مختارات أوراسية

الصراع من أجل ممر زانغيزور


  • 22 يوليو 2024

شارك الموضوع
i مصدر الصورة: golosarmenii.am

أجرى نائب وزير الدفاع السابق لجمهورية أرمينيا، أرتاك زاكاريان، مقابلة مع صحيفة غولوس أرميني، أو “صوت أرمينيا”، قال فيها: “من الواضح من سلوك باشينيان السياسي أنه بالفعل مرتبك تمامًا في وعوده”. وقد طرحت عليه الصحيفة عدة أسئلة عن الوضع الحالي، وعملية الجمود التي أصابت عملية السلام مع أذربيجان، رأت وحدة الرصد والترجمة في مركز الدراسات العربية الأوراسية أن تترجمها للقراء؛ لما فيها من فائدة.

ما “القرارات الصعبة” و”التسويات الجادة” التي يتحدث عنها الأمريكيون في سياق توقيع معاهدة السلام بين أرمينيا وأذربيجان؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن باشينيان- على عكس علييف- يتحدث باستمرار أيضًا عن “القرارات الصعبة والتسويات المؤلمة”، وهذا يعطي سببًا للاعتقاد أن هذه القرارات تتعلق بأرمينيا حصريًّا.

من الواضح أن حكومة باشينيان تواصل سياستها الاستسلامية تجاه أرمينيا والشعب الأرميني. ومن الواضح أيضًا أن القوى ومراكز النفوذ الخارجية، وليس فقط الداخلية، التي تدعم سلطة باشينيان، لها مصالحها الخاصة. الآن تحدث تغيرات عالمية كبرى، وأصبح العالم المتعدد الأقطاب حقيقة واقعة يومًا بعد الآخر، وهذا ينطبق أيضًا على منطقة جنوب القوقاز، وهذا يعني أن هذه التغييرات ملحوظة أيضًا على المستوى الإقليمي.

وبعد الخسارة الكاملة لآرتساخ/ مرتفعات قره باغ، وجه باشينيان كل السهام نحو أرمينيا. على سبيل المثال، أحد الموضوعات الرئيسة اليوم هو موضوع الاتصالات، وممرات النقل، ومسألة مَن سيسيطر عليها، ومَن سيصبح المستفيد الرئيس من جميع العمليات الاقتصادية، والاتصالات، والسياسية الكبيرة. مع الأسف، من الواضح أنها ليست أرمينيا. وجميع “القرارات الصعبة” و”التسويات الجادة” التي كثيرًا ما يتحدث عنها “زملاؤنا” الأجانب والمسؤولين الأرمن المستسلمون لإرادتهم، مع الأسف، لا تنطبق إلا على أرمينيا. في هذه المرحلة، هناك صراع سياسي كبير على ما يسمى بالممر عبر أراضي أرمينيا.

إذن، أصبح ممر زانغيزور هو الموضوع الرئيس بعد كل شيء؟ لأن ممثلي حكومة باشينيان كثيرًا ما رددوا أن هذا الموضوع غير موجود على الإطلاق.

نعم، أصبح الممر خارج الحدود الإقليمية موضوعًا مركزيًّا. الشمال والجنوب والغرب والشرق الآن يتباحث بشأن هذا الموضوع الذي يشكل صراعًا بين المشروعات التجارية المختلفة، وكلها تتعلق بأراضي أرمينيا، وفي هذا السياق تتصادم المصالح الكبرى هنا، ويدور صراع سياسي لا يرحم. أخشى جدًّا أن يتحول هذا الصراع السياسي في مرحلة ما إلى أعمال عدائية حقيقية، أو عدوان جديد على أرمينيا، أو ضغط جديد؛ ومن هنا، مرة أخرى، تحاول أذربيجان وتركيا، اللتان لديهما خطط بعيدة المدى فيما يتعلق بآسيا الوسطى، وتوحيد الدول الناطقة بالتركية، انتزاع الجائزة الكبرى. تريد تركيا، في خضم عملية التغيرات التكتونية المستمرة، ترسيخ نفسها كأحد أقطاب القوة، على الأقل على المستوى الإقليمي، أعني الشرق الأوسط، وجنوب القوقاز، وآسيا الوسطى.

من الصعب جدًّا الآن تحديد كيفية الخروج من هذا الوضع، ولكن من أجل تحقيق ذلك، وجعل مستقبل الشعب الأرمني ووجود الدولة الأرمنية أكثر وضوحًا، هناك حاجة ماسة إلى تغيير السلطة لتحقيق هذا الغرض؛ لأنه من الواضح من سلوك باشينيان السياسي أنه مرتبك بالفعل في وعوده. لقد وعد بأشياء كثيرة لمختلف “الشركاء”، والمراكز العالمية، ولكن عندما حان الوقت لإعطاء الجواب، أصبح من الواضح أنه محاصر من جميع الجهات.

ماذا الذي تتوقع في ظل هذا الوضع؟

في هذه الحالة، من المخيف حتى أن نتخيل المصير الذي قد ينتظر جمهورية أرمينيا. من الواضح أن الغرب ليس “الرجل الطيب” الذي جاء إلى هنا بدافع الإيثار للقتال من أجل أمن جمهورية أرمينيا وسيادتها. للغرب حساباته الخاصة، وأحدها هو السيطرة على الممر العابر للحدود المذكور أعلاه عبر أراضي أرمينيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن منطقتنا معرضة للخطر فيما يتعلق بالمصالح المتضاربة للأطراف المختلفة: فهنا إيران، وأذربيجان، التي لا تزال “تمتطي حصانها” بمواردها من الغاز والنفط وجغرافيتها، وجورجيا، حيث تدور أحداث دراماتيكية جدًّا، ومن المتوقع إجراء انتخابات قريبًا، ويعتمد كثير من نتائجها على المسار الجيوسياسي للبلاد، في مقابل هؤلاء، أرمينيا بخسائرها، ووضعها الأمني ​​​​المؤسف، التي تعتمد على الجميع، حتى على الدول الصغيرة على سبيل المثال. في يوم من الأيام، في الآونة الأخيرة، كنا عاملًا في المنطقة، وكان كثير من الأشياء يعتمد علينا. الآن لا شيء يعتمد علينا، والجميع يريد فقط تدفئة أيديهم وتنفيذ مشروعاتهم العالمية والإقليمية على حسابنا. أما بشأن كيفية الخروج من هذا المأزق؟ فهناك حلول، لكن هذه الحلول لن تتمكن حكومة باشينيان من تنفيذها؛ لأنها- وأكرر- تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الجهات الفاعلة الخارجية، ونتيجة لذلك لم يتبق شيء في المحصلة النهائية للشعب الأرمني.

تشارك أذربيجان في جميع المنظمات، وتسعى جاهدة إلى المشاركة في جميع المشروعات، وتجري مناورات مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي وحلف شمال الأطلسي، وما إلى ذلك؛ السؤال: ماذا عن أرمينيا؟

بعد حرب الـ 44 يومًا، والاحتلال الكامل لآرتساخ/ مرتفعات قره باغ، أصبحت أذربيجان ملحقة بالكامل بتركيا، فحيثما تذهب تركيا، تذهب أذربيجان. ومهما كانت المشروعات التي تشارك فيها تركيا، فإن أذربيجان تشارك فيها أيضًا، وقد خصص الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وروسيا، وإيران، وتركيا، ودول آسيا الوسطى دورًا مهمًّا لأذربيجان. تتمتع أذربيجان الآن بوضع جيد، بمعنى أنها- بعد أن تحولت إلى نوع من الاستنساخ التركي- تنفذ جميع المشروعات التي تناسبها. وعلى العكس من ذلك، تنفذ أرمينيا جميع المشروعات التي لا تناسبها. وبما أن باشينيان تابع، معتمد على نفسه، ليس لأن مصالح جمهورية أرمينيا تتطلب ذلك، ولكن لأن أولئك الذين هم ضامنون لسلطته يقولون له ذلك، فإن أرمينيا في الوقت الحالي لا تعرف إلى أين تذهب، ومع من تتجه، وما مصيرها.

من الغباء رفض المشاركة في تدريبات منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وأحداث رابطة الدول المستقلة. على سبيل المثال، الحدث الأخير في بيلاروس. السؤال لماذا؟! هذه هي السياسة الدولية، لا بد أن تنخرط فيها مع جميع الجهات الفاعلة، ثم ما علاقة جغرافية الحدث بها؟ وأين تُنظَّم؟ ومَن المضيف، وما إلى ذلك؟ لديك مشكلات مع بيلاروس، يمكن حلها بشكل ثنائي، لماذا يفعل باشينيان كل هذا على حساب مصالح أرمينيا؟ نحن الآن في وضع يجب أن نعمل فيه مع الجميع حتى يفهم الجميع موقفنا.

يرجى ملاحظة أمر مهم أيضًا؛ أنه في ظل الوضع العالمي الحالي، جميع الدول تجتمع معًا، وتطرح مصالحها وملاحظاتها، في حين لا يوجد شيء واضح بشأن أرمينيا. يبدو أننا نريد تكوين صداقات مع الغرب، لكن الأمر لا ينجح؛ ومع حليفتنا روسيا، لم يعد من الواضح نوع العلاقة بيننا، وفي أي مجال يمكن أن نتحالف أو يوجد سوء تفاهم؟ ما الإستراتيجية؟ أين التكتيكات الخاصة بحكومة باشينيان؟ في الواقع، لا وجود لقدرة لديه على حل قضية واحدة لأرمينيا. وفي الوقت نفسه، يتوقع المحللون الحالة المؤسفة المستقبلية للاقتصاد الأرمني والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية، لكن باشينيان وفريقه لا يحلون أي مشكلة لا داخل البلاد، ولا خارجها، ولا في السياسة الداخلية، ولا في السياسة الإقليمية، ولا في السياسة الدولية. المشروعات والنيّات التي أعلنها باشينيان باءت جميعها بالفشل.

سيعمل ممثل للجيش الأمريكي في وزارة الدفاع الأرمينية- هل هذا طبيعي؟

لا أعرف بموجب أي صلاحيات، وفي أي مشروعات سيعمل، لكنني أعتقد أن هذه عقبة أخرى أمام التعاون العسكري التقني والعسكري السياسي مع حليفتنا الإستراتيجية روسيا.

لماذا فشل اللقاء المعلن الأخير بين باشينيان وعلييف؟

لأن هذه هي الجولة النهائية، وذكرت ما يسمى ببعثات الوساطة أنه من الممكن التوقيع على “معاهدة سلام” في الخريف. من الواضح أن اللاعبين الرئيسين إما تركوا شيئًا لم يذكروه، وإما لم يكملوا شيئًا ما، ومن غير المربح لهم الآن نقل العملية التفاوضية إلى المرحلة النهائية، ولهذا السبب تباطؤوا. فإما أن يكون لدى أذربيجان توقعات وشهية جديدة للاستيلاء على أراض جديدة، أو أوراق رابحة، وإما أن باشينيان استنفد “الشجاعة” (مع أنه من الصعب تصديق ذلك) لقبول أسوأ ما ينتظرنا؛ ومن ثم فهو يؤخر العملية، على أمل أن يحدث شيء ما، ويتغير بمرور الوقت.

المصدر: صحيفة صوت أرمينيا


شارك الموضوع