظر في التاريخ والعوامل الجيوسياسية يشير إلى أن العلاقات الروسية الأرمينية ستظل معقدة ومتشابكة. أي تحرك نحو تعزيز العلاقات مع الغرب قد يقابل برد فعل روسي قوي، في حين أن التقارب مع روسيا قد يحد من فرص أرمينيا في الاستفادة من الدعم الغربي. التحدي الرئيس لأرمينيا سيكون في كيفية تحقيق توازن بين هذه القوى المتعارضة لضمان الاستقرار والسيادة الوطنية.

من ناحية أخرى، التحولات في البيئة الدولية، مثل التغيرات في السياسات الأمريكية والأوروبية تجاه روسيا، قد تخلق فرصًا أو تحديات جديدة لأرمينيا. في هذا السياق، ستحتاج القيادة الأرمينية إلى تطوير إستراتيجيات مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات السريعة في السياسة العالمية.

 تحتفظ روسيا بنفوذ قوي على الاقتصاد الأرميني. في عام 2022، بلغت صادرات أرمينيا إلى روسيا نحو 2.4 مليار دولار؛ مما يشير إلى زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة. هذا الارتفاع في التجارة يعكس الدور المتزايد لأرمينيا بوصفها قناة لتمرير المنتجات الغربية إلى روسيا في ظل العقوبات المفروضة على موسكو. في المقابل، تشكل روسيا سوقًا رئيسة للصادرات الأرمينية، حيث تعتمد أرمينيا على المنتجات الروسية، مثل الحبوب، والمنتجات النفطية، بالإضافة إلى الغاز الذي توفره شركة “غازبروم” الروسية.

السياسيات الحالية والمستقبلية تشير إلى أن روسيا ستستمر في استخدام أدواتها الاقتصادية للضغط على أرمينيا، خاصةً إذا تدهورت العلاقات السياسية بين البلدين. على سبيل المثال، تأخير اعتراف البرلمان الروسي برخص القيادة الأرمينية اعتُبِرَ إشارة إلى إمكانية استخدام العقوبات الاقتصادية وسيلةً للضغط السياسي. كما أن اعتماد أرمينيا على التحويلات المالية من العمال الأرمن في روسيا، التي بلغت 3.6 مليار دولار في عام 2022، يجعلها حساسة لأي تقلبات في العلاقات الثنائية.

استنتاجات

يعتمد مستقبل العلاقات الروسية الأرمينية اعتمادًا كبيرًا على التوازن بين العوامل السياسية، والاقتصادية، والأمنية. سياسيًّا، تسعى روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في أرمينيا من خلال دعم الأحزاب المؤيدة لها، وتعزيز التعاون الأمني والعسكري. تشمل الأدوات التي قد تستخدمها روسيا توفير الدعم العسكري، واستمرار توريد الأسلحة، مع الحفاظ على وجودها العسكري من خلال القواعد الروسية في الأراضي الأرمينية.

اقتصاديًّا، تستمر روسيا في استخدام الاقتصاد أداة نفوذ رئيسة، بما في ذلك الاستثمارات في البنية التحتية والطاقة. تُعد روسيا المورد الرئيس للغاز والكهرباء في أرمينيا، وتمتلك الشركات الروسية حصصًا كبيرة في قطاعات حيوية. إذا حاولت أرمينيا تقليل اعتمادها الاقتصادي على روسيا، فقد تواجه تحديات كبيرة، مثل احتمال فرض عقوبات اقتصادية من موسكو.

السيناريوهات المستقبلية تشمل تعزيز العلاقات مع الغرب، مما قد يؤدي إلى توترات مع روسيا. في هذا السيناريو، قد تستخدم روسيا العقوبات الاقتصادية، أو تقليل الدعم العسكري، كوسائل للضغط على أرمينيا. في المقابل، إذا قررت أرمينيا تعميق علاقاتها مع روسيا، فقد تجد نفسها تحت نفوذ روسي متزايد؛ مما يحد سيادتها واستقلالها في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية.

إذا تمكنت أرمينيا من الحفاظ على توازن بين علاقاتها مع روسيا والغرب، فقد تحقق استقرارًا سياسيًّا واقتصاديًّا. يتطلب هذا التوازن دبلوماسية مرنة، وقدرة على التفاوض بفاعلية مع كلا الجانبين. تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية جديدة، في حين أن الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا يمكنه أن يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

العوامل الداخلية، مثل الاستقرار السياسي، والدعم الشعبي للحكومة، ستضطلع بدور كبير في تحديد مسار العلاقات مع روسيا. المعارضة السياسية والنخب الاقتصادية قد تؤثر تأثيرًا كبيرًا في توجيه السياسات الخارجية للحكومة الأرمينية. من المتوقع أن تراقب روسيا عن كثب التطورات الداخلية في أرمينيا، وتسعى إلى التأثير فيها بما يتوافق مع مصالحها الإستراتيجية.

النظر في التاريخ والعوامل الجيوسياسية يشير إلى أن العلاقات الروسية الأرمينية ستظل معقدة ومتشابكة. أي تحرك نحو تعزيز العلاقات مع الغرب قد يقابل برد فعل روسي قوي، في حين أن التقارب مع روسيا قد يحد فرص أرمينيا في الاستفادة من الدعم الغربي. التحدي الرئيس لأرمينيا سيكون في كيفية تحقيق توازن بين هذه القوى المتعارضة لضمان الاستقرار والسيادة الوطنية.

التحولات في البيئة الدولية، مثل التغيرات في السياسات الأمريكية والأوروبية تجاه روسيا، قد تخلق فرصًا أو تحديات جديدة لأرمينيا. ستحتاج القيادة الأرمينية إلى تطوير إستراتيجيات مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات السريعة في السياسة العالمية.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع