القضايا الاقتصاديةمقالات المركز

انعكاسات سياسات ترمب الاقتصادية على سوق السيارات الكهربائية الصينية


  • 26 مارس 2025

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: npr.org

أجّلت الصين الموافقة على قيام شركة (BYD) لتصنيع السيارات الكهربائية بإنشاء مصنع في المكسيك؛ بسبب المخاوف من تسرب تكنولوجيا السيارات الذكية التي طورتها أكبر شركة صينية لإنتاج السيارات الكهربائية عبر الحدود إلى الولايات المتحدة. وقد أعلنت الشركة عام 2023 خططها لبناء مصنع سيارات في المكسيك، مع نية إنتاج سيارات في البرازيل، والمجر، وإندونيسيا أيضًا. وكان من المتوقع أن يوظف مصنع المكسيك (10) آلاف شخص، وأن ينتج (150) ألف سيارة سنويًّا.

تحتاج شركات تصنيع السيارات المحلية إلى موافقة وزارة التجارة الصينية لإنتاجها في الخارج، ولم تمنح الوزارة هذه الموافقة بعد، ويخشى المسؤولون أن تمنح المكسيك وصولًا غير مقيد إلى تكنولوجيا (BYD) المتطورة وخبرتها، بل ربما تسمح للولايات المتحدة بالوصول إليها؛ لذا قد تُعطي بكين الأولوية أيضًا للمشروعات في البلدان التي تعد جزءًا من برنامج تطوير البنية التحتية لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وقد أسهمت الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة أيضًا في فتور العلاقات مع المكسيك. وحاولت المكسيك الحفاظ على علاقاتها مع دونالد ترمب، الذي هدد الصادرات والوظائف بفرض رسوم جمركية على التجارة عبر الحدود.

بدأ ترمب أيضًا حربًا تجارية مع الصين بفرض رسوم جمركية على الواردات الصينية. ردًا على ذلك، فرضت بكين رسومًا جمركية على سلع أمريكية تُقدر قيمتها بنحو (22) مليار دولار، مستهدفةً -على نحو رئيس- القطاع الزراعي الأمريكي. واتهم فريق ترمب المكسيك بأنها “بوابة خلفية” لدخول البضائع الصينية إلى الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية عبر اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. وتنفي الحكومة المكسيكية هذا، لكنها استجابت للضغوط الأمريكية بفرض رسوم جمركية على منتجات المنسوجات الصينية، وبدء تحقيقات لمكافحة الإغراق في منتجات الصلب والألومنيوم القادمة من الصين.

في نوفمبر (تشرين الثاني)، وبعد وقت قصير من إعادة انتخاب ترمب، صرحت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بأنه لم يكن هناك حتى الآن أي عرض استثماري “محدد” من أي شركة صينية لإنشاء مصنع في المكسيك، على الرغم من تأكيد شركة (BYD) نيتها استثمار مليار دولار في وقت سابق من ذلك الشهر. لقد عملت الحكومة الجديدة في المكسيك على تعقيد الوضع لشركة (BYD) من خلال تبني موقف عدائي تجاه الشركات الصينية.

إن الحكومة المكسيكية تريد -بوضوح- تلقي بعض الاستثمارات من الصين، ولكن علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة أكثر أهمية بكثير، ولن يكون “منطقيًّا تجاريًّا” لشركة (BYD) أن تسرع حاليًا في بناء منشأة إنتاج في المكسيك؛ لأن غياب سلسلة توريد قوية للسيارات من شأنه أن يجبر الشركة على استيراد كثير من المكونات من الصين، التي ستكون خاضعة لرسوم جمركية أعلى.

وقد أعلنت شركة (BYD) بيع أكثر من 40 ألف سيارة في المكسيك العام الماضي، وأعلنت أنها تهدف إلى مضاعفة حجم مبيعاتها خلال عام 2025، وافتتاح (30) وكالة جديدة في البلاد. وتخطط شركة (BYD) لبيع (4.3) مليون سيارة كهربائية وهجينة حول العالم، كما قدمت نظام القيادة المتقدم (God’s Eye) في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتخطط لتثبيت هذا النظام في كُل طرازاتها.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، جمعت أكبر منافس لتسلا (5.6) ​​مليار دولار من بيع أسهم في هونغ كونغ، وهو ما يمثل مكسبًا تقريبيًّا بنحو (85%) خلال الأشهر الـ12 الماضية، وذلك بعد أن زعم ​​مؤسسها وانغ تشوانفو أن سياراتهم الكهربائية يمكنها الآن الشحن بسرعة مثل ملء السيارة بالوقود التقليدي، ومن المتوقع أن تدعم العائدات توسعها في الخارج. وقال مؤسس الشركة، الملياردير وانغ، إن نظام الشحن الجديد الذي طورته مجموعة شنتشن لبطاريات السيارات الكهربائية الخاصة بشركة (BYD) يمكنه إضافة نحو 470 كيلومترًا من المدى في خمس دقائق.

ويشير هذا الادعاء إلى أن (BYD) تفوقت على منافسين مثل (Tesla) و(Mercedes-Benz) في تقنية الشحن السريع، مع أن النظام الجديد يعتمد على عدة شروط مسبقة، بما في ذلك وجود جهد كافٍ في محطات الشحن. وتتزايد المنافسة بين مصنعي السيارات الكهربائية والبطاريات لإنشاء بنية تحتية أسرع للشحن للمساعدة على تخفيف مخاوف المستهلكين بشأن مدى القيادة، وسرعة شحن السيارات الكهربائية مقارنة بمركبات محرك الاحتراق الداخلي التقليدية.

ومن المتوقع أن تثبّت الصين ما يقرب من (460) ألف شاحن عام جديد للسيارات الكهربائية هذا العام، وهو ما يمثل نحو ثلثي الإجمالي العالمي، ليصل إجمالي الوحدات التراكمية إلى نحو (2.1) مليون وحدة. وتأتي الزيادة الأخيرة في سعر سهم (BYD) بعد شهر من إحداث الشركة هزة في صناعة السيارات العالمية بإطلاق نظام قيادة ذاتي متقدم مجاني (God’s Eye).

وبلغت إيرادات المجموعة 777 مليار يوان صيني (107 مليارات دولار أمريكي)، متجاوزةً بذلك عتبة الـ(100) مليار دولار أمريكي لأول مرة. كما أسهم نمو الصادرات في ارتفاع أرقام المبيعات، وارتفع صافي الدخل بنسبة (34%) إلى (40) مليار يوان (5.5 مليار دولار). ومع تجاوز مبيعاتها الخارجية (400) ألف مركبة العام الماضي، جمعت الشركة الصينية مؤخرًا ما يقرب من (6) مليارات دولار لتمويل خططها التوسعية، مع التركيز على تحقيق مزيد من النمو في الخارج.

وتضع هذه الخطوات مزيدًا من الضغوط على شركة تسلا المملوكة لإيلون ماسك، وفولكس فاغن الألمانية، فضلًا عن مجموعة من المنافسين المحليين الذين فقدوا حصتهم في السوق مع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في الصين في السنوات الأخيرة. وتسيطر (BYD) بالفعل على نحو (35%) من سوق السيارات الكهربائية في الصين، وتبلغ حصتها (18%) في قطاع السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات فقط، و(56%) في قطاع السيارات الهجينة القابلة للشحن.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع