تقارير

الصين وأستراليا.. هُدنة على هامش صراع الهندي- الهادئ


  • 9 نوفمبر 2023

شارك الموضوع

قام رئيس الوزراء الأسترالي “أنتوني ألبانيز” بزيارة إلى الصين، في أول رحلة يقوم بها زعيم أسترالي منذ عام 2016، وانضم إلى “ألبانيز” وزير التجارة “دون فاريل” خلال الزيارة التي استمرت أربعة أيام، فيما اعتُبر جهدًا يركز على ترميم العلاقات الاقتصادية التي تضررت بشدة بسبب النزاع بشأن شركة الاتصالات الصينية هواوي، وقضايا التجسس، وجائحة كوفيد 19.

أعلن الرئيس الصيني “شي جين بينغ” أن العلاقات الثنائية شرعت الآن على الطريق الصحيح للتحسين والتطوير، وسيتم تبادل الزيارات، وتم حل بعض المشكلات، ويجب أن تكون الصين واستراليا شريكتين في الثقة والوفاء المتبادلين، فلا يوجد تاريخ من الضغائن، أو تضارب مصالح أساسي بين البلدين؛ لذا يتعين عليهما اتباع اتجاه العصر، وبناء علاقة على أساس المصالح المشتركة، حيث يتم التعامل على قدم المساواة، والسعى إلى أرضية مشتركة، مع الاحتفاظ بالآراء بشأن الاختلافات، والانخراط في الحوار المتبادل، والتعاون المفيد.

انتقد “شي” ما وصفه بسياسة “التحالفات والمجموعات العسكرية والأمنية” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قائلًا إن هذه المجموعات الصغيرة لا يمكنها حل التحديات الكبرى، ولا التكيف مع التغييرات الكبيرة التي تحدث في العالم. وقال فيما يتعلق بمحاولات زعزعة استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ: “نحن يقظون ونعارضها”، دون أن يذكر “الرباعية”، وهي مجموعة أمنية جيوسياسية تضم أستراليا، والولايات المتحدة، واليابان، والهند.

فيما قال ألبانيز: “إن أستراليا مهتمة بمواصلة النمو المستقر للاقتصاد الصيني ومشاركتها المستمرة مع العالم، وأعتقد أنه يمكننا جميعًا الاستفادة من التفاهم الأكبر الذي يأتي من الحوار الرفيع المستوى، والروابط بين الناس. فعندما تنشأ الاختلافات، من المهم أن يكون لدينا تواصل، ومن التواصل يأتي التفاهم”. وقبل الاجتماع، أشار ألبانيز إلى أن “شي” رجل يلتزم بكلمته، قائلًا: “لم يقل لي قط أي أمر لم يقم به”.

اقترح “شي” على “ألبانيز” أن يستفيد البلدان من إمكانات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وأستراليا، وتوسيع التعاون في المجالات الناشئة، مثل تغير المناخ، والاقتصاد الأخضر، والتعاون مع طرف ثالث لمساعدة الدول الجزر في جنوب المحيط الهادئ. وقال إن خطوات “الفصل أو إعادة هيكلة سلسلة التوريد، أو تقليل المخاطر”، هي في الأساس حمائية، تتعارض مع الأسواق الحرة، وتعهد بأن تتمسك الصين بإستراتيجيتها الحُرة.

وقال وزير التجارة “فاريل” بعد اجتماع مع نظيره الصيني “وانغ وينتاو” إنه يتوقع إزالة العوائق أمام منتجات المأكولات البحرية، واللحوم الحمراء الأسترالية “في فترة زمنية قصيرة جدًّا”، وبالمثل سيسمح للصين بتوسيع الوصول إلى الأسواق والواردات. وبهذا يكون ألبانيز نجح في تخفيف التوترات الاقتصادية بين الصين وأستراليا، خاصةً أن الحواجز التجارية المفروضة بسبب نزاع دبلوماسي عام 2020 كلفت المصدرين الأستراليين 20 مليار دولار أسترالي (13 مليار دولار أمريكي).

 كان “ألبانيز” سياسيًّا براغماتيًّا جدًّا، حيث أعطى الأولوية للاعتبارات الاقتصادية على المسائل العسكرية في الجولة الأخيرة من المحادثات مع بكين، حيث لا يوجد بديل للسوق الاستهلاكية الضخمة في الصين. ونظرًا إلى تنامي الطبقة المتوسطة، فإن الطلب على السلع المستوردة سيزداد، وكثير من السلع الأسترالية، ومنها النبيذ، واللحوم الحمراء، والمأكولات البحرية، تعتمد على المبيعات في الصين.

أخيرًا، اللافت أن الزيارة والتصريحات تأتي بعد لقاء رئيس الوزراء الأسترالي “أنتوني ألبانيز” مع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في البيت الأبيض، ما يعني أن واشنطن على دراية كاملة بهذه الخطوات وتشجعها؛ لخفض التصعيد مع الصين في ظل التوترات العسكرية في أوكرانيا، وفي الشرق الأوسط، لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وعلى الأغلب فإن التجارة بين الصين وأستراليا، والتحالفات العسكرية الأسترالية، قضايا منفصلة؛ لذا لن يتغير الكثير فيما يتعلق بالخطط العسكرية الأمريكية- الإسترالية في إستراتيجية الهندي- الهادئ، ويمكن اعتبار المحادثات بين بكين وكانبرا هدنة في معركة طويلة.


شارك الموضوع