تاريخ

مغامرة رجال هتلر في هضبة التبت

النازية والأسطورة الآرية


  • 8 يوليو 2024

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: tibetanjournal

تتزايد في السنوات الأخيرة البيانات الجديدة عن البعثة العلمية التي أرسلها هتلر إلى التبت. وفي روسيا، يتزايد اهتمام علماء الجيوبوليتك والجغرافيا السياسية بهذه البعثة التي تكشف عن جانب مهم من الصراع بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية في واحدة من أهم فترات التاريخ الأوروبي، بل تاريخ العالم الحديث.

لماذا أرسل هتلر بعثة إلى الهيمالايا؟ لقد كان هتلر مفتونًا بأن الألمان هم أرقى شعوب الأرض، وأن الجنس الآري هو أفضل الأجناس. لم يكن الرجل يقول ذلك في خطب دعائية فحسب؛ بل جند علماء أنثروبولوجيا وجغرافيا وآثار لوضع نظريات علمية تقنع الشعب الألماني، وتبث الحماسة فيه.

تحضير البعثة الألمانية

كُلفت البعثة العلمية رسميًّا بالبحث في علم الحيوان والأنثروبولوجيا في البلاد، وكان هدف البعثة التي أرسلها هتلر اكتشاف المستودع الأسطوري لهذا الجنس المتفوق على كل صفات البشر الأخرى، كان حلمًا أقرب إلى فكرة قارة أطلانتس الغارقة، وآثار هذه الحضارة التي كانت ستختفي على سطح العالم، ومن شأن هذا المسعى أن يسمح للنازيين بإعادة كتابة التاريخ، وصياغة ماضٍ جديد، مما يسمح لهم بإضفاء الشرعية على العالم الجديد الذي زعموا أنهم أقاموه في ذلك الوقت (الرايخ النقي الذي يدوم ألف عام).

كانت البعثة بقيادة هاينرتش هيملر، أحد كبار مساعدي هتلر، ورئيس قوات الأمن الخاصة، وتحت إشراف جمعية البحث والتعليم في وراثة الأجداد، حيث سعى هذا المعهد المتعدد التخصصات إلى دراسة التراث الثقافي للعرق الهندي الأوروبي الشمالي، مع البحث الأثري، والأنثروبولوجيا العنصري، والتاريخ الثقافي للعرق الآري. كان هدف البعثة إثبات صحة النظريات النازية بشأن التفوق العنصري للآريين على الأجناس الأدنى المفترضة، وكذلك إضفاء الطابع الألماني النقي في المجال الحيوي النازي.

لقد كانت البعثة في جوهرها مهمة دبلوماسية وشبه علمية من أجل تطوير العلاقات بين ألمانيا النازية والتبت، والبحث عن بقايا مفقودة من العرق الآري الرائع المفقود في مكان ما في هضبة التبت. ومع أن هذه الحملة الاستكشافية جاءت بين عامي 1938 و1939، وخطط لها أعضاؤها بوصفها مشروعًا علميًّا بحتًا، فإنها وقعت بين مناطق نفوذ السياسة والعلم منذ بداية مرحلة التخطيط، وأراد هاينريش هيملر وجمعية أهنينيربي “Ahnenerbe” (جمعية تراث الأجداد) فرض تأثير في المشروع، وتحديده من وجهة نظر غير سياسية وباطنية وعلمية زائفة، ثم وقعت البعثة في منطقة الصراعات الخارجية عندما كانت التصاريح الرسمية مطلوبة من الإنجليز، وأدت السياسة الخارجية الاشتراكية الوطنية والانتماءات السياسية والدعاية في النهاية إلى الإضرار بإكمال أهداف الحملة، وخلقت عقبات ضخمة أمامها.

تألفت البعثة من خمسة أعضاء، هم: إدموند جير (المدير الفني للبعثة)، وبرونو بيجر (عالم أنثروبولوجيا الأعراق)، وكارل فينيرت (الجغرافي وعالم المغناطيسية الأرضية)، وأرنست كراوس (عالم الجيوفيزياء والأرصاد الجوية، وعالم النبات والحشرات)، ومصور فوتوغرافي، وإرنست شيفر (عالم الحيوان المتخصص في علم الطيور).

تولى إرنست شيفر التحضيرات السياسية والدبلوماسية للرحلة بمفرده، فقد أقنع هيملر أنه في ضوء الوضع الدولي فإن طريق البعثة إلى التبت لا يكون إلا من الهند التي كانت تحت الحكم البريطاني آنذاك؛ لذلك كان من الضروري الحصول على إذن بريطاني، وبفضل مهاراته الدبلوماسية، حصل على خطابات توصية من شخصيات مختلفة، كان دعمها ضروريًّا للضغط على الحكومة البريطانية، والحصول على كلمة موثوقة للسماح لأعضاء الفريق بالنزول إلى الهند. ولم يعرف أعضاء البعثة ما إذا كان من الممكن لهم دخول مملكة التبت المستقلة آنذاك، سواء في بداية رحلتهم أو خلال الأشهر الأولى من إقامتهم في الهند، وبالفعل نجح شيفر في الحصول على الموافقات اللازمة.

مسار البعثة للذهاب إلى التبت

في مغامرة كاملة، عبرت البعثة الألمانية أراضي الهند الخاضعة آنذاك للاحتلال البريطاني، وتمكنت من الوصول إلى التبت، وقامت بأعمال ثقافية وسياسية وعلمية، فقد خاطر أعضاؤها بحياتهم بعبور أعلى الجبال في العالم للوصول إلى واحدة من أبعد الممالك (التبت)، حيث انطلقت البعثة عبر نهر جينيسيناو إلى مدينة جنوة الإيطالية، مرورًا بالبحر المتوسط وقناة السويس، ثم عبور البحر الأحمر، ثم مروا بمدينة كولومبو على الساحل الجنوبي الغربي لسيرلانكا، حتى وصلوا إلى كلكتا شرق الهند، وعاصمة ولاية البنغال الغربية الهندية.

واستمرت البعثة في مسيرها حتى وصلت إلى سيكيم، وهي ولاية شبه مستقلة في شمال شرق الهند على حدود جبال الهيمالايا. وفي العاصمة جانجتوك، جمع الفريق قافلة مكونة من 50 بغلًا، وبحثوا عن حمالين ومترجمين تبتيين. وجدت البعثة النازية نفسها عالقة، ولم تعد قادرة على مواصلة رحلتها إلى التبت المجاورة. وعلى الرغم من خطابات التوصية، منعت الحكومة البريطانية شيفر وفريقه من دخول التبت (دولة مستقلة في ذلك الوقت)، وكان شيفر مصرًّا على الدخول دون إذن، وبدأ الفريق رحلته عبر وادي نهر  تسيتا، وعمل كراوس مصايد ضوئية لاصطياد الحشرات، وقام فينيرت بجولة في التلال لإجراء قياسات، وجمع جير أنواع الطيور، وعرض بيغر المساعدة الطبية على السكان المحليين مقابل السماح له بأخذ قياساتها. وعبر شيفر وفريقه الحدود سرًّا، وأقام علاقات وثيقة مع السلطات المحلية هناك. وفي 19 يناير (كانون الثاني) 1939، وصل شيفر وفريقه إلى لاسا عاصمة التبت.

 شرع شيفر في تقديم احترامه للوزراء التبتيين والنبلاء، كما وزّع الرايات النازية، وشرح الاحترام الذي يظهر للرمز المشترك في ألمانيا، وُمدِّدَ تصريحه بالبقاء في العاصمة لاسا، وسُمح له بتصوير المنطقة. أمضى الفريق شهرين في لاسا، وجمع معلومات عن الزراعة، والثقافة، والدين.

خلال الرحلة إلى مرتفعات التبت، بدأ بيغر بعمل قوالب لوجوه السكان المحليين، منها خادمه الشخصي، وهو نيبالي يدعى باسانغ، وكان لدى معظم التبتيين سلوك أكثر ودية، وروح دعابة، ولا تزال هناك لقطات فوتوغرافية وأفلام لتبتيين يبتسمون ويضحكون وهم يخضعون لقياسات ملامح الوجه والجمجمة.

أعمال البعثة في التبت

استقبل البعثة ريتينج ريجنت (التي قاد التبت منذ وفاة الدالاي لاما الثالث عشر عام 1933)، واستطاع شيفر أن يقنع ريتينج- الذي لم تكن لديه أي فكرة عن هوية هتلر-  بكتابة رسالة فيها تقدير واحترام واستعداد للتعاون المتبادل.

كان الألمان مهتمين بالتبت اعتقادًا أن هذا الإقليم كان يوفر مأوى لآخر الأجناس الآرية، وأسلافهم الأسطوريين من العرق الجرماني، الذي يمتلكه رؤساء القوى الخارقة للطبيعة، التي يمكن للنازيين الاستعانة بها لغزو العالم.

من الناحي الكشفية، أثبتت الحملة نجاحها، سواء من حيث كمية المواد التي جُمعت، أو تحسن العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا والتبت، وقد فُسِّرَ هذا التحسن بعدة أسباب، مثل حقيقة أن برونو بيجر، عالم الأنثروبولوجيا التابع للبعثة، تلقى تدريبًا طبيًّا قصيرًا، مكنه من علاج أعضاء الطبقة الأرستقراطية التبتية (وخاصة أسنانهم).

في الواقع، لم يكن خيار التقرب من نخب البلاد أمرًا تافهًا، فلم ينس ضباط قوات الأمن الخاصة في البعثة مهمتهم الأساسية، وهي جمع الأدلة التي تشير إلى أن الألمان والتبتيين قد تكون لديهم أصول مشتركة، وبدرجة أقل، يكونون قادرين على التأثير في القرارات السياسية والعسكرية في لاسا.

يجتمع أعضاء البعثة الألمانية مع سكان أصليين في جبال الهيمالايا وفوقهم شعار الصليب المعقوف (صورة 2)، الذي هو في الأصل شعار ديني محلي في التبت، يشير إلى الفأل الحسن، ويضم مفاهيم ألوهية وروحانية في الديانات الهندية، وهذه العلامة الدينية تعرفها شعوب هذه المنطقة، ونقشتها على الصخور وفي المعابد في دياناتها القديمة قبل 2000 سنة من ظهور هتلر والحزب النازي.

 كانت قوات الأمن الخاصة مفتونة بالنظريات العرقية، وقد حان الوقت لإلقاء نظرة صحيحة على التبتيين، فقام برونو بيجر برعايتهم وأخذ قياسات 376 فردًا، وعمل قوالب لرؤوس ووجوه وأيدي وآذان 17 آخرين، وأخذ بصمات الأصابع وبصمات أيدي 350 آخرين.

أما شيفر فرأى أن التبت هي المكان المناسب لممارسة شغفه بالصيد، وجمع النباتات والحيوانات الدقيقة، فقد اكتشف ” شابي”، وهو ماعز بري لم يكن معروفًا من قبل، كما تعقب مخلوقًا أسطوريًّا آخر في المنطقة، يسمى ” اليتي”، وكان أول من افترض أن رجل الثلج البغيض ما هو إلا أحد أنواع الدببة، وهي النظرية التي ما زلت تحظى بإجماع العلماء المتخصصين في هذا الموضوع.

ومع أن هيملر حاول مرارًا وتكرارًا حشد علماء البعثة إلى قضيته، أي اتباع الخطى التي تركها أسلاف الآريين في كهوف التبت، فإن شيفر رفض الدخول في هذه الاعتبارات الروحانية، وكان هو وأعضاء البعثة الآخرون، يقدمون دائمًا تدريباتهم العلمية لشرح أسباب مشروعهم العلمي الرسمي للبعثة؛ وهو دراسة المناطق التبتية جغرافيًّا وجيولوجيًّا وحيوانيًّا وأنثروبولوجيًّا ونباتيًّا وثقافيًّا، والاتصال بالسلطات المحلية بهدف إنشاء تمثيل ألماني في البلاد.

آراء المؤرخين بشأن دوافع البعثة

احتد النقاش والخلاف، وانقسم المؤرخون بشأن الحقيقة التي دفعت الحكومة الألمانية آنذاك إلى إرسال بعثة استكشافية بقيادة قوات الأمن الخاصة إلى بلدٍ ناءٍ مثل ” التبت”، وهنا برزت أربعة أسباب رئيسة (سياسية، عرقية، عسكرية، أو علمية).

من وجهة نظر سياسية: رغبة هيملر في الاتصال بوصي التبت، وهو ما نجح فريق شيفر في القيام به، وقد لاقت هذه الفكرة تأييدًا؛ لكونها وسيلة لجعل لاسا عقدة إستراتيجية على محور برلين- روما- طوكيو، لكن سرعان ما دحض هذا الاحتمال أربعة من علماء التبت، هم: آن ماريس بلوندو، وكاتيا بوفرتريل، وهيذر ستودارد، وفرانسواز روبن، الذين رأوا أنها خرافة نشرتها الحكومة الصينية لتشويه سمعة الحكومة التبتية في المنفى منذ ضم التبت إلى جمهورية الصين الشعبية عام 1951.

ومن وجهة نظر عسكرية: افترضت مجلة Wochenpresse الأسبوعية النمساوية، التي نُشرت بين عامي 1955 و1993، أن المهمة الأولى للبعثة كانت دراسة إمكانية جعل التبت قاعدة يمكن من خلالها مهاجمة القوات البريطانية المتمركزة في الهند.

ومن وجهة نظر تحسين النسل، أكد عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي إدوارد كونتي، مدير الأبحاث في المركز الوطني للأبحاث العلمية في عام 1995، أن مهمة شيفر كان لها هدف أيديولوجي يتمثل في السعي إلى إثبات الفرضية العرقية عن أصول العرق الآري، وقد خدمت قياسات جماجم التبتيين وتشكيل وجوههم التي أجراها برونو بيجر هذا الغرض الرئيس، ولكن روز ديتليف، وهي مؤرخة ألمانية متخصصة في فضح روابط النازية المفترضة مع الجمعيات السرية، شكّكت في هذا التفسير للحملة عام 2006.

لذلك يبدو أن أسباب الحملة النازية للتبت كانت على الأرجح لأغراض علمية؛ ففي كتابها “البعثة الألمانية إلى التبت 1938- 1939.. رحلة علمية أم بحث عن آثار ذات دوافع أيديولوجية؟”، تقترح روز ديتليف نهجًا علميًّا صارمًا من جانب البعثة، وبرونو بيجر، الذي أجرى قياسات مجسمة مع احترام المعايير الطبية والبيولوجية في ذلك الوقت، وتعتمد أيضًا على أن كتابات بيجر لا تستخدم المصطلحات النازية، مثل الآرية.

لذلك كان هدف البعثة الألمانية إلى التبت في الفترة من 1938 إلى 1939 هو الحصول على ملخص علمي شامل ومركب لما كانت عليه التبت، فلم يكن هناك أي دليل على أي دوافع أو أهداف أخرى في التقارير التي كتبها أعضاء البعثة، التي وصفت أفعالهم في التبت بالتفصيل.

وانتهت الصورة التي قدموها عن التبت بملخص للنتائج التي حصلوا عليها من خلال بحثهم، مصحوبة بقائمة دقيقة لجميع أنشطتهم والعينات المأخوذة، بالإضافة إلى نص العرض الذي قدمه شيفر في كلكتا، وتضمنت نتائجهم تقارير عن المغناطيسية، ودرجات الحرارة، وملوحة البحيرات، ومخططات المباني التي زاروها، ورسم الخرائط المتعلقة بالهياكل الجيولوجية، وعينات الحجارة والمعادن، والحفريات المكتشفة، والهياكل العظمية للحيوانات والزواحف والفراشات والطيور، ونحو 7 آلاف عينة من النباتات، وبذور الزهور، والحبوب، والفواكه، التي أضيفت إليها أشياء مختلفة لفتت انتباه علماء الأعراق، مثل الأدوات وقطع القماش، ونحو ألفي قطعة أثرية إنثوغرافية، بالإضافة إلى 20 ألف صورة بالأبيض والأسود، وألفي صورة فوتوغرافية ملونة، و18 ألف متر من الأفلام (أكثر من 50 ساعة صنع بها المستكشفون فيلمًا وثائقيًّا عقب عودتهم).

ولا تزال كثير من هذه الكنوز مخفية في الأرشيف حتى اليوم، وهي مكروهة بسبب ارتباطها بالنازيين، ووقع شيفر في غموض مماثل، ولو انتقل إلى الولايات المتحدة في الوقت المناسب، لكان من المحتمل أن يرتقي إلى مرتبة المكتشفين العظماء، لكنه في ألمانيا ما بعد الحرب، كان متهمًا بالتورط مع النازية، ولم يُبرَّأ بالكاد إلا في محاكمة إزالة النازية، وانتهى به الأمر بالكتابة لمجلة صيد ألمانية.

عودة البعثة

غادرت البعثة التبت في أغسطس (آب) 1939 بعد أن قرأ شيفر رسالة من والده، أبلغه فيها بالتهديد الوشيك بالحرب، وحثه على العودة إلى ألمانيا في أقرب وقت ممكن، وعاد برسالتين لطيفتين من الوصي، لهتلر وهيملر، وأخذوا معهم معطف اللاما وكلب صيد لقيادتهم، بالإضافة إلى أشياء ثمينة، وحيوانات نادرة، والكتاب المقدس التبتي ” كانجيور”، الذي أهداه إليه في لاسا عالم الأنثروبولوجيا بيجر، مقابل المعاملة والرعاية الجيدة التي قدمها للسكان.

استقل فريق شيفر طائرة مائية عقب وصولهم إلى كلكتا أوصلتهم إلى مطار برلين تمبلهوف عبر بغداد، وكان يتنظر هيملر عند سفح مدرج الهبوط، وكان سعيدًا لاستقبالهم شخصيًّا.

فور العودة إلى ألمانيا، تنوع مصير أعضاء البعثة؛ فعاد فينيرت (عالم أرصاد جوية)، وكراوس (عالم نبات)، وجير (المدير الفني) إلى الحياة المدنية، ولا يتذكر التاريخ أسماءهم. ومن ناحية أخرى، فيما يتعلق بشيفر وبيجر، سمح لهما النظام النازي بمواصلة أبحاثهما. وفي عام 1942، رُقي شيفر إلى Sturmbannführer (رائد) في قوات الأمن الخاصة، وكُلّف بإدارة معهد الدراسات الآسيوية الجديد عام 1943، وصدر أيضًا فيلم Geheimnis Tibet (التبت السرية)، استنادًا إلى 50 ساعة من الأفلام التي صُوّرت في التبت.

في عام 1945، قبض الحلفاء على  شيفر في ميونيخ؛ لكونه ضابطًا في منظمة إجرامية، واعتُقِلَ ثلاث سنوات كجزء من عملية إزالة النازية في ألمانيا، قبل الحصول على شهادة إعفاء.

وقد قلل شيفر من أهمية علاقته بالنظام، وادعى أنه لم يُضمِّن السياسة أو الأيديولوجيا في بحثه العلمي، وادعى أنه أصبح من قوات الأمن الخاصة مدفوعًا بالرغبة في الحصول على الوسائل اللازمة لإجراء أبحاثه فقط، وأنه وجد نفسه “عالقًا في شبكة عنكبوت” دون علمه، وقد أفلت من العقوبة بغرامة صغيرة.

وختامًا، كانت البعثة النازية في التبت شبه ناجحة، حيث أعادت إلى ألمانيا شهادة كبيرة على كل ما يمكن العثور عليه في البلاد في ثلاثينيات القرن العشرين، لكنها حرمت هيملر من الأدلة العلمية المقنعة على أصول العرق الآري.

واليوم، لا تزال الرحلة الاستكشافية تغذي كثيرًا من الأوهام والأخيلة، ومادة خصبة للأفلام والروايات.

ما ورد في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير.


شارك الموضوع