القضايا الاقتصادية

العمالة الهندية في اليابان


  • 8 نوفمبر 2023

شارك الموضوع

يشهد الحضور الهندي في اليابان ارتفاعًا كبيرًا. عام 2007، كان هناك (20589) هنديًّا. وبعد ست سنوات، زاد عدد الأشخاص بمقدار (2000) شخص فقط، أو نحو ذلك. ولكن، بحلول عام 2022، ارتفع العدد ليقترب من (44000). لم يكن الهنود ينظرون إلى اليابان كوجهة أحلام مثل الدول الغربية، خاصةً الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا. ومع ذلك، ظهرت دوافع جديدة للمهاجرين الجدد الذين وصلوا خلال العقد الماضي، ومنها الانبهار بالرسوم المتحركة، أو الثقافة المحلية اليابانية، أو أعمال أدبية، مثل كتابات هاروكي موراكامي، هذا إلى جانب الأسباب التقليدية للهجرة، مثل البحث عن عمل وحياة أكثر أمنًا.

وصل التجار الهنود الأوائل إلى اليابان في أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر لتسهيل تجارة الحرير الياباني. وبعد مرور 150 عامًا، طرأ على المشهد تحول ملحوظ مع زيادة عدد المهنيين الهنود المهرة في اليابان. ولا يمكن المبالغة في تقدير الدور المحوري الذي أدّته طفرة تكنولوجيا المعلومات في الهند في تغيير صورة البلاد في مختلف أنحاء العالم، وتعزيز الطلب الخارجي على المهاجرين، الذي يغذيه أيضًا الانحدار الديموغرافي في الدول المتقدمة.

ومن الملحوظ للدارسين أن هناك تحولًا واضحًا في نظرة اليابان إلى الهند، حيث بدأ اليابانيون بالاعتراف بالهند باعتبارها قوة اقتصادية سريعة النمو، مما أضاف سردًا جديدًا إلى تصوراتهم الحالية. لقد كان هناك تحول من “أين الهند؟” إلى “رائعة الهند!”، وقد تزامن هذا مع تغييرات كبيرة في العلاقات السياسية، والإستراتيجية، والاقتصادية بين الهند واليابان منذ نهاية الحرب الباردة.

في عام 1998، أدّت أول تجربة نووية أجرتها الهند إلى توتر العلاقات مع اليابان، لكن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السابق يوشيرو موري إلى الهند، في أغسطس (آب) 2000، أسهمت في  تحسن تلك العلاقات. ومنذ ذلك الحين، أصبحت العلاقة أقوى. وفي عام 2016، حدث تحول كبير، حيث وقّعت الدولتان اتفاقية للتعاون في التطبيق السلمي للطاقة النووية.

ويبذل كلا البلدين جهودًا للترويج لليابان كوجهة، ليس فقط للمهاجرين الهنود من ذوي المهارات العالية؛ بل أيضًا للمهاجرين الهنود غير المهرة. وعلى العكس من ذلك، يُنظر إلى الهند على أنها وجهة جذابة للشركات والاستثمارات اليابانية. وفي الهند، ترتبط اليابان بالاجتهاد والسعي إلى الكمال، ويتم التركيز الآن على تثقيف المهاجرين المحتملين بشأن الثقافة واللغة اليابانيتين، وكيف يمكن للهنود أن يتعلموا دروسًا قيّمة من النهج المنضبط الذي تتبعه اليابان.

في الماضي، كانت دول، مثل الهند، مصدرًا للعمال المستأجرين الذين كانوا تحت رحمة المجتمعات المضيفة لهم، ويخضعون لقواعد صارمة. ومع ذلك، فقد تغيرت الأوقات. وفي عالم أكثر عولمة، أصبحت الهجرة طريقًا ذا اتجاهين، والدول المتقدمة، مثل اليابان، تطلب من المهاجرين سد الفجوات في سوق العمل، مع تقدم السكان في السن، وتقلصهم.

إن النهج المشترك بين الثقافات الذي يهدف إلى تعزيز فهم أعمق يتجاوز مجرد الصور النمطية، من الممكن أن يؤدي دورًا محوريًّا في تقليل الاعتداءات اليومية، والاعتداءات الصغيرة، وتعزيز الوعي بالثقافات الأجنبية. هذه المبادرات ليس لديها القدرة على جذب المهاجرين الهنود فحسب؛ بل تجعل الحياة أيضًا تجربة أكثر إيجابية لجميع المقيمين الأجانب. وكما هي الحال في كثير من الأحيان في اليابان، فإن مناقشة هذه الأفكار والالتزام بها، من المرجح أن تكون مهام شاقة وطويلة، لكن اليابان اتخذت قرارها بفتح السوق للعمالة الهندية، حيث تتغير الأمور بسرعة كبيرة، وهذا خبر جيد للمهاجرين الهنود، وللشركات في اليابان التي تحتاج إليهم.


شارك الموضوع